إنجليزية مرسي و(جرائم) الأخوان المسلمين .. وأوجه الشبه بين دنيا الأسد وفراعين الفلول


بسام البدارين































لقطة
مبدعة بلا شك وإن كانت خالية من المضمون الإخباري تلك التي إختارها
الأسبوع الماضي مقدم برنامج (المرشح الرئيس) على محطة العربية حيث يظهر
مرشح الأخوان المسلمين للرئاسة المصرية محمد مرسي متحدثا باللغة
الإنجليزية فيتلعثم بإحدى الكلمات وتخذله خبراته اللغوية.
مباشرة بعد
التلعثم الرئاسي يظهر مشهد من مسرحية مدرسة المشاغبين الخالدة يتحدث فيها
يونس شلبي ردا على كلمة متلعثمة مماثلة فيقول: إنجليزي ده يا مرسي.
طبعا
للصدفة إسم الشخصية التي يتحدث معها يونس شلبي في المسرحية (مرسي الزناتي)
وهي الشخصية الشهيرة التي جسدها الفنان سعيد صالح .. لذلك جاءت المفارقة
في مكانها تماما رغم أني لا أعرف حتى الآن لماذا يصر مرشح الأخوان
المسلمين والرئيس المنتظر لمصر على تصوير حلقة دعائية باللغة الإنجليزية
ما دام ضعيفا بالمفردات لكنها هفوة بالتأكيد مكنتنا في النهاية من التمتع
بلقطة تلفزيونية مضحكة من النوع الذي يمكن تداوله.
ما أعرفه أن الرئيس
المخلوع حسني مبارك كان يجيد اللغة الإنجليزية لكنه يرفض التحدث بها
إطلاقا من باب الإعتزاز بالعروبة كما قال مساعدوه وأيتامه أيام العز ـ لا
أقصد أحمد عز طبعا - .
بصراحة تعجبني قدرة الرئيس المخلوع على التمسك
بهذه الزاوية الشكلية فقط من العروبة ويمكنني التسامح بإغلاق ملف العروبة
برمته عندما يتعلق الأمر بدوره في أقوى وأشرس حصار على قطاع غزة وكذلك
دوره البطولي في إخراج مصر بعهده غير الميمون عن سكتها القومية ودفعنا
معها كعرب إلى أرذل السلم.
ونصيحتي لرئيس مصر المقبل الأخ مرسي إذا
تمكن من الإفلات من مطب الدور الثاني: لا تتحدث بالإنجليزية .. لست مضطرا.
فقط تحدث مع شباب الثورة والميدان وحاول طمأنتهم قليلا بأنك تستطيع
التفكير معهم يوما ما بدولة (مدنية) لا تمس ولا ينبغي أن تمس يوما بعقيدة
الإسلام والمسلمين .. ذلك أجدى وأنفع.

تسهيلات يسري فودة لمحمد مرسي

وعلى
سيرة الدولة المدنية أوافق بشدة على كل التسهيلات التي منحها الزميل
الكبير يسري فوده للمرشح مرسي خلال الحوار الذي أداره الأول مع الثاني عبر
محطة (أون تي في) لكني شعرت بأن الزميل فوده حرمنا نحن المشاهدين من (لذة
ومتعة الإستجواب) عندما ظهر متساهلا جدا في السؤال والمناورة والتعقيب
وكأنه يظهر الإمتنان ضمنيا لمرسي لإنه منحه الحق في هذه المقابلة الحصرية
التي سمعنا فيها أجوبة وشروحات و(تمزيط حكي) ودعاية وإفلات ولم نسمع
خلالها أسئلة من الطراز المحرج أو الدسم أو الصاروخي الذي إعتدنا عليه
تحديدا من الزميل فوده صاحب ملفات (سري للغاية).
والمقابلة بهذا المعنى
كانت دسمة بالنسبة لمرسي الذي حظي بفرصة شرح برنامجه الإنتخابي وتحدث
بتوسع عن مشكلة القمامة والمرور والأحياء العشوائية لكنه إمتنع رغم إلحاح
فوده عن الإلتزام بما تطالب به قوى الثورة حتى يخرج الشعب الشقيق من
المأزق الحالي ويصوت الناس لمرشح الأخوان المسلمين الذي تحدث بإسهاب عن
الديمقراطية والحريات وحقوق الدستور والمناصب التي سيوزعها على كبار
المرشحين لكني لاحظت شخصيا بأنه تجنب ولو مرة واحدة ترديد كلمة (دولة
مدنية).
هي نفسها العبارة التي إجتهد الشيخ همام سعيد شفاه الله -
لتجنبها عندما سهرنا معه في عمان برفقة قادة الأخوان المسلمين وألح عليه
الزميل عريب الرنتاوي قائلا: نريد ببساطة وبدون لف ودوران معرفة موقفكم من
الدولة المدنية ؟.. نريد أن نعرف نموذجكم طالبان أم آردوغان؟
.. طبعا
إنتهت السهرة وتناولنا بعد صلاة العشاء كميات هائلة من اللحوم والأرز
ولاحقا الكنافة في منزل الشيخ الفاضل نمر العساف وأفلت الشيخ سعيد من
العبارة إياها تماما كما أفلت مرسي وهو يكرر على مسامع فوده أمام ملايين
المشاهدين: يا أخ يسري .. أنا معاكم دوما على الشاشة لكن إعذروني لابد من
الإنتهاء قبل أذان الفجر حتى أتمكن من الصلاة.
بصراحة لا أعرف حتى
اللحظة لماذا يخشى الأسلاميون عبارة (دولة مدنية)؟.. ما الذي يخيفهم بأن
تكون الدولة مدنية بالمعنى الحقوقي ووفقا للمعيار الإنساني الإسلامي؟.

إضحك مع دنيا والفراعين

أنصح
القراء فورا بالإستمتاع بوصلة من الضحك المتواصل مع المذيع المصري الأنيق
الدكتور توفيق عكاشه الذي يطل فجرا عدة أيام على الشعب المصري الشقيق لعدة
ساعات عبر شاشة (الفراعين) وبرنامج بإسم (مصر اليوم).
عكاشه يذكرني
بسينما عمان العريقة وسط العاصمة الأردنية حيث كنا نشتري تذكرة واحدة بنصف
دينار بصفقة (العرض المتواصل) ونجلس في الظلام نحو عشر ساعات على الأقل
بتذكرة واحدة ونخرج فرحين ونقنع أنفسا بأننا خدعنا أصحاب السينما بحضور
عشرات الأفلام بنصف دينار فقط.
الرجل - وأقصد عكاشه - ينقلك بطريقة
مسلية ما بين فيلم هندي وآخر تركي وثالث تايواني وكل ما يمكنك فعلا كمشاهد
تتمتع بقليل من الوعي وبعض الملاحظة النقدية إلا الإبتسام بين الحين
والأخر والتمترس حول السؤال التالي :.. هل ما أراه معقولا؟.. هل يوجد في
عالم اليوم إعلام بهذا البؤس حقا؟
البؤس يرتدي بدلة بيضاء فاقعة وربطة
عنق بلون غامق وتسريحة سينمائية ويتجسد على شاشة الفراعين تحديدا عبر
البرنامج الذي شاهدته فجر الإربعاء الماضي فالرجل عرض ما قال أنها تسجيلات
موثقة لجرائم الأخوان المسلمين.
عند التدقيق فوجئت بأن عكاشه أفندي
يعيد نشر لقطات رأيتها بعيني في فضائية رامي مخلوف وإسمها دنيا حول جرائم
الأخوان المسلمين حيث تظهر جثث ملقاة على الأرض لأشخاص مجهولين ودماء مع
عنوان عريض على الشاشة على طريقة الإعلام التلقيني دون أي دليل مهني من أي
نوع ومهما كان بسيطا يدلل على المجرمين .. لا إعترافات ولا تسجيلات ولا
شهود ولا وثيقة ولا اي شيء يثبت لك كمشاهد بأن المجرم أخ مسلم .. جثث
ودماء فقط.
المضحك أكثر أدلة عكاشه على جرائم الأخوان المسلمين في قطاع
غزة وهي عبارة عن تظاهرات لحركة حماس أعقبتها إستعراضات للذراع العسكري
ولقطات إطلاق الصواريخ على إسرائيل .. ما الذي يريد عكاشه قوله؟.. إذا لم
يحمل عناصر حماس سلاحا في غزة المحتلة ماذا سيحملون؟.. حمامة سلام وغصن
زيتون أم صورة لحسني مبارك أم معلبات بطاطا شيبس المصرية المقرمشة التي
يدفع تذوقها أهل الحي والشارع للرقص العلني كما يظهر في جولة دعائية
متواصلة تبثها قناة كوميدي المصرية؟.
أما دليل عكاشة المتلفز على
الإنحراف السياسي لمرشح الرئاسة حمدين صباحي فهو لقطات من فيلم مسجل عام
1994 بثه تلفزيون حكومة العراق لخطاب أمام الرئيس الراحل صدام حسين.

صدام حسين وحمدين صباحي
..
دققت بإهتمام بما يقوله صباحي في هذا الخطاب لعلي أجد ولو إنحرافا واحدا
وكل ما سمعته عبارات ناصرية قومية محترمة مع العراق وضد إسرائيل
والصهيونية والتطبيع وأطماع إيران ومع القدس ولم أسمع إطلاقا في الدليل
الكرتوني المتهافت ولو عبارة تزلف واحدة من النوع الذي كان يصرف لصدام
حسين أيام العز رحمه ألله.
والرجل أقصد صباحي - تقدم بخطاب سياسي يخلو
من التزلف وتحدث بروح قومية وتوعد أعداء الأمة وخلال عرض الشريط كانت
السذاجة تندلق على الشاشة وتصل رطوبتها إلى أذني كمشاهد عندما يدخل المخرج
عبارة ما بعد كل فقرة من خطاب صباحي من طراز (..ها هو صباحي يمتدح
الديكتاتور صدام حسين) .. أو (لاحظوا كيف يقارن صباحي صدام حسين بالزعيم
الخالد جمال عبد الناصر).
برأيي الشخصي وبإختصار ما شاهدته على الأقل
في تلك الأمسية هو بحد ذاته جريمة ضد الإنسانية والمهنية والذوق الفني ..
طبعا هي جريمة لصالح الفلول فقد ختم عكاشه مسرحيته بخطاب لأحمد شفيق يريد
أن يقنعني فيه ببساطة بأن شهداء موقعة الجمل سقطوا بيد قناصة ملتحين
ينتمون للأخوان المسلمين مع أني أذكر بوضوح شفيق عندما كان رئيسا للوزراء
وهو يعد بمتابعة تحقيقات لجنة داخلية معترفا بأخطاء إطلاق الرصاص على
الناس في ميدان التحرير.

جر المخيمات للحراك

ساعات قليلة
فقط فصلت بين مغادرة زعيم الأخوان المسلمين في الأردن الدكتور همام سعيد
للمستشفى إثر أزمة صحية ألمت به وبين رؤية البعض له برفقة الشيخ حمزة
منصور على شاشات الأخبار وتحديدا بي بي سي العربي والجزيرة في صدارة أول
نشاط جماهيري سياسي يقام منذ بدأ الربيع العربي تحت عنوان سياسي داخل
أروقة أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قلب العاصمة عمان.
الرسالة
هنا سياسية بإمتياز ومغرقة في الحساسية فالأخوان المسلمين يقولون ضمنيا
للسلطات بأنهم مستعدون لتجاوز خط أحمر يقرره الجميع ضمنيا عبر تنظيم
فعاليات سياسية في أوساط اللاجئين والمخيمات وهي خطوة قاومها بشراسة طوال
عام ونصف من الحراك قادة المخيمات ونشطاء العمل السياسي فيها.
حتى
الحراكيون في أطراف الثقل العشائري الأردني كانو يفضلون أن لا تشارك
المخيمات في حراك له مطالب سياسية وأهالي مخيم البقعة مثلا وهو أكبر مخيم
للاجئين في العالم عمليا قالوا علنا وعدة مرات بأن اللاجئ الفلسطيني يخرج
للشارع في الأردن وغيره فقط من أجل فلسطين لكن رفع الأسعار مكن الإسلاميين
من تنظيم البروفة الأولى في مخيم الحسين بقلب عمان وسط غابة من كاميرات
الفضائيات ردا فيما يبدو على الإجتهادات التي تقول بأن مشاكلهم الداخلية
تدفع بإتجاه الإنشقاق أو أنهم غادروا موقع الصدارة بأمر من التنظيم الدولي
حتى تنتهي معركة محمد مرسي في مصر.
.. إذا يقول الإسلاميون للنظام
ولأول مرة: إستعد سنحاول إزعاجك عبر العبث بمعادلة الأغلبية الصامتة
وتنظيم نشاطات في بؤر الوسط الفلسطيني .. هذه برأيي الشخصي مجازفة قد ينتج
عنها عدة إحتمالات قد لا تكون كلها سارة خصوصا للحراك لكن الأخوان
المسلمين يحاولون كالعادة إظهار مهاراتهم وتحسين موقعهم التفاوضي وهذا
حقهم بكل الأحوال.

النظام في خطر

أعجبتني طريقة الزميل
الصحفي الأردني المغترب عن وطنه وفي وطنه باسل الرفايعة في تشخيص أزمة
النظام فقد قرأ الرجل الأزمة على شاشة تلفزيون الحكومة قائلا: النظام
الأردني في خطر، ويمكن لأي مواطن يدفع عربة الكعك والزعتر صباحاً ان يلاحظ
ذلك بسهولة، وخصوصا إذا صادف مسيرة ولاء في شارع، أو انصت إلى اذاعة
حجرية، تبثّ من ستينيّات القرن الماضي، أو جلس أمام التلفزيون الأردني،
يستمع الى الأخبار والأهازيج المحزنة.
صاحبنا إذا وهو شاعر معروف
بالمناسبة ضل طريقه نحو الصحافة فأبدع فيها قبل الرحيل والمغادرة يعتبر ما
يعرضه لنا تلفزيون الحكومة على أنه أناشيد وأغنيات وطنية تدفع للحماسة
مجرد أهازيج محزنة وأشاركه في الواقع هذه القناعة فقد أبلغني شاعر البلاط
الوزير المثقف حيدر محمود يوما بأن الأغنيات التي يعذبوننا بواسطتها عبر
الشاشة تعاني من (الهزال) في كل شيء.. الكلمة واللحن وحتى الإخراج، والرجل
لا يلام في الواقع بعدما سادت نمطية الأغاني التي تقول (ويلك ياللي
تعادينا يا ويلك ويل) والويل هو واد سحيق في جهنم لا يقصده بالتأكيد
المطرب (الممغوص) الذي يظهر وهو يتلوى أثناء إطلاق تحذيراته أو تلك
المؤدية الصهباء التي ترتدي زيا تقليديا ثم تتوعد الأعداء بالويل وتختم
وصلتها الإنشادية بزعيق على شكل صفارة إنذار حتى يكتسي الوعيد والتهديد في
الأغنية طبعا- طابعا جديا ... إنها فعلا نمطية محزنة .. صدق الرفايعة