قياس المسافة التي تبث من الأعلى (انظر الشكل في الصفحة 7). إن ما يجري في
سعره مئة دولار تضع مستخدمه ضمن ما بين 5 و 10 أمتار من موقعه الحقيقي. وتستطيع
الموقع ضمن 5 أمتار. أما الرصد المزدوج (الترادفي)
قريب إحداثياته معروفة، فيستطيع تحقيق دقة تصل إلى نصف متر. ويطلق على هذه
تيار
معلومات من الفضاء(***)
من أجل فهم الاتجاه الذي ينحو نحوه تطور النظام
GPS،
من المفيد أولا استعراض طريقة عمله الحالية. يشبه انهمار المعلومات المرسلة
من سواتل النظام GPS
رذاذا ضوئيا. يبث ساتل النظام GPS
الواحد إشارات استطاعتها 500 واط، وهذه تساوي استطاعة خمسة مصابيح كهربائية
متوهجة. وبعد قطع مسافة000 20 كيلومتر من الفضاء، تصل إشارات قياس
المسافة الراديوية إلى سطح الأرض باستطاعة لا تزيد كثافتها على
-10
13 واط للمتر المربع. وللمقارنة فإن استطاعة إشارة التلفزيون التي يستقبلها
جهاز منزلي أقوى من ذلك ببليون مرة.
تمطرنا سواتل النظام GPS
بنوعين من المعلومات. النوع الأول، وهو رسالة الملاحة، يتكون من بتات
بيانات تعرِّف الموقع المداري للساتل والوقت الذي تم فيه الإرسال. ويجري
إعداد هذه الإحداثيات المكانية والزمانية في قطاع التحكم الأرضي في النظام
GPS
الذي يستخدم شبكة من مستقبِلات النظام GPS
في نقاط مرجعية معروفة لحساب تلك الإحداثيات. وتُرسَل هذه المعلومات إلى
الساتل حيث توضع في رسالة الملاحة من أجل بثها بعدئذ إلى جميع المستخدمين.
النوع الثاني من المعلومات التي تبثها السواتل هو مجموعة من كودات قياس
المسافة، أي تتالٍ sequence
ذات شكل فريد من النبضات الرقمية. لا تحمل هذه الإرسالات معلومات بالمعنى
التقليدي. فالكودات، في الواقع، مصممة لمساعدة المستقبِل على قياس زمن وصول
الإشارة الواردة، وهو مفتاح لتحديد الموقع بدقة. يؤكد المهندسون الطبيعة
المتميزة لإشارات قياس المسافة هذه بقولهم إن ما يسمى بكودات الضجيج شبه
العشوائي
(6) (PRN)
مكونة من سلسلة من الشيپات
(7) chips
بدلا من البتات.
يشبه تتالي كود الضجيج شبه العشوائي النوطة الموسيقية في أغنية. لنفترض أن
أغنية معينة قد عُزفت من قبل الساتل والمستقبل في اللحظة نفسها تماما.
سيسمع المستخدم كلا من نسختي الأغنية (أي كود الضجيج شبه العشوائي)، لكن
أغنية الساتل ستتأخر بمقدار الزمن الذي يستغرقه الصوت في الانتشار من
المدار إلى سطح الأرض. فإذا وقَّت المستخدم التأخير بين لحظتي وصول كل من
نسختي الأغنية إلى نوطة محددة بوساطة ساعة دقيقة، يمكنه معرفة المدة التي
استغرقها الصوت لقطع المسافة من الفضاء. وبضرب عدد
الثواني الناتج
بسرعة الصوت، يستطيع المستخدم حساب المسافة إلى الساتل.
يؤدي النظام GPS
إجرائية مشابهة عندما يراقب المستقبل كود ضجيج شبه عشوائي يبثه ساتل. فمن
خلال مطابقة تتالي كود قياس المسافة المستقبَل (تتالي النوطة الموسيقية) مع
نسخة من تتالي كود الضجيج شبه العشوائي الفريد الخاص بذلك الساتل والمختزن
في المستقبِل، يمكن للمستقبِل تقدير التأخير في زمن وصول إشارة قياس
المسافة الراديوية الخاصة بذلك الساتل. يَضرب المستقبِل حينذاك زمن التأخير
بسرعة الضوء، وبذلك يستطيع تحديد المسافة إلى ذلك الساتل.
على هذا النحو، تقيس المستقبِلات المدى باستخدام مسطرة افتراضية يمدها كل
ساتل إلى الأرض. وتعطي الكودات علامات مميزة
tick marks
على المسطرة الراديوية، في حين أن الرسالة الملاحية تصف موقع الساتل الذي
يشبه نقطة نهاية المسطرة. ولو كان من الممكن تضمين وحدة النظام
GPS
ساعة توقيت دقيقة، لأتاحت ثلاثةٌ من قياسات المدى للمستقبل تحديد موقعه
الثلاثي الأبعاد: خط العرض وخط الطول والارتفاع. وبفضل الساعات الدقيقة
يمكن لقياسٍ واحد أن يضع المستقبِل على سطح كرة يُحدَّد نصف قطرها من
الساتل. وتضع قراءتان للنظام GPS
المستخدِم في نقطة تقاطع كرتين متماثلتين، وتضع القياسات الثلاثة المستخدم
في نقطة فريدة تتحدد بالكرات الثلاث. إذًا، على المستقبل حل ثلاث معادلات
بثلاثة مجاهيل: خط الطول وخط العرض والارتفاع.
في الواقع، لا توجد ساعات دقيقة تماما، ولذلك على المستقبِل القيام بالحل
من أجل مجهول رابع: الحَيْد offset
بين ساعة المستقبِل الداخلية الزهيدة الثمن والوقت الذي تشير إليه شبكة
النظام GPS.
يجري التحكم في الوقت الذي يعلنه النظام GPS
بدقة واحد من البليون من الثانية بوساطة ساعات ذرية، لكن ساعة المستقبِل
يمكن أن تكون عرضة لخطأ يبلغ ثانية أو أكثر في اليوم الواحد. يمكن للمرء
تحويل الخطأ في الوقت إلى خطأ في المسافة بالضرب بسرعة الضوء (300000
كيلومتر في الثانية). إن هذا الحيد يضيف مقدارا غير معروف إلى المسافة
المقاسة إلى كل ساتل، وهذا ما يفسر سبب تسمية قياسات المسافة بقياسات شبه
المدى
(8) . من حسن الطالع أن حيد الوقت هو نفسه فيما يتعلق بجميع السواتل، وبالتالي
تسمح قراءة من ساتل رابع للمستقبِل بحل أربع معادلات للمجاهيل الأربعة: خط
الطول وخط العرض والارتفاع والوقت.
ولما كان المستخدمون المتنقلون يغيِّرون مواقعهم بسرعة، فإن مستقبلات
النظام GPS
الحالية ترصد انزياح دوپلر Doppler
shift
في الإشارات الواردة أيضا، أي انزياحات أطوال موجات الإشارة الناجمة عن
الحركة. فإذا كان المستخدم يتحرك مبتعدا عن الساتل، فإن طول الموجة يبدو
أكبر. أما إذا تحرك باتجاه الساتل، فتصبح الموجة الواصلة أقصر. إن كل ساتل
يشبه قطارا يتجاوز شخصا (المستقبِل). لدى اقتراب القطار، ترتفع طبقة صفارته
(أي تواترها)، وعند ابتعاده، تصبح النغمة أخفض. إن مراقبة انزياحات الموجة
هذه تتيح لتلك الأجهزة تقدير سرعة المستخدم مباشرة وبدقة عالية.
سوف تمتد تقانة تحديد
الموقع لتغطي وسط المدينة،
وستصل إلى داخل الأبنية
وإلى ما تحت أغصان الأشجار.
ما تجدر الإشارة إليه هو أن
مستقبلات النظام GPS
تحقق مهمة تحديد الموقع الأرضي المعقدة دون إرسال أي إشارات. ومع ذلك، فإن
تلك المستقبلات المقرر تركيبها مستقبلا في الهواتف الخلوية سوف تكون رخيصة
جدا، حيث لا يزيد ثمن القطعة على خمسة دولارات.
نظرة إجمالية /النظام
GPS المحسن
(****) • أكثر من 30 مليون شخص يعتمدون عادة على النظام GPS، وسوف يتضاعف ذلك العدد قريبا عندما تجد المستقبِلات طريقها إلى مزيد من الهواتف الخلوية والسيارات.
• سوف تتحسن دقة تحديد الموقع عندما تصبح الإشارات الجديدة متاحة للاستخدامات المدنية والعسكرية. ستظهر أولى هذه الإشارات عند إطلاق السواتل المحسنة عام 2005، أما الإشارة الثانية، فستوضع في الخدمة بعد ذلك بعدة سنوات.
• سوف تضمن آلات سلامة النظام GPS وثوقيته بتوفيرها حدود خطأ سارية المفعول في الزمن الحقيقي. وسوف تؤدي مجموعة من الفعاليات المؤسساتية والعملياتية والفنية إلى زيادة مناعة الإرسالات ضد تداخل الترددات الراديوية.
|
اختراق الغلاف الجوي الأيوني (الأيونوسفير)
(*****) تَبث المرسِلات المحمولة على سواتل النظام
GPS معلوماتها على
موجات الترددات الراديوية المعروفة. إن حامل التردد الراديوي هو موجة جيبية
عادية، وتردده هو عدد الدورات cycles
(كل قمة وقعر) في الثانية. إن تقانة النظام
GPS الحالية تستخدم
نطاقين تردديين، L1
و L2،
يقعان في جزء الموجات الميكروية من الطيف الراديوي. ويُعدُّ النطاق
L1
عادة إشارة مدنية، على الرغم من أن القوات المسلحة تستخدمه أيضا. إنه متاح
لكل شخص، وهو يوفر معظم التطبيقات المدنية الحالية. أما النطاق
L2،
فيخدم القوات المسلحة بشكل رئيسي. إن استخدام إشارة
L2
مسموح للجمهور، لكن من دون معرفة كودات الضجيج شبه العشوائي العسكرية (PRN).
إن فجوة المعرفة هذه تجعل التطبيقات المدنية في النطاق
L2
هشة. فالمستقبلات المدنية، على سبيل المثال، تجد صعوبة في استخدام إشارة
L2
من السواتل الموجودة في مدارات منخفضة أو تلك المحجوبة حتى بعوائق صغيرة
مثل الأشجار. يضاف إلى ذلك أن مستقبلات النطاق
L2
باهظة الثمن، لأنها تتطلب تقنيات معالجة إشارة خاصة من أجل الولوج إلى
إشارة النطاق L2
دون معرفة كودات الضجيج شبه العشوائي (PRN).
كيفية عمل النظام
GPS
(******) النظام GPS نظام ملاحي يغطي العالم بالاعتماد على الإشارات الراديوية، ويتكون من دستتين من السواتل والمحطات الأرضية المقترنة بها. باستخدام طريقة مشتقة من طريقة التثليث العادية(9) لتحديد الموقع تستند إلى معرفة ثلاثة أضلاع، يحسب النظام GPS إحداثيات الموقع الأرضي وذلك بقياس المسافة إلى أربعة سواتل على الأقل. وثمة عوامل عديدة تجتمع معا من أجل تحديد الموقع بدقة.
كرات متقاطعة
افترض أن مستقبِل النظام GPS يقيس المسافة إلى أحد السواتل فيجدها 22000 كيلومتر. عندئذ على المستقبل أن يكون على سطح كرة متمركزة في الساتل نصف قطرها 22000 كيلومتر. افترض أيضا أن المستقبل يقدر المسافة إلى ساتلين آخرين ب 000 23كيلومتر و 000 24 كيلومتر، على التوالي. لذلك يجب أن يكون موقع المستقبل عند تقاطع الكرات الثلاث تلك. لكن الهندسة تنص على أن ثلاث كرات لا يمكن أن تتقاطع معا في أكثر من موقعين، وواحد منهما فقط سوف يكون قريبا من الأرض قربا كافيا ليحدد موقع المستقبل.
إشارات توقيت
يقتضي قياس المسافة إلى ساتل ما توقيت الفترة التي تستغرقها إشارة الساتل للوصول إلى المستقبل. فحاصل ضرب (جُداء) السرعة في زمن الانتشار يساوي المسافة المقطوعة. وتنتشر إشارات الراديو بسرعة الضوء، أي بسرعة 000 300 كيلومتر في الثانية تقريبا. إن المشكلة تكمن في قياس زمن الانتشار. وكود الضجيج شبه العشوائي (PRN)، وهو سلسلة معقدة من المعلومات الرقمية، يساعد على تحقيق هذه المهمة. وكل كود يخص ساتلا محددا. وهذا يضمن أن المستقبِل لا يلتبس عليه الأمر بسبب الإشارات.
إزاحة الكود
لفهم كيفية مساعدة كودات الضجيج شبه العشوائي (PRN) على قياس المسافة، تأمَّل هذا التشبيه: افترض أن كلا من الساتل والمستقبِل قد بدآ تشغيل الأغنية نفسها ـ كود الضجيج PRN ـ في الوقت نفسه. سوف تكون الإشارة المبثوثة والقادمة من الفضاء متأخرة قليلا مقارنة بأغنية المستقبِل المرجعية. بقياس المدة التي استغرقتها نغمة معينة في الأغنية، أو في مقطع كود الضجيج PRN، للوصول من الساتل، يمكن للنظام تحديد زمن الانتشار. اضرب ذلك الزمن بسرعة الضوء فتكون النتيجة هي المسافة إلى الساتل.
مزامنة الساعات الدقيقة (الميقاتيات)
يتم ضبط الوقت على متن سواتل النظام GPS بدقة تقترب من الكمال. فكل ساتل يحمل ساعة ذرية دقيقة. لكن مستقبلات النظام GPS مزودة بساعات كوارتز زهيدة الثمن ذات دقة أقل بكثير. إن الخلل في التوقيت الناتج يعني أن قياسات المسافة الثلاثة الأولى لا تتقاطع تماما (الخطوط المقطعة السوداء). من أجل مزامنة الساعات الدقيقة الموجودة في المدار مع تلك التي على الأرض والتعويض بالتالي عن خطأ التوقيت، على مستقبِل النظام GPS إجراء قياس عائد لساتل رابع. تحدد هذه القراءة عامل تصحيح وحيدا يجعل نقاط النهاية التي تخص القياسات الثلاثة الأولى تجتمع في الموقع الحقيقي للمستقبِل (اللون الأحمر).
|
لهذه الأسباب تستخدم معظم الوحدات المدنية إشارة النطاق
L1.
ولذلك تحصل عادة على دقة تراوح بين 5 و 10 أمتار، وهذا مجال خطأ تسببه بشكل
رئيسي الجسيمات المشحونة في الغلاف الجوي الأيوني للأرض الذي يمتد من
ارتفاع 70 كيلومترا عن سطح الأرض حتى 1300 كيلومتر أو أكثر. إن هذه القوقعة
الموصلة كهربائيا تُبطئ انتشار الموجات الراديوية من سواتل النظام
GPS
على غرار رؤية قلم رصاص وكأنه مكسور عندما يغمس جزء منه في كوب ماء. وبحسب
الظروف، يمكن لهذه القوقعة تأخير وصول الإشارة من متر حتى عشرة أمتار أو
أكثر.
للتعويض عن هذا الخطأ، يلجأ بعض المستخدمين إلى النظام التفاضلي (D-GPS).
تتضمن هذه التقنية مستقبلَيْ النظام GPS:
وحدة جوالة roving
ووحدة مرجعية توضع في مكان معلوم. ترسل الوحدة المرجعية الفوارق بين
قياساتها والأَمْدية (أي المسافات) المحسوبة
computed ranges
إلى المستقبِل المتحرك الذي يستخدم هذه المعلومات لتصحيح موقعه. يعمل
النظام GPS
التفاضلي على أفضل وجه عندما يكون المستقبل المتحرك قريبا من المستقبل
المرجعي. فعلى أَمْدية تقل عن مئة كيلومتر، تزول الأخطاء التي يسببها
الغلاف الجوي الأيوني كليا تقريبا لأن الحزمة الراديوية من الساتل إلى
المستقبل المرجعي تعبر العوائق الجوية نفسها التي تعبرها الإشارة من الساتل
إلى المستقبِل المتنقل.
إشارات أدق وأقوى
(*******) ابتداء من عام 2005، ستبدأ
سواتل النظام GPS
ببث إشارات جديدة، وهذا سيسهم في تحسين جودة الخدمات ويساعد على رفع درجة
ضبط دقتها في تحديد الموقع، وذلك بحذف الأخطاء التي يحدثها الغلاف الجوي
الأيوني [انظر الشكل في هذه الصفحة]. سوف تضاف إشارتان عسكريتان إلى
النطاقين L1
وL2،
وإشارة مدنية أخرى إلى النطاق L2.
أما الإشارات الحالية فستستمر بالعمل لضمان استمرار عمل المستقبلات
الموجودة حاليا بصورة جيدة. ومع حلول عام 2008 تقريبا، سوف تبدأ مجموعة
أخرى من سواتل النظام GPS
المحسنة ببث مزيد من الإشارات المدنية في نطاق ترددي ثالث يسمى النطاق
L5.
(النطاقان L3
و L4
يحملان معلومات عسكرية غير ملاحية). وستكون إشارات النطاق
L5
الجديدة أقوى بأربع مرات من الإشارات الحالية.
إشارات متعددة بغية
وثوقية أفضل
(********) إيجاد إحداثيات النظام GPS تقديرا دقيقا للمسافة من ساتل تحديد المسافة إلى المستقبِل، وهذه عملية حسابية تعتمد على الزمن الذي تستغرقه الإشارة لتقطع المسافة من المدار [انظر الإطار في الصفحة 7]. لكن الجسيمات المشحونة في الغلاف الجوي الأيوني الدائم التغير تبطئ الإشارات، مما يولِّد خطأ توقيت. إن النظام GPS المتطور سيصحح آثار الغلاف الجوي الأيوني واضطرابات الإشارة الناجمة عن إرسالات منافسة.
|
ستمكِّن الإشارات الإضافية
مستقبِلا واحدا بمفرده من حساب تأخير الانتشار الناجم عن الغلاف الجوي
الأيوني، وهذا يقلل الخطأ. فإشارات النطاق L1
المنتشرة عبر طبقة الغلاف الجوي الأيوني غير المتجانسة تتعرض إلى تأخير
يختلف عما يُرى في الإشارات المرسلة في النطاق
L5،
على سبيل المثال. بهذا الشكل، يمكن لمستقبِلات المستقبَل مقارنة التأخير في
الإشارات المستقبَلة من النطاقين L1
و L5، وبعدئذ
يمكنها استخدام هذه الحسابات من أجل تقدير كثافة الإلكترونات في الغلاف
الجوي الأيوني والتعويض عن آثارها. هذه هي الحسابات التي تحاول إجراءها بعض
مستقبلات النظام GPS
المدنية الباهظة الثمن باستخدام الإشارة المدنية الحالية في النطاق
L1
والإشارة العسكرية في النطاق L2.
ونظرا لأن الإشارات المدنية سوف تستخدم كودات معروفة للجمهور، فلسوف تختفي
نقاط الضعف العملياتية المقترنة حاليا بمعالجة إشارة التردد المزدوج. وهذا
يعني أن مستقبلات الترددين أو حتى الترددات الثلاثة سوف تكون هي القاعدة
للمستهلك والمستخدمين التجاريين.
وسوف يستفيد مشغلو وحدات
النظام GPS
التفاضلي أيضا من الإشارات الجديدة. تذكّر أن دقة النظام
GPS التفاضلي تقل كلما
ابتعد المستخدم عن المستقبل المرجعي، لأن الحزمة الراديوية من الساتل إلى
المستخدم تخترق الغلاف الجوي الأيوني في نقطة متزايدة البعد عن نقطة اجتياز
حزمة المرجع للغلاف الجوي الأيوني. وبوجود ترددات متعددة، يمكن للمستقبل
الجوال تقييم الغلاف الجوي الأيوني منفردا ويمكن لتصحيحات النظام
GPS التفاضلي أن تُستخدم
لتقليل أثر الأخطاء (الأصغر) الأخرى. إن مستخدمي النظام
GPS التفاضلي سوف يكونون
قادرين في المستقبَل على الحصول على دقة تراوح بين 30 و 50 سنتيمترا.
يحتاج مستخدمو النظام
GPS الحالي ذوو المتطلبات
الأكثر، ومنهم المسّاحون والعلماء والمزارعون، إلى دقة من رتبة السنتيمتر
أو حتى المليمتر. ومثل هذه الدقة تتطلب شكلا متقدما من النظام
GPS التفاضلي الذي يذهب
إلى أبعد من كودات الضجيج شبه العشوائي (PRN)،
أي إلى تقنية تتحرى بعمق تلك الكودات وتقيس زمن وصول الموجات الحاملة التي
تنقل إشارات النظام GPS
من المدار.
إن موجات التردد الراديوي
التي تحمل إشارات النظام GPS
هي موجات ميكروية جيبية. وللدورة cycle
الواحدة طول موجة ـ المسافة من قمة إلى القمة التي تليها ـ مقداره 19
سنتيمترا. يمكن للمستقبل قياس زمن الوصول
(10) arrival
time هذا بدقة واحد في
المئة تقريبا. ويوافق هذا الميز resolution
مسافة انتشار تساوي 1 أو 2 مليمتر. هذه هي درجة الدقة التي يحتاج إليها
المستخدمون الذين يتطلبون مواصفات عالية، إلا أن هناك لبسا في قياسات
الموجة الحاملة، أي إن المستقبل لا يستطيع تمييز دورة من أخرى. وما لم يكن
قادرا على تحديد الدورة التي يلاحقها بشكل فريد، يمكن للقياس أن يشتمل على
خطأ يساوي أي عدد من الأطوال الموجية الكاملة.
تشبه هذه الصعوبة صعوبة قياس
المسافة باستخدام التدريجات الناعمة على المسطرة. فخلافا للتدريجات الخشنة،
فإن التدريجات الناعمة قريبة جدا بعضها من بعض، ولذلك فهي دقيقة. لكن نظرا
لكونها غير معلّمة إفراديا، فهي ملتبسة. من حسن الطالع، هناك إجرائية خاصة
تربط على نحو لا لبس فيه، ميز سُلَّمَيْ الأطوال الموجية الحاملة: سلم ال30
سنتيمترا الخشن في النظام GPS
العادي، وسلم المليمترين الناعم المرغوب. إن هذه العملية تولِّد سلما وسطا
لقياس الطول، ذا ميز مناسب يصلهما معا. والجسر الحسابي الذي يغطي القياسات
مبني على هذا السلم الوسط، كما سوف يتضح لاحقا.
التغلب على التداخل في
إشارة النظام GPS
(*********) إن البث الراديوي الخاص بالنظام GPS ضعيف جدا، لذلك يحتاج المستخدمون إلى طيف راديوي هادئ، إذ حتى منابع الترددات الراديوية المنخفضة الاستطاعة يمكن أن تتداخل مع عمليات النظام GPS. وقد فرضت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية ضرورة أن تبقى نطق الGPS هادئة، حيث لا يبقى سوى ضجيج الطبيعة الراديوي.
وعلى الرغم من هذه الجهود، يبقى المستخدمون الذين يتطلبون درجة عالية من الأمان، كمراقبي الحركة الجوية، عرضة لضياع الإشارة نتيجة لاضطرابات عَرَضية أو للتشويش المقصود على بث النظام GPS. إلا أن هؤلاء المستخدمين يستطيعون الولوج إلى عدد متزايد من الدفاعات ضد التداخل. فعلى سبيل المثال، فإن المستخدمين الموجودين على متن الطائرات يستطيعون الاعتماد على نظم ملاحية احتياطية تقوم على القياسات العطالية inertial، أو على نظام Loran-C 11) أو على أجهزة( قياس المسافة. أما تطبيقات النظام GPS العسكرية فتستخدم غالبا هوائيات «ذكية» تقوم بتخميد الإشارات الدخيلة انتقائيا [بتخميد الاستقبال من اتجاهات معينة] دون إضعاف إشارة النظام GPS بشكل ملحوظ. في المستقبَل غير البعيد، يمكن كذلك لتطبيقات المستهلكين أن تعزز وثوقية النظام GPS، بقياس المسافات إلى هوائيات محطات التلفزة أو محطات الهاتف الخلوي المجاورة.
|
يُمكن فهم هذا التحدي على
نحو أفضل باستخدام التشبيه. فكما ذكرنا سابقا، يمكن ربط كودات الضجيج شبه
العشوائي (PRN)
بتتالي نغمة موسيقية مرافقة لأغنية، حيث كل نغمة متميزة وقابلة للتحديد. إن
قياسات الموجة الحاملة مشابهة لإيقاع قرع الطبل في الأغنية التي تتضمن
العديد من الضربات في النغمة الواحدة. إذا استمع المرء إلى ضربات الطبل
فقط، كان صعبا عليه تحديد جزء الأغنية الذي يسمعه. إن الحل هو أن تستخدم
نغمات الأغنية لتمييز ضربة طبل من غيرها. تعد هذه مهمة شاقة فيما يتعلق
بالنظام GPS. فزمن
بدء كل نغمة (أو شيپة كود ضجيج شبه عشوائي
PRN)، يمكن أن يُحدَّد بدقة قدرها 30 سنتيمترا
فقط. وكل ضربة طبل (طول الموجة الحاملة) تدوم 19 سنتيمترا فقط. إن هذه
الضربات، التي يفصل بينها 19 سنتيمترا فقط، بعضها قريب من بعضها الآخر إلى
درجة يصعب معها التمييز بينها، حيث لا يمكن للمرء تفريقها بدقة ال30
سنتيمترا الخاصة بكود الضجيج شبه العشوائي.
من أجل تحديد ضربة مفردة،
يحتاج المرء إلى قارع طبل إضافي يقرع بمعدل أبطأ. إن مستقبلات النظام
GPS المتطورة تولد
هذا الإيقاع الأبطأ بضرب الموجتين الحاملتين للنطاقين
L1
و L2
لإنتاج ما يسمى بتردد الضَّرَبان
(12) . ولهذه
العملية نظير موسيقي. فعندما تُعزف نغمتان آنيا على آلة، يسمع المستمع
النغمتين الأصليتين، ويشعر أيضا بنغمة جديدة تطابق الفرق بين الترددين
الأصليين، أي تردد الضَّرَبان. ولأن التردد الجديد يساوي تردد الفرق، فإنه
بالضرورة أخفض في نغمته من أحدهما. إن الترددات الأخفض تعني أطوالا موجية
أكبر. وفي النظام GPS
يبلغ طول موجة تردد الفرق 85 سنتيمترا، ويستطيع النظام قياس ذلك بميز
مقداره نحو 8 مليمترات. وطول الموجة هذا كبير وكاف لتمييزه بدقة ال30
سنتيمترا الخاصة بقياسات كود المستقبِل. لذلك، تستطيع المستقبِلات الباهظة
الثمن التي تستخدم هذه التقنية تحقيق احتياجات المستخدمين الذين يتطلبون
مواصفات عالية.
سوف يرشد النظام GPS
الطائرات للهبوط مباشرة في المدرج، حتى في ظروف انعدام الرؤية.
إن الإدخال الوشيك لإشارات النظام GPS،
سوف يُقَوي هذا الجسر الحسابي بين شيپات كود الضجيج شبه العشوائي (PRN)
ودورات الموجات الحاملة الأساسية، إذ سوف تلج المستقبلات المدنية إلى
الكودات العمومية في إشارة النطاق L2
إضافة إلى إشارة النطاق L5
الجديدة. وسوف تكون المستقبلات قادرة على معالجة مجموعة ثلاثية من نغمات
الإيقاع (النطاق L1
ناقصا النطاق L2،
النطاق L1
ناقصا النطاق L5،
النطاق L2
ناقصا النطاق L5)
التي ستوفر عدة مسارات من شيپات كود الضجيج شبه العشوائي (PRN)
إلى دورات الموجات الحاملة، وبالتالي تأمين دقة فائقة لدى تحديد موقع أرضي.
النظام
GPS الجاهز للطيران
(**********) من أجل رؤية بعض المضامين الواقعية للنظام
GPS المحسن، انظر إلى
التقانة الجديدة لإرشاد الطيران لدى إدارة الطيران الفيدرالية، وهو عمل
يتطلب درجة عالية من الوثوقية. إن هذه المنظومات المستحدثة، وأجزاء منها
قيد الاستخدام حاليا، سوف تسمح للطيارين باستخدام النظام
GPS
لتوجيه الطائرة مباشرة إلى المدرج حتى عندما يؤدي الطقس السيئ إلى ظروف
تنعدم فيها الرؤية. إن إتمام هذه المهمة بأمان يقتضي أكثر من مجرد دقة
الملاحة. إنه يتطلب ضمانتين إضافيتين. أولا، على الطيارين أن يعرفوا الحجم
الأعظمي لخطأ تحديد موقعهم (أي شريط الخطأ) في جميع الظروف. على سبيل
المثال، عند المناورة من أجل الاقتراب النهائي يستطيع الطيار التسامح مع
أخطاء لا تزيد على 10 أمتار. وثانيا، يحتاج المستخدمون إلى ضمان أن نظامهم
الملاحي لن يعاني الأعطال.
الطيران على جناح وعلى
نظام دعم واسع (WAAS)
(***********) تتحسن سلامة الطيران كثيرا عندما يعرف الطيارون موقع طائراتهم بدقة. إن نظام الدعم الواسع (WAAS) المصمم من قبل إدارة الطيران الفيدرالية يحسّن دقة وسلامة إشارات النظام GPS التي تتطلب حدا عاليا من الأمان. يقدم هذا النظام دقة تبلغ مترا واحدا إلى مترين في المحور الأفقي ومترين إلى ثلاثة أمتار في المحور الشاقولي على امتداد معظم الولايات المتحدة. يبدأ النظام بشبكة من 25 محطة أرضية مرجعية موضوعة في أمكنة معلومة [1]. وكل محطة تقارِن قراءتها من ساتل النظام GPS بإحداثياتها المثبتة جغرافيا وتحسب التصحيحات المتعلقة بجميع السواتل المرئية، وتُرسَل هذه التصحيحات بعدئذ إلى واحد من موقعي معالجة رئيسيين [2]. ومن ثم ترسل التصحيحات إلى سواتل وسيطة ثابتة المدار [3] تقوم بدورها ببثها إلى مستقبلات نظام الدعم الواسع [4] التي تفك تكويد تصحيحات تحديد الموقع في الزمن الحقيقي.
|
لقد طورت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)
نظامي GPS
تفاضليين من أجل توفير حدود الخطأ في تحديد الموقع في الزمن الحقيقي. يتضمن
هذان النظامان شبكات من مستقبلات مرجعية تراقب قياسات النظام
GPS
باستمرار، لكنها تعمل بشكل مستقل من خلال قطاع التحكم الأرضي.
يعتمد نظام الدعم الواسع
(WAAS)
(13)
الذي بدأ تشغيله عام 2003 على شبكة وطنية واسعة من محطات المحسات لقياس
أداء النظام GPS
[انظر الشكل في هذه الصفحة]. تشبه هذه المراقيب المحطات المرجعية للنظام
GPS
التفاضلي، وبالفعل، يؤدي نظام الدعم الواسع هذا إلى تصحيحات لتحسين الدقة.
يضاف إلى ذلك أنه يقارن تصحيحات تحديد الموقع من عدة محطات من أجل توليد
حدود الخطأ التي تُعد أساسية لتوجيه الطائرات. بعدئذ يستخدم النظام سواتل
ثابتة في المدار لنقل ضمانات الأداء إلى الطيارين. وإذا لزم الأمر، يستطيع
نظام الدعم الواسع تعديل مجال الخطأ المرسَل خلال سبع ثوان. إن النظام يحدد
بدقة مواقع الطائرات التي تطير على ارتفاعات شاهقة، ويساعد على توجيه
الطائرات الهابطة باتجاه المطار حتى ارتفاع 300 قدم. ويعمل المهندسون في
أوروبا والصين واليابان والهند وأستراليا والبرازيل على تطوير نظم مشابهة.
وعندما يكف نظام الدعم الواسع مؤقتا عن عمله في توجيه الطائرات، تتولى
النظم المحلية رعايتها في القطاعات المنخفضة من مسارات هبوطها. وقريبا، سوف
يمكِّن نظام الدعم المحلي
(LAAS)
(14)
الهبوط الآلي الكامل في ظروف انعدام الرؤية. ونظرا لأن النظام يخدم
الطائرات بالقرب من المطار فقط، فإنه يستخدم نظاما راديويا قصير المدى
لإرسال تصحيحاته وحدود الخطأ. إن نظام الدعم المحلي (LAAS)
على صلة وثيقة بنظام الاقتراب والهبوط الدقيق المشترك
(JPALS)
(15)،
وهو نظام قيد التطوير سوف يقود الطائرات إلى متن حاملات الطائرات التي
تترجح (يغوص مقدمها في الماء ثم يعلو) وتتمايل (يمنة ويسرة). وأثناء
الاقتراب النهائي، يجب على طياري البحرية التحكم في ارتفاع طائراتهم
بالنسبة إلى سطح متحرك ضمن متر واحد من أجل ضمان أن خطّاف الكبح المتدلي من
مؤخرة الطائرة سوف يلتقط حبل التوقيف.
النظام
GPS زمن الحرب
(************) في السنوات الأخيرة، فاق عدد مستخدمي النظام GPS المدنيين بكثير عدد المستخدمين العسكريين الذين جرى تطوير النظام من أجلهم أصلا. إن الإشارة المدنية متاحة مجانا لأي شخص لديه مستقبل النظام GPS. لكن نظرا لكون القوات المسلحة الأمريكية وحلفائها يعتمدون على النظام GPS من أجل الملاحة وتوجيه الأسلحة، يأخذ الاستخدام العسكري الأفضلية عند وجود تهديد بصراعات حربية. ففي المناطق التي تحصل فيها عمليات حربية، تستطيع الولايات المتحدة التشويش على عمليات النظام GPS المحلية ببث إشارات راديوية قوية ذات ترددات تقع في مركز النّطُق تماما، تؤدي إلى إغراق إشارات النظام GPS الضعيفة. لكن الاستخدام العسكري المحظور على المدنيين يستمر لأن إرسالات الإشارة العسكرية بعيدة عن مراكز النطق المدنية بعدا يكفي لعدم تأثرها. وتحت هذه الظروف يغدو أي استخدام معادٍ للإشارة العسكرية غير ممكن لأن الكودات العسكرية سرية. أما التشويش المعادي على إشارات النظام GPS العسكرية فهو على الأرجح قصير الأجل على اعتبار أن القوات المسلحة المتحالفة تستطيع بسرعة كشف مثل هذه النظم وتدميرها، كما اتضح مؤخرا في الحرب في العراق. أما الاستخدام المدني للنظام GPS خارج منطقة الصراع فيستمر لأن أي إشارة تشويش تفقد استطاعتها بعيدا عن مرسلات التشويش.
|
ويحاول مهندسو البحرية جعل الهبوط على حاملات الطائرات أسهل وأسلم باستخدام
نظام الاقتراب والهبوط الدقيق المشترك (JPALS)
الذي يضع مستقبلات النظام GPS
التفاضلي المرجعية على حاملة الطائرات. ويفترض أن يدخل الخدمة التجريبية
عام 2004. وكل من نظام الدعم المحلي ونظام الاقتراب والهبوط الدقيق المشترك
هو نظام مزدوج التردد، فهناك حاجة إلى ترددي النظام
GPS
من أجل ضمان الدقة أثناء عمليات الطائرات هذه ذات المتطلبات العالية. وسوف
يكون نظام الاقتراب والهبوط الدقيق المشترك قادرا على استخدام الإشارات
العسكرية المتاحة حاليا في النطاقين L1
و L2.
على الرغم من أن التحسينات المذكورة سوف تجعل النظام
GPS
شائع الاستخدام تقريبا، فقد بدأت حكومة الولايات المتحدة بالتخطيط للجولة
التالية من تحسينات أخرى لتقانة ملاحة السواتل، تدعى النظام
GPS III.
إن القوى الدافعة وراء التحديث هي الحصول على وثوقية ودقة أعلى من أجل ضمان
مناعة أكبر ضد التداخل والتشويش، ومن أجل رعاية تبنّي خدمات أخرى لتحديد
المواقع الأرضية، إضافة إلى تطبيقات جديدة أكثر تعقيدا يتيحها النظام
GPS،
مثل نظم أمان الطرق السريعة والحركات المرورية الذكية. ونتيجة لذلك، فإن
المتنافسين الصناعيين في البرنامج النهائي الذي تبلغ كلفته بلايين
الدولارات ـ الشركة Boeing
والشراكة بين الشركتين Lockheed
Martin
و Spectrum
Astro
ـ أعلنوا أنهم سوف يدخلون المنافسة على العقود. أما الإطلاق الأولي لأحد
سواتل النظام GPS III
فيمكن أن يحصل في وقت مبكر من العقد المقبل
الأحد أكتوبر 21, 2012 3:54 pm من طرف ماردة