عزيزة فريق العمـــــل *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 1394
تاريخ التسجيل : 13/09/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
| | بين اردي وكذب المواقع الاسلامية | |
بين اردي وكذب المواقع الاسلامية
أحفور Ardi ظهر في مجلة Science الاميركية الشهيرة لأوّل مرة, عبر عدد خاص به تقريباً, حيث نقرأ من مصدر اسباني الآتي حول عدد المجلة: النتائج المنشورة في مجلة العلم الاميركية, عبر 11 مقالاً ل47 باحثاً من 10 بلدان مختلفة, التي تبيّن نتائج جهد بحثي دام 17 عام, تمّ خلالها تحليل 110 عيّنات, كان الابرز فيها الهيكل العظمي لانثى احتفظت بالقسم الاكبر من جمجمتها, الايدي, الاقدام, الساقان والحوض. يُقدّر وزنها بخمسين كيلوغرام وطولها 120 سنتمتر. أسموها " أردي Ardi " . يُعتقد بأن آخر سلف مُشترك بين البشر والشمبانزي قد عاش منذ حوالي 6 ملايين عام, و Ardipithecus تعود الى حوالي 4 مليون عام, بالتالي, لا تكون ذاك السلف المُشترك, مع ذلك, تكون الاقرب لذاك التاريخ من احفوريات اخرى حتى الآن, آردي تزيد على الاقل مليون عام بالاقدميّة على لوسي Lucy الهيكل الشهير لانثى 'Australopithecus afarensis' الذي كان يُعتبر خلال فترة طويلة كشبه انسان أكثر قدماً في السجل الاحفوري.
أما في موقع السي ان ان , فنجد حول الموضوع الآتي: أعلن فريق من العلماء الأميركيين في مطلع اكتوبر الحالي اكتشاف أقدم هيكل عظمي بشري يبلغ عمره اربعة ملايين واربعمئة الف سنة، وهو هيكل عظمي لأنثى طولها نحو 120 سنتمترًا ووزنها قرابة 50 كيلوغرامًا أُطلق عليه اسم "اردي". ويكشف هذا الهيكل العلمي الفريد ان اسلافنا مروا بمرحلة تطور لم تكن معروفة من قبل وان "أردي" أقدم بما يربو على مليون سنة من هيكل "لوسي" الذي اكتُشف عام 1974 في اثيوبيا وكان يُعتقد انه من اقدم الأصول البشرية. تقول مجلة "ناشنال جيوجرافيك" في طبعتها الالكترونية ان أحفور هذا الكائن الذي عُثر عليه ايضا في اثيوبيا عام 1992 واحتاج العلماء الى 17 عامًا لادراك قيمته العلمية، يؤكد الفكرة المطروحة منذ زمن داروين بأن حلقة مفقودة بين الانسان والقرد سيُعثر عليها أخيرًا في منطقة الجذر من شجرة الأسرة البشرية. وتضيف المجلة ان الأدلة الجديدة تشير الى ان دراسة القردة العليا من الشمبانزي لاستنباط طبيعة الأسلاف الأوائل للجنس البشري لم تعد صالحة لفهم بداياتنا. يكشف هيكل أردي مزيجًا غير متوقع من خصائص متقدمة وسمات بدائية توجد في قردة أقدم بكثير لا تشبه الشمبانزي أو الغوريلا، وبالتالي فإن هيكل أردي يفتح نافذة ينظر منها العلماء على ما كان عليه آخر سلف مشترك بين البشر والقردة التي ما زالت تعيش معنا اليوم. الإسم اللاتيني للانسان البدائي المكتشف حديثًا هو Ardipithecus ramidus ويقول العلماء ان أكبر مفاجأة في تكوينه البيولوجي طريقته في الحركة. فالانسان القديم بكل انواعه كان يمشي منتصبًا على قدمين مثلنا. ولكن قدمي أردي ووركها وساقيها ويديها تشير الى انها كانت تمشي على قدمين وتستخدم القوائم الاربعة لدى التنقل بين الاشجار، وان ابهام القدم على سبيل المثال يمتد وينبسط من قدمها كما في قدم القرد للقبض على فروع الاشجار بصورة افضل. ولكن بخلاف الشمبانزي تحوي قدم أردي عظمًا صغيرًا خاصًا داخل الاوتار العضلية موروثا من اسلاف اقدم، وبالارتباط مع تحويرات في الاصابع الأخرى كان هذا العظم يساعد اردي للمشي على قدمين على الأرض ولكن بكفاءة أقل من الانسان البدائي الذي جاء بعدها مثل لوسي. قال العالم الن ووكر من جامعة ولاية بنسلفانيا ان اكتشاف هكيل أردي أهم بكثير من لوسي لأنه "يبين ان آخر سلف مشترك بيننا وبين الشمبانزي لم يكن يشبه قردًا من الشمبانزي أو يشبه انسانًا أو شيئًا غريبًا بينهما". عُثر على احفور أردي في صحراء افار الاثيوبية في منطقة تسمى اراميس على بعد 74 كيلومترًا من مكان العثور على لوسي. وتوصلت الفحوص الشعاعية التي أُجريت على رماد بركاني كان يطبق على الاحفور الى ان عمر أردي يبلغ 4.4 ملايين سنة.
بعد شيوع الخبر العلمي, من أين صدر الاعتراض؟ : في موقع قناة الجزيرة, نجد الخبر عن آردي اصبح تحت عنوان: "أردي" يطعن بصحة نظرية داروين , إذ يقول لآتي: قدم العلماء الأميركيون دليلا جديدا على أن نظرية داروين في النشوء والارتقاء كانت خطأ، وذلك بكشف فريق عالمي من علماء أصول الجنس البشري من جامعتي كين ستيت وكاليفورنيا النقاب عن أقدم أثر معروف للبشر على وجه الأرض، وهو هيكل عظمي إثيوبي يبلغ عمره حوالي أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة أطلق عليه اسم "أردي". وأعلن فريق البحث أمس الخميس أن اكتشاف "أردي" يثبت أن البشر لم يتطوروا عن أسلاف يشبهون قردة الشمبانزي، مبطلين بذلك الافتراضات القديمة بأن الإنسان تطور من أصل قرد. وكتب الباحثون في تقريرهم بمجلة ساينس أن "أردي" واحدة من أسلاف البشر، وأن السلالات المنحدرة منها لم تكن قردة شمبانزي ولا أي نوع من القردة المعروفة حاليا. ويؤكد العلماء أن أردي ربما تكون الآن أقدم أسلاف الإنسان المعروفين، لأنها أقدم بمليون سنة من "لوسي" التي كانت تعد من أهم الأصول البشرية المعروفة. ضربة لنظرية داروين وعلق الدكتور زغلول النجار أستاذ الجيولوجيا في عدد من الجامعات العربية، بأن الغربيين بدؤوا يعودون إلى صوابهم بعد أن كانوا يتعاملون مع أصل الإنسان من منطلق مادي وإنكار للأديان. وقال في اتصال مع الجزيرة إن هذا الكشف العلمي الذي وجه ضربة قوية لنظرية داروين يمثل تطورا هاما جدا. وقال النجار إن حديث الباحثين عن أربعة ملايين سنة أمر مبالغ فيه، متوقعا أن يكون عمر الإنسان على الأرض لا يتعدى أربعمائة ألف سنة تقريبا. من جهة أخرى أوضح سي أوين لوفغوي، وهو عالم أميركي في جامعة كنت من المتخصصين في أصل الإنسان، أنه أجرى دراسة على الإنسان البدائي الذي يعرف باسم Ardipithecus ramidus الذي عاش قبل 4.4 ملايين سنة في إثيوبيا. وأضاف في دراسة تنشر اليوم في مجلة ساينس، أن "البشر غالبا ما يظنون الناس تطوروا من القردة، لكن ذلك ليس صحيحا". وتابع أنه "شاعت فكرة أن البشر هم نسخة متطورة عن الشمبانزي، لكن دراسة الإنسان البدائي ساهمت في تأكدنا بأنه لا يمكن أن يتطور البشر من الشمبانزي أو الغوريلا".
لكن لم يتأخّر الرد الموضوعي والذي جاء من اشخاص لهم الانتماء الفكري ذاته كما لدى المُنتقدين فنقرأ:
قناة الجزيرة تكذب - العلم يثبت كل يوم صحة نظرية دارون - محمد زكريا توفيق وصلتني رسائل عديدة من السادة القراء الذين قرأوا مقالاتي الخاصة بشرح نظرية التطور. يطلبون رأيي في الإكتشافات الجديدة التي أعلنها العلماء الأمريكان في جامعتي كنت وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، بخصوص نظرية التطور. وتساءل بعضهم، وإدعت كذبا أن العلماء الأمريكيين قد أثبتوا فشل، وسقوط نظرية التطور . وهذا محض إفتراء. بسرعة قامت القناة بالإتصال بشيخنا زغلول النجار لكي يدلي بدلوه، ولا أعرف ما دخل النجار بمثل هذه المواضيع، كأنه أحمد زويل في زمانه. ليفتينا بملئ شدقيه ويقول أن الكشف الجديد قد وجه صفعة قوية لنظرية دارون. والرجل لايفهم أصلا يعني إيه تطور. ولم يقرأ في حياته سطرا واحدا فى نظرية التطور. ثم تناقلت الأخبار بعد ذلك المواقع التي لا تؤمن بالعقل أو بالعلم، وتهيم وجدا وغراما بعالمنا الفذ زغلول. تناقلت هذه الإخبار، كأنها إنتصار الإيمان على الكفر، والعرب علي إسرائيل. ثم قامت بنقلها إلى قرائها بشماته بالغة تدعوا إلى التساؤل. كلها تؤكد سقوط نظرية التطور لدارون وثبوت فشلها. هكذا حكموا علي أعظم نظرية عرفها التاريخ بالفشل ببساطة متناهية دون دراستها. ودون أن يكلف أيا منهم نفسه مشقة قرآءة الورقة العلمية التي جاءت مرافقة للخبر وفهم ماذا تقول. هذه بعض العناوين من مئات المواقع التي نقلت عن قناة الجزيرة هذا الكذب: علماء أمريكيون يثبتون خطأ نظرية دارون في النشوء والإرتقاء – بوابة الصيادلة المبدعين العلم يثبت خطأ نظرية دارون – سات 2010 كشف جديد يهدم نظرية دارون – الوطن علماء أمريكيون يكتشفون دليلا يبطل نظرية دارون – إذاعة وتلفزيون النهرين إلخ. وهذا ما جاء بموقع البشير بالحرف الواحد: " بعد 15 عاما من الأبحاث؛ قدم علماء أمريكيون دليلا جديدا على أن نظرية داروين في النشوء والارتقاء كانت خطأ، وذلك بكشف فريق عالمي من علماء أصول الجنس البشري من جامعتي كين ستيت وكاليفورنيا النقاب عن أقدم أثر معروف للبشر على وجه الأرض وهو هيكل عظمي بشري إثيوبي يبلغ عمره حوالي أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة أطلق عليه اسم "أردي". وأعلن فريق البحث أن اكتشاف "أردي" يثبت أن البشر لم يتطوروا عن أسلاف يشبهون قرد الشمبانزي، مبطلين بذلك الافتراضات القديمة بأن الإنسان تطور من أصل قرد. وكتب الباحثون في تقريرهم بمجلة ساينس أن "أردي" واحدة من أسلاف البشر وأن السلالات المنحدرة منها لم تكن قردة شمبانزي ولا أي نوع من القردة المعروفة حاليا. ويؤكد العلماء أن أردي ربما تكون الآن أقدم أسلاف الإنسان المعروفين، لأنها أقدم بمليون سنة من "لوسي" التي كانت تعد من أهم الأصول البشرية المعروفة. وعلق الدكتور زغلول النجار أستاذ الجيولوجيا في عدد من الجامعات العربية، بأن الغربيين بدأوا يعودون إلى صوابهم بعد أن كانوا يتعاملون مع أصل الإنسان من منطلق مادي وإنكار للأديان. وقال في تصريحات لقناة الجزيرة إن هذا الكشف العلمي الذي وجه ضربة قوية لنظرية داروين يمثل تطورا هاما جدا. وقال النجار إن حديث الباحثين عن أربعة ملايين سنة أمر مبالغ فيه، متوقعا أن يكون عمر الإنسان على الأرض لا يتعدى أربعمائة ألف سنة تقريبا." لكن ما تناقلته وكالات الأنباء عن دراسة علماء كاليفورنيا بخصوص نظرية التطور كان شيئا مختلفا تماما. فمثلا وكالة الأشوسيتد برس قالت الآتي: أعلن "تيم وايت" مدير مركز أبحاث تطور الإنسان بجامعة كاليفورنيا ببيركلي بالولايات المتحدة بأنه: بدلا من القول بأن الإنسان قد تطور من كائن شبيه بالقرد الشمبانزي. الإكتشاف الجديد يدل على أن قرود الشمبانزي والإنسان قد تطورت منذ زمن بعيد جدا من نفس الأصل. لكن كلا من الإنسان والشمبانزي، قد تطور بمفرده بعد ذلك. العظام المتحجرة المكتشفة منذ عام 1994م للكائن الأنثى التي تسمى "آردي"، تبين أنها ليست جدتنا. لكنها أقرب شئ لجدتنا أمكننا الوصول إليه حتى الآن. فروع شجرة التطور التي تؤدي إلى الإنسان الحديث والقرود، تقود إلى أصل واحد كان يعيش منذ 6 أو 7 مليون سنة. بالنسبة للكائن "آردي"، من الرأس إلى القدم، سوف تجد قطع عظمية لاهي تشبه قطع الشمبانزي ولا تشبه الإنسان. شارلز دارون الذي مهدت أبحاثه العلمية في القرن التاسع عشر إلى علم التطور، كما يقول "تيم وايت"، كان حذرا بخصوص أصل الإنسان وأصل القرد. قال دارون بأننا يجب أن نكون حذرين. الطريقة الوحيدة لمعرفة الأصل الذي يجمعنا نحن وقرود الشمبانزي، هي أن نواصل البحث عن هذا الأصل المشترك. ويستمر "وايت" قائلا: لقد وجدنا كائنا كان يعيش منذ 4.4 مليون سنة، هو قريب جدا لما نبحث عنه. منذ عام تقريب وبالتحديد في 13 نوفمبر 2008م، قمت بنشر مقال بعنوان "هل الإنسان أصله قرد؟"، نشر في مجلة تحديات ثقافية بمصر بالعدد 36 التي يرأس تحريرها الشاعر الكبير مهدي بندق. ونشر هذا المقال أيضا في عدة مواقع إلكترونيه منها الحوار المتمدن ومصرنا وغيرها. جاء في المقال الآتي بالحرف: "فهل الإنسان أصله قرد؟ الأجابه بلا. نحن لم نأت من قرود الشمبانزى أو الغوريلا. ولكن نحن والشمبانزى والغوريلا قد أتينا من أصل واحد. قرود الشمبانزى ليست آباءنا, ولكن أخواتنا وأولاد عمومتنا. القرابة بيننا وبين الشمبانزى مذهلة. فعلم التشريح يقول لا فرق. ومراحل تكوين الجنين تقول الفرق ضئيل جدا. والجينات تقول تقريبا لا فرق. ودرجة مقاومتنا للأمراض واحدة. وأسلوبنا فى تعدد الزوجات والسلوك الإجتماعى واحد. وشراهتنا فى حب السلطة وتكوين الثروة وتزوير الإنتخابات واحدة." هذا كلام معروف منذ سنين أن قرود الشمبانزي ليست هي جدودنا. وكان العلماء يعتقدون أن "آردي" قد تكون هي الجد المشترك الذي نبحث عنه. لكن أثبتت الدراسة المتأنية التي قام بها فريق علماء جامعة كاليفورنيا وجامعت كينت، أن "آردي" ليست هي جدنا المشترك، نحن وقرود الشمبانزي. لكن هي قريبة جدا من الجد المشترك. يبقى لنا سؤال. هل أثبتت "آردي" سقوط نظرية التطور لدارون، أم العكس؟ العلم يثبت كل يوم وكل ساعة صحة نظرية التطور. وليس هناك خطأ واحد مادي عثرنا عليه منذ نشر هذه النظرية يثب عدم صحتها. مثل وجود عظمة فيل مثلا في الطبقات السفلى للقشرة الأرضية حيث لا يجب أن توجد. مشكلة نظرية التطور أنها تكشف عورة مدعي العلم ومن لهم فهم خاطئ للدين. لماذا هذه الضجة المفتعلة الكاذبة التي قادتها قناة الجزيرة دون توخي الدقة والأمانة في نقل الخبر؟ وما دخل مولانا النجار الذي يؤمن بمركزية الأرض، وبأن عمر الإنسان على سطح الأرض 4000سنة، وأن الشياطين تنام فى مناخيرنا كل مساء وعلينا أول ما نستيقظ أن نتخلص منها بالإستنشاق بالماء البارد ثلاث مرات؟ فهل مثل هذا الرجل يؤتمن على علم؟ آردي - Ardi - بين داروين و الدين - رندة قسيس لطالما تساءلت عن اسباب ابتعاد المجتمع العربي عن الحقائق العلمية ،و انجذابهم نحو الخرافة و الاسطورة الدينية ، لأجد السبب الاساسي هو عجز صحفيينا و محررين الجرائد عن نقل اية معلومة بشكلها الصحيح من غير اللجوء الى تحريفها لتتجاوب مع افكارهم و معطياتهم النفسية. المشكلة اذا و قبل كل شيء هي بالافراد الذين يعتلون منصب معين ،فيسمحون لانفسهم اختزال ما يرغبون اختزاله و تحريف المعلومة على حسب معتقداتهم و ايمانهم. اغلبية محررينا و صحفيينا في الجرائد و المواقع الرسمية ذو الجماهيرية الواسعة ،يشاركون ممولين هذه الصحف و المواقع الجهل التام في تفسير المقالات العلمية و الثقافية. و من هنا يحق لنا الاستفسار عن امكانياتهم الجدية بإتقانهم لغة اجنبية او بمصداقيتهم في نقل المعلومة ،مع اعتقادي بتواضعهم الفكري ،تفاجئت تماما من طريقة تداولهم منذ ايام للاستكشاف العلمي الاخير ل"اردي" ،فالاستكشاف الاخير يصب تماما في خانة نظرية التطور و ليس العكس ،الا ان انتماءاتهم العقائدية جعلتهم يحرفونه ليغذوا اله التخلف. سأتطرق قليلا الى "اردي" الانثى التي وجدت منذ 4،4 مليون سنة ،و ربما تكون الاقرب الى السلف المشترك ما بين الانسان و القردة الكبيرة و منهم الشامبانزي ،كما قال الانتربولوجي "تايم وايت" . شق لنا "داروين" طريقا معرفيا من خلال نظرية التطور و الاصطفاء الطبيعي ،فالعلم و المعرفة لم يتوقفا عليه و لن يكتفيا باستكشاف الحفريات الاخيرة ،حيث ان العلم يقف موقف المراقب للظواهر والمنقب للحفريات و الاثار ،فهو لا يمل البحث عن المعلومة الاقرب الى الصحة من دون ان يتبناها كوجهة نظر ثابتة ،كما تبنت فرضية الاله منحا لا يتغير و لا يتحول. لننظر الى الاله الاسطوري الخالق لكل شيئ و العالم بكل شيئ ،نراه يستمد منظومته من حقبة سابقة لحقبة الروحانيات ،فإذا توغلنا في ينبوعه الوقودي ،نراه محاولة لتشخيص الظواهر الغير مفهومة ،حيث كانت المعرفة و الادراك للخارج ضعيفا عند الانسان البدائي ،فاختلطت التجربة الخارجية بعدم المعرفة لتتفاعلان مع المشاعر و الرغبات المتأصلة في الانسان ،و تكونان تخيلات لقوى و ارواح و من ثم الهة لتسيير و تفسير الظواهر الطبيعية و منها استطاعت الخرافة شق طريقها الى الاله و الاستيلاء الشبه الكامل على مضمونه. لنسافر في حقبات مضت ،نجد فكرة الاله البطل و الملك الاله اساس الاله الخالق ،فقد استطاع السحرة مد سيطرتهم السياسية و من ثم الدينية على افراد الجماعة الجاهلين و الخائفين من امور لا يفقهون بها ،و هكذا استمد اله اليوم وجوده من جهل الافراد و محدودية تفكيرهم كي يبقى الجلاد الابدي لهم كحكامهم المستبدين. لا يختلف الاله الساحر عن الاله الخالق فكلاهما يستند على التفكير الجاهل و عدم المعرفة ،فلننظر الى القاعدة الاساسية لجميع الالهة ،نراها مرتكزة على خصائص نفسية داخلية و تجارب خارجية ،اي بين العقل و المادة المحيطة. تمكنت التجربة الداخلية لبعض المتميزين في عصورهم ،السيطرة على الكتلة الجماعية ،إما بإرشاداتهم الاجتماعية او بقدرتهم الفذة في ملاحظة اعراض مرض معين و استطاعتهم على معالجة البعض.... اكتسب هؤلاء الاشخاص قوة نافذة على جماعاتهم ليقلدوهم صفة القائد الساحر و بعدها القائد الاله. فماهي قواعد السحر؟ قسم "فريدزر" السحر الى شقين ،الشق السلبي المتمثل في التابو و الايجابي المتمثل في الشعوذة اللتان هما اساس ركائز الاله ،تقول الشعوذة:"افعل هذا الشيئ كي تحصل على ذلك الشيئ" اما التابو فيقول:"لاتفعل هذا الشيئ كي لا يصيبك ذلك البلاء". اذا هدف السحر بشكل عام ،الحصول على شيئ مرغوب او تجنب شيئ ضار ،اي غاية خيرة و اجتناب الضارة ،مثل مفهوم الاله ،و كما يتطلب السحر ممارسات و صلوات و تضحيات احيانا ،يتطلب اله اليوم نفس الممارسات و التعبد اليه. كانت وظيفة الساحر سابقا ،سياسية و دينية و الحفاظ على الطقوس السحرية المتبعة انذاك ،كي يحافط على نفوذه و شأنه في القبيلة ،مع استطاعته اعتلاء الرئاسة او العرش الملكي. يستمد الاله ايضا وقوده من عبادة الافراد و الجماعات له ،فقد حافظ على الطقوس السحرية ليستبدلها بطقوس دينية ،فكلما توغل الافراد في عباداتهم ،انصاعت تركيبتهم النفسية لاوهام و خرافات ،فيصبحوا عاجزين عن استيعاب المعرفة و العلوم ،بل اكثر من ذلك ،تتملكهم الاعاقة في فهم الاخر المختلف ،هذا العجز يدخلهم في قوقعة داخلية فيصبحون اسرى لمخيلات سلبية . نستطيع تفسير كراهية الدين في عصور لاحقة للسحر ،بعد تعاون مشترك بين الكاهن و الساحر ،و كما كان الساحر وكيلا لدى الارواح ،اصبح المجتمع العربي بأغلبيته وكلاء للدين و الاله. اعود الى صحفنا كالجزيرة و القدس العربي و مصداقيتهم تجاه المعلومة و المعرفة و العلم بشكل عام ،نرى عقمهم الفكري في تداول المعلومة و طرحها ،مع محاولاتهم الساذجة في غسل عقول القارئين لصحفهم . لا استطيع تفسير ذلك ،سوى باحتمالين اثنين:اما جهلهم باللغات الاجنبية او تعمدهم من اجل تثبيت فكرة الاله. أردي” جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين! جواد البشيتي “سقوط نظرية داروين” “نهاية أُسطورة نظرية النشوء والارتقاء لداروين” إنَّهما “العنوانان الكبيران” في صحافتنا اليومية العربية؛ أمَّا “الخبر”، أي “خبرهما”، فلا يمتُّ لأيٍّ من العنوانين بصلة، فالهوَّة بين “العنوان” و”الخبر” كالهوَّة بين “الإنسان” و”الشمبانزي”، عُمْقاً واتِّساعاً! بوضعه هذا العنوان، أو ذاك، أظْهَر محرِّر الخبر سوء، أو قِلَّة، أو عدم، فهمٍ لمحتوى الخبر، وانحيازاً إيديولوجياً أعمى ضدَّ نظرية داروين، أو بدا منتظِراً بلهفة سماع نعيها. “رويترز” وحدها وَضَعَت العنوان الذي يعكس المحتوى العلمي الحقيقي للخير؛ وكان عنوانها “كَشْف في أثيوبيا: جَدُّ الإنسان لا يشبه الشمبانزي”. إنَّني لا أدعو إلى أنْ تكون مع، أو ضدَّ، نظرية داروين؛ ولكنَّني أدعو إلى “الموضوعية” في فهمها، وفي الموقف منها، على صعوبة أن يُلبِّي كثيرٌ من العامة من الناس، ومن المنتمين إلى “المجتمع العلمي” أيضاً، هذه الدعوة، فلو أنَّ بديهية هندسية تعارَضت مع مصالح البشر لألغوها، أو لسعوا في إلغائها. ما هو “المحتوى الحقيقي” للخبر، الذي، على أهميته، لم يكن، لجهة تأويله الأيديولوجي، أكثر من زوبعةٍ في فنجان؟ في منطقة من أفريقيا، تُعْرَف الآن باسم “أثيوبيا”، عُثِر على “هيكل عظمي (غير مكتمل)”، يخصُّ حيواناً من الثَّدْيِيَّات؛ وتبيَّن أنَّ هذا الحيوان من الثَّديِّيات هو من أسلاف البشر؛ وتبيَّن، أيضاً، أنَّ هذا “الهيكل العظمي” يخصُّ امرأة، طولها 120 سنتيمتراً، ووزنها 50 كيلوغراماً تقريباً، وأنَّ هذه المرأة، التي أُطْلِق عليها، أو على هيكلها العظمي، اسم “أردي”، عاشت هناك قبل نحو 4.4 مليون سنة. علماء أُصول الجنس البشري توفَّروا على دراسة وتحليل الهيكل العظمي لـ “أردي”، فتوصَّلوا إلى أنَّ “رأسها يشبه رأس القرد (ولكنَّها ليست بقرد)”، وأنَّها، كانت تسير منتصِبَة (غير منحنية كالشمبانزي والغوريلا) ) كالبشر. أمَّا تعليل سيرها منتصِبة فيكمن في يديها ومعصميها وتجويف الحوض لديها. ولكنَّها، وبسبب أصابع قدميها، كانت تتسلَّق الأشجار بسهولة. ولكونها لا تملك ما يملكه الشمبانزي من أنياب حادة، اسْتَنْتَجوا أنَّ “أردي” كانت مسالِمة، قائلين “ربَّما كانت أكثر مسالَمَةً من الشمبانزي الذي نَعْرِف”. “أردي” هي الآن، أو ربَّما تكون، أقدم أسلاف الإنسان المعروفين، فهي أقدم بمليون سنة من “لوسي”، التي كانت تُعَدُّ من أهم الأصول البشرية المعروفة، أو المُكْتَشَفَة. إذا أردتم معرفة النقطة الأهم في هذا الاكتشاف، أو في الدراسات والأبحاث الخاصة بهيكل “أردي”، فإنَّها تكمن في قول الباحثين “إنَّ أردي لا تشبه قرد الشمبانزي (الذي نَعْرِف)”؛ فإذا كانت “أردي” هي أقدم أسلاف البشر (4.4 مليون سنة) فإنَّ الإنسان الذي نَعْرِف، أو إنسان القرن الحادي والعشرين، لا يعود في أصوله، أو في أصله الأقدم، إلى قرد الشمبانزي، أو إلى حيوان يشبه الشمبانزي. إنَّه يعود، على ما عرفنا الآن، أو على ما نعرف حتى الآن، إلى “أردي”، التي ليست بشمبانزي أو قرد، وإنْ كان لها رأس قرد، وإنْ كانت أيضاً، بسبب أصابع قدميها، تتسلَّق الأشجار بسهولة. هذا القول، أي قول أصحاب التقرير أو البحث إنَّ “أردي” لا تشبه قرد الشمبانزي، هو ما جَعَل المعادين لنظرية “النشوء والارتقاء” لداروين يقولون إنَّ “دليلاً جديداً على أنَّ نظرية داروين كانت خطأ قد أتى الآن”. إنَّه “دليلٌ جديد”؛ ولكن ليس على خطأ نظرية داروين، وإنَّما على سوء فهمهم لها، فإنَّ داروين لم يَقُل قط إنَّ قرد الشمبانزي هو الأصل الأقدم للإنسان، أو إنَّ الإنسان قد تطوَّر عن قرد الشمبانزي، أو عن أي قرد آخر. لم يَقُلْ قط إنَّ قرد الشمبانزي وُجِدَ أوَّلاً، أي قبل وجود الإنسان، فتحوَّل بعضٌ من قردة الشمبانزي (القدماء) إلى بشر، أو إلى أُصولٍ للإنسان الذي نعرف. وإنِّي لأريد أن أسألهم “ما هي الحال التي ينبغي لهيكل أردي أن يكون عليها حتى يصبح ممكناً أن نقول إنَّ نظرية داروين كانت صائبة؟”. هل كنتم تظنون أنَّ نظرية داروين يتأكَّد صوابها إذا ما تبيَّن لنا أنَّ “جَدَّتنا الأقدم”،أي “أردي”، في منزلة بين منزلتين، بعضها إلى نوع الشمبانزي ينتمي، وبعضها إلى النوع البشري ينتمي؟! “أردي”، من حيث النوع، ومن حيث المبدأ والجوهر والأساس، إمَّا أن تكون بشراً، وإمَّا أن تكون قرداً، وليس من منزلة تتوسط هاتين المنزلتين، أو تدمجهما فيها. المرأة، على ما تعلمون علم اليقين، إمَّا أن تكون حاملاً، وإمَّا أن تكون غير حامل، فلا وجود أبداً للمرأة نصف الحامل، أو التي في منزلة بين منزلتين. وأنتم لو جئتم بمكعَّب جليد، وقمتم بتسخينه، فسوف ترونه يتحوَّل إلى ماء (سائل). الماء، في هذا المثال، إمَّا أن يكون صلباً (الجليد) وإمَّا أن يكون سائلاً، فهل رأيتموه في منزلة بين منزلتين؟ هل رأيتموه في حالٍ تشبه “العجينة” مثلاً؟! لقد فاتكم أنَّ “الطفرة” هي جوهر نظرية “النشوء والارتقاء”؛ و”الطفرة” تعني، في مثال “أردي”، أنَّ هذا الحيوان من الثَّديِّيات إمَّا أن يكون بشراً، وإمَّا أن يكون قرداً. الشمبانزي، وهو الحيوان الأقرب إلى البشر، ليس بأصل الإنسان، فلا هو يتحوَّل إلى إنسان؛ كما أنَّ الإنسان لا يتحوَّل إلى شمبانزي، إلاَّ في المعنى المجازي. كلاهما تفرَّع من أصل حيواني واحد (مشترَك). إنَّ لهما جَدَّاً مشترَكاً، هو ما سمَّاه داروين “الحلقة المفقودة”، فالشمبانزي (إنْ كانت تربطه بالإنسان صلة قرابة) إنَّما هو ابن عمِّ الإنسان. على بُعْد 4.4 مليون سنة عَثَرْنا على ما يُفْتَرَض أن يكون الهيكل العظمي لـ “جَدَّتنا الأقدم” أردي؛ وقد نَعْثُر، مستقبلاً، في المكان نفسه، أو في مكان آخر، وعلى بُعْد 4.4 مليون سنة، أو أكثر قليلاً، أو أقل قليلاً، على الهيكل العظمي لابن عمِّها، أي “الجَدُّ الأقدم” لقرد الشمبانزي. “أردي”، من حيث “النوع”، هي إنسان، وليست بشمبانزي، أو قرد؛ ولكنَّ هوَّة سحيقة تفصل بينها وبين إنسان القرن الحادي والعشرين؛ وهذا إنَّما يدلُّ على الحجم الهائل للتطوُّر الذي عرفه الجنس البشري منذ 4.4 مليون سنة. وإنَّي لاستغرب تجاهل الذين سارعوا إلى نعي نظرية داروين نقطة أخرى مهمة وردت في “التقرير”، وهي قول الباحث تيم وايت (من جامعة كاليفورنيا بيركيلي) إنَّ “أردي” أكثر بدائية حتى من الشمبانزي الذي نعرف. ولمزيدٍ من الوضوح أقول عن (أي نيابةً عن) وايت إنَّ الشمبانزي المعاصر أكثر تطوُّراً من جدَّتنا “أردي”! إنَّهم لا يريدون أن يكون أصل الإنسان قرد؛ ولكنَّهم قَبِلوا الآن، أو يُفْتَرَض فيهم أن يقبلوا، أنَّ الشمبانزي المعاصر أكثر تطوُّراً من جَدَّتنا “أردي”! إذا جئتَ بشمبانزي معاصر، وقارنته بالإنسان المعاصر، فسوف تقول “لا يمكن أن يكون هذا الإنسان قد تطوَّر عن هذا الشمبانزي”؛ ولكن عليكَ أن تتذكَّر من الآن وصاعداً أنَّ هذا الإنسان المعاصر قد تطوَّر عن “أردي”، التي هي أقل تطوُّراً من هذا الشمبانزي المعاصر! العالم سي أوين لوفغوري (من جامعة كنت) فجَّر قنبلة إذ قال، بعد أبحاث ودراسات أجراها على الهيكل العظمي لـ “أردي”، “إنَّنا غالباً ما نظن أنَّ الإنسان قد تطوَّر عن قردة؛ لكنَّ هذا ليس صحيحاً، فالقردة هي التي تطوَّرت مِنَّا”! لوفغوري أكَّد أنَّ البشر لا يمكن أن يتطوَّروا من الشمبانزي أو الغوريلا؛ ولكنَّ القردة يمكنها أن تتطوَّر من البشر. وتأسيساً على قوله ظهر في الصحافة العنوان الآتي “أصل القرد إنسان!”. لقد أبوا أن يكون أصل الإنسان قرد، فَقَبِلوا، من خلال نظرية لوفغوري، أن يكون أصل القرد إنسان! إذا صحَّ هذا الاكتشاف (أصل القرد إنسان) فإنَّني لا أقبل تسجيل براءة هذا الاكتشاف باسم لوفغوري، وإنَّما باسم أنور البشيتي، الذي هو والدي! أذْكُرُ أنَّني عندما كنتُ صغير السن قرأتُ (أو تجرأتُ على قراءة) كتاب “أصل الأنواع” لداروين، فما كان من والدي المتديِّن كثيراً إلاَّ أن حاول منعي من المضي قُدُماً في قراءته، قائلاً لي، وكأنَّه، هذه المرَّة، يحاول إقناعي بالتي هي أحسن: إنَّ خطيئة داروين الكبرى تكمن في كونه قال إنَّ أصل الإنسان قرد، فالقردة إنَّما هم في الأصل يهود قد مُسِخوا. واذْكُر، أيضاً، أنَّني قرأتُ “أصل الأنواع”، وغيره من “الكُتُب غير المسموح حكومياً بالإطِّلاع عليها”، في عهد “التحالف بين الأب والدولة” ضدَّ الأبناء من ذوي الرغبة في قراءة “الفكر المستورَد”، فالدولة كانت تحرص كل الحرص على بقاء “ميزانها التجاري الفكري” رابحاً، لا عجز فيه، فحظرت، بالتالي، كل فكر مستورد! قُلْنا إنَّ وايت اعتبر “أردي” أكثر بدائية حتى من الشمبانزي، فهل ضرب صفحاً وهو يُصْدِر هذا الحُكم عن حقيقة أنَّ الشمبانزي المعاصر (أو الغوريلا المعاصرة) ما زال يسير منحنياً، وليس منتصِباً كما هي حال سير “أردي”؟ كلاَّ، لم يضرب صفحاً؛ ولكنَّه رفض اعتبار ذلك (أي سير الشمبانزي منحنياً) دليلاً على أنَّ الشمبانزي أقل تطوُّراً من البشر، فالتطوُّر يجب فهمه فهماً نسبياً. إنَّ انحناء الشمبانزي في سيره هو من الصفات التي طوَّرها هذا النوع من القردة حتى يستطيع الحياة في بيئته الطبيعية، وهي الغابات. هل جاء “التقرير” بما يُثبِت بطلان فرضية “الحلقة المفقودة”؟ أوَّلاً، هناك من يفهم “الحلقة المفقودة” فهماً خاطئاً، فهو يتصوَّرها، أو هُمْ يتصوَّرونها، على أنَّها “الحالة الانتقالية من الشمبانزي إلى البشر”. إنَّها ليست كذلك، فـ “الحلقة المفقودة”، في معناه الصحيح، وبحسب فهم وتعريف داروين نفسه لها، هي “الأصل المشترَك” بين الشمبانزي والإنسان، أي “جَدَّهما المشترَك”. و”هذا الجَدُّ المشترَك” هو نوع حيواني من الثَّديِّيات يختلف (نوعياً) عن الشمبانزي والإنسان، المتفرِّعين منه. ولقد جاء في “التقرير”: “إنَّ الحلقة المفقودة، هي الجَدُّ المشترَك بين الإنسان الحديث والقردة الحديثة؛ وهذا الجَدُّ المشترَك كان مختلفاً عن الاثنين؛ ولقد تطوَّرت القردة والبشر عن هذا الجَدُّ المشترَك بالقدر نفسه”. وعلماء الوراثة ما زالوا يعتقدون أنَّ الإنسان وأقرب أقربائنا الأحياء، وهو قرد الشمبانزي، قد افترقا وتباينا قبل ستة أو سبعة ملايين سنة، مع أنَّ بعض الأبحاث تُرجِّح أن يكون ذلك الافتراق والتباين قد حدث قبل أربعة ملايين سنة فحسب. الآن، عثرنا على أقدم أصل للبشر، وهو “أردي”؛ ولكن هل بلغنا نهاية السلسلة؟ كلاَّ، لم نبلغها، فمستقبلاً سنعرف من أين جاءت “أردي”، ومن أين جاء أسلاف “أردي”، فأنواع الحيوانات لا تتجاور فحسب، وإنَّما تتعاقب؛ ويكفي أن نرى أوجه تشابه كثيرة بين نوعين منها حتى نستنتج أنَّ لهذين النوعين “جَدَّاً مشترَكاً”، أي أصلاً حيوانياً تفرَّعا منه. | |
|