** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ورشاء الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمدي نجاد
مرحبا بك
مرحبا بك
احمدي نجاد


عدد الرسائل : 84

تاريخ التسجيل : 11/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

ورشاء الحياة Empty
17102011
مُساهمةورشاء الحياة

ورشاء الحياة EmailButton



ورشاء الحياة Abdulraheemkhassar

عبد الرحيم الخصار





تعودتَ مند الطفولة على السهر، وها أنت تفتح عينيك على الظلام
فيما الآخرون يغطون في النوم، يسيتقطون صباحا ويقفون في طوابير ليغسلوا
وجوههم، وأنت لا تحب أن تصحو، تكره الصباح خصوصا حين تتبعه صفة 'الباكر'.
توقظك جلبة ازدحامهم أمام الحنفيات، يغيرون ملابسهم أمام بعضهم بعجلة، فيما
تحب أنت أن تقف طويلا أمام المرآة، لا توجد هنا مرايا، هذه الجدران
الباردة تحدق فيك، الدّهان الذي لوّنها بالأصفر لوّنها أيضا بالكآبة.


تقف في طابور آخر لتأكل قطعة خبز بارد و تشرب قهوة بلا مذاق،
تجلس مع سبعة من أقرانك حول نفس المائدة، يطوف بكم رجل قصير، عيناه حمراوان
من الإدمان على الخمر، يراقبكم كما لو أنكم في سجن.


الملعقة الطويلة المعقوفة تتحرك فوق صحوننا بملل، العدس هو
الوجبة الأكثر مداومة، و حين يغيب تنوب عنه اللوبيا، أكره العدس، لا أطيقه،
منذ أكثر من عشرين سنة و أنا مصاب برهاب العدس، مرةً قلت لمدير المؤسسة:
'يجب أن نأكل، هذا ليس أكلا'، فكان ردّه التوبيخ و الإهمال و التهديد
بالطرد. أما الرجل القصير ذو العينين الحمراوين فلم يكن يعنيه شيء من
أمرنا، كان مشغولا بكأسه و بمزاجه، و ما سيؤلمني لاحقا هو أنه كان أيام
الجامعة مناضلا مع اليسار.غريب، كيف يتحول المرء من خطيب في حلقيات اليسار
إلى مجرد جرذ؟


خرجت مع صديق لي إلى المقهى بعد يوم طويل وممل، كان هو اليوم
الأول من الامتحان الوطني، جلسنا في المقهى الذي ندفع له خمسة دراهم مقابل
القهوة و مشاهدة أفلام فيديو رديئة، و لأننا تقريبا بلا مأوى فقد كنا نشاهد
أكثر من فيلم في ليلة واحدة. لا يمكن أن يكون سعيدا من يقيم في داخلية مع
أكثر من مائتي ذكر، و عشرات 'الفتيات' اللواتي لا يختلفن كثيرا عن الذكور،
أستعيد الآن وجوههن، يصعب أن أصف أيا منهن بالجمال، قرويات بئيسات تبدو
واضحةً على ملامحهن آثارُ الحرمان. بلغت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل،
قال لي صديقي :'يجب أن نذهب، فقد تأخرنا، وغدا لدينا امتحان في الفرنسية، و
نحن لم نفتح الكتاب و لا الدفتر لنتذكر ما كتبناه'، قلت له :'اِجلس حتى
ينتهي الفيلم'، كانت هناك امرأة تتعرى في مشهد فرنسي على السرير، أي اختبار
أهم من هذا بالنسبة لمراهق في عامه السادس عشر؟ قلت له:'ماذا نفعل نحن
الآن؟ ألا ترى أننا نراجع اللغة الفرنسية؟'.


وصلنا متأخرين إلى المؤسسة، تسلقنا السور و قفزنا إلى الداخل،
كان المدير يتجول هناك، سمع خشخشة العشب فلاحقنا، كان يركض ببذلة رياضية
يسبقه كلب الحراسة الضخم. يا إلاهي، هل نحن في معتقل؟


تسلق صديقي الطويل السياج و دخل عبر النافذة، أما أنا فدخلت
غرفة خارجية كُتب فوق بابها 'مسجد'، و نمت هناك حتى الصباح بدون غطاء،
لكنها كانت نومة لذيذة ورائعة.


في قاعة المداومة كان أصدقائي ينشغلون بحل المعادلات و
المتراجحات، و بالتمييز بين الكلس و الكرانيت، و يراجعون جدول العناصر و
أسماء المحاليل، فيما كنت في الزاوية الخلفية، و على مقربة من النافذة أكتب
على أوراق وردية رسائلَ غرام معظمها لا يصل. ياااه، تلك الأوراق ذات اللون
الوردي بخانات ضيقة، كم أفتقدها اليوم، كانت بالنسبة لي هي النوافذ التي
أهرب عبرها من هذا السجن لألتقي بالأميرة المسحورة، كم نحيت من الجنود و
الحراس في سبيل الوصول إليها، و كلما اقتربت يدي من خدها كان المراقب يقطع
هذا الوصال حين يعلن بصوته الذي دبغه التبغ الرخيص بأن حصة المداومة قد
انتهت، و علينا الذهاب للنوم. أووف، كم أكره النوم، لماذا ننام مادام هناك
ليل؟ الشراشف لها رائحة كريهة، و الوسادة موحشة، و الأغطية الرمادية دليل
على أننا في كابوس.


'سنختنق هنا، و ما من حل'، هذا ما قلته لأستاذ الفيزياء الذي ظل
يعاتبنا على الإهمال و يحرضنا على نسيان هذا الواقع البئيس، أخبرته أنه من
الصعب فعلا أن تصير لنا أغصان و أوراق في هذه الأرض القاحلة، كان يتحدث
بقوة لم نكن نملكها نحن:' الإنسان ليس هو واقعه، الإنسان هو إرادته، هو
أحلامه، هو ما سيكون عليه، أو على الأقل هو ما يحلم أن يكونه'. كانت
الكلمات تخرج مترادفة من بين شفتيه كما لو أنها حزام رصاص، فجأة خفت صوته و
دمعت عيناه، سكتنا جميعا، دق الجرس، فخرجت إلى المقهى أفكر في تلك
الكلمات، أحلم بأحلامي و بما أريد أن أكونه. كنت أقرأ كتبا لسيد قطب و حسن
البنا و عبد السلام ياسين، و أخرى لعلي شريعاتي و سلمان رشدي إضافة إلى
كارل ماركس و ماوتسي تانغ، و بين هؤلاء كنت أقف مثل قشة يتجاذبها تياران في
نهر واحد.


لم تكن الآنسة جينواز أستاذةً للانجليزية فحسب، بل كانت ملهمةً
لحشد من المراهقين، بعينيها الآسيويتين و بتنورتها الشتوية كانت تبدو لي
كما لو أنها خرجت للتو من فيلم، كنت أقطع أميالا هائلة كي أجتاز الأراضي
الجرداء التي نعيش عليها نحن لأصلَ إلى الأراضي التي يملؤها عطرها. طلبت
منا يوما أن نركّب جملا تشتمل على الحاضر المستمر، أجبتها: '
I m eating the bread'، قالت لي :'but where is the bread'''، أخرجت قطعة خبز محشوة بالمربى، قضمتها و قلت لها: 'that's it'، نظرت إلي بدهشة ثم سكتَتْ، لم تكن تعرف أن تلميذها النجيب جائع و متوحش.

عبر المذياع كنت أتابع الحرب، بعد 'وجبة الغذاء' أجلس على السور
و أنظر إلى الحقل مصغيا للأخبار، و ثمة حرب أيضا كانت تقع في أمعائنا. لم
أكن أدخن، لكنني كنت أملك مزاج مدخن، كان رأسي مائلا حين رفعت النظر إلى
مكان بعيد و تنهدت ثم سألت صديقي :'ما الذي يمكن أن يتعلمه المرء هنا؟'،
أجاب دون تردد:'لا شيء، تقريبا لا شيء'.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ورشاء الحياة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ورشاء الحياة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الطموح أعلى صفقة في الحياة، إذا لم تتم مراقبته فإنه يفسد الحياة.
» جليد الحياة(*) الجليد في صيغته الأرضية معادٍ للحياة. ولكن هناك صيغة غريبة لجليد فضائي قادرة على دعم توليد جزيئات عضوية، وربما كانت هي أصل الحياة على الأرض.
» تساؤلات حول أقدم علامات الحياة(*) في عام 2002 أُجبر الباحثون على إعادة النظر في كيفية تحديد هوية الحياة في الصخور الأكثر قِدَمًا على الأرض وعلى أي كوكب من كواكب المنظومة الشمسية.
»  Logo Solgn عن المؤسسة اتصل بنا نوفمبر - ديسمبر2012 / المجلد 28 بيولوجيا مجتمعية ما الحياة إلا لعبة صَدَفة ما الحياة إلا لعبة صَدَفة(*) كما هو حال البشر، فإن السلطعون النا
» حق الحياة

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: