سبينوزا فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1432
الموقع : العقل ولاشئ غير العقل تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..
من اقوالي تاريخ التسجيل : 18/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5
| | الممارسات المنهجية لمصطلح ما بعد البنيوية الممارسات المنهجية لمصطلح ما بعد البنيوية | |
الممارسات المنهجية لمصطلح ما بعد البنيويةالممارسات المنهجية لمصطلح ما بعد البنيوية بقلم الاستاذ الناقد د.محمد سالم سعد اللهnon_alshekh@yahoo.comتُعد المصطلحات التي تداخلت وتضايفت ، وتناصت مع مصطلح ( ما بعد البنيوية ) ، وكان لتداخلها أثرٌ في التحديد المنهجيَ لتوزيع المباحث الإجرائية لما بعد البنيوية ، تعدّ مرتكزات لسانية حيوية تقدم فرضيات الخطاب الغائي المجاوز بطبيعته الدلالية مستوى الخطاب البنيوي ، والجاري تبعاً لمعايير الطرح المنهجيَ الجديد مع المعطيات التقويمية ، والنقدية لمسار البنيوية الجدلي .ويمكن حصر هذه المصطلحات بأربعة ، هي :1. ما فوق البنيوية : Superstructuralism .2. ما بعد البنيوية :Postsructuralism .3. التفكيكيـــة :Deconstructuralism .4. اللابنيويــة : Antistructuralism .يشير المصطلح الأول ( Superstructuralism ) إلى إمكانية منح البنيوية إطاراً موسوعياً ، باعتبار ما سيكون ، وليس باعتبار ما هو كائن ، أي بِعدَ الممارسات التي نهضت على أشلاء البنيوية ، صيغاً منهجيَة بعضها بعضاً ، وتشمل تلك الممارسات :(see: Superstructuralism: The philosophy of structuralism & post-structuralism , Richard Harland , Methuen , London . New-York , 1986.)1. البنيويـــة .2. ما بعد البنيوية .3. السيميائية .4. الصيغ المنهجيَة المتفرعة من الممارسات السابقة ، وتشمل صيغ : ( لاكان ، وألتوسير ، ودريدا ، وفوكو ، وبودريلارد ، وديلوز ، وبارت ) .والترجمـة التي يطمئِـن إليهـا البحـث لمصطلـح ( Superstructuralism) هي : ( مــا فوق البنيوية ) ، ( ترجمها ثائر ديب في كتاب بؤس البنيوية بـ( السوبر- بنيوية ) ، ينظر : بُؤس البنيوية: الأدب والنظرية البنيوية . دراسة فكرية ، ليونارد جاكسون ، ت : ثائر ديب ، سلسلة دراسات فكرية (68) ، منشورات وزارة الثقافة ، ط1 ، دمشق ، 2001م : 170 ) ، لأنَ المصطلـح السابـق تأتـى من مصطلح البنيـــة الفوقيـــة ( Superstructur ) الذي يشير إلى مجموعة تشكيلات اجتماعية اقتصادية مشروطة باختلاف أساليب الإنتاج المُحددة من قبل القِوى المُنتجة ، التي تشترط مطابقة علاقات الإنتاج لتوجهاتها ، والجامع للممارسات السابقة التي انضوت تحت مصطلح ( ما فوق البنيوية ) أنَها تنبثق من معالجات تتجاوز البنيوية لتجعل من الأبنية التحتية المرتبطة بالنص، والممثلة بـ ( اللاوعي ، الجنس ، المادة ، الصراع الطبقي ، المرجع ، الابستيم ، الاستهلاك ، اللذة ، الإله ، …. ) ، تجعل لها أولوية في الطرح ، والممارسة على الأبنية الفوقية للنص، والممثلة بـ ( النظام ، التركيب ، السياق ، اللغة ، العلامة ، الرمز ، الايقون ، …. ) .لقد منحت البنيوية الأبنية التحتية للنص مساحةً واسعةً ، بل مطلقة في ميدان الطرح والممارسة ، في حين أبعدت الأبنية الفوقية للنص وعدَتها ميتافيزيقيا عبثية تُسئ للنص اكثر من إفادتها له .ويُعدَ ( ريشارد هارلاند ) هو صاحب مصطلح ( ما فوق البنيوية ) حيث اطلقه لأول مرة عام ( 1987 ) ، وقصد منه تناول المعطيات المنهجية النقدية الحديثة بطريقة شاملة ، وذكر أنَ من اعلام هذا المصطلح : ( سوسير ، شترواس ، ياكوبسون ، بنفنسنت ، دريدا ، فوكو ، بارت ، كريستيفيا ، دولوز ، بودريلارد ، التوسير ) .ويشير هارلاند إلى أنَ مصطلح ( ما فوق البنيوية ) مرَ بتحولات منهجية عديدة : من اللاعلمية ( Antisciencism ) ، ومن تقديم تحليلات وتأويلات لفرويد ، وماركس إلى نقد طروحاتهما وإيجاد البديل ، ومن دراساتٍ في اللسانيات ، والصيغ الاجتماعية إلى دراسات تخصُصية ، ودقيقة في السلوك اللغوي والاجتماعي .وقد عدَ هارلاند المسار الفكري لمصطلح ( ما فوق البنيوية ) مُحدداً بمعطيات (سوسير ، ودوركايم ، وشتراوس ) ، أما المسار الفلسفي فقد تمثل بعدَِ مسلك ( ما فوق البنيوية ) فلسفةً تجريديةً تلتقي مع الفلسفة الميتافيزيقية ، وتتنافى مع كل من الفلسفة المثالية لهيجل ، وفلسفة الأنا الديكارتية .والمنهج الذي رسمه هارلاند لـ ( ما فوق البنيوية ) هو تمثل (الحقيقة الفلسفية المطلقة)، فضلاً عن إعادة تأهيل الديالكتيك الهيجلي ، والقيام بعمليات تطهير نقدية ، ومنهجية للطروحات البنيوية ، إذ يتم استثمار النتائج والبناء عليها .ويمكن القول أنَ هارلاند توجه إلى دراسة العلاقة وتطبيقاتها بين الفرد والبنية ، وحاول تقديم الحلول المعرفية لازاحة الأزمة الناشئة من تلك العلاقة جراء عدم الانسجام والتوافق بينهما ، لكنه ما لبث أنِ اعترف أنَِ منهج ما فوق البنيوية لم يكتسب وحدةً متجانسةً متماسكة، وأنَه ـ أي المنهج ـ لم يأت بنتائج مقبولة، ولم يدرك الحقيقة الفلسفية المطلقة .وليس ذلك حسب ، فقد اتجه هارلاند إلى مقارنة ( ما فوق البنيوية ) بفلسفة لوك التجريبية ، وبفلسفة التعالي الكانتية ، وبظاهراتية هوسرل ، وبالفلسفة الوضعية المنطقية ، ذاكراً أنَها جميعها لم تقدم الكليات المعرفية ، والنتائج العقلانية التي ترفع اللبس والحيرة ، وأنَها بوصفها منهجاً – أي ما فوق البنيوية - كانت تُمثل قصصاً ذا نهاياتٍ مفتوحةٍ غير محددة .ويذكر هارلاند أنَ فلسفة ( ما بعد البنيوية ) قد جمعت المتناقضات الفلسفية التقليدية وزادت عليها وضاعفتها ، وأنَ النتائج التي توصل إليها فوكو في كتابيه: (الكلمات والأشياء، وحفريات المعرفة) هي النتائج التي تبناها كل نقاد ما بعد البنيوية ، الذين أكدَوا الإشارات اللاجتماعية التي تتصف بخاصيتين : ( الأولى : أنَها إشارات متحركة متكاثرة ، الثانية : هي إشارات مادية محسوسـة ) .ويستخدم نقاد ما بعد البنيوية هذه الإشارات للتدليل على الممارسات الخارجة عن القوانيـن ، والأعراف ، والعادات ، والمؤسسات المتحررة من السلطات ، ويحدد هارلاند نقاد ما بعد البنيوية بـ ( دريدا ، فوكو ، بارت ، كريستيفيا ، دولوز ، جوتاري ، بودريلارد ).وقد جعل هارلاند مصطلح ( ما فوق البنيوية ) مصطلحاً واسعاً ، وشاملاً بحيث يغطي جميع الفعاليات المنهجية التي تُؤسس على الطرح البنيوي ، وبهذا جعل مصطلـــح ( ما بعد البنيوية ) تابعاً لمصطلح ( ما فوق البنيوية ) بل جزءاً منه ، ثم عمد إلى تحديد الصيغ المنهجية لما بعد البنيوية ممفصلاً إيَاها على معطيات أصحابها ، لا على معطيات مناهجها ، وليس ذلك فحسب ، إذ قسَم الطرق المنهجية لما بعد البنيوية على قسمين : (القسم الرئيس ، والقسم الثانوي)، يشمل القسم الرئيس معطيات جاك دريدا في ( اللغة ، ونظرية الكتابة ، وعلم الكتابة ) ، وميشيل فوكو في ( الجينالوجيا ) .أما القسم الثاني فيشمل معطيات جوليا كريستيفيا في ( النقد النسوي ) ، وجيل دولوز وفيلكيس جوتاري في ( التحليل النفسي ، والفلسفي ) ، وجان بورديــلارد في (التحليل السياسي والحداثوي ) .والذي يميل إليه البحث هنا هو القولُ بأنَ التوسعة في ميدان منهج ما بعد البنيوية قد لا يخدم الأُطر المعرفية التي تحاول ما بعد البنيوية تحجيمها ، فضلاً عن أنَ تلك التوسعة قد تُثير معالجاتٍ مختلفةً بطرق تكوين المفاهيم وصياغتها ، مما قد يقود إلى نتائج لا تتسم بالدقة النقدية ، وما وجده البحث عند هارلاند هو أشبه بلوحة فسيفساء متكاملة لا يمكن فهم إرسالياتها من دون إتقان أجزائها أولاً ، ثم تفعيل علاقة تلك الأجزاء مع بعضها البعض في حركة تصاعدية مستمرة ثانياً .ومع هذا فقد حاول هارلاند محاورة النصوص النقدية التي انبثقت من معطيات البنيوية في الحديث عن الأركان الأساس وهي : ( اللغة ، والكلام ، والدال ، والمدلول ، والعلامة ، والرمز ، والنظام ، والصوت ، …. ) ، فضلاً عن تسليمه بأنَ تلك النصوص تستند إلى فلسفة نسبية تسعى لاكتساب المطلق ، وتجنح نحو الحقيقة الفلسفية المطلقة ، وقد قدَم في هذا الإطار نقداً ذاتياً، وإصلاحاً داخلياً لمنهج ( ما فوق البنيوية ) ، جعله ينتقل من مستوى منهجيَ إلى مستوى منهجيَ أعمق وأشمل ، وكأنَ العملية المنهجيَة غدت عملية توالد مسـتمرة ، والهدف من ( ما فوق البنيوية ) ، هو الاكتشاف الدائم ، وتعرية التزييف الذي يتمتع به هذا المنهج أو ذلك .أما المصطلح الثاني ( Poststructuralism ) : ما بعد البنيوية فقد امتلك تحديدات عدَة، وتعريفات متنوعة ، وقد دخلت تلك الاختلافات الميدان السياسي قبل دخولها الميدان النقدي بين المدرسة الفرنسية ، والمدرسة الأمريكية ولهذا أسبابٌ عدَة سيأتي بيانها .إنَ القراءة النقدية لأُسس المتن الفلسفي لما بعد البنيوية تُحيل إلى تحليل المكونات المفاهيمية للمعالجات الفكرية في حل الأزمة الناشئة من تدهور واضمحلال البنيوية ، وبالرغم من التفاعل الحاصل ، والمنبثق من المعطى البنيوي ، ومعالجته للبنية واللغة من قبل المرحلة النقدية الجديدة ، فإنَ ما بعد البنيوية وجدت لها مكاناً متميزاً في الساحة النقدية العالمية ، لأن أفكارها قد اتسمت بالوصول إلى مرحلة النضج النقدي ، وفقاً لسلسلةٍ من التحولات النقديـة العالمية ابتدأت بـ ( موسكو ) ووصلت ( جنيف ) ، وحطَت بـ ( برلين ) ، وانتقلت إلى ( كوبنهاكن ) ، وتطورت في ( باريس ) ، واستقرت في ( واشنطن ) ، فقد تمخضت عن مجموعة ولادات في بنية النظام الثقافي الاجتماعي ، نظراً لان سلطات مرحلة ما بعد البنيويـة ، رفعت معدلات الرصيد النقدي ليتسلل إلى أنشطة مختلفة : ( السياسة ، الدين ، التعليم ، الاقتصاد ، الاجتماع ، الثقافة ، الأكاديمية ، …. ) .وبهذا نصَبت القدرة النقدية لما بعد البنيوية نفسها لمواجهة العوامل التي قد تُضعف من تقدمها ، أو تقلل من أهمية نتائجها ، وبذلك تشكلت منطقتُها لتشمل معظم الساحة النقدية العالمية امتداداً من أمريكا إلى اليابان ، في حين تُشكل رقعة المنهجيات الأخرى نسبة هشةً من الرصيد النقدي العالمي ، وقد أدى هذا إلى أن يكون المسار النقدي لما بعد البنيوية موازياً لشعار القطبية الأحادية ، والتفرد الأيديولوجي ، والقرصنة التحليلية التي وجدت لها البنية المُثلى في المدرسة الأمريكية النقدية .وقد مارست الاستراتيجية النقدية ما بعد البنيوية تناسبات عكسية بين انخفاض نسبـة الحضور الإنسانيّ ( Humanism ) ، وارتفاع نسبة النصية ( Textualism ) ، والخطابية Discourism ) ) في محاولةٍ للانضمام إلى إصلاحات هيكلية للتخلص من تركات البنيوية ، فبالرغم من قطبية ما بعد البنيوية إلا أنَ ناتجها الإجمالي الحالي لم يحقق بشكل مطلق الوحدة النقدية لاسباب عدة منها : اللاإتفاق على صحة معطياتها ، وارتباطها الكبير بالأيديولوجيا ، والتسيس المعرفي ، والتعرض للانتقادات من المدارس النقدية الكلاسيكية ، واليسارية المحافظة ، ولهذا بذلت ما بعد البنيوية – مُمثلة بنقادها – مساعي لتجاوز بعض الإشكاليات التي كانت سبباً في إعاقة عملها .وفي خضم تلك المداخلات المربِكة – نوعاً ما - جاء تحديد مصطلح ما بعد البنيوية أشبه بلقاءٍ غيرِ منظم ، لرسم دور حيويَ ، وفعال في نشاط ما ، ويتضح ذلك من خلال البون الشاسع بين تحديدات النقاد ، والمفكرين لهذا المصطلح .ويحدد ( مادان ساروب ) ما بعد البنيوية بمجموعة من أعلام النقد الحديث ، وهــم (دريدا ، فوكو ، ليوتار ، دولوز ، جوتاري ، هابرماس ) ، ويرى أنَ ما بعد البنيوية قد شاركت طروحات البنيوية في التحليل النقدي للتاريخانية ( Historyism ) ، والتحليل النقدي للدلالة ، والتحليل النقدي للفلسفة ، ثم امتازت ما بعد البنيوية بخصائص أهَلتها إلى قيادة النقد بعد مرحلة البنيوية ومن تلك الخصائص. ( ينظر : بعض التيارات فيما بعد البنيوية أو شجرة الأنساب اليتشوية ، ت : خميسي بو غرارة ، مجلة نزوى ، عُمان ، العدد 20 لسنة 1999 ) :1. زعزعة بنية اللغة ، وخلخلة الحصن المنيع لها ، لأنّها قوّضت وحدة العلاقة المستقرة بين الدال والمدلول .2. أكدت أنَ التجاوب بين النص والقارئ هو إنتاجية (porductional) ، بعد أن كان التجاوب عند البنيوية بين النص ونفسه .3. طال التحليل النقدي لما بعد البنيوية الميتافيزيقا ، ومفاهيم العلة ، والهوية ، والذات.4. استكشاف إمكانيات الشهوة ، وطاقاتها عبر الاستفادة من معطيات التحليل النفسي ، لأنّ تحليل ما بعد البنيوية تُهيمن عليه الدلالات الجنسية .5. خلقت ما بعد البنيوية مسافات توتر شديدة بين اللغة ، وعلاقتها بالإنتاج ، والآلة ، والشهوة ، والمادة ، والاستهلاك .6. تبنت ما بعد البنيوية جميع طروحات ( نيتشه ) في مسيرتها النقدية ، التي تتمثل بالعداء لفكرة النظام ، ورفض فكرة هيجل للتطور ، وانتقاد مسيرة التشابه ، والتطابق ، والدعوة إلى الاختلاف ، والاهتمام البالغ بالقدرات الخارقة للفرد وإمكانياته غير المحدودة .7. مناصبة العداء لكل أشكال النظرية السياسية ، والمعتقدات المختلفة التي أسهمت في تحجيم الممارسات الاجتماعية والتأثير عليها .أما ( جوناثان كُيلر ) فيحدد صيغة ما بعد البنيوية بوصفها إفرازات لبعض المفاهيم المُربكة التي تهتم حصراً بالتأويل ، وقد نتجت تلك المفاهيم من قراءة لحظة البنيوية ، وقد حدد كيلر إتجاهين لما بعد البنيوية هما :(See: Hermeneutics and poetics in the post-structuralist Era , Alif journal (Interpretation and Hermeneutics) , No . 8 , 1988 : 20)الأول : الأفكار الأساسية لفوكو ، ولاكان .الثاني : مفهوم ما بعد البنيوية هو قاعدة كاريكاتورية للبنيوية ، حاولت إيجاد صياغات جديدة في المسار النقدي التحليلي .في حين حدد ( هاراري ) المعطيات النقدية لما بعد البنيوية بمعطيات : ( رولان بارت ، وميشيل فوكو ، وجاك دريدا ، وبول دي مان ، وادوارد سعيد ، وميشيل سيدرس ، وجيرار جينيت، وميكائيل ريفاتير)(See: Textal Strategies : Perspectives in poststructualism criticism, Edited by : Josue V. Haravi , Cornell University press , Ithaca , Third printing , New-York , U.S.A , 1984).ويحدد ( رامان سلدن ) الموقف النقدي لما بعد البنيوية بمتابعة فاعلية الدال المتواصلة في تشكيل سلاسل وتيارات متقاطعة من المعنى مع دوال أخرى ، وقد اكتشف هذا الموقف الطبيعة غير الثابتة في عملية الدلالة ، فالعلامة ليست وحدة مجردة ، ذات وجهين إنَما هي تنوعات مهمة لصياغة نماذج معرفية للإنسانيات والعلوم الاجتماعية ، فضلاً عن تحديده - أي سلدن - ما بعد البنيوية بوصفها نظريات عدة شملت (بارت ، وجوليا ، ولاكان، ودريدا ، وفوكو ، وادوارد سعيد) ، وهذا التحديد لا يخرج كثيراً عن تحديد كاثرين بيلسي ، وريتشارد هارلاند ، وجون ستروك ، واديث كيرزويل ، وروبرت شولز ، وتيري ايكلتون ، وروبرت يونج ) ، فضلاً عن أنَ هناك من درس معطيات ما بعد البنيوية ضمن ما يعرف بنظريات الخطاب منطلقين من فكرة أنَ ما بعد البنيوية تستخدم الخطاب بدلاً من المنطق بوصفه المعيار الأساسي للمعنى . ( مقدمة في نظريات الخطاب ، ديان مكدونيل ، ت : عز الدين إسماعيل ، المكتبة الأكاديمية ، ط1 ، القاهرة ، 2001م ) .وأما المصطلح الثالث ( Deconstructuralism ) الذي يُترجم بـ( التفكيكية ) ، فقد كان تداخله المنهجي مع مصطلح ما بعد البنيوية كبيراً جداً ، بحيث يصعب الفصل الإجرائي بينهما، وهو اتجاه معظم النقاد المعاصرين ومنهم : ( كاريس وودن ، ديفيد هواي ، وفرانك ليتريكيا ، آيتين رايت ، وسوزان سليمان ، ووليم راي ، وسارة ميلس ، ولين بارس ، وسوا سبول ، وإلين ميلارد ، وليونارد جاكسون ، وتيموثي كراي ، وروجر جونس ، وكاثرين بين ، وريشيل ثومسون ، وماري كلاجيس ، وهانس كيلنر ، وروجر فولر.إنَ خيار مقاربة مصطلح ما بعد البنيوية لمصطلح التفكيكية هو خيار نقدي منهجيَ ، لانَ المتتبع لمسيرة تطور ما بعد البنيوية يجد تلازمها الكبير مع الطرح التفكيكي منذ بدايته ، فضلاً عن أنَ الممارسات النقدية لكليهما يصب في النبع ذاته .وتشير الدراسات النقدية إلى أنَ ظهور مصطلح ما بعد البنيوية قد تأتى من الأحداث المهمة التي جرت بعد ثورة ( مايو 1968 ) في باريس ، في حين أنَ البنيوية أُعلِن عن موتها ( رسمياً ) بعد محاضرة جاك دريدا عام : ( 1966 ) ، التي حملت عنوان : ( البنية ، العلامة، اللعب في خطاب العلوم الإنسانية ) ، وأصبح المصطلح الجديد الذي حلَ محل البنيوية هو ( التفكيك ) .فبعد عجز ما بعد البنيوية - بعد أحداث 1968 - عن تحطيم هياكل سلطة الدولة ، وجدت أنَ بإمكانها زعزعة بنية اللغة ، واتجهت إلى جعل الأنظمة الفكرية ، والاعتقادية نداً لها بوصفها - أي هذه الأنظمة - توجهات سياسية وتنظيمية تهدف إلى تحليل البنية الاجتماعية والتأثير عليها ، فضلاً عن محاولتها التهوين من الادعاءات العلمية والنقدية التي قدمتها البنيوية( ينظر : بعض التيارات فيما بعد البنيوية : 44 ) ، حيث مثلت البنيوية طريقةً فلسفيةً في الطرح والتناول أقصت فيها الفعل الإنساني وأخفت ذاته ، وتمركزت حول البنية بوصفها الملاذ الأخير لإنعاش الطرح النقدي ، بعدما أُثقِل بخارجيات النص ، وبذلك تعددت المناقشات ، والطروحات التي قدمتها ما بعد البنيوية من طرح فلسفي، إلى سياسي، إلى اجتماعي، إلى لغوي لاهوتي في نهاية المطاف.وبما أنَ ما بعد البنيوية قد نهضت على أشلاء البنيوية ، إلا أنَ الاختلافات بينهما كانت كبيرة على الصعيدين المنهجي والسياسي ، فالبنيوية فصلت الدال من المدلول ، في حين أنَ ما بعد البنيوية فصلت الدال عن المدلول ، والبنيوية اتخذت من مبدأ الثنائيات المتضادة (Binary opposition ) حداً لتوضيح المعقول واللامعقول ، والتمييز بين الحقيقة والزيف ، أما ما بعد البنيوية فقد اتخذت من مبدأ النقض والسلب والتقويض حداً لبيان آلياتها ، وبعد أن أقحمت البنيوية نفسهما في الميدان الفلسفي والسياسي ، شاءت ما بعد البنيوية الدخول إلى عالم السياسة بهدوء ، لتجنب المزالق الأيديولوجية التي قد تصيبها بالنكبة كما حصل للبنيوية عام ( 1968 ) .وبعد أن زودت البنيوية اليسار الفرنسي بنظرية سياسية شبه متكاملة ـ حسب كيرزويل في كتابه عصر البنيوية : 14 ـ جاءت ما بعد البنيوية محملة بمعطيات راديكالية يمينية ردت السياسة اليسارية الارثوذكسية وبيَنت اخفاقها وفشلها ، وبذلك عُدَ الانتقال من البنيوية إلى ما بعد البنيوية بمثابة الاستجابة لتلك التغيرات السياسية ، لأنّ البنيوية كانت مُخيّمة على جميع الأجواء في فرنسا (Literary theory : 148) .إنَ التحول من البنيوية إلى ما بعد البنيوية هو تحولٌ من مسار احتكار البنية ، إلى مسار ترويضها ، بمعنى الانتقال من البنية المُمركزة إلى البنية المُهمشة ، وقد قاد هذا التحول إلى المطالبة بإحلال العلمية الميكانيكية إلى نسبية فلسفية غامضة ، وإلى إحلال ( الخطاب ، والدال ، والنص ) محل المصطلحات التقليدية في الفلسفة ( الجوهر، المادة ، الهيولي ،… ) ومن ثم إحلال بعض الثيمات المتعلقة بالتعيين اللامتناهي الخاص بتعدد القراءات ، بحيث مثلت إزاحة المعاني والمراجع الثابتة ضرباً من التحرر الجنسي الفنتازي ، ونشاطاً بديلاً يقوم حين تستحيل الثورة السياسية ، أو لا يعود مرغوباً فيها ( بؤس البنيوية : 245 ) .وإذا كان الطرح التفكيكي وما بعد البنيوي واحداً ، فما هو الاختلاف بينهما ؟.يمكن القول أنَ الاختلاف بينهما هو اختلافٌ بيئي سياسي ، لا اختلاف منهجي وظيفـي ، لان مصطلح ( التفكيكية ) يُستخدم في أمريكا ، ويقابله مصطلح ( ما بعد البنيوية ) في فرنسا ، وقد أرادت المؤسسات الثقافية في هذه الأخيرة الاحتفاظ بكل ما يتصل بالموروث النقدي الفرنسي المتصل بالبنيوية ، فضلاً عن أنَ ولادة مصطلح ( ما بعد البنيوية ) كانت في الصُحف الفرنسية في بادئ الأمر ، ووُصفت بأنَها ردَ فعلٍ معقدٍ على إخفاق : ( المثالية الألمانية ، والماركسية ، وعلم الظواهر ، والتحليل النفسي ، والبنيوية الالسنية ) في فرنسا ( بؤس البنيوية : 229 ) ، وقد أطلق النقاد المتحررون من بنيويتهم على معطيات دريدا عام ( 1966 ) بأنَها معطيـات (ما بعد البنيوية)، في حين أطلق النقاد المتحررون من مدرسة النقد الجديد في أمريكا على تلك المعطيات بالنقد التفكيكي أو (التفكيكية ) .ولم يرد الفرنسيون تناسي التحولات المهمة التي أحدثتها البنيوية ، وتصارعها المعرفي مع الهيجلية ، والوجودية ، والظاهراتية ، والربط العضوي الجدلي بين الفلسفة الفرنسية ، والبنيوية الفرنسية ، وبهذا تمت في سياق تلك التطورات عمليات كبرى لاقصاء الإنسان ، وبناء فلسفة جديدة متحررة من الميتافيزيقا ، مُتكيفة مع توجهات الإنسان الأوربي الجديد في التطلع لاكتساب الحاضر ، والانطلاق إلى المستقبل ( بؤس البنيوية : 149 ) .وقد أشارت ( سوزان سليمان ) إلى أنَ مصطلح ما بعد البنيوية مناسبٌ تماماً لما حدث في فرنسا من تحولات واختراقات في جسد البنيوية ، وأنَ البنيوية وما بعدها وصلتا إلى الجامعات الأمريكية في وقت واحد ، بحيث لم يتسن للأمريكيين المنشغلين بـ( النقد الجديد ) استيعاب البنيوية قبل أن تحُل ما بعد البنيوية محلها ، وبسبب التشابه الكبير بين معطيات النقد الجديد والبنيوية ، لم يتقبل الأمريكيون البنيوية ، واتجهوا بشكل مباشر لتبني طرح ما بعد البنيوية لكن بصيغة قريبة من الفكر الأمريكي الحديث الذي اتجه إلى أنآه المتعاظمة ، وخصوصيته في كل الأصعدة ، وبهذا تقبل نقاد الجامعات الأمريكية طرح دريدا لما بعد البنيوية وأطلقوا عليه : (التفكيك) ، وفُسِح المجال لتطعيم النظرية الأمريكية ـ أو كما يحلو لبعضهم تسميتها : ( ألانجلو-ساكسونية أو ألانجلو-أمريكية ) ـ بالفكر الفلسفي الأوربي بأسره بدءاً من نيتشه ، إلى هوسرل ، إلى هايدجر ، وانتهاءً بدريدا ، وكانت نتيجة ذلك : الخلط الحاصل عند بعض المناهضين لدريدا في امريكا ، بين البنيوية وما بعدها ، وتبني (التفكيكية) ( ينظر : ما الذي يمكن للبنيوية أن تقدمه لنا ، في كتاب ما هو النقد : 78) .وانطلاقاً من طبيعة الفكر الأمريكي في استغلال إبداع الشعوب الأخرى ، حاول النقد الأمريكي الاستفادة من التحولات الاستراتيجية الحاصلة في فرنسا من إزاحة المنظومة البنيوية وإحلال منظومة ما بعد البنيوية محلها ، وذلك بإزاحة منظومة النقد الجديد المُهيمن على الوسط الثقافي الأمريكي وإحلال التفكيكية بوصفها المشروع الجديد الذي سيكشف القواعد التي تُبنى عليها الدوال ، ليتسنى له بعد ذلك التلاعب بها وتوجيهها إلى المعنى ( المُؤدلج ) ، والمُمثل للأشياء على أنَها انزياحات مستمرة لا نهائية لا ترتقي إلى صيغة الاستقرار ، وتبقى في حقله وحدات حرجة ذات معانٍ مُهشمة طبقاً لتعدد قراءاتها .ويمثل التفكيك في أمريكا مدرسة ييل التفكيكية ، التي تضم النقاد : ( بول دي مان ، وهيلس مُيللر ، وجوفري هارتمان ، وهارولد بلوم ) ، وقد عدَ هؤلاء ـ انطلاقاً من معطيات جاك دريدا ـ التفكيك ممارسةً سياسيةً في جوهره ، ونظاماً فكرياً محدداً ، وقوة نظامٍ كاملٍ من البُنى السياسية ، ولاحظوا أيضاً أنَ الاستخدام الأمريكي للتفكيك يعمل على الحفاظ على الانغلاق المؤسساتي الذي يخدم بدوره المصالح السياسية ، والاقتصادية المُهيمنة في المجتمع الأمريكي.وبهذا عُدَ التفكيك ( ألانجلو – أمريكي ) المرحلة الأخيرة من مرحلة الشك الليبرالي ، وعُدت كل النظريات ، والأيديولوجيات الملتزمة ، والخارجة عن ميدان الطرح التفكيكي بمثابة طروحات إرهابية متأصلة ، وتأتي الكتابة التفكيكية لترد عليها وتقوضها بوصفها ـ أي الكتابة ـ آخر مقاطعة غير مُستعمرة ويتم ذلك باستخدام اللعب الحرَ للغة (Literary theory : 147) .إنَ انبثاق مدرسة ييل الامريكية كانت بمثابة نوعٍ من التوازن النقدي مع مدرسة تيل كيل الفرنسية التي ضمت كبار النقاد المحدثين من مثـل : ( رولان بارت، وميشيل فوكو ، وجاك دريدا، وتزفيتان تودوروف ، وجيل دولوز ، وفيليكس جوتاري ، وموريس بلانشو ، …. ) ، فضلاً عن أنَ النقد الأمريكي الجديد الذي استقبل معطيات ( دريدا ) كان بحاجة إلى مدرسة تنظمه وتضع الأسس ، وتكون بمثابة السند المنهجي للطروحات التنظيرية والتطبيقية .وقد تحددت الرؤية الفرنسية النقدية – انطلاقاً مما ذُكر- باتخاذ موقف عدائي من الطرح الأمريكي التفكيكي ، فضلاً عن رؤيتها بأنَ معطيات ما بعد البنيوية قد صُدِرت خارج فرنسا للمثقفين الهامشيين والمنعزلين ، وأنَ تلك المعطيات تمتاز باللاعقلانية والتناقض الكبيـر ، والصوفية النصية ( Textal Mysticalty ) ، والمثالية الألسنية ، واليسارية البدائية ( بؤس البنيوية : 18 ).والاختلافات السابقة تؤكدها الموسوعات العالمية الحديثة من أبرزها : الموسوعة البريطانية (Britannica,U.K,2001) ، والموسوعة الأمريكية (Encarta,U.S.A,2002)، إذ ذُكر في هذه الأخيرة أنَ ما بعد البنيوية حركة انبثقت من البنيوية ، وتدور أسئلتها المركزية حول البنية الاجتماعية ، واللغة ، وامتلاك فضاءات واسعة للتصورات المستقبلية ، ولا يرد مصطلح ما بعد البنيوية في هذه الموسوعة إلا في الأدب الفرنسي، أما مصطلح التفكيك فيرد عندها في الأدب ، والنقد الأمريكي حصراً .وفي الموسوعة البريطانية هناك تفصيل أدق ، إذ عدت مصطلح ما بعد البنيويين : (poststructualist ) مصطلحاً مشتركاً بين النقد الفرنسي والنقد الامريكي ، في حين عدت مصطلح ما بعد البنيوي : ( poststructual ) يساوي التفكيكية حصراً ، وعدت مصطلـح ما بعد البنيوية : ( poststructualism ) يساوي السيميائية حصراً ، وبهذا التفصيل اكتسبت هذه المرحلة تحديدات ثلاثة :1. السيميائيـة Semiotic = poststructualism ( ما بعد البنيوية ) .2. التفكــيك Deconstruction = poststructual (ما بعد البنيـوي) .3. النقد الفرنسي ، والنقد الامريكـي = poststructualist (ما بعد البنيويين) .أما المصطلح الأخير في هذا المحور فهو : ( Antistructuralism ) الذي يطمئِن البحث إلى ترجمته بـ( اللابنيوية ) وهو يُطلق على مدرسة ييل الأمريكية ، التي برهن روادها على أنَ اللغة الأدبية تُنسِق معانيها بنفسها ، وأنَها – أي اللغة - تتحدث دائما عن فشلها ، والأدب الذي يتشكل بنظامها ما هو إلا مقبرةُ تبادل الأفكار المهشمة ، فضلا عن عدَهم النقد الأدبي تعطيلاً للاعتقادات الدوغمائية في العالم الأيديولوجي (Literary theory : 145) .ومصطلح اللابنيوية يتجه نحو إنكار المعطيات البنيوية ويسير ضدها ، بل ويشن عليها الحملات المتكررة للحطَ من قيمتها ، وهذه العملية لا تخلو من قصد سياسي ، إذ ذكر دريدا أنَ مصطلح اللابنيوية هو عملية سياسية محضة لأنّ غايته سطوة النموذج الأمريكي في النقد ، ومحاولة لتجريد المنطق الذي بوساطته يحتفظ بنظام معين من الفكر ، الذي تقبع خلفه تراكيب سياسية كاملة ، ومؤسسات اجتماعية ، ولا يريد دريدا - انطلاقا من ذلك - إنكار وجود حقائق نسبية محددة ، ومعانٍ ذاتية ونوايا ، بل يريد أن ينظر إلى هذه الأشياء على أنَها نتائج لتاريخ ممتد للاوعي وللغة وللمؤسسات (Literary theory : 148) .لقد خلقت اللابنيوية توجها مهما في تاريخ النقد الأدبي بشكل عام ، والأمريكي منه بشكل خاص ، لأنَها أرادت اكتساب السيادة النقدية العامة أولاً وآخرا ، وهذا ما يبرر بناءها النقدي المتسارع والمُكيَف مع جميع الطروحات الطارئة ، والمستجدة على الساحة العالمية.إنَ تبني هذا المصطلح كان نتيجة العزوف – بشكل نسبي - عن مصطلح التفكيك لما يحمله من معطيات السلب والنقض والوهم والحدود اللامتناهية ، ومن نسف لقواعد اللغة … ونحو ذلك ، لأنَ معطيات المصطلحين متشابهة بل وقريبة جداً من بعضها البعض ، فضلاً عن أنَ الجهة النقدية التي أشاعتها واحدة ، وهي مدرسة ييل الأمريكية .وقد اتجه بعضهم إلى تسمية معطيات ما بعد البنيوية التي لا تنتمي إلى البنيوية لكنها أسهمت في نشوئها وتطورها ، بمعطيات : ( ما بعد الظاهراتية postphenomenology ، وما بعد الفرويدية postfreudism ، وما بعد الماركسية postmarxism ) .وبعد تلك التحديدات المتنوعة والكثيرة يمكن الاقتراب من الصواب ، وتبني مصطلح ما بعد البنيوية الذي يعني – في تصور البحث - التفكيك حصراً ، نظراً لما قُدِم آنفاً من المسيرة المنهجية والنقدية لكليهما ، ومن الأسباب التي تدفع إلى ذلك . وفي نهاية هذا المحور يمكن التساؤل : هل يمكن تداول مصطلح ( ما بعد البنيوية ) بشكل ثابت وموحد ومتناسق في الميادين النقدية العالمية ، أم أنَ الطرح السياسي سيكون في مواجهة هذا المشروع ؟ نعتقد أنَ التباين سيحكم مسيرة هذا المصطلح، بسبب الطرح السياسي | |
|