التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا

قبلة
مثلية في التلفزيون العربي
التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا Sen

التعليق الوحيد الذي جال بخاطري، بعد مشاهدتي لفيلم V
for Vendettaانه "فيلم ثوري"
بإمتياز ، فهو مشحون بطاقة هائلة من الرفض و الكفاح والتصدي للنظم
التوتاليتارية ، و قبل كل شيء الوقوف ضد قمع الفرد للفرد . وبالرغم عن
العنف النسبي الذي يتخلل الفيلم ، إلا أنه جاء حاملاً لإيديولوجيا
كوزموبوليتانية شديدة الإحترام لمعتقدات الآخر، ليس فقط بسبب القرآن ـ النص
الشعري البديع ـ حسب تعبير ورد في الفيلم ، و حيث يعدم النظام الديكتاتوري
من يمتلكه ، لنظرته شديدة الإنسانية للأقليات ، بأنواعها ، و إدراك النص
لأهميتها ، خاصة الأقليات الجنسية إن جاز التعبير.
تعجبت أكثر عندما علمت ان الفيلم أمريكي/ألماني ، و يدور
في إنجلترا ، أخرجه مخرج و لد في استراليا ،
و البطلة ممثلة ولدت في
إسرائيل ، و البطل في نيجيريا، معتمدا على نص كتبه
إنجليزي وصاغ السيناريو إنجليزي آخر .
(لا يهم ذكر الأسماء)

لا اعتقد أنني شاهدت فيلما يرتبط بواقعنا الحالي إلى
هذه الدرجة ، رغما عن أنه قد كُتِب ليعبر عن الوضع الدولي الجديد ، و قيام
الأنظمة اليمينية في الدول المتقدمة، و تغييب الرأي العام ، و قمعه بواسطة
النظام الأمني، إلا أنني أعتقد أن الحال الداخلي العربي هو انعكاس صريح
للوضع العالمي المؤسف.
التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا Se2

التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا Se2

الحقيقة لم أُدفع ـ داخلياً ـ للكتابة ، بسبب أن
الفيلم أعجبني ، و إنما لشأن آخر داخلي أيضاً، فلقد انتابني من شعور الدهشة
أقصاها ، و أنا أتابع ـ لأول مرة ـ قبلة ظهرت في الفيلم بين فتاتين
مثليتين، و الحقيقة لقد جحظت عيناي ، فالقبلة واضحة و طويلة ، و لم يمسها
مقص الرقيب!! كيف؟ لا أعلم! .
لن أتحدث عن اللقطات السريعة للشرطة وهي تقتحم غرف نوم
المثليين ، و تقبض عليهم شبه عراة في تلميح صريح عن كنه الحالة التي كانوا
بها ، ولكنني أتحدث عن رؤيتنا لرواية سينمائية كاملة عن معاناة فتاة مثلية
منذ طفولتها في مجتمع يقهرها ، وبالتالي ترفض من قبل عائلتها ، و مدرسيها ،
ثم وقوعها في الحب عدة مرات ـ مع فتيات طبعا ـ و أخيرا القبلة المدهشة ،
التي يفترض أن يكون قد شاهدها قطاع شاسع من الجمهور العربي ، و ربما لأول
مرة في فضائياتنا.. بل من المؤكد ذلك .
لا أظن أن من شاهد الفيلم ـ رغم دهشته ربما ـ كان له أي رد
فعل سلبي على هذه القبلة.. بل على العكس، أعتقد أن المشاهد تفاعل مع
الفيلم ، حيث لم يكن المشهد شاذا عن سياق الفيلم . ولكنها عيني التي أعيتها
مراقبة جوانية السينما . وهي التي تقودني الى التساؤل الساذج التالي : لا
ادري سببا والى متى ستظل الرقابة العربية شديدة الحساسية تجاه التابوهات
الثلاث : الجنس ، السياسة ، الدين ؟ .

من المنطقي بدلاً من تقطيع الفيلم وإرهاق مقص الرقيب
الساهر دوما ً على مشاعرنا أن يخصص وقتاً متأخراً لعرض مثل هذه الأفلام مع
إضافة تحذير : (للراشدين فقط) ، أو أنه ليست هناك ثمة داعي لعرض ملخص
للأفلام من الأساس ، شأننا في ذلك شأن التلفزيونات الأوروبية والأمريكية ..
أذكر في فيلم Crash عندما عرض في نفس القناة قد تم حذف الكلمات العنصرية التي
كتبت على الحائط في محل الرجل المسلم ، علما بأن الفيلم بأكمله ضد هذه
الكلمات ، و مبني على محاربة هذه النظرة ،فلماذا لا نشاهد حقيقة الحدث؟
وأذكر بوضوح عندما عرضت هذه القناة فيلم Fatal
Attraction قبل عدة سنوات أن حذف الرقيب الملامسة المثيرة
التي حدثت بين أمرأتين، وريتشارد جير يتأمل متحفزاً .

الغريب أن الأفلام العربية كانت قد تعرضت لموضوعات جنسية /
سياسية / دينية ، لا أظن أننا نجرؤ على الحديث عنها الآن . كالعلاقات
المثلية ، و عشق المحرمات، وسفاح ذوي القربى ، والتحرشات بالقصر ،
والخيانات الزوجية و أفكار أخرى سياسية، أذكر( بِغض النظر عن مستوى
الفيلم): زائر الفجر ، المذنبون ، حمام الملاطيلي ، البداية ، السراب ،
إسكندرية ليه ، قطة على نار ، الأقدار الدامية ، البوسطجي ، مذكرات مدام
إكس ، ... وهناك أفلام اخرى تناولت تابوهات السياسة ، و تعاملت معها بجراة
نوعا ما.

كنت دائما ولا زلت أحدث نفسي ، وأحيانا أخبر صديق قبل عرض
أي فيلم في التلفزيون ، و أنا أعلم انه يتعرض لقضية حساسة بعض الشيء : سوف
يعرضون الليلة "مُختصراً" لفيلم كذا في قناة كذا.. كما عرض التلفزيون
السعودي مختصراً لمسلسل "الثلاثية" لنجيب محفوظ ، ومختصراً لمسلسل
"العائلة" الذي تناول التطرف الديني وملخصاً لمسلسل "آرابيسك" ، أما عن
ملخصات الأفلام في قنوات مثل الفضائية المصرية والقناة الكويتية وقناة
سورية فهي بمثابة فن قائم بذاته يمتزج فيه فن الديكوباج والكولاج والقص
واللزق. إذ أن كل ما يسمح لنا بمشاهدته هو فحوى فيلم فقط أو توليفة
ديكوكولاجية باهرة .. على أية حال أعتقد ـ خطاَ أم صواباَ لا ادري ـ أن ما
حدث في V for Vendetta هو نقلة بشكل
أو بآخر ، ليس لأني مناصر لحقوق المثليين لا سمح الله ، و لكن لأنها على
الأقل خطوة للحديث عن تابوهات اخرى ، فربما بعد الحديث عن أزمة فتاة مثلية ،
قد يأتي يوم نشاهد فيلما يتعرض لاضطهاد الشيعة ، أو لحب الغلمان ، أو
لإزدراء الملونين السود أو لوضع الأقليات الجنسية الشاذة في بلداننا، أو
ربما سنشاهد فيلما يحمل منظوراً علمانياً ، أو إسلامياً غير وهابي ـ لا سمح
الله أيضا ًـ و المشاهد هو الرابح في النهاية ... رابحا فرصة للرؤية ، و
التفكير ، و بدون ريب لتوسيع أفقه المراد له دائماً أن يضيق ويضيق حتى يصبح
كخرم أبرة.

إمتياز ، فهو مشحون بطاقة هائلة من الرفض و الكفاح
والتصدي للنظم
التوتاليتارية ، و قبل كل شيء الوقوف ضد قمع الفرد للفرد
. وبالرغم عن
العنف النسبي الذي يتخلل الفيلم ، إلا أنه جاء حاملاً
لإيديولوجيا
كوزموبوليتانية شديدة الإحترام لمعتقدات الآخر، ليس فقط
بسبب القرآن ـ النص
الشعري البديع ـ ح

» في التعامل مع الحرية
» في مسألة التعامل: اليسار مع الأصوليين
» مصر: "المجلس العسكري أخطأ في التعامل مع الصحافة الشعبية"
» مصر: "المجلس العسكري أخطأ في التعامل مع الصحافة الشعبية"
» طرق وواسائل واساليب التعامل مع الطفل العنيد ، التصرف وعقاب عناد الاطفال

التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا

التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا :: تعاليق

التعامل بجرأة مع التابوهات .. سينمائيا

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة