الاصلاح السعودي مازال بعيدا
رأي القدس
2011-06-09
عندما سألت صحافية غربية مسؤولاً سعودياً عما اذا
كانت بلاده تخشى وصول احتجاجات الربيع العربي اليها، اسوة بدول عربية أخرى
مثل تونس ومصر وسورية واليمن والبحرين، أجاب بانه لا يستبعد ذلك، ولكن
الفارق بين المملكة العربية والدول الاخرى هو ان اكبر محطتين فضائيتين
عربيتين ويقصد بذلك 'الجزيرة' و'العربية' لن تقوما بتغطيتها.
المسؤول
السعودي كان يجب ان يضيف عنصراً آخر لا يقل اهمية في رأينا، وهو ان الأسرة
الحاكمة تجلس على فائض مالي يصل الى حوالى 300 مليار دولار من جراء ارتفاع
اسعار النفط لأرقام قياسية طوال الاعوام الثلاثة الماضية.
السلطات
السعودية أدركت ان هناك حالة تذمر متفاقمة في اوساط ابناء الشعب بسبب
الفساد وانهيار الخدمات العامة، واستفحال البطالة في اوساط الشباب، ولذلك
بادرت بتخصيص 130 مليار دولار للانفاق على مشاريع اسكان وبناء مدارس
ومستشفيات وزيادة الرواتب ودفع اعانة شهرية للعاطلين عن العمل.
هذه
'الرشوة' حسب وصف الكثير من المراقبين اعطت أكلها، فقد توقفت الاحتجاجات
بشكل ملحوظ، وانتعشت الاسواق المالية والتجارية، واختفت العرائض التي
تطالب بالاصلاح مع استثناءات محدودة، وباتت القضية الابرز التي تشغل
المجتمع السعودي هي تحدي بعض الفتيات لقرار منعهن من قيادة السيارة، وهي
قضية فجرت جدلاً واسعاً على المنتديات الالكترونية والشبكات الاجتماعية
(فيسبوك)، شغل الشباب عن القضايا الاهم وهي الاصلاح السياسي.
السؤال
الذي يطرح نفسه بقوة هذه الايام في الاوساط السعودية هو عن العمر
الافتراضي لهذه 'الرشوة' المالية، فكم من الوقت سيستغرق مفعولها في الهاء
الشباب، ووقف الاحتجاجات او تجميدها؟
لا احد يستطيع اعطاء اجابة حاسمة
في هذا الصدد، لان معظم الشباب السعودي منشغل حاليا في متابعة الثورات في
الدول المجاورة، وسورية واليمن على وجه الخصوص لمعرفة ما يمكن ان تؤول
اليه، مضافا الى ذلك ان هذا الشباب يواجه حاليا عملية تجييش طائفي غير
مسبوقة تشرف عليها بعض المؤسسات الدينية بايعاز من الدولة.
الامر
المؤكد ان مطالبة الشباب السعودي بالاصلاح السياسي قد تتأجل او تتباطأ،
ولكنها لن تموت، فالنار ما زالت تحت الرماد. وتكفي الاشارة الى ان اكثر من
2.5 مليون شاب سعودي تقدموا بطلبات اعانة بطالة منذ فتح باب التسجيل
رسمياً لهذا الغرض. واذا وضعنا في اعتبارنا ان المبلغ المخصص للعاطلين في
حدود 500 دولار امريكي، فانه من الصعب القول بان الشباب سيكتفي بهذا
المبلغ الضئيل الذي لا يكفي لسد احتياجاتهم المعيشية في بلد يشهد حالة
غلاء كبرى ناهيك عن تلبية مطالب هذا الشباب الاخرى مثل الزواج او السكن
المنفرد، وشراء سيارة وغير ذلك.
الامير طلال بن عبدالعزيز قال في
تصريحات نقلتها صحيفة 'نيويورك تايمز' ان هناك حفنة متنفذة من الامراء
المسؤولين تعارض عملية التغيير الديمقراطي، وهو محق في ذلك تماما، لانه
منذ الاعلان عن تخصيص المبالغ المالية الضخمة لشراء صمت الشباب (55 في
المئة من السعوديين تحت سن 26 عاما)، يسود انطباع في اوساط السلطات بانه
تمت السيطرة على الوضع ولا داعي لاي اصلاحات جدية.
الاصلاح السياسي ما
زال بعيدا في المملكة العربية السعودية، وتكفي الاشارة الى ان مجلس الشورى
السعودي المعين، والذي لا يملك اي صلاحيات فعلية، أوصى بالسماح للمرأة
بالتصويت في الانتخابات البلدية بعد ست سنوات