سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | واشنطن و تل أبيب و الوضع الجديد | |
2011 الارتباك الشديد الذي طبع الموقفين الأميركي و الإسرائيلي منذ اندلاع الثورة الشعبية في مصر تصاعدت وتائره مع انتشار الغليان في الشارع العربي ، بعد امتداد حركات الثورة و الاحتجاج و هو يتكرس بتقديرات و أفكار متناقضة تشغل دوائر التفكير الاستراتيجي في واشنطن و تل أبيب على السواء ، و لا يتصل ذلك فحسب بعنصر المفاجأة و بحساسية الظروف التي تحيط بالمصالح الأميركية و الصهيونية في المنطقة ، بل إنه نابع أيضا من كون الإمبراطورية الأميركية ما تزال أسيرة هزائمها و تراوح في محاولات متعثرة لاحتواء فشلها التاريخي و الخسائر التي انتهت إليها حروبها و حروب إسرائيل في الشرق العربي الذي يشهد تشكل بيئة جديدة تنطلق مة فكرة التحرر و الاستقلال و رفض الهيمنة و الاحتلال في ظل نشوء كتلة مقاومة كالت العديد من الضربات الموجعة للمشروع الاستعماري الأميركي الإسرائيلي خلال السنوات الماضية.يستعصي على القادة في واشنطن و تل أبيب اعتماد وصفة واحدة إزاء ما يجري و حيث يمكن لكل موقف سياسي و عملي اتجاه الأحداث في بلد عربي معين ان يترك تأثيرات عكسية قد تزيد الأمور صعوبة و تعقيدا في التعامل مع أوضاع بلد آخر بينما تستمر ثنائية الأمن الإسرائيلي و النفط هي العصب الحاكم لصياغة الخيارات التي يأسرها انتظار قد لا يطول خشية فقدان القدرة على المبادرة و التأثير بصورة شبه كلية .أولا نظر كثيرون إلى الثورات العربية على انها تعبير عن مشيئة أميركية خفية بعد استهلاك قدرات الانظمة التابعة التي فقدت أهليتها في خدمة مصالح الولايات المتحدة ، و هم استندوا في ذلك إلى ان التغييرات السياسية التي جرت في مصر و تونس ظلت في حدود القشرة السياسية لشكل الحكم بتنحية مبارك و بن علي و عدد من رموز حكمهما و في ظل العلاقات الوثيقة المستمرة بين البنتاغون و قادة جيشي البلدين و حيث بدا التنسيق متينا و متواصلا بين القيادة العسكرية المصرية و الإسرائيليين و بعدما أكد جنرالات المجلس العسكري في القاهرة على التمسك باتفاقية كمب ديفيد و بالتنسيق الأمني المترتب عليها جهارا ، على الرغم من صيحات فك الحصار عن غزة التي تعالت في ميدان التحرير ، بينما اتجهت الإدارة الأميركية بوضوح نحو التدخل العسكري في ليبيا التي باتت في أتون حرب داخلية و في حين تدرس في دوائر القرار الغربية احتمالات احتلال منابع النفط .ثانيا اظهرت الولايات المتحدة و إسرائيل في بداية الأحداث العاصفة تمسكا قويا بدعم الأنظمة التي هزتها الثورات و خلخلتها و عندما فرض الشعب رحيل بن علي و مبارك و تقليص سيطرة القذافي شرع الأميركيون مباشرة في تثبيت دعائم نفوذهم داخل الواقع الجديد من خلال بقايا الأنظمة و تحركوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و هو ما تجسد في رعاية الأشكال الانتقالية للسلطة و التعامل معها لترجيح كفة القوى المحافظة المستمرة من خلال المكونات العسكرية و الحزبية التقليدية المرتبطة بالنفوذ الغربي.و إذا كانت الحركات الشعبية لا تمتلك برنامجا او مشروعا متبلورا ، مما يفرض مسارات متعرجة للأحداث و يقود نحو مساومات و انماط من المساكنة مع القوى القديمة فإن ذلك لا يعني أن ما جرى كان ترجمة لقرار أميركي ففي ذلك التفسير الكثير من التسطيح و التعلق الأعمى بنظرية المؤامرة ، بل إنه يعني بالمنظور التاريخي ان الثورة التي نضجت شروطها لم تبلور مشروعا سياسيا بديلا للسلطة ، و هي لذلك توصف بأنها معلقة و مهددة بالاحتواء و المصادرة و بمخاطر الارتداد ، و يظهر من النموذجين المصري و التونسي ان ذلك التبلور سيكون في عهدة المجابهة التي تخوضها القوى الفتية و الصاعدة مع التحديات الجديدة و في سياق من الصراع السياسي الاجتماعي الذي سوف يستغرق زمنا غير قليل و تضحيات جزيلة كما يتبين بالتجربة و هذا هو القانون الذي تقودنا إليه مسيرة التطورات .ثالثا إن تحييد الجيشين المصري و التونسي خلال التحركات الشعبية كان وصفة أميركية أصلا و كذلك النصح الذي قدمه الأميركيون بالسعي لافتداء التغييرات الجذرية عبر قبول الجنرالات بإشراك القوى السياسية التقليدية المعارضة لمحاصرة القوى الحية الجديدة و عزلها بل و اختبار قمعها إن امكن ذلك .من الملاحظ بالفعل أن كل خطوة قطعها التغيير السياسي كانت إثر مواجهات دامية خاضها المتظاهرون الشباب المصمون على التغيير الأبعد مدى و هذا ما أفضى لإقالة حكومتي الغنوشي و شفيق بينما في ليبيا و بعد الدعم الغربي الصريح للقذافي و التغاضي المفضوح عن المذابح التي ارتكبها و تحت ضغط الرأي العام الغربي اضطرت حكومة الولايات المتحدة لاتخاذ مواقف و تدابير تسعى بواسطتها للتدخل المباشر في ليبيا و حيث يسود انقسام في مواقع صنع القرار بين خياري اعتماد النموذج السوداني في رعاية التقسيم و تكوين ظروف تتيح السيطرة على النفط و التحكم بضفتي الصراع أو النموذج العراقي عبر الاحتلال المباشر لمنابع النفط و تغذية الحرب الأهلية في بلد منقسم و شاسع المساحة .رابعا الهم الإسرائيلي يتركز محوريا على منع تطور التغييرات السياسية العربية من الاندفاع نحو حالة جديدة تضع فلسطين في صلب التزامات الحكومات الجديدة التي يبدو أن مخاضها المتدحرج سوف يطول و يعول الإسرائيليون في الحالة المصرية خصوصا على ان تستنزف طاقة الثورة في الهموم الداخلية الاقتصادية و السياسية و الأمنية لفترة كافية لاسترجاع إسرائيل زمام المبادرة على صعيد المنطقة فإسرائيل التي أقامت روابط تعاون متعددة المستويات مع انظمة ما سمي بالاعتدال العربي و عولت على تقدم منطق التسويات و التطبيع لمحاصرة حركات المقاومة تركز اهتمامها على خطر تفتح عروبة جديدة مناضلة خصوصا في مصر لأن ذلك سينذر بانقلاب استراتيجي خطير على صعيد ميزان القوى في المنطقة و الصراع العربي الإسرائيلي خصوصا .خامسا تشغل التداعيات المحققة في الأردن و السعودية و العراق مركز الاهتمام الأميركي الإسرائيلي على السواء و سوف يتركز القسط الرئيسي و الحاسم من جهود الولايات المتحدة و إسرائيل على هذه البلدان العربية الثلاث لمنع إفلاتها من قبضة النفوذ الغربي بأي ثمن .فالتحركات الشعبية في الأردن تقودها قوى سياسية معارضة مساندة لخيار المقاومة في الصراع ضد الاحتلال الصهيوني و هي رفعت شعار إسقاط اتفاقية وادي عربة بينما تجمع التظاهرات العراقية الحاشدة بين شعاري مقاومة الاحتلال الأميركي و تغيير الحكم الذي انبثق و تشكل في ظله ، في حين يعتبر الأميركيون و الإسرائيليون ان المملكة السعودية هي آخر ما تبقى من معاقل ما يسمى بالاعتدال العربي .لهذا السبب صدر الضوء الأحمر لملك البحرين بوقف حمامات الدم في ساحة اللؤلؤة ، و طالبه الأميركيون بعرض التفاوض على المعارضة ، و ساد الارتباك و الخرس السياسي في واشنطن إزاء المسيرات العراقية الحاشدة التي ختمت الكثير من صدوع الانقسامات الطائفية و المذهبية التي انتجها الاحتلال و تحصن بها ، بينما يسعى الأميركيون جاهدين للجم الحريق الثوري في اليمن حيث تتواجد قواتهم مباشرة ، و يدرك الإسرائيليون خصوصا ان اجتياح حمى التغيير لهذه الساحات الثلاث سيعني التعجيل بقيام وضع نوعي جديد على خط الصراع حول فلسطين و في المنطقة عموما فالقوة المحافظة السعودية كانت دوما داعمة و مساندة لمنطق الاتفاقيات المنفردة منذ اتفاقية كمب ديفيد و هي تولت قيادة الحملة المعادية لقوى المقاومة اللبنانية و الفلسطينية و خاضت في الركاب الأميركي صراعا شرسا ضد سورية و إيران ، بينما يتركز الجهد الإسرائيلي الاستراتيجي منذ عام 1948 على منع تحول العراق إلى قوة مساندة او مشاركة للجبهة السورية فيما الأردن سيبقى بيت قصيد صهيوني لاعتبارات عديدة أقلها الجوار الجغرافي و التشابك السكاني مع الضفة الغربية المحتلة و أعزها مشروع الوطن البديل القديم الجديد الذي لا يبرح العقل الإسرائيلي .تجربة الثورة المصرية أظهرت صعوبة الاحتواء الأميركي و هي تبشر بتدحرج الصيغ السياسية المزدوجة للسلطة الجديدة بينما انتقال العدوى إلى السعودية يبين استحالة إقامة السدود في وجه التحولات الحاصلة على صعيد الوعي و المزاج الشعبيين و لذلك فإن التخطيط خلال الأشهر القليلة المقبلة لشن حرب إسرائيلية ضارية و مدمرة على سورية و لبنان و غزة ، و التصعيد في استهداف سورية و إيران بشتى الوسائل يبدو هو الطريق المرجح لمحاولة لجم الانهيارات المتمادية في منظومة السيطرة الاستعمارية التي عمرت أربعين عاما و ظلت قادرة على إحياء مشاريعها رغم ما لحق بها من خسائر منذ الثورة الإيرانية حتى رحيل حسني مبارك عن الرئاسة المصرية . | |
|