ذا تأملت قليلاً كل وسائل الإعلام الحكومية ستجد أنها فى الحقيقة لم تغير منهجها، أى طريقة الأداء، فبدلاً من تقديس الرئيس أصبحت تقدس كل ما يمت بصلة إلى ثورة 25 يناير. أى أن المضمون تغير ولكن طريقة الأداء كما هى، وكلاهما فى عهد الرئيس مبارك ومن بعده أظن أنهما لا يفيدان البلد.
فهذه المؤسسات قبل عدة أيام قليلة كانت تمجد الحزب الحاكم، وتمجد السيد الرئيس، وكان سقف النقد فيها لا يصل أبداً إلى الرئيس وأسرته وبعض الشخصيات الكبيرة فى الحزب والحكومة. كان القائمون عليها يرفضون نشر أى وجهات نظر أخرى من معارضيه، بل وكانت تلون بشكل أو بآخر الأخبار، أى غابت المهنية إلى حد كبير، وأصبحت مثلها مثل الصحف الحزبية، مجرد نشرات دعائية تمجد الحزب الحاكم وتلعن معارضيه، رغم أنها مؤسسات صحفية وإعلامية يملكها جموع المصريين ويمولونها من ضرائبهم.
وهنا لا بد من القول أننى لا أدين القائمين عليها فى عهد مبارك، فالذى يضع السياسية التحريرية لأى مؤسسة هو مالكها ولا يستطيع أى رئيس تحرير أن يغيرها، ولا يستطيع أن يتخطى الخطوط الحمراء، والسلطة الحاكمة كانت هى المالك الفعلى لهذه المؤسسات، وهى التى تختار وتقيل رؤساء تحريرها، أى أنه لا فرق بينها وبين مؤسسات التى تملكها الأحزاب أو القطاع الخاص.
أما الآن وبعد ثورة 25 يناير، هناك إمكانية لإعادة هذه المؤسسات لأصلها، وهى أنها مؤسسات قومية لا بد أن تتمثل فيها كل الأطياف الفكرية والسياسية والدينية.. إلخ. ولذلك لسنا بحاجة لأن يمتدحوا هذه الثورة النبيلة، كما كانوا يمتدحوا الرئيس مبارك ونظامه. ومن هنا لا يجوز أن يغيب عن هذه المؤسسات القومية أن هناك قطاعاً من المصريين حزين على غياب الرئيس مبارك، وهناك قطاعاً لا يرى أن هذا العهد كان كله مساوئ، وهؤلاء من حقهم أن يجدوا تمثيلاً لهم فى المؤسسات التى يشاركون بضرائبهم فى تمويلها.
كما أنه من الناحية المهنية للصحافة ليس من حقك أن تغيب طرف من أطراف الخبر، وليس من حقك استبعاد طرف من أطراف التحقيق الصحفى، ولا يجوز أيضاً أن يغيب عن مقالات الرأى اتجاه موجود فى البلد. باختصار هناك فرصة تاريخية لأن تعود هذه المؤسسات قومية بجد، تمثل كل المصريين، فهذه الثورة العظيمة فى رأيى لا تحتاج إلى منافقين يفسدونها، ولكنها تحتاج إلى ناقدين يدفعونها إلى الأما