د.الادريسي: ما جرى في الحسيمة ضد اللحمة الوطنية

د.الادريسي: ما جرى في الحسيمة ضد اللحمة الوطنية

نورالدين لشهب

Wednesday, June 15, 2011

علي
الادريسي لـ"هسبريس": أخشى استغلال البعض "تأجيل" الزيارة الملكية من
الذين استعملوا بالأمس فزاعة الريف كمصدر وكفاعل يهدد "أمن الدولة".

في
أول تعليقه على الأحداث التي شهدتها مدينة الحسيمة ليلة الثلاثاء 14 من
ينويو الجاري، قال الدكتور علي الادريسي، في اتصال مع "هسبريس" بأن ما
يجري في الحسيمة، وما جرى في مدن مغربية أخرى، وما يجري في ضواحي باريس أيضا، يندرج في إطار المطالبة المستمرة بمطابقة ممارسات وسلوكيات الإدارة بصفة عامة، بما في ذلك رجال الشرطة والأمن، لمقتضيات النصوص القانونية، وبخاصة القانون الدستوري الذي ينص على أن القانون يعلو ولا يعلى عليه، وعلى أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو مكانتهم المهنية أو الوظيفية.

وأكد
الأكاديمي المغربي في فلسفة التاريخ والمختص في منطقة الريف، بأن "إحدى
المعضلات الكبرى في المغرب المعرقلة لبناء دولة المؤسسات، هو تصرفات بعض الناس، سواء كانوا موظفين في دوائر السلطة، أو كانوا منتسبين إلى ذوي الحظوة والامتياز الممنوح لاعتبارات غير دستورية، بأنهم قوق الدستور والقانون". مشيرا إلى أن ما وقع في الحسيمة، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام مختلفة، " لا يخرج من تلك الممارسات المخالفة للقانون من قبل من يفترض فيه أن يكون قدوة للناس، وأن يكون مقنعا بمنطق القانون وليس بمنطق القوة، وأن لا يكون صاحب السلطة المخولة له تطبيق القانون وحماية الأمن العام المتسبب في خرق هذا القانون".

وأشار صاحب كتاب "التاريخ المحاصر" في اتصال مع "هسبريس" إلى وجود حساسية زائدة عند البعض وخاصة عند بعض وسائل الإعلام، المغربية والإسبانية بخاصة، عندما يتعلق الأمر بوقائع تقع في الريف مهما كانت بسيطة، ومهما كان مصدرها؛ وكأن هؤلاء الذين يهولون ويضخمون الأمور ويوزعون التهم ويتلذذون بإطلاق أوصاف مشينة تقلل من انتماء ساكنة الريف إلى المغرب وطنا ومصيرا، لا شيء يسعدهم إلى درجة الرقص والشطح أكثر من النقر على بندير الريف أولا، وطبل المناطق التي كانت محتلة من قبل إسبانيا بصفة عامة ثانيا، بل يبدو أنهم يتصرفون خارج اللحمة الوطنية كمجرد موظفين أو عملاء للمخابرات الاستعمارية الفرنسية القديمة، التي كانت ترى، ولا تزال، أن الذين لم تستعمرهم فرنسا أقل شأنا وأقل تحضرا من مستعمريها.

فبدل بناء جسم الأمة المغربية- يضيف علي الادريسي- والعمل على لحم مكوناتها في نسيج اجتماعي متماسك،
نراهم يعملون بأجر ووعي منهم أو بغير أجر ووعي على تمزيق ذلك النسيج،
متسائلا بمرارة على ما آلت إليه الأواصر الوطنية بالمغرب " ما معنى أن يوصف المحتجون في الريف أو في أيت بوعمران وطرفاية ولعيون بـ"اولاد الصبنيول" بعد 90 عاما من هزائم الاستعمار الإسباني على يد الوطنيين الريفيين، التي أعلنت العد العكسي للمرحلة الاستعمارية، وبعد 85 سنة من طرد ليوطي من المغرب عقب هزيمة "البيبان" على يد رفاق الخطابي، وبعد قرابة 60 عاما من الاستقلال الذي كانت جبال الريف، مرة أخرى، حاضرة بقوة في افتكاكه من فرنسا، وبعد قرابة 40 سنة
من المسيرة الخضراء واستعادة الأقاليم الصحراوية؟ " مشددا على رفض أبناء
المناطق التي احتلتها إسبانيا رفضا قاطعا أن يصفوا أو يشتموا إخوانهم في
الوطن الذين استعمرتهم فرنسا بأنهم "أولاد الفرنسيس""

واستغرب، الأكاديمي المغربي والدبلوماسي السابق، صمت السلطات المغربية والتي لم يصدر عنها ما يفيد استنكار مثل هذه العبارات والتصرفات التي تصدر عن قوات الأمن من حين لآخر، على الرغم مما تنشره كثير من وسائل الإعلام المغربية وغير المغربية عن الموضوع استنكارا أو تأييدا لتصرفات قوات الأمن، ولم تكلف نفسها حتى بالتحقيق فيها وإعلام المواطنين بحقيقة الأمور وتحديد المسؤولين عن مثل هذه التصرفات التي تتهم جزءا من الشعب المغربي بلقطاء إسبانيا بعد اتهامهم ذات يوم بالأوباش، فإلى أين نحن سائرون؟ يتساءل الدكتور الادريسي بمرارة.

ولم
يخف الدكتور الادريسي خشيته الكبيرة من "تأجيل" الزيارة الملكية لمناطق
الريف، فربما سيكون هذا التأجيل فرصة و"انتصارا لأولئك الذين استعملوا
بالأمس فزاعة الريف كمصدر وكفاعل يهدد "أمن الدولة". وذلك من أجل معاقبته
لتجرئه على محاربة الاستعمار، الذي اعتبره هؤلاء رسولا للحضارة والتحضر،
وتلك أحدى المبررات التي انطلت على الحسن الثاني".

يشار
إلى أن الدكتور الادريسي أشار في كثير من أبحاثه أكثر من مرة إلى أن أولئك
الذين استفادوا سياسيا من دولة الاستقلال، واغتنوا بريعه، وظفوا بمكر وخبث
هذه الفزاعة لتهميش الريف الذي أبانت ساكنته على التمسك بقيم الحرية
والكرامة الوطنية والإنسانية، في الوقت الذي كان فيه أولئك المروجين لتلك
الفزاعة قد تخلوا عن وطنهم بالارتماء في أحضان الاستعمار بدعوى اعتناق
أسباب الحضارة والتحضر.

وانتقد
الادريسي الاعلام المغربي في التعاطي مع خبر "تأجيل" الزيارة الملكية
للريف في "غياب خطاب إعلامي حداثي، ما دامت لغة الخبر المنبعثة من دار
بريهي تأبى أن تتغير وتتجدد وتساير الزمن الإعلامي العالمي، وما دام
المتحكمون في تسيير الشأن العام، والزيارات الملكية لأقاليم المملكة شأن
عام، يعتبرون ممارسة الشفافية تجاوزا للخطوط الحمراء المخزنية، ويصرون على
بناء دولة "الديمقراطية والحداثة" في سرية الوهم الأمني".
وتجدر
الاشارة إلى أن مدينة الحسيمة شهدت احتجاجا عارما بسبب ليلة 13 من يونيو
الجاري، بسبب "تورط" أحد رجالات السلطة بالمدينة في شتم مواطن بالمدينة
واصفا إياه "بأولاد الصبليون" و"الحسيميين الأوباش" واستلال أحد المرافقين
له سكينا وطعن به ثلاثة مواطنين، هذا الحادث أعقبه إنزال غفير للمواطنين
الذين تقاطروا على ساحة "فلوريدا" ودخلوا في احتجاج عارم اعتصام مفتوح إلى
غاية الساعة الرابعة من صباح الثلاثاء 14 من يونيو الجاري

» الوطنية كمفهوم تحريضي
» من يبني الوطنية؟ ومن يهدمها؟
» لعبة السيادة الوطنية
» تامغربيت: الوطنية المفترى عليها
» طور ثان من أطوار الأزمة الوطنية السورية؟

د.الادريسي: ما جرى في الحسيمة ضد اللحمة الوطنية

د.الادريسي: ما جرى في الحسيمة ضد اللحمة الوطنية :: تعاليق

د.الادريسي: ما جرى في الحسيمة ضد اللحمة الوطنية

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة