[rtl]ليزا دونيكوليتس:[/rtl]
[rtl]الشعر في الأدب كنكهة الفانيلا في الحلوى![/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]اجرى الحوار: رشيد فيلالي[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]تعتبر القاصة والروائية الكندية ليزا دونيكوليتس ..من بين أبرز الأصوات المبدعة ضمن المشهد الثقافي الكندي الراهن، حيث أصدرت حتى الآن مجموعة من الأعمال الأدبية الهامة التي تتوزع بين الرواية والقصة والشعر وأدب الرحلات وقصص الأطفال.
وتعتبر روايتها الصادرة في أكتوبر من السنة الجارية 2011 'غرب الواوا' من أبرز نصوصها الروائية التي لاقت احتفاء واسعا من طرف الإعلام والحركة النقدية الكندية والأنغلو ساسكونية عموما .في الحوار التالي مع الروائية ليزا دونيكوليتس نكتشف أسس ومنطلقات التجربة الإبداعية لدى هذه الكاتبة الكندية المتألقة.
******
* الكاتبة ليزا دونيكوليتس.. برأيك هل اكتساب ثقافة علمية ضروري للروائي من أجل تأثيث عالم افتراضي قائم بذاته،أقصد ما هي الحدود الفاصلة ما بين الواقعي والمتخيل في نصوصك الروائية والقصصية، وما رأيك في الواقعية السحرية؟
*ليزا دونيكوليتس: يا إلهي !ثمة عدة عناصر ضمن هذا السؤال! دعني أبدأ من عبارة 'هل الثقافة العلمية ضرورية للروائي..' أتصور أن الجواب هو لا .إذ ليس من الضروري ذلك.فإذا أخذنا روايات كمثال على غرار '1984' لجورج أورويل التي نشرت أول مرة عام 1949، و'برتقالة آلية' لأنطوني بورخس المنشورة عام 1962 هذان النصان يتضمنان واقعا علميا لم يوجد بعد، بيد أنه موجود في الوقت الراهن.وعليه الكتابة في هذه الحالة سبقت العلم من حيث توظيف الأدوات مثلما حصل مع أفلام 'ستار تراك' التي كانت تبدو مجرد سيناريوهات فانتازية لرحلات فضائية لكن مع ذلك نحن اليوم نفعل ذلك ونمسك بأجهزة الأيبود والآيفون والايباد وننظر إليها وربما في الغد القريب نتصفح هذه الأجهزة المتطورة ونحن ذاهبون مباشرة نحو المنزل على متن المركبة الفضائية أنتر برايز. قد يكون ربما الخيال الجامح للكاتب هو الذي يفتح الطريق للعلم. كما أن خيالنا نحن الكتاب المنسرح والمنطلق في غير حدود ربما هو الذي منح للعلماء الأفكار التي جسدوها فيما بعد من يدري..إنه تزاوج بين العلم والفن لاستيلاد عالم جديد والمضي من ثمة قدما في مجال الابتكار والاختراع.
وللرد على الجزء الآخر من سؤالك حول الواقعية السحرية ..أقول لك أنا أعشق هذا النوع من الكتابة! في الوقت الذي أعترف صراحة بأنني لم أوظف كافة عناصر الواقعية السحرية في رواياتي، فأنا حاليا أشتغل على سلسلة من القصص القصيرة تحمل عنوان 'متوحشو الحياة الأبدية' وضمن هذه النصوص نجد تجليات الواقعية السحرية. إنني أجد ذلك مثيرا للغاية حيث كلما أواجه شيئا طبيعيا يقفز ذهني تلقائيا قفزات سحرية لها معنى بالنسبة لي..أنا لست على دراية بشأن كيفية استقبال قصصي لدى المتلقي، لكن سعادتي في الاشتغال عليها وتطويرها، وأقول بأن الواقعية السحرية ستحتل مستقبلا فضاءات واسعة ضمن نصوصي وكتاباتي وسأكون في غاية البهجة عندما أكمل رواية في هذا المنحى.غير أنني لست متأكدة من عدد الناشرين الذين سيستقبلون هذه القصص.
* نحن في عصر الرواية غير أن الشعر لا يزال يملك حضورا قويا، لماذا برأيك؟
*ليزا دونيكوليتس:إن روح الشعر لا غنى عنها، أي نعم،بل وأستطيع الإضافة بأنها حاضرة بقوة كبيرة، صحيح أنا لست شاعرة بشكل من الأشكال لكني أجد الشعر عاملا ممتازا أو أداة لتمرير أفكاري التي تولدت في أعقاب عمل طويل مصدره خربشة أولية لبضعة سطور من الشعر.إن الشعر بالنسبة للكتابة يشبه ما يمثله عطر الفانيللا في صناعة كعكة الحلوى، بضع قطرات صغيرة منه كافية لإحداث تأثير حاسم.وأحيانا للشعر مفعول العلاج المسكن ،إذ بعد عمل كتابي مجهد أنطلق إلى معسكر الشعر الذي هو عبارة عن ورشة عمل ليوم واحد لكنه عمل ممتع للغاية!إن الشعر منعش لذهني ومحفز جدا أيضا..حيث أن بيتا من الشعر في تصوري هو طريقة رائعة لاختيار مدخل لقصة أو رواية وفي كثير من الأحيان أكتب قصيدة مرفقة مع نص روائي وفي هذا الصدد ثمة قصيدتان كتبتهما بالموازاة مع روايتي المعنونتين 'المرآة الجائعة' و'غرب الواوا'.
* طيب.. هل تفضلين كتابة الشعر أم الرواية للتعبير عن قلقك الوجودي؟
-ليزا دونيكوليتس: آه القلق الوجودي! لا مفر من الهروب منه، ومثلما ذكرت لك أعلاه أنا لست شاعرة موهوبة، لكنك طرحت سؤالا مهما، بيد أنه بالنسبة لي شخصيا لو خيرت بين وسيلة التعبير التي تعبر بطريقة أفضل عن قلقي الوجودي سوف أختار قطعا الشعر أو القصة القصيرة. وفي تصوري أنه لكي تعبر عن القلق الوجودي في رواية فهذا صعب للغاية،على اعتبار أن الناس يخشون مثل هذه المواضيع ،قراءتها ونشرها معا، إن الناس يعانون من رعب حقيقي تجاه القلق الوجودي ، كما لو كان ذلك سيترجم عدميتهم الذاتية، لقد درست الفلسفة في الجامعة لعدة سنوات وقد وقعت في حب الفلاسفة الوجوديين ،حيث أن رسائلهم لها وقعها العميق في النفس، وبعد سنوات انشددت نحو البوذية رغم تدريسها بنزعة كاثوليكية متشددة ، وأنا أجد تشابها كبيرا ما بين الأفكار البوذية والوجودية.
* لقد عشت في جنوب إفريقيا، الولايات المتحدة، بريطانيا، أستراليا واليوم أنت مواطنة كندية ،هل استثمرت هذه الفضاءات المختلفة في إثراء تجربتك الإبداعية ؟
*ليزا دونيكوليتس: نعم، لقد كان لي حظ عظيم في السفر والعيش بمناطق مختلفة من العالم ،وهذا بفضل وظيفتي كمديرة فنية لمجلة خاصة بالموضة،أما بالنسبة لي ككاتبة فقد كان لذلك أبلغ الأثر والفائدة التي لا تقدر بثمن،وأتصور أنني مع ذلك لو بقيت مقيمة في جنوب إفريقيا (وهذا هو مخططي الأولي لكن ظروف الحياة لها رأي آخر!) فمن غير شك سوف أكتب بغزارة وبنفس الحماسة العاطفية،فلقد كنت وما زلت كاتبة متعطشة للكتابة طوال حياتي.إن الكتابة بالنسبة لي هي شغفي وبهجة حياتي. والغريب في الأمر أنني لم أتخذ من الكتابة عملي اليومي ولحسن الحظ اكتشفت في نفسي فن القيادة وأنه بالنسبة لي هو العمل المثالي،لقد حقق لي ذلك الكثير من المتعة وأن البلدان العديدة التي عشت بها أثثت كتاباتي بأبعاد واسعة وثرية.نعم أنا ممتنة للمديرية الفنية أكثر من البلدان التي عشت بها ـ بيد أنه في الحقيقة..أنا أتساءل ما إذا كان كلامك قطعيا صحيحا..لقد جعلتني أمنح لنفسي الوقت للتفكير في الأمر! وهو صحيح فإن فن القيادة إضافة إلى العيش في مختلف البلدان قد أثريا معا تجربتي الإبداعية.
لكن مهما يكن دعنا نقول على سبيل الجدل بأنني بقيت مستقرة في بلد واحد ومهنة واحدة طوال حياتي فإن ذلك لا يمنعني من القول بأن امتلاك مخيلة قوية حد الواقعية السحرية ورغبة جامحة لاكتساب القدرة على الكتابة من يوم إلى آخر كل هذا صنع مني ما أنا عليه الآن..
* أنت متأثرة جدا بأسلوب الروائي شتينباك الذي قلت بأنه أكثر من رائع،هذا صحيح لكن أليست بعض الأفكار جميلة في ذاتها وليست من ثمة بحاجة لأسلوب جميل لكي يتأثر بها القارئ.. ما رأيك؟
*ليزا دونيكوليتس: همممم! قضية الفكرة والتعبير عن هذه الفكرة. أنا أعتقد أن شتينباك أخذ الأفكار والقضايا القبيحة والقاسية لكنه عرف كيف يعبر عنها بأسلوب جميل ينساب في رشاقة وانسجام فذ في كتاباته.لقد كتب عن الفقر والوحدة والموت والخيانة أي كل المسائل المكروهة والفظيعة غير أنه في المقابل عبر عنها بطريقة غاية في الروعة حتى أنها تحولت تحت قلمه إلى قصص رائعة وممتعة. ثم أن هناك مؤلفين كتبوا عن الجمال لكن فعلوا ذلك بيد ثقيلة وبسماجة وانعدام للذوق بشكل ينفر القارئ ويثير فيه الإحساس بالاشمئزاز.إنها ببساطة القدرة على الكتابة. وأنا من جهتي أفضل أن أكون كاتبة جيدة بأفكار فظة على أن أكون كاتبة رديئة بأفكار جميلة. وهل نستطيع أن نكون كتابا جيدين بأفكار جميلة؟ أتصور أننا نستطيع ذلك على اعتبار أن كل الأفكار في الأصل متساوية القيمة، إذ برأي لا وجود لفكرة أجمل من أخرى، ثم كيف يمكننا تصنيف فكرة في خانة الجميلة أو العكس؟ اللهم إلا بطريقة ذاتية...غير أنه مهما كان، هناك كتابة موضوعية وجميلة وعلي أن أناضل من أجل إثبات صحة ذلك.
*ثمة العديد من الكتاب يستثمرون في كتاباتهم أحداثا وجوانب من حياتهم الشخصية، هل فعلت ذلك في روايتك الأخيرة 'غرب الواوا'؟
*ليزا دونيكوليتس: نعم لقد فعلت ذلك ولم أفعل! لقد قمت برحلة طويلة عبر كافة الأراضي والمقاطعات الكندية، هذا صحيح. لكن بقية ما تضمنه الكتاب ما هو سوى محض خيال، إن بطل رواياتي واسمه 'بيني' مصدر وجوده مخيلتي، شأنه في ذلك شأن تفاصيل مغامراته، وبالفعل فأنا أستمد عناصر كتاباتي من تجربتي كمديرة فنية وكامرأة ، لكن هذا لا يعني أنني أكتب تفاصيل تجربتي الشخصية بالذات وبالموازاة مع ذلك أستلهم تجاربي في الحياة (التي ليست أبدا بنفس أهمية تجارب شخصياتي!) وأستخدمها كخلفية عذراء- وطبعا تأتي بعد ذلك الألوان كأداة فنية متممة لملء فضاء اللوحة وهي طبعا تمثل العناصر التي مصدرها المخيلة.
*الروائي الفرنسي سانت إكسزوبيري صار مشهورا بروايته 'الأمير الصغير' أعتقد بالرجوع إلى هذا المثال أن قيمة الكتب لا تقاس بعدد الصفحات والكلمات، بل بنوعية الأفكار التي تتضمنها وتقدمها أيضا.. ما رأيك؟
*ليزا دونيكوليتس: هذا صحيح تماما! لقد تحدثت من قبل عن كتابين هما روايتي '1984' لجورج أورويل و'برتقالة آلية' لبورخس وكلا الكتابين ليس من الحجم الكبير والضخم ورغم ذلك أنظر إلى تـأثيرهما الهائل في الأدب العالمي[/rtl]