سروال الختيار الدمشقي وشنطة (جدو عرفات) على الهواء مباشرة والعربية ضد تسونامي الأخوان


بسام البدارين































إلتقاط
وتحليل ما هو جوهري في أداء محطة العربية الإخباري يثبت بوضوح بأن تسونامي
المد الأخواني الذي إجتاح مؤسسة الرئاسة في مصر (غير مرحب به) إطلاقا على
أسوار النادي الخليجي وتحديدا آمر هذا النادي وقائده الممثل بالمملكة
العربية السعودية.
العربية لا تبث أي لقطات من أي نوع في عمق الأخبار
والتقارير تظهر الطابع الإنساني والإجتماعي والشعبي للرئيس المصري الجديد
فبالنسبة للزملاء في العربية وخلافا للجزيرة وبي بي سي العربي لم يصل محمد
مرسي في الأزهر ولم يخطب وسط الميدان ولا يحرص على أداء صلاة الفجر جماعة
او على التخلص من حرس الرئاسة وكأنه لم يدل بخطابه الشهير ثلاثي الأبعاد .
وبالنسبة
للزملاء في العربية الجزء الأهم في مسلسل الأخوان المسلمين في مصر هو ذلك
المتعلق بخوف الناس من إستئثارهم بالسلطة أو بإحتمالات فشلهم أو بمخاسر
الإقتصاد المصري المتوقعة أما قصة الصندوق والإنتخابات والإرادة الشعبية
الحرة وكرامة الإنسان المصري فلا مكان لها في حزمة برامج العربية ولا في
لهجة مذيعيها مع أنها مفردات وعبارات تذكر بقوة ودوما عندما يتعلق الأمر
بالمواطن السوري مثلا.
طبعا حظيت تصريحات ضاحي خلفان الشهيرة ضد
الأخوان المسلمين بتغطية واسعة على شريط العربية الإخباري وإستضافت المحطة
محللين يشككون بمرسي والأخوان المسلمين معا والبحث المتعمق في أداء
الإعلام الفضائي الخليجي يشير إلى أن رسائل مرسي حول (منع تصدير الثورة)
لم تصل لمبتغاها الخليجي ولم تدفع الأشقاء للإسترخاء .
ووفقا لمعلومات
صديق موثوق تستعد فضائيات الخليج لحزمة من الحملات والبرامج التي تخطط
لتقديم إثباتات للشعب المصري على وقوعه بالخطأ الفادح عندما صوت لمرسي.
سننتظر هذه المحاولات لكن أخشى أن تحقق أثرا عكسيا بأن يتحول نصف الشعب المصري الذي إنتخب شفيق لصالح مرسي إذا شاهد فضائيات الخليج .

أين الشرفاء؟

إتفق
العاهل الأردني تماما في إطلالته الأخيرة على تلفزيون بلاده مع كل
التحليلات المنصفة التي تفسر مبررات الإعتراض وحراك الشارع في بلاده ..
تحدث الرجل عن ضعف مصداقية مؤسسات القرار لدى الجمهور وعن الفقر والضائقة
الإقتصادية والبطالة بإعتبارها مغذيات للحراك وأيد الملك بوضوح مضامين
رسائل الحراك الشعبي ولم يعترض عليها وقدم رؤية إصلاحية متقدمة على كل
الحكومات التي تشكلت في السنوات العشر الأخيرة.
.. المقدمة السابقة
هدفها ضم صوتي إلى صوت الزميل فهد الخيطان وهو يسأل: ما دام القصر الملكي
يطرح هذه الرؤيا الواضحة للمشهد متفقا مع غالبية الناس فلماذا لا يتغير
الواقع؟.. ما نسمعه في الأردن لا زال مختلفا بل متعاكسا أحيانا وتماما مع
الأفعال؟
.. أحدهم على صفحة فيس بوك شاهد مقابلة الملك وأعجبه الرأي
الذي يلفت إنتباه الناس إلى وجود آلاف الشرفاء من الأردنيين الذين يخدمون
في الدولة مقابل بضعة لصوص وفاسدين خذلوا الجميع ولا يبنغي التركيز عليهم .
صاحبنا
قال باللهجة العامية : طيب.. نفسي أعرف ليش اللي بنشوفهم في المواقع هم
الأقلية من اللصوص والفاسدين ما دام عنا أكثرية شرفاء؟... وين الشرفاء؟
..
حقيقة هذا سؤال مهم عبر الإحابة بوطنية ومسؤولية عليه يمكن تشخيص وحل
غالبية المشكلات الأردنية وقد قالها الزميل حلمي الأسمر يوما: ثمة شيء
يحصل في البيروقراطية وتحديدا في المسافة الفاصلة ما بين التوجيه بإصلاح
الموقف والعمل فعلا على إصلاحه وهذا الشيء المجهول يصنع الفارق بين
النظرية والتطبيق وبين الأقوال والأفعال والأهم يفسد كل شيء .
المضحك
أكثر كيف ينتهي الأمر بأن يتهم كبار المسؤولين السابقين بعضهم البعض
بالإختلاس والسرقة فقد شهد أحد الجنرالات في المحكمة على جنرال أخر فما
كان من الأخر إلا أن تقدم بشكوى قضائية ضد الأول يتهمه فيها بالإختلاس
بعدما قدم وزير داخلية سابق إفادة يقول فيها أنه سلم أحدهم مبلغا بقيمة
ربع مليون دينار من خزنة الوزارة وبدون وصل وأوراق ... تخيلوا بدون دفاتر
وإيصالات محاسبية حسب الأصول ثم يسأل النظام: لماذا ينزل الناس إلى الشارع؟

سروال عرفات الداخلي

مستودع
ذكريات متكاملة بعضها حزين وبعضها ناعم كالطيف تثيره اللقطات التي بثتها
الجزيرة لعلماء سويسريون وهم يعبثون بالمتعلقات الشخصية للرئيس الفلسطيني
الراحل والمغدور ياسر عرفات.
وهي متعلقات وجدوها في حقيبة سوداء أفرجت
عنها فجأة السيدة سهى عرفات وسلمتها للجزيرة وعبرها إكتشف العالم بأن
(الختيار) الذي كان دوما أبرز الأرقام الصعبة في تاريخ المنطقة مات مسموما
وتحديدا بمادة بولوتونيوم.
سأتجاوز السؤال الذي يطرحه كثيرون: لماذا
أفرجت سهى عن الشنطة إياها الآن وبعد ثماني سنوات؟.. لها بالتأكيد أسبابها
وهذه الأسباب على الأرجح تتعلق بصراعات لا نعلمها بالكواليس بينها وبين
ورثة كرسي عرفات ومن سرقوا أمواله وأموال المنظمة التي دفنت أسرارها معه.
لا
تريحني كثيرا خطوات التنبيش بتراث عرفات وملفاته بعد هذه السنوات ولست
ساذجا لأعتبرها بريئة وهي سياسة بدأتها العربية بالحديث الشهير لمحمد رشيد
وأكملتها الجزيرة بالبرنامج الذي تحتفل به منذ أكثر من أسبوع وبمعدل خمس
مرات يوميا على الأقل.
ما يريحني هو التحدث حصريا عن شنطة عرفات وما فيها من أغراض شخصية تكشف في الواقع مستوى عظمة الرجل الراحل.
أولا
الطاقية وأقصد تلك المخصصة للنوم والبيت وليس قبعة الفرو الشهيرة والتي
إلتقط الخبراء منها 23 شعرة من شعر عرفات لم تكف إلا لإختبار سموم واحد ..
إنها حصريا طاقية جدي محمود رحمه الله .. نفس الألوان التي تصلح لأغطية
الشبابيك وليس لتغطية الرأس ونفس الصوف الملون البائس ونفس الطاقية التي
يمكنك رصدها على رؤوس القوم عندما تعبر في كل الأحياء الشعبية في عمان.
يعني ذلك أن عرفات كان يرتدي تلك الطاقية المتواضعة جدا التي تغطي الرأس في الواقع ولا تغطي ما في داخل الرأس.
أما
السروال الداخلي فحدث ولا حرج .. جولة واحدة في الشارع الذي نقطن فيه
ستؤدي لإكتشاف نفس السروال الداخلي القطني معلق بكثافة على حبال الغسيل
فسعره لا يزيد عن نصف دينار أردني والقوم يحضرونه بالدزينة من دمشق كلما
زار أحد الجيران سورية قبل الثورة فهو الهدية المفضلة والرخيصة والمفرحة
للجميع التي يتداولها فقراء الأردن ببساطة .
جلست سابقا مع سياسيين
يفترض أنهم قادة لم يصلوا لركبة عرفات في المجد والتاريخ وكنت أشعر
بالصدمة من أسعار السراويل الداخلية التي يحرص هؤلاء على شرائها من أوروبا
وفي كل مرة كنت أقول: سروال فلان الفلاني يستطيع تدبير حفلة شواء لأولاد
الحارة كلهم.
حتى الحقيبة نفسها التي حملتها الجزيرة إلى سويسرا من
النوع الرخيص جدا وأذكر أن زوجتي تحتج عندما أصر على حمل مثلها وأغراض
القائد الرمز وختيار الشعب الفلسطيني بسيطة جدا وإلى درجة جارحة في الواقع.
لكن هذه الأغراض البسيطة كشفت لنا عبر العلم الحديث سرا كنا نؤمن به
فالتخلص من عرفات تطلب عملية نوعية جدا قوامها بلوتونيوم وعشرات المتآمرين
الأوغاد حوله وفي محيطه العربي والدولي.. إنه بإختصار إستشهاد يليق برقم
صعب وزعيم يرتدي سروالا داخليا ثمنه لا يزيد عن دولار يحضره القوم بالعادة
من عند بشار الأسد .. قتل عرفات لأسباب يعرفها الجميع والسؤال هو: كيف مات
وسيموت الآخرون؟

مدير مكتب 'القدس العربي' في عمّان