أين
تقع ليبيا يا سادة؟ سؤال طرحه أحد متصفحي موقع «فايسبوك» منذ فترة، ثم تولى
بنفسه الإجابة: «تقع ليبيا في أرض غير محدّدة المعالم، وبالتحديد في ممالك
العالم السفلي حيث الأرواح الشريرة والظلام وعوالم الجن والعفاريت بشهادة
جميع المنظمات الدولية التي زارت ليبيا.. ويحد ّشعب ليبيا من الأربع الجهات
بحر الظلمات وقبر الفرعون المصري ومعسكرات الاعتقالات وجهنم الحمراء
والرمال المتحركة...».
جاء هذا التعريف الجغرافي عن ليبيا تزامنًا مع اندلاع الثورة هناك، وكما هي
العادة أصبحت المواقع الاجتماعية وأهمها «فايسبوك»، إضافة إلى المواقع
الأخرى، الوسيلة الأولى التي يلجأ إليها متصفحو الانترنت للتعليق على
الحدث، حيث نال رؤساء الدول العربية موسوعة خاصة بهم من صفحات ومجموعات،
إضافة إلى أفلام وصور صنعت على أيدي من طالبوا بإسقاط الأنظمة.
الرئيس الليبي معمّر القذافي تغلّب على نظرائه في إصراره على البقاء وعدم
استسلامه، الأمر الذي سيمكنه ربما من دخول كتاب «غينيس» للأرقام القياسية،
لنيله اكبر حصة من التعليقات، منذ اندلاع الثورة في ليبيا وحتى تحرير
العاصمة طرابلس. فمنذ مساء الأحد الماضي، وتزامناً مع بث خبر سيطرة الثوار
على العاصمة طرابلس، أصبح خبر «ليلة سقوط القذافي» ضمن قائمة أكثر
التدوينات انتشاراً. وأخذ الخبر حيّزًا واسعاً على صفحات «فايسبوك» التي
تشهد حتى الساعة ردود فعل ونقاشات حول الموضوع من قبل متصفحين حوّلوا
الموقع إلى وسيلة للمشاركة في تناول ونشر المستجدات الأخيرة.
«تسلّق كالمصري، انتصر كالتونسي، ثُر كالسوري، اصمد كالبحريني وأصرّ
كالليبي.. لكن لا تكن لبنانيا!»، يربط أحدهم مجمل الدول العربية بتعليق
واحد لا يستثني لبنان. ولم يتوقف الأمر عند الحديث عن ليبيا فقط، بل طالت
التعليقات الرئيس السوري بشار الأسد الذي انهالت عليه الأمنيات بسقوط نظامه
ورحيله كباقي الرؤساء. ونشر أحد متصفحي الموقع صورة تجمع بين الرئيسين
الأسد والقذافي مع عبارة «مصير واحد»، ورغم تعبير الأكثرية عن إعجابهم
بالصورة، هناك من استفزته الفكرة، فرأى أن «من العيب جمع رجل يدعم المقاومة
(الأسد) مع رجل سفّاح وإرهابي (القذافي)».
وقد استهلت التعليقات بنشر صورة مفبركة يظهر فيها القذافي كجثة هامدة، مع
إشاعة خبر وفاته. وتأتي هذه الصورة بعد نشر صور لعدد من الزعماء مقتولين،
أمثال أسامة بن لادن وساركوزي، وتبين بعدها أنها صور مركّبة. وسرعان ما
اكتظّ الموقع بالتعليقات الساخرة التي تؤكد أن «القذافي يؤكد خبر وفاته»،
كذلك تعليق آخر يقول إن «القذافي يؤكد نجاح الثورة الليبية ويعلن نفسه
قائداً لها». وعلى الموقع أيضا اعتمد بعض المناصرين لـ«حركة أمل» صورة
الإمام موسى الصدر على صفحتهم الشخصية، وكتبوا عبارات تطالب «المحكمة
الجنائية بإعطاء جريمة خطف الأمام الصدر وأخويه عناية خاصة»، تزامنا مع
سقوط النظام المتهم بالجريمة.
وتساءل العديد من متصفحي الموقع على صفحتهم الشخصية: «من التالي؟»، غامزين
من قناة الرئيس الأسد. ومنهم من عبّر عن فرحته بـ«الشرق الأوسط الجديد:
تونس بلا زين العابدين، اليمن بلا صالح، مصر بلا مبارك، ليبيا بلا
القذافي.. وانشاالله سوريا بلا الأسد».
التعليقات تناقلت خبر إلقاء القبض على ابن الرئيس الليبي سيف الإسلام،
بالتزامن مع نشر الخبر على وكالات الأنباء العالمية، معلنين أن «ليبيا في
طريقها للحرية و21 آب هو يوم تاريخي لعزة ليبيا وفخرها». ومن بين المشاركين
من اختلف بالرأي عن سواه، فيعتبر أحدهم أن «الفرحة لا يمكن أن تتحقق
بتحرير الأنظمة العربية، طالما أن الغرب هو من يقود هذه الثورات، فليبيا
الآن أصبحت تحت سيطرة المشروع السياسي الدولي.. وإلى المزيد من القتلى».
ومنهم من اقتبس جملة القذافي الشهيرة للتعبير عن فرحته فكتب: «باركوا
لليبيا من كل بيت بيت دار دار وزنقة زنقة..».
وألهمت أحداث ليبيا متصفحي الموقع، فنشر أحدهم شريط فيديو أعدّه الممثل
الكوميدي الفرنسي جمال دبوز باللغة الفرنسية بعنوان «الأمير الإمبراطور
الجنرال العقيد صدافي»، في مزج بين اسمي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين
والقذافي. ويقول صدافي لعشيقته في الفيلم القصير الذي يمكن مشاهدته أيضًا
على موقع «يوتيوب»، ردا على لومها له لأنه لا يحتل العناوين الرئيسية في
الصحف، «فعلت كل شيء من أجلك يا حبيبتي: هددت الأمم المتحدة، أرهبت
الكومنولث، خططت لإبادتين أو ثلاث تم تنفيذها بشكل جيد، ماذا يمكنني أن
افعل أكثر من ذلك؟». ولا يتردد بطل الفيلم في قتل ضباطه خلال اجتماع مع
أحدهم لأنه أبدى ملاحظة على قرار مهاجمة روسيا، وثان لأنه نسي تاريخ عيد
ميلاد الإمبراطور، وثالث لأنه أنبأه بفشل الهجوم على روسيا.
كما قام أحدهم بنشر صورة مركبة عن اعتقال احد الثوار للقذافي، فتأسيس
مجموعة تحمل اسم «باي باي قذافي، اللعنة عليك»، حيث أعلن أحد أعضائها بأن
«معمّر صار هدّام».
في السياق ذاته، شهد موقع «يوتيوب» تحميل عدد كبير من المقاطع المصورة تحت
عنوان «ليلة سقوط القذافي وتحرير طرابلس». وسجّل تقرير «قذافي باي باي
منشوفك بلاهاي»، ويعرض فرحة الليبيين بالنصر، أكبر نسبة زائرين حتى الساعة.
إضافة إلى تقرير آخر بعنوان «ليلة سقوط»، عرض مشاهد الاحتفالات التي عمّت
الشوارع.
ولم يغب موقع «تويتير» عن الحدث، فحضرت التعليقات التي قال أحدها: «القذافي
قام بدور تسويقي رائع للثورات بشخصيته المضحكة وعباراته السريعة
الانتشار.. حتى أوصلها للأطفال في المدارس».