فليذهب الشرق الاوسط الى الجحيم
اليكس فيشمان
2011-02-21
استخدام الفيتو الامريكي في مجلس الامن في نهاية
الاسبوع يغلق للقيادة في اسرائيل أذنيها وعقلها. فهم يصرون على عدم فهم
الرسالة التي تأتي من واشنطن: الشرق الاوسط يمكنه أن يذهب الى الجحيم،
الامر الوحيد المهم اليوم هو الانتخابات الرئاسية.
الفيتو الامريكي يأتي لتلبية الاحتياجات الداخلية للرئيس اوباما. لا تقف خلفه أي بشرى للمنطقة. بالعكس.
فمؤيدو
الوضع الراهن في اسرائيل، مثلما ايضا معارضو المسيرة السياسية في العالم
العربي، يمكنهم أن يستريحوا. فقد انتصروا. الجمود سيستمر. الامريكيون تخلوا
عنا. اذا ما استؤنفت المسيرة السياسية، فهذا لن يحصل الا بعد الانتخابات
التالية للرئاسة، او بعد موجة اخرى من سفك الدماء في المنطقة. منوط هذا بما
يأتي اولا.
خلف الفرضية في ان البيت الابيض استخدم الفيتو على قرار
مجلس الامن لشجب اسرائيل في ضوء استمرار البناء في المناطق، يقف الكونغرس.
حين علم باقتراب بيان الشجب، صدرت رسائل ودعوات للرئيس ولوزيرة الخارجية من
مشرعين كبار من الحزبين. وعلى الرسالة التي تدعو الادارة الى استخدام
الفيتو وقع في غضون عشر ساعات 110 مشرعين من الحزبين. وبينما هذه الرسالة
على مكتبه، ادار الرئيس تلك المكالمة الطويلة التي استغرقت نحو خمسين دقيقة
مع ابو مازن، في محاولة لاقناعه بسحب مشروع الشجب. ولكن ابو مازن كان قد
حشر بقراره ذاته رفع المشروع، فشل، فضعف أكثر فأكثر.
في النصف الثاني
من ولايته اختار اوباما استراتيجية جديدة. من اللحظة التي تبين له فيها حجم
الفشل في انتخابات منتصف الولاية بات يفعل كل شيء كي يقلص العداء لسياسته.
وقد أجرى تغييرات في الوظائف ترمي الى ابعاد البارزين والايديولوجيين من
بين الموالين له. وحدد أجندة جديدة: انتهى عصر المواجهات مع الجمهوريين.
وهذا صحيح بالنسبة للمواضيع الداخلية مثل الميزانية والاقتصاد، أم بالنسبة
لمسائل السياسة الخارجية مثل الشرق الاوسط.
كما أن هذا هو التفسير
للموقف الامريكي تجاه اوباما في الايام الاولى من الثورة في مصر. لم تكن
هناك أي استراتيجية. كان هنالك انصات لاصوات من الداخل في الولايات
المتحدة. الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي والتيارات المحافظة في الحزب
الجمهوري كل لاسباب ايديولوجية مختلفة يرون في الخطوة الدراماتيكية الحل
لكل مشاكل العالم. وعندما يصرخون له في الداخل: ديمقراطية للعالم العربي،
يقول باراك اوباما لخبرائه في شؤون الشرق الاوسط: القوا باوراقكم الى سلة
المهملات. أكثر اهمية لي السياسة الداخلية من مستقبل مبارك.
وهكذا ايضا
بالنسبة للفيتو. الولايات المتحدة لا تستخدم الفيتو لانها تؤيد السياسة
الاسرائيلية. مجلس النواب اراد منع الشجب، واوباما اراد ارضاء مجلس النواب.
فضلا عن ذلك، يقولون اليوم في البيت الابيض، مع هذه العصبة المجنونة في
الشرق الاوسط فان المسيرة السلمية على أي حال لن تصل الى أي مكان.
عندما
جلس وزير الدفاع ايهود باراك الاسبوع الماضي امام وزيرة الخارجية
الامريكية، مستشار الامن القومي ووزير الدفاع الامريكي أعربوا عن احباطهم
العميق، اما اليوم ـ في ضوء السياسة الجديدة ـ فلم يعد بامكانهم الضغط. وهم
لا ينجحون في أن يفهموا انغلاق الحس الاسرائيلي الذي يتمسك بالجمود
السياسي الان بالذات حين يكون كل الشرق الاوسط يعتمل. لدينا ولديكم مصلحة
مشتركة، قالوا لباراك، اقترحوا خطة سياسية مصداقة لسلام اقليمي.
هذا سينقذ ابو مازن، هذا سينقذ عبدالله الاردني، هذا سيخرج الفتيل الاسلامي المتطرف في مصر قبيل الانتخابات في ايلول (سبتمبر).
عندما
يترنح العالم حولكم، لا تسمحوا للفراغ بان يسيطر ـ إذ الى هناك ستدخل
عناصر معارضة. اذا لم يأتِ الفلسطينيون، هذه مشكلتهم. ولكن أنتم، اسرائيل،
يمكنكم على الاقل ان تقزموا موجة نزع الشرعية القائمة ضدكم في العالم.
باراك جلب هذه الرسالة الى البلاد وفي القدس اضافوا شريحة اخرى من الاسمنت الى الدماغ.
يديعوت 21/2/2011