اليوم فقط بإمكانك أن ترفع رأسك، سواء كنت ضمن أولئك الذين شاركوا فى
احتجاجات المصريين المتواصلة منذ بداية ثورة 25 يناير، أو ضمن أولئك الذين
أيدوهم ولو بالدعاء.. أو حتى كنت من مؤيدى مبارك، فاليوم أضاف المصريون
جميعاً لقب "رئيس سابق" لقاموسهم السياسى وتاريخهم المشرف. واليوم فقط لابد
ألا تشغلك فرحة الانتصار عن التفكير جيداً فى مصر ما بعد مبارك.
منذ يومين نفى القيادى الإخوانى د.عصام العريان، فى تصريحات له نية جماعة
الإخوان فى تولى السلطة فى الفترة المقبلة، مؤكداً أن ما يشغل الجماعة
حالياً هو الخلاص من النظام، الأمر الذى فتح حواراً بينى وبين صديق إخوانى
حول رؤية الجماعة لمستقبل مصر، إيماناً بأن كل ما هو غير رسمى ـ بمنطق
الأشياء ـ لا تشوهه الرتوش، ويكون أقرب للحقيقة. وكان صادماً رد الصديق
بالتبرؤ القاطع من توالى مهام السلطة حالياً، قائلاً: مبارك أفسد مصر 30
عاماً ومن الظلم أن يتولى الإخوان الآن إصلاح الوضع بمفردهم.. حينها فقط لم
يتبادر إلى ذهنى إلا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
أعلم مسبقاً أن الشباب هم الأحق بتلك المرحلة، لكن حسابات المنطق تحتم
اختيار ولاية رئاسية تتسم بالحكمة، وتتبلور خلالها قيادات شبابية تقود مصر
فى العقود المقبلة، وإيمانى بعمرو موسى لا يتعارض مع ثورة 25 يناير، فيظل
موسى فى تقديرى أكثر المؤهلين لولاية الفترة المقبلة، يظل وحده السياسى
الأكثر حياداً ونزاهة، والذى تعرض للإقصاء من الحياة الدبلوماسية المصرية
بحجة تولى مهام إدارة الجامعة العربية، بعد أن أصبحت شعبيته تهدد بالفعل
كافة رجال النظام بما فيهم مبارك نفسه.
الآن فقط ترقد أروح شهداء 25 يناير وما بعده بسلام، الآن فقط استقرت أبدان
ضحايا التعذيب فى عهد الاستبداد، الآن فقط بإمكانك الرهان على هذا الشعب
الذى أثبت للعالم بأكمله أنه لا يزال قادراً على الحياة بشرف وكرامة..
وبإمكانه بلا أدنى شك أن يرسم ملامح مستقبله دون إملاءات ودون وصاية.