روزا " ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
عدد الرسائل : 267
تاريخ التسجيل : 11/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3
| | ثوار ليبيا: ثوار أم تتار؟ | |
[b]من المفرح جدا أن تتناقل الأخبار سقوط إحدى القلع الديكتاتورية التي عانى منها الشعب الليبي طيلة عقود خلت، لكن أيضا من المحزن للغاية أن تتوارد علينا الأخبارا تبعا، من إلقاء القبض على الزعيم الليبي السابق او استسلامه حسب الروايات الشائعة إلى إعدامه بعد الإستسلام بلحظات قصيرة، بشكل يثير الكثير من التساؤلات العريضة من قبيل من يتحكم في خيوط اللعبة الليبية؟ ولمصلحة من تم إعدامه؟ هل تم ذلك لمصلحة العدالة الليبية التي يفترض أن الثوار جاؤوا لإحلالها، ام هي رسالة واضحة المعالم، تبشر منطقة المغرب الكبير بطالبان أخرى؟ لا شك أن التصريحات لمسؤولين سياسيين مرموقين كساركوزي وكامرون وغيرهم قد أثاروا بشكل ما الملامح الجديدة لليبيا الجديدة، بل حتى الناطق الرسمي للمجلس المؤقت لليبيا، قد المح بكثير من الهيبة والوقار لهذه الملامح، فهو يتخوف من انفلات أمني، بشكل يزكي تلميحات الغرب التي كانت ومنذ بدإ عمليات النيتو، كانت تبشر بهذه الإحتمالات المفرطة في رسم الأفق السياسي لليبيا، لكن والحقيقة المرة أن الأمور في ليبيا تبدوا منفلتة تماما عكس ما يحاول المجلس الوطني ان يظهره، فمن يتذكر مثلا خطاب رئيس المجلس الوطني عشية “الفتح المبين” والسيطرة على طرابلس،الذي حاول الإعلام العربي أن يظهره على نحو ما دخول النبي محمد على اهله من قريش في مكة، لقد قال رئيس المجلس الوطني حينها أنه سيلتزم بمحاكمة الأعداء وتطبيق العدالة حتى في أولئك الذين لم يوثروها في ليبيا في العهد البائد، وأبدى حينها انه سيكون اول من سيحاكم على فترة تكلفه الوظيفي (كان وزيرا للعدل في النظام السابق) ليعطي العبرة لمن يعتبر، وانه سيستقيل حين سيرى أن الأمور تمشي وفق سياق مزاجي لا يحتكم إلى الإلتزام بقرارات المجلس. وايضا بدت الأمور من خلال ندوة الناطق الرسمي للمجلس الوطني مثمرة للإتجاه السائد الذي حاولت بعض الأبواق الغربية من حلف الناتو رسمه: إبداء تخوفات من تشيع "الأسلحة الليبية" ووقوعها في يد الجماعات المتطرفة، والحقيقة المناقضة لهذه التخوفات ـ الملهات المدبرة بتعبير الأمريكيين، أن انتصارات النيتو كانت غمرتنا بالغبطة والسرور حين يعلن قادة النيتو في كل مرة عن حجم الخسائر الذي تحدثه سقورها في تدمير العتاد الليبي الذي كان في يد معمر القذافي، وبالجملة والتفصيل، تبدو الفترة التدميرية لهذه الطائرات قد أدت مهمتها كاملة في القضاء على هذه الترسانة، وغلبت تماما قوة الثوار، بشكل يجعلنا نطرح السؤال كبيرا عن طبيعة هذا السلاح المفترض أن يكون في يد الجماعات المتطرفة، ويبدو أن الناطق الرسمي للمجلس الوطني الإتنقالي الليبي، واثقا بحنكته المثيرة للهواجس الأمنية على عادة الأنظمة العربية، انه فهم اللعبة بشكل كامل ليطرح حلا عصريا (موديرن باللهجة الفرنسية) لمشكلة الأمن حين أثار مسألة تأسيس شركات الوحل الأمني على غرار تلك التي اسستها الولايات المتحدة بالعراق وكولومبيا وبعض البلدان في أمريكا اللاتينية، ليبدو الأمر منسجما تماما مع أطروحات فرنسا المجللة التي تدعو إلى علاقات تعاون واستثمار طويلة الأمد. علاقة توأمة من نوع خاص، ويبدوا خطاب الناطق الرسمي الليبي منسجما مع ذاته على الأقل في عكس صورة الإنفلات من خلال طرح الهواجس الأمنية، كما يبدو أيضا هذا الإنفلات حتى من خلال رسم صورة رسمية لسيناريو إعدام القذافي وابنه، هذه الصورة التي حاولت أن تكون مقنعة: أسر القذافي من جحره (إعادة سيناريو أسر صدام)، اصطدام كتيبة الثوار بكثيبة القذافي (تبادل إطلاق النار)، إصابة العقيد إصابة أدت إلى موته، بعد هذا السيناريو هناك سيناريو آخر لقناة ليبيا مناقض لهذا، ثم بعد هذا تلقى العالم في الفضاء المفترض صورا حقيقية تخالف الروايتين جملة وتفصيلا، فالقذافي أعدمه آسروه ومثلوا به ساعة احتضاره في شوارع الحي رقم 2 كما مثلوا بجثته بعد ذلك وبسادية همجية، بطريقة أبو غريب الأمريكية التي يندا لها الجبين. دون أن ننسى رواية الضو القريبة للحقيقة والمنسجمة مع صور الفيديو في الفضاء المفترض، صور تظهر تماما عملية همجية تتارية بكل المقاييس: ذبح القذافي على الطريقة الإسلامية لذبح الحيوانات (تقبيل وتكبير، مع أن الصور أكثر همجية من هذا)، كل هذه الأحداث تورط بشكل ما قبائل النيتو الهمجية (يعترف قادة النيتو بأنهم هم من أحبطو عملية فرار القذافي بقصف قافلته وينسجم الأمر أيضا مع تصريحات الضو المسؤول عن الحرس الليبي )، تورط همجية التتار الليبيون، تورط المجلس الوطني الإنتقالي الذي أعطى ويعطي للليبيين ملامح الصورة المستقبلية لليبيا: ليبيا تتنازعها التيارات الإسلامية المتطرفة، ليبيا متورطة في وحل الهمجية الغربية،إذ أن أول مايتبادر للتفكير هو: لمصلحة من أعدم القذابي بدون محاكمة؟ مالذي استفاذه الشعب الليبي من هذه الحبكة التتارية؟ هذه الإنتصارات الغريزية التي تفتقد إلى أدنى التحلي بالمسؤولية؟ لا شك أن الخاصر الكبير في هذه المعارك هو الشعب الليبي وحده التواق إلى الحياة الكريمة، هم بشكل خاص ضحايا قمع نظام القذافي، اعدام القذافي يترك ثروة ليبيا الموزعة في استثمارات دولية بأشكال مشفرة دون الحيلولة للوصول إليها وهنا تبدو حبكة النيتو صافية النية، فإعدام القذافي ينهي الكثير من تعب العدالة المحتملة ويترك ثروة ليبيا مجهولة المعالم، إعدامه يقتل الحقيقة التاريخية لنظام دموي ذهب ضحيته آلاف الليبيين المختطفون والمعدمون، الكثير من المقابر الجماعية المفترضة، الكثير من الأسرار التي تحوم حول العلاقات المشبوهة بين ليبيا وعدد كبير من الدول، وإعدامه أيضا يحرم الشعب الليبي من متعة الإستمتاع بالمحاكمة السياسية العادلة وهذا حس فني يفتقد إليه ثوار التتار الذين باشروا حكمهم على طريقة التتار: قتل الحاكم وتعليق رأسه فوق قوس المدينة، فالهدف من الثورة هو إرساء دعائم الدولة الحقة العادلة، دولة أفراد شعبها يتحلون بحس وطني يتجاوز الإنفعالات، دولة تحترم حقوق جميع أفرادها بما فيهم مجرميها وتضمن الكرامة الإنسانية لهم على عكس النظام البائد، دولة تحترم أيضا حقوق الإنسان، كان على "الثوار" أن يعطوا العبرة حقا كما أراد عبد الجليل، وأن يعلنوا بمحاكمة ينتظرها ضحايا القمع المفترض، أن تأخذ المحاكمة بيدهم بجبر الأضرار والمعانات التي عاشها ذوي الضحايا وهو السبيل الحقيقي إلى مصالحة وطنية حقيقية، ضحايا يفترض فيهم أن يتمتعوا بالحق المدني تعويضا على كل الإنتهاكات التي طالتهم في فترة الحكم البائد، لكن يبدوا أن الرياح تمشي حقا بما لا تشتهيه السفن، من الآن ينتصرون تنكيلا بجثة القذافي وينسوا أنهم فعلا ارتكبوا جريمة طمس معالم أربعة عقود من المذابح التي ارتكبها نظام القذافي، نسوا أن العدالة ليست الإنتقام فقط، بل أيضا رد الإعتبار للتاريخ الليبي، لمواطن ليبيا المقموعين، للضحايا السياسين والنقابيين والحقوقيين، وأيضا هي كشف حسابات الثورة الليبية الأخطبوطية عبر شبكات الإستثمار التي طالت كل العالم،، ويبدو أيضا أننا مقبلون على طلبنة المجتمع الليبي ما لم يتدارك الموقف، وإعدام القذافي بتلك الطريقة المشينة يطمس حقوق هؤلاء الضحايا ويبشر الليبيين بوضع قاتم حقا، وضع ساهمت قواة النيتو في حبكه بتوزيع السلاح بشكل عشوائي على الفصائل بدون تمييز[/b] | |
|