أمن الضروري.. بشرى ايجورك -
bouchra_ijork@yahoo.fr أمن الضروري أن تحوم حول الضوء
كالفراشة إلى أن يحترق جناحاك وتسقط مغمى عليك، لتدرك خطر التحليق عاليا
دون احتياط.
أمن الضروري أن تترك مقعدك المهيب، كي تفهم أن منصبك أهم منك وأن من التفوا
حولك كانوا ينظرون إلى المقعد وليس إلى عينيك، وأن كل الحديث الموجه إليك
كلام لمجرد الواجب.
أمن الضروري أن تبيع كل شيء وتُساوَم على كل شيء، لتمضي السنين وتكتشف
متأخرا أنك أصبحت تساوي لا شيء.
أمن الضروري أن تعيش كعاشق مراوغ تسائل قلبك، لماذا لم يأت الحب أبدا،
لتؤمن حينما يهرم قلبك أن الحب ميلاد جديد وأنه فاتك أن تدرك قيمة وعمق من
أحبوك.
أمن الضروري أن تصاب بالسكري كي تقاوم إغراء تلك القطع البيضاء، أن تجرح في
حادثة سير لتقف احتراما لإشارات المرور، أن تخسر نفسك لتفهم أنك لست دائما
على صواب.
أمن الضروري أن تفقد أباك لتنتبه إلى وجود أمك، أن تخسر كل معاركك مع النوم
لتتصالح مع نفسك، أن ترفع حنجرتك عاليا بالصراخ والفوضى والخصام والعويل
كي يعيدك الصمت إلى نفسك.
أمن الضروري أن تحيى تلم المال، تحسبه وتخبئه، تركض خلفه يسبقك وتسبقه،
لتكتشف بعد زمن مضى أن ما ضيعته أغلى وأحلى وأروع مما كسبته.
أمن الضروري أن يتكالب علينا الأعداء من كل صوب لنوحد نداءنا، أن نُهزَم
ونُهزَم لنرفع أسلحتنا، أن ينتابنا الإحساس بالخطر كي نشهر اتحادنا.
أمن الضروري أن تعيش بقلب مقفل وأحاسيس جامدة لتعلم بعد حين أن البخل والشح
ليسا في المال فقط بل أقسى في المشاعر.
أمن الضروري أن أبتعد عنك، لتدرك أن مكاني قربك..
أمن الضروري أن تحيى كأنك ستعيش أبدا، لتًصدم حينما تداهمك حقيقة مثلى، أن
لا شيء يوقف الموت حين يأتي أوانه.
أمن الضروري أن تسجى على فراش الموت لتتذكر الخالق، فينهشك الألم ويؤرقك
الندم وتدمع عيناك ويرتجف بدنك.
أمن الضروري أن تبلغ خريف الأيام لتتساءل إن كانت الحياة ألما أم متعة،
استقرارا أم رحلة، ابتسامة أم دمعة
أمن الضروري أن نفشي أسرارنا لأول عابر سبيل، لنكتشف أن قصة حياتنا تصلح
رواية للعابرين والمغتربين، وأن ما عشناه مجرد حكاية نقصها على أشخاص
مجهولين نصادفهم على كراسي الحياة، بقاعات الانتظار ومقصورات القطارات
وكراسي الحافلات.. في كل مكان.
أمن الضروري أن نكتب كي ننسى، أن نروي كي نتذكر، ترافقنا العزلة حيث شاءت
ولم نشأ.