حركة 9 يونيو
عبد الله الدامون -
damounus@yahoo.com
اليوم
اتضحت الرؤية واكتملت، وأعمى البصيرة وحده من لا يستطيع أن يستكشف أن ما
يجري في المغرب هو نهاية التاريخ بالفعل، نهاية الغموض واللبس، وبداية زمن
الشفافية والوضوح.. الوضوح الكامل.
اليوم اكتشف المغاربة أن هناك حركتان لا غير في هذه البلاد، «حركة 20
فبراير»، التي تنادي بسقوط الفساد والاستبداد والقطع مع زمن الحكـْرة،
وهناك «حركة 9 يونيو» التي تتلوى مثل أفعى مرقطة وتعصر كل من يقف في
طريقها لأنها تريد أن يستمر الظلم والفساد والحكـْرة في هذه البلاد.
نحن نعرف أن «حركة 20 فبراير» حملت ذلك الاسم لأن أول تظاهرة لها ضد
الفساد تمت في ذلك التاريخ، لكن ما علاقة «حركة 9 يونيو» بهذا التاريخ؟
السبب بسيط، وهو أن يوم 9 يونيو يرمز إلى حدث على قدر كبير من الرمزية
والخطورة، أي أنه اليوم الذي صدر فيه حكم قاس على مدير جريدة «المساء»،
رشيد نيني، بسنة حبسا. وخطورة هذا الحكم تكمن في كونه جاء في توقيت كان
فيه كل المغاربة يتوقعون أن المغرب يسير في طريق مغاير تماما، طريق البحث
عن شمس المستقبل، لكنهم، فجأة، وجدوا أنفسهم في ظلمة مغارة.
هكذا، إذن، يستحق أعداء الإصلاح أن يحملوا اسم «حركة 9 يونيو»، لأنه تاريخ
يتزامن مع الحُكم الفضيحة الذي جعل الناس يضعون أيديهم على قلوبهم
ويتساءلون إلى أين تسير هذه البلاد.
الرؤية واضحة إذن، فـ«حركة 20 فبراير» تحاول أن تدفع بالبلاد أماما نحو نور الشمس، و«حركة 9 يونيو» تدفع بالبلاد نحو ظلمة الكهوف.
من كان يصدق، إذن، أن يحدث كل هذا في زمن «حركة 20 فبراير»؟ ومن كان يصدق
أن «حركة 9 يونيو» تتوفر على كل هذه الجرأة، التي تصل حد الصفاقة، لكي
تتحدى مشاعر المغاربة بهذه الطريقة الفجة وتصفعهم المرة تلو الأخرى، فإذا
كان المغاربة يعتقدون أن زمن التبذير والتفاهة انتهى فقد جاءت شاكيرا
و«علقوا» لها مليارا و200 مليون وذهبت، ومن كان يعتقد أن زمن إهانة كرامة
المغاربة انتهى فهاهن الراقصات الإسرائيليات يتمايلن بيننا، ومن كان يعتقد
أن حق التظاهر مكفول للمواطنين المغاربة، فها هي الهراوات تكفلت بـ«تطييب»
ظهور المغاربة، ومن كان يعتقد أن الإعلام العمومي سيساير رغبات الشعب
ويقرر تخصيص برامج وتغطيات وندوات لمظاهرات الناس وهمومهم فهو واهم، لأن
هذا الإعلام تكفل فقط بالتغطيات المباشرة لحفل شاكيرا والرقص الشرقي. إن
آمال وآلام المواطنين لا مكان لها في الشاشة، إنها تحت أقدام شاكيرا
والراقصات الإسرائيليات.
«حركة 9 يونيو» قررت، إذن، أن تبعث إلى المغاربة عدة رسائل في توقيت واحد،
فلا مكان لحرية التعبير في هذه البلاد. ولا أمل في مظاهرات سلمية منددة
بالفساد لأن الهراوات تغيب مرة وتحضر مرات، ولا أمل في وقف تبذير مال
الشعب، والدليل على ذلك رمي أزيد من مليار بين رجلي شاكيرا. ولا أمل في
حفظ مشاعر الناس وكرامتهم، ودليل ذلك راقصات إسرائيل في مراكش، ولا كرامة
مصونة لأطفال البلاد، والدليل على ذلك أن مسؤولينا لم يقرروا حتى اليوم ما
سيفعلونه مع مسؤولين فرنسيين ثبت اغتصابهم لأطفال مغاربة. ومن كان يعتقد
أن الإعلام الحر والمستقل موجود ليفضح كل هذا فها هو مدير «المساء» مسجون
بتهم غريبة ومحيرة.
«حركة 20 فبراير» هي الأمل في المستقبل، و«حركة 9 يونيو» هي الفساد بعينه.
ها هو الاختيار أمامكم فاخـْتاروا.. لا منطقة وسطى بين الجنة والنار..