تعلم دبكة الشبيحة في اربعين سنة من دون ألم
احمد عمر
2011-06-14
سبحان الأبدي الأبد، الفرد الصمد، الذي لم يكن له
شريك في مصر أو ليبيا أو درعا البلد، سبحان من مسخ سوزان مبارك من سيدة
أولى إلى مواطنة عادية مثل أمي، سبحان من أعادها إلى 'ثابت' نسبها الأول،
سبحان من أعاد مصر من براثن حسني مبارك إلى أحلام خالد سعيد وسالي زهران،
سبحان من أسرى بروح حمزة الخطيب، ليلا، من أقبية الشبحية إلى الملكوت
الأعلى.
سبحان من الجأ ملك ملوك افريقيا من خيمته الذهبية إلى جحور
الجرذان، سبحان من رمى علي عبد الله صالح إلى جوار زين العابدين بن علي،
سبحان من اظهر الأبطال الحقيقيين وفضح أبطال المسلسلات المهرجين
والمنافقين، سبحان من جعل ثامر الشرعي زميلا ليوسف العظمة وابراهيم هنانو
وقتيبة بن مسلم وطارق بن زياد. سبحان من مسخ الملوك 'الأبديين' المتألهين
بشرا من لحم و.. سمّ، سبحان من جعل المذلين المهانين أعزة، بعد نصف قرن من
الشـ... 'عار..ات'.
دريد لحام ضد غوار الطوشة
يدمّر وحش
الاستبداد المجتمع، ويرقص مع الفساد فالس الطغيان على أنغام معزوفة
القانون والحان الدستورالمقطوع الأوتار. ويوفر مادة درامية وكوميدية ثرية
للمؤلفين والممثلين، فالاستبداد يعمّق التناقضات في المجتمع، ويسوّد
الكاذبين والسفلة، كما يمنحهم قطعة كبيرة من كعكة المجد. الفنان بطل كاذب
واقعيا إذا تنكر للقيم التي يدعو لها فنيا.
الناس محكومون في عصر
الفضائيات بصورتين؛ صورة الجلاد الملثم بصورة الممثل الذي يقاوم الشرّ
ويفضح الفساد في المسلسل التلفزيوني فقط. تعويضا عن إقامة العدل في
الواقع، هكذا تنكر عادل إمام لقيم الصحوة من 'النوم في العسل'، وهكذا فعل
غوار الطوشة، البطل الذي 'بهدل' أبو عنتر في خاتمة الجزء الثاني من صح
النوم 'شاطرين على بعضنا بس'، عند معاركته الغوريلا الوحش، وفي 'كأسك يا
وطن' صاح: 'والله يا أبي ما بدنا غير شوية كرامة'! لكن ما السبب في كيل
الفنانين بمكيالين؛ مكيال ثوري وبطولي للصورة في أحلام الدراما وخيالها،
ومكيال مثقوب للواقع المحبوس في زنزانة الوطن الانفرادية. السبب هو أن
الفنان يصير نجما، مرفّها، مثل المسؤول، طائرا فوق الواقع، فالنجوم يعيشون
في سماء مجد الحكاية وفخر الصورة الدرامية. أمّا المواطن فيلهث وراء
اثنين؛ المسؤول، من اجل توقيع على ذيل الحرية الأسيرة، والفنان من اجل
توقيع على الاتوغراف السعيد. المواطن رهين هذين المحبسين.
يتواطأ
الممثل على تطبيع الناس على وطأة النعل بأساليب 'فنية'؛ فمسلسل 'يوميات
مدير عام' الكوميدي، مثالا، ينتهي بوصفة يائسة: عوجاء؟ وهذا افتئات على
الحقيقة، وقوانين التاريخ، فلكل داء دواء إلا الموت. يمكن إصلاح أي
اعوجاج، أقصاه بالكي كما قال المواطن الذي نهض ليقول للخليفة الاول 'لو
رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا'، والأسلوب العصري هو تقويم الاعوجاج
بالتظاهر السلمي والاعتصام، والماء ولكن بشطف الدرج من الأعلى . كان قانون
هذه المسلسلات: سنجعل لكم آلهة من دراما. تقاوم الظلم، وبينهما برزخ 'لا
يبغيان'.
قام أبطال 'الصناعة السورية الثقيلة' بتنفيس رغبات الناس. من
الجدير بالذكر أنّ الخليفة الأول لم يحاكم الإعرابي بمحاولة تغيير الدستور
بالقوة أو بتهمة العصيان المسلح أو التعرض 'لمقام' الخليفة، أو توهين
نفسية الأمّة، أي امّة هذه التي توهنها عطسة؟
بهذه المسلسلات الطريفة،
العوجاء فكريا، أو المحجور عليها في الأستوديو والبيت، ويمنع تقليدها في
الشارع، أصبح هؤلاء الممثلون نجوما، تعمل ببطارية السلطة، والنجوم عادة
تعيش وتسهر في حفلات 'السماء الدنيا' وتحوم حافة حول العرش الأرضي مسبحة
بحمده، إلا من رحم الله، بينما يذل الشعب ويهان في المحبسين.
الممثل
قد يكون موهوبا وقادرا على تقمص الشخصيات، لكنه في النهاية يؤدي دورا
مكتوبا صنعه المؤلف، وتسمح به رقابة السلطان، فبعد أن يؤدي دور البطل
الحكائي سيظهر مع .. 'البطل' السياسي، في صورة تذكارية متعانقين، مؤداها:
كنا نمزح، كنا نقصد الصين الشعبية! وقد فوجئت بنقص الوعي المكتسب لدى كثير
من النجوم العرب، فعقب عودة دريد لحام من بوابة فاطمة، عوتب على عدم رمي
محارس الاحتلال بحصاة كما فعل ادوار سعيد، الذي شهّرت به الدوائر
الصهيونية عقابا على 'جمرته' تلك وكأنها قنبلة ذرية! أجاب دريد 'بحكمته
الفريدة ووطنيته التي لا تضارع' ساخرا من السائل: وهل ستصل حصاتي إلى محرس
الاحتلال! لا اعرف بطلا من 'أبطال باب الحارة' العظام خطر له أن يركب
أسطول مرمرة، أو أن يذهب إلى حدود الجولان في ذكرى النكسة، أو أن يرمى
الغوريلا.. بكلمة.
السفيرة عزيزة
توهمت أن سرّ المشكلة
الإعلامية في استقالة السفيرة السورية في باريس خطأ سمعي أو مكيدة كان
غرضها اهانة الفرانس 24، لكن إنكار الاستقالة كان صوتيا أيضا ولم يكن
بالصورة. وقد اعترض الإعلامي عبد القادر عياض بنعومة على السفيرة عندما
بدأت تلقنه درسا في المهنية الإعلامية، وسألها: هل تقصدين الجزيرة؟ ففهمت
من ردها انها تريد من كل القنوات العربية والعالمية أن تلتحق بالقنوات
السورية لتتعلم الإعلام المهني الوطني الملتزم على أصوله. لكن مجد 'نصرها'
على الفرانس 24، والذي لا يزال قيد التحقيق لم يدم فقد افسد عليها ثامر
الشرعي الحفلة، وزادها إفسادا الشبيحة بدبكتهم الشهيرة 'عفس عفس' في
الحلقة الثانية.
برقيات فضائية
- في يوم جمعة العشائر،
الاسم الذي اغضب المثقفين والأميين، فظنوا أن ثمة خطأ مطبعيا، والأصل هو
جمعة البشائر، خرجت فضائية الجزيرة بعد 89 يوما ثقيلا من الدم بعنوان
رصين، وسطي، ناعم، طري، للانتفاضات السورية، على غلاف الملف السوري اسمه
'إرادة التغيير'.. ولا بد أن يستجيب القدر؟
يوسف شاكير السوري، 'ايزو'
إعلاميٌ سوري مظفر، فقد تلقفته الفضائية السورية بعد ظهوره المنصور على
الدنيا وزهوتها، فزارت مزرعته، لنحسده على نجاحه المالي وسعادته وتواضعه
وإيمانه وتقواه، ونتعلم درسا في صيد السمك والحكمة، ثم ظهر في اليوم
الثالث على الدنيا مرة ثالثة في برنامج يكفي مسلسلا من خمس حلقات (أربع
ساعات متواصلة) دعا فيها الله بعد أن أدى ركعتين أن يمسخه غوريلا إن كان
كاذبا .. اللهم آمين.
- أخيرا كحّلت الكاميرا عينها النجلاء بصورة
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دمشق على البي بي سي. وقد تصارع الرجل مع
مواطنته رولا إبراهيم صراعا تشيب من هوله الولدان حاول فيه أن يثير نخوتها
الوطنية (بعضهم يرى انه كان تهديدا) لكن الغريب انه لم ينكر جريمة تشويه
وتعذيب ثامر الشرعي، واعترض على صفة الطفولة، فثامر الصبي ذو الخمسة عشر
خريفا ليس طفلا، وإنما أمير جماعة إسلامية كان ذاهبا لسبي النساء!
دبكة عفس عفس
الدبكة
حيوانية داروينية، طاووسية انتقامية. وشروط الرقصة: أن يكون المدبوك عليهم
من الوطنيين الأحرار - أن يكونوا موثقين، معصوبين، مكمومين مدة أربعين سنة
على الأقل مثل الدود- أن يأخذ الدابكون ـ وهم من أصحاب الحوافر المسلحين،
صورة تذكارية للتاريخ المقلوب ـ أن يكون الدابك أصله قرد- ويمكن له اخذ
استراحة من الدبك على ظهر 'خليفة الله في الأرض' على أن يستعيض عنها
بالرفس أو الشتم، أو أن يكفرّها عنه إعلامي سوري في الفضائيات بدبكة
الافتراء؟
كاتب من كوكب الأرض