المنهج التفكيكيالمنهج التفكيكي
التفكيكية من حيث النشأة جاءت على انقاض البنيوية في
اوائل التسعينات من القرن الماضي فهي بهدا المعنى امتداد للبنيوية و هدم
لها في الوقت ذاته
و تمثل التفكيكية جانبا مخيفا من جوانب فوضى النقد
المعاصر , حيث شبهها بعض المعارضين لها بانها كرنفال تخضع الحياة لقوانينها
فقط ولا حياة خارج الكرنفال .
و ما من شك في ان ظهور التفكيكية مرتبط بظروف سياسية و اجتماعية و اقتصادية مرت بها الحياة الغربية في هده الحقبة التاريخية
و لعل قراءة سريعة في فكر جاك دريدا ستضيء الطريق امام
القارئ لاستكناه معالم هده المدرسة و فك رموزها الغامضة , فدريدا يمثل حالة
ثقافية شربت الفلسفة الغربية من افلاطون حتى العصور الحديثة .
و خلاصة الرؤية الفلسفية التي ولدت النظرية التفكيكية هي
تلك الاراء المناهضة للعقلانية الميثالية و القيم النفعية الاخلاقية بل ان
دريدا تمادى به الحد الى محاولة تقويض العقل الغربي نفسه في آلياته
الاساسية , فالتفكيك كما يراه دريدا نقد لاديولوجيا التمركز الغربي حول
الذات و من هنا فقد اعتبر دريدا التقافة الغربية متمركزة حول العقل و الصوت
و الذات المطمئنة لذاتها .
لقد جاء التفكيك ليزيل نظرية التمركز و المطلق و يستبدلها بالنسبية و التشظي و التشتت و انعدام اليقين المتمثل في نقد التوابث .
اما النقد التفكيكي فيمكن اعتباره مقاربة فلسفية للنصوص
اكثر منه مقاربة ادبية او يمكن اعتباره منهجا في القراءة او اتجاها من
اتجاهات التلقي , و يعطي اهمية للقارئ .
ان نظرية التفكيك تهدف الى ايجاد تفسيرات لنصوص خاصة من
خلال قارئ ذو قدرات عالية ( القارئ النمودجي ) لان هدا النقد يقوم على الشك
الفلسفي القائم على رفض الثوابت و التقاليد و التفكيك بهدا المعنى تفكيك
لكل خطاب جاهز و احداث فرجة في حديث النص تسمح بخلخلته و كشف جذوره .
ان جوهر التفكيك كما يراه جاك دريدا هو غياب المركز
الثابت للنص بمعنى ان التفكيكية تقوم على فلسفة التشكيك في العلاقة بين
الدال و المدلول و هدا يعنى ان المعنى ليس معطى جاهز اي انه غير حاضر في
الاشارة اللغوية ( الدال )
و عند النظر في نصوص جاك دريدا نجدها نصوصا فلسفية غامضة
تتعدى التصنيف , و رغم هدا فدريدا يرفض اعتبار الفلسفة الوعاء المناسب
للعقل و المنطق و تفكيكية جاك تعمل على تقويض و تفكيك الفكرة السائدة حول
ميتافزيقيا الغرب التي تقول ان العقل يستطيع بشكل ما التخلص من اللغة .
و على عكس النقاد يرى دريدا ان لا حدود فاصلة بين لغة
الادب و كلام اللغة و ان تشكيلات الكلام بانواعها هي التي تنتج انواعا
مختلفة من التناقض الظاهري .
و في تناوله للاراء اللساني سوسير في اللغة يرى دريدا
ان الحضور الذاتي و التمركز الصوتي هما مكونات الميتافزيقيا الغربية التي
تعمل على تأكيد الطبيعة الاولوية للكلام , و يحاكم جاك دريدا هده المفاضلة
بين الكلام و الكتابة و التفكيكية مليئة بالمصطلحات الفلسفية الغامضة منها :
مصطلح الارجاء : و هو مصطلح ينشأ عن اختلاف الدوال و التداخل بينها .
مصطلح الانتشار : معناه ان المعنى بسبب غياب مركزية النص
و العلاقة اليقينية بين الدال و المدلول يبقى مؤجلا و مرجا و متناثرا و
منتشرا .
فكرة الكتابة : اكدت التفكيكية اهمية الكتابة و جعلتها
اهم من الصوت فالكتابة عند دريدا اهم من الصوت و هي البديل عن الكلام لان
هدا الكلام يحتكر سلطة الخطاب و اعطاء هده السلطة للمتكلم . اما الكتابة
فهي تمنح النص تفسيرات متعددة و تغيب المتكلم و تعطي المكانة للقارئ .
فكرة الحضور و الغياب : الدال في اللغة هو الذي يمتل (
الحضور ) بينما يمتل المدلول حالة ( الغياب ) و يكون دور القارئ هو استدعاء
هدا الغائب المتشكل في التصور الذهني . و ادا كانت التفكيكية تشكك في
العلاقة بين الدال و المدلول فان المعنى سيصبح في حالة غياب دائمة و لا
تستطيع اية قراءة ان تزعم انها سيطرت على المعنى ( بمعنى مركزية المعنى