د. عبدالورث سرحان |
10-06-2011 23:47 القاعدة
المعروفة والراسخة لدى الكثيرين هى أنه من أفسد شيئا فعليه اصلاحه والسؤال
هو كيف لمن أفسد أن يصلح، وأنه حينما كان يمارس فساده وهو يتخيل طول الوقت
بأن ما يفعله قمة الاتجاز وكثير من حوارييه ومريديه كانوا يسوغون له ذلك
ويصورونه على أنه عبقرى زمانه وأنه لا صحيح الا ما يفعله وأن أى آراء أو
انتقادات كانت توجه لهذا العبقرى أو ذاك كانت تعد من قبيل أعداء النجاح
وأعداء التطوير والحداثة والتنوير وكل المفردات الضخمة التى سمعنا عنها،
ناهيك عن التصنيفات الجاهزة والتهم المعلبة بالانضمام الى الظلاميين
وأعداء النجاح لأالى صوت معارض حتى أن الكثيرين أحجموا عن ابداء آراؤهم فى
أى شىء، البعض فعل ذلك خشية الاقصاء والاستبعاد من رضى المسئول الأول
ومكافآته وعطاياه هنا وهناك أو طمعا فى أن يحصلوا على فرصة فى أقرب وقت،
والبعض كان يعرف مؤهلاته جيدا وأنه مهما فعل فلم ينل أكثر مما هو فيه
والتى وصل اليها بالتطور الطبيعى لنظام الأقدمية المعمول به، البعض الآخر
آثر السلامه لأن له مصالح أخرى خارج نطاق عمله تدر عليه دخلا وفيرا وأن
قبوله لمكانته الوظيفية مهما على شأنها ما هى الا صورة من صور الوجاهة
الاجتماعية ووسيلة لكسب مجموعة من العلاقات العامة والخاصة والتى تخدم
بالأساس على أعماله الخاصة. البعض الآخر كان موصف ومصنف بالفعل وهم
معارضوا النظام وهؤلاء كانو القوة الضاربة والمعطﱠلة والتى لم يحاول أى
نظام أو ادارة من ادارات الدولة أن يستفيد منه وهذا الجزء من المجتمع كان
متمثلا فى كل من ينتمى الى التيارات الدينية سواء اخوان، سلفيين، جماعات
اسلامية أو احزاب معارضة أو أى شخص له رأى معارض حتى وان كان من أى
المجموعات التى ذكرت، صحيح لم يتغير شىء الى الآن فى هذه النقطة لأننا ما
ذلنا فى بداية طريق الاصلاح والحرية وتطبيق العدالة بين الجميع.
من أجل ذلك لابد من اعادة التفكير جيدا فى أن "من أفسد شيئا فعليه
اصلاحه" وأن هذه المقولة غير صحيحة أو غير دقيقة كلية لأن المفسد كما ذكرت
حينما كان يفسد كان مقتنعا بأن ما يفعله هو عين الصواب فكيف تأتى وتقول له
أن كل ما فعلته خلال الثلاثين العام الماضية هو خطأ وعليك ان تصلح ما
افسدته هذا لن يحدث ولن يتحقق والبديل ان نقول لمن أفسدوا وخربوا سواء
بقصد أو عن غير قصد من فضلكم خطوة للخلف أو كما يقولها الغرب (Step back)
لافساح المجال لأخرين من الشباب المبدع القادر على العطاء والعمل ليصلحوا
بنقاءهم ووفطنتهم ما أفسدتموه طوال الوقت السابق ويجب عليكم أن تفسحوا
الساحة لغيركم فزمانكم ولى وانتهى ولن يعود باذن الله مهما حدث لأنكم
أصبحتم ماضى ولم نسمع من قبل بأن ماضيا قد عاد لأن ذلك ضد سنة الله وضد
المنطق والعقل وأنتم أصبحتم كذلك.
قليلون جدا من تواروا بالفعل خجلا أو خوفا والبعض غير مكان اقامته
وعمله وأصبحوا من سكان المزرعة فى طرة وسيلحق بهم الكثير ولكن المشكلة فى
من كانوا خدم النظام وأزلامه وهم فلوله الآن فهم رغم فسادهم فى كل موقع
تولوه الا أنهم ماذالو بعيدين عن يد العدالة ولكنها ستطالهم لا محالة،
المشكلة أنهم ما زالوا يتصدرون المشهد وكثيرين منهم ما زالوا فى مواقعهم
يمارسون نفس الفساد والافساد تشبثا بالقانون الذى لم يتبعوه قط ولكنهم
افتكروه عندما جاء دوره ليطبق عليهم.
الأمر الآخر هو اننا متعجلون وبعضنا منفلت وقليل منا يفهم الحرية خطأ
ولابد لنا من الهدوء لترتيب الوضع واعادة البناء والاعمار ولا نستعجل فكل
يجرى بمقادير قدرها لنا العلى القدير ولابد لنا أن ناخذ بالأسباب حتى نصل
الى الغايات النبيلة وهى نهضة هذا البلد ووضعه فى المكان الذى يليق به
وبأهله ولا ننسى أن فينا خير أجناد الأرض والمقصود بالأجناد هنا ليس
الجنود ميادين الحرب فقط ولكن الجنود فى كل مكان فى العمل والشارع والأمن
وفى كل مكان نخدم فيه فنحن فيه جنود، لنأخذ الأمر مأخذ الجد ونحافظ على
بلدنا ونظافة شوارعها وحماية منشآتها فلن يأتى أحد ليصلح لنا هذا البلد
غير أبناؤنا وسواعد أيدينا جميعا.