** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 مراكش، مدينة بلا قلب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
free men
فريق العمـــــل *****
free men


التوقيع : رئيس ومنسق القسم الفكري

عدد الرسائل : 1500

الموقع : center d enfer
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 6

مراكش، مدينة بلا قلب Empty
03112011
مُساهمةمراكش، مدينة بلا قلب

مراكش، مدينة بلا قلب Arton7788-89075
لندع جانبا خطابات التضليل ومهدّئات ثقافة الاستهلاك. لنخرج قليلا من
سرنمة إيحاءات فنادق الخمس نجوم وملاعب الغولف والمنتجعات السياحية…،
فمراكش تفقد غناها كلّ يوم وتُستنزف مع كلّ العشاءات، هي ليست بتلك الوصلات
الإشهارية أو موائد الأكل التي تغمر الساحة الشهيرة فرحا وابتهاجا
بالقادمين. يتفكّه البعض، عن حظّ هذه المدينة، بحيث لم يكن بالوفرة
المأمولة. فلو خرج منها وزير قويّ للداخلية كما كان الحال مع ابن الشاوية
إدريس البصري لتغيّرت جغرافيتها ونبت لها بحر، مثل سطات تماما، كي يخفّف عن
ساكنتها وطأة حرّ الصيف ويجعل منها فضاء جديرا بالزيارة على الدوام، ثمّ
تحتفظ مراكش لنفسها بذات الوهج حتى مع بركان القيظ. في حين يرفض آخرون هذه
الرواية، ويقولون بأنّ مراكش جميلة.. هكذا بدون طراوة البحر. أيضا، البحر
يحتاجه فقط اليتامى، ونحن لسنا يتامى في مراكش.

لكنّ مراكش لم تعد أمّنا، فقدت عقلها وأضحت قطّة شرسة، تلتهم أبناءها
بتلذّذ واشتهاء. جسد ينتفخ فراغا وتشوّها، فاصطبغت ملامحها بقسوة جلد
الذات، ولم لا، السادية. أهي راضية عن نفسها؟ أخيرا، اقتطعت قدرها من أقدار
وحوش النيولبيرالية ومجريات الأسواق السوداء وميركانتيلية النخاسة ثمّ
مروّضي العبيد ومحترفي شتّى توسّلات القوادة، التي جعلت لغة القرش وسمك
القرش صنما للقبيلة ومزارا للساكنة.

هكذا، التزمت مراكش مع كلّ صبيحة بقبح وبؤس بشريّين. لم تعد رؤوفة رحيمة.
الفقر، يفتك فتكا بهؤلاء المحاصرين داخل جحور أسوارها إلى إشعار ما بعد
قيامة الربّ. ظفر، الكولونيالية الجديدة، وقد أدركت جيّدا بأنّ حرب
الكلاشينكوف خسائرها فادحة، وغالبا ما تنتهي لصالح الضعفاء، فتبنّت تكتيكا
مغايرا يقوم على الاختراق والتدجين والتذويب. وقد أعطى ذلك بالفعل أكله
وبسرعة قياسية.

جاء على لسان أحد المراكشيين والأسى يتطاير من عينيه : ((لم تجد هذه
المدينة خيرا في أهلها، فكيف بالقادمين الغرباء؟ المافيات المتعاقبة على
مجالسها التسييرية، أتت عناصرها على الأخضر واليابس، شرّدوا العباد وقصموا
ظهر البلاد، ثم صاروا بقدرة قادر أسيادا ورموزا ومرجعيات. إنّها مهزلة
حقيقية! لو ضمّتنا فعلا دولة للحقّ والقانون والمحاسبة والعقاب، كما يصدح
بذلك صاحب النشرات الإخبارية، سيكون من باب إحقاق الحقّ الرمي بهؤلاء
الأوغاد السفلة في ظلمة كوميسارية درب مولاي الشريف، بدلا من صفوة شباب
المغرب الذي قبع هناك لسنوات ظلما وعدوانا، فيردّوا ما سرقوه من نعمة إلى
أصحابها ويذوقوا مرارة الحرمان مثلما زرعوه في فضاءات مراكش)). قهقه الرجل،
وقهقهنا معه جميعا. نعم، هي أشياء كثيرة.

كم ذرفنا من دموع داخل القاعات السينمائية لأحيائنا القديمة !! ونحن
نكتشف لأوّل مرّة هول الاستغلال الذي يعانيه أطفال بومباي ونيودلهي مع وجود
تلك الفوارق الطبقية الشاسعة، حيث خزائن الغنى الفاحش، تحاذيها دور الصفيح
وجحور للمتسكّعين والمشرّدين بسبب نظام اجتماعيّ قاس جدّا ينتصر لملاك
الثروة، ويحوّل الفقير إلى منبوذ. هي الوقائع عينها، تشعّ بها مراكش على
كلّ العالم، حاضرة كوسمبولوتية، تطوي بفظاعة تناقضاتها. فلتهدأ حماسة
البعيدين، الذين سيتوهّمون من احتدام التسويق الإعلامي الأبله، بأنّ مراكش
قد ارتقت إلى عجائب الدنيا السبع، فأينما ولّيت وجهك، ثمّة المال والجنس
والغناء والحدائق الخلابة والمياه العذبة الصافية والجمال والأمن
والطمأنينة…؟ فيعتقد السامع أو عابر السبيل، بأنّ المراكشيين يغرقون في
النعمة إلى آذانهم، ولا تنقصهم سوى تهيئة قوافل الرخاء إلى الجيران. نفس
الصورة تنطبق مثلا على مغاربة ولدوا في بلد أوروبي، ولا يعرفون عن بلدهم
الأصلي شيئا، إلا ما يصلهم عبر البرامج التلفزية التي تبثّها الفضائيات
المغربية، حيث الجميع يمرح ويلهو! بمشاريع الخير والنماء، مما سيخلق لدى
هؤلاء شعورا بأنّ المغرب جنّة عدن. لكن هيهات! فليس من عاش، كمن سمع.

باعتباري واحدا من أبنائها، فلا تهمّني مراكش السيارات الرياضية الفارهة،
والتباهي بأكبر المراقص الموجودة في إفريقيا، أو هذا النجم الكرويّ وذاك
السينمائي ومعهما تلك الهوليودية الشقراء، جميعهم اختلطت لديهم الحواسّ
جرّاء سحر الحمراء وغروب شمسها، وأن جامع الفنا أشهر من نار على علم، ثمّ
آخر صيحات المراكز التجارية والعمارات الشاهقة التي تعانق السماء مبتهجة
بتبييض أموالها…، هي مساحيق زائلة لا تصنع إنسانا ولا تهذّب روح شعب، بل
زيادة على ذلك وهو الأخطر، فإنّها تخفي وتضلّل حقيقة تاريخ بأكمله، ينقرض
بوجع صامت، مراكش التي يفتك بأهلها الأصلاء عوزٌ قاتلٌ، واندثارٌ مقفرٌ
للمؤسّسات التي بوسعها حقّا خدمة الصالح العامّ وتوفير أسباب الرخاء
الاقتصادي والمجتمعي، ثم تجذير لبنات الغنى الثقافي لأهلها، خاصة شبابها
الذي أبادته العطالة والحاجة، دون رحمة. أين نحن من المستشفيات؟ المصانع؟
الجامعات؟ الأكاديميات العلمية والفنية؟ متى تطمئن مراكش إلى أجهزة
تدبيرية، ينهض بأعبائها أناس أكفاء، يحكمهم وازع الوطنية الصادقة، يجعلون
حقّا مراكش مدينة عالمية، بمنطق صيرورة التاريخ الأممي والحضاري، حينئذ
سنتباهى بها على منوال باريس، طوكيو، برلين، لندن ومدريد…، وليس مجرّد
حديقة خلفية تنتمي للإرث الإفريقي، دورها إشباع رغبات مكبوتي أوروبا
ومهمّشيها، الذين يمكرون من الجميع بحفنة نقود.

رافدان يتقاسمان آنيا مصير مراكش. مسار فوضوي، غير متحكم فيه أو على
الأقل يبدو عاريا ومتجرّدا من كلّ همّ سياسيّ ومجتمعيّ، غايته تثبيت نماذج
فوقية زائفة، جعل منها فقط بوتقة لإفرازات العولمة بكل سلبياتها وسياقاتها
المدمّرة، موضعت مراكش ضمن آفاق السطحية والبلادة حتى. بالتالي، اجتثّت
جوهريا المنظورات الخلاقة، التي ستحقّق لهذه المدينة التاريخية انسجامها
المطلق مع ذاتها عوض الانمساخ الكافكاوي كما يسربلها حاليا. أمّا الرافد
الثاني، فيعتبر نتاجا طبيعيا للأنساق التي تأتّت مع الأوّل. ذلك أنّ انعدام
بنيات واقع عقلانيّ ومتحرّر، أنتج في المقابل منظومات القهر واستغلال بشع
يكابده المراكشيون مع يوميات الرداءة في ظلّ اقتصاد هشّ جدّا، زاد من فاقته
الهجرات القروية المتتالية نحو مراكش منذ الثمانينات مع تأثّر بادية الحوز
بسنوات الجفاف التي أهلكت الحرث والنسل، قياسا أيضا إلى الاختيارات
الرسمية اللاشعبية التي جعلت البادية مجرّد خزّان كاريكاتوري لفولكلور
وُظّف إيديولوجيا، حسب الأهواء والأمزجة. يُفترض، في مراكش بناء على حجمها
الإعلامي، أن تكون قطبا اقتصاديا ومعرفيا ضخما، ينتج الثروة والقيم ونموذجا
يحتذى، بخصوص ترتيب أوضاع الدولة المغربية. لكن يكفيك، القيام بجولة سريعة
في بعض أزقة الحمراء، لتتمثّل جيّدا مآل مدينة خانها حظها، بل ربّما ثقافة
الانسحاب والقدرية المترسخة في لاوعي أهلها : أشخاص يسدّون بالكاد رمقهم
بدفن رؤوسهم وسط صناديق القمامة، فتية صغار في سنّ المدرسة يتسوّلون على
طريقة أطفال الهند، البرازيل، المكسيك، الأرجنتين وكولومبيا…، صغيرات
يتعقّبن بزخم حواسهنّ سيارات بارونات الدم البشريّ طمعا في رغد العيش وما
لذّ وطاب من جولات المطاعم والفنادق، العنف والجريمة مقابل أيّ شيء،
سياسيون فاسدون ومفسدون حتى النخاع قد يتنكّرون لأمّهاتهم في سبيل المال،
لصوص ولصوص ألقوا بمراكش إلى جحيم شبكات لانهائية من المصالح والولاءات،
تعيق لا نهائيا تشكلات المجتمع المدني.

أذكر فيما أذكر، وأنا طفل، تلك الليلة من سنة 1984 حين تحلّقت الأسرة حول
تلفزيون البيت، كي تتابع خطاب الملك الحسن الثاني، الذي بدا غاضبا جدّا
وهو ينعت المراكشيين بالأوباش، لأنهم انتفضوا بقوّة ضدّ الجوع والتفقير.
اتّجهت كلّ تأويلاتنا حينها، على أننا سنستيقظ صباحا وقد اختفت مراكش من
الخريطة. على أيّة حال، صار الحيّ الذي كنت أقطنه، ثكنة عسكرية متحرّكة،
وعسكريّ مسلّح لكلّ منزل، فأبسط إيماءة منك، ستؤدّي لا محالة إلى اقتلاعك
من الأرض. ثم، في علاقتنا بالمغرب "النافع" و"الصالح"، خرجت مراكش لفترات
طويلة من إطار "الرضا المخزني"، واختزلت ذاتها إلى ذكرى ملعونة تلاحق كلّ
مريدي المدينة وحماتها…

انطلاقا، من العلاقة المفصلية بين نموّ الواقع المادي، ثم التطور النوعي
لأشكال الوعي بالعالم، فإنّ منظومات الزيف والاستلاب تخلق بالضرورة، ذوات
تائهة بل مهشّمة، غير قادرة على تبيّن نقط الضوء الجديرة باستكشاف ماهياتها
الوجودية. معادلة أفقدت مراكش قلبها وروحها في الآن ذاته، فماذا أنت فاعلة
بنفسك غدا؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مراكش، مدينة بلا قلب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مراكش، مدينة بلا قلب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» عقل مراكش في فُستان إيـڤ سان لوران
» الدجاج في مراكش لا يغسل رجليه!
»  أئمة مراكش ينضمون إلى حركة 20 فبراير
» مواجهات في مراكش والمسيرات فاقت 200 ألف احمد نجيم
» ستراوس-كان صاحب "قصر الشريفة": مراكش هي قاعدتي الخلفية

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: