نصبت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية من نفسها 'محامي الشيطان' عندما دافعت بشراسة عن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل ونجاحه في فرض وجهة نظره على الادارة الامريكية حول ضرورة استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين دون تجميد الاستيطان.
فالسيدة كلينتون استغلت لقاءها مع وزراء الخارجية العرب في مراكش يوم امس لتمتدح مجددا مواقف نتنياهو 'غير المسبوقة' في الحد من النشاط الاستيطاني، وتعتبر هذا 'التنازل' كافيا لعودة الفلسطينيين الى طاولة المفاوضات مجددا.
الوزراء العرب اعربوا في العلن عن خيبة املهم تجاه هذا الانقلاب في الموقف الامريكي، واعتبروه نسفا لجهود السلام، ولكننا لا نعرف ما قالوه للسيدة كلينتون في السر اثناء الاجتماعات المغلقة، خاصة ان وزيرة الخارجية الامريكية كررت مطالباتها السابقة لنظرائها في دول الاعتدال بضرورة الاقدام على خطوات تطبيعية مع الحكومة الاسرائيلية الحالية لتشجيعها على المضي قدما في عملية السلام.
ان اكثر ما نخشاه ان يقوم وزراء الخارجية العرب بتبني وجهة النظر الامريكية الجديدة حول الاستيطان، ويمارسوا ضغوطا على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس للتراجع عن موقفه باشتراط تجميد كامل للاستيطان في الضفة الغربية والقدس للعودة الى طاولة المفاوضات مجددا.
وما يجعلنا نرجح ذلك ان دولا عربية عديدة اتصلت بالرئيس عباس مطالبة اياه بالذهاب الى نيويورك، وتلبية دعوة الرئيس باراك اوباما، لحضور الاجتماع الثلاثي مع بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة. حتى ان ولي عهد احدى امارات دول الخليج العربية ألح على الرئيس الفلسطيني بعدم التردد في المشاركة في الاجتماع واغضاب رئيس امريكي يعتبر من اكثر الزعماء الامريكيين تفهما للقضية العربية ورغبة في ايجاد تسوية للقضية الفلسطينية.
الرئيس الفلسطيني يجب ان يتمسك بموقفه، وان لا يعود الى المفاوضات مع حكومة اسرائيلية يمينية متطرفة تريد ابتلاع الارض وتهويد القدس المحتلة، وتقسيم المسجد الاقصى، واقامة كنيس يهودي في باحته.
فما الفائدة من استئناف المفاوضات في ظل هذه السياسات الاستفزازية، وهذا الانحياز الامريكي الواضح لها، اللهم الا اذا كان الهدف هو اعطاء نتنياهو وحكومته صك براءة، وكسر العزلة الدولية المفروضة عليه وحكومته بسبب مواقفه المتطرفة هذه.
ادارة الرئيس اوباما خسرت مصداقيتها في العالمين العربي والاسلامي بتراجعها المعيب عن مواقفها السابقة المعارضة للاستيطان، واعطت بذلك انطباعا بانها لا تختلف كثيرا عن ادارة الرئيس جورج بوش السابقة ان لم تكن اسوأ منها كثيرا.
ان هذه المواقف المنحازة لاسرائيل وحروبه الدموية في كل من العراق وافغانستان، سترتد سلبا على صورة الرئيس اوباما في العالم الاسلامي، وستظهره في اعين العرب والمسلمين رجلا ضعيفا مترددا يرضخ بسهولة للوبي الاسرائيلي في بلاده أملا في انقاذ شعبيته المنهارة.
الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 4:57 am من طرف هشام مزيان