انظمة عربية متوحشة
غي بخور
2010-12-16
انتصار حزب السلطة في مصر والمتنافسين المستقلين
الذين ينتمون اليه، بالاغلبية الرائعة 95 في المائة، يعيد الشرق الاوسط
سنوات الى الوراء. مع انصراف من يعتبر الشرطي المهدد، الرئيس جورج بوش،
الذي طلب الديمقراطية حتى في منطقتنا، وفي ضوء رئيس ضعيف وشاحب كباراك
اوباما لم يعودوا يخافون في حارتنا من الولايات المتحدة أو من الغرب.
الوحشية
عادت، ومعها الاعتقالات، التنكيل بالمعارضة والشرطة السرية.
بعد أن
انتصر الرئيس السوري قبل سنتين باغلبية اسمية بلغت 97.5 في المائة، ورئيس
تونس قبل سنة باغلبية 89.9 في المائة، فان المعنى هو عودة الانظمة القديمة،
مع شرعية سلطوية موهومة من جانبها. الخوف الذي وقع على هذه الأنظمة بعد
سقوط رفيقهم صدام حسين، تبدد. ومعه تبدد ايضا الادعاء بالديمقراطية.
قبل
أربع سنوات كان هناك من ادعى بان السلطة الفلسطينية أيضا أبدت بوادر
ديمقراطية، ولكن الانتخابات لبرلمان رام الله كان يفترض بها ان تعقد قبل
نحو سنة تقريبا، والانتخابات للرئاسة قبل سنتين،ولم يحصل شيء.
'الديمقراطية' القصيرة برعاية اسرائيل الغيت، ومعها ايضا شرعية حكومة سلام
فياض والرئيس ابو مازن، الذي انقضت ولايته منذ زمن بعيد.
كان هذا تحولا
ديمقراطيا مفروضا في العالم العربي، قصير العهد، محقر ومنقطع عن الواقع
التقليدي او الديني للمنطقة. التحول الديمقراطي الذي خاف من نتائجه المحملة
بالمصائر: التحول الى فوضى مثلما في العراق او الى دولة شريعة مثلا في
غزة.
في ايران ظهرت قبل نحو سنة ونصف بادرة استيقاظ في الشوارع، ولكن
اوباما، الذي يقدس الوضع الراهن، سمح لهذه البادرة بالانطفاء، ودون أي
تأييد من جانبه. كانت هذه اشارة واضحة للانظمة، حتى للنظام الايراني، بانه
معهم. وهو لن يؤدي الى سقوطهم.
سيماء الوحشية للانظمة العربية هي عملية
سلبية ومؤسفة، ولكن من ناحية اسرائيل يوجد فيها الكثير من الايجابية ايضا،
لان معارضي هذه الانظمة معادون لاسرائيل أكثر بكثير ويتماثلون مع الاسلام
الراديكالي واليسار المتطرف. مع موت الديمقراطية عاد الاستقرار الى الدول
العربية، والانظمة استقامت بظهورها المنحنية.
الاسلام السياسي، الذي
صعد برعاية الديمقراطية المفروضة، صد من جديد. في مصر لم ينجح حتى ولا
مندوب واحد ينتمي الى الاخوان المسلمين، لا كحركة، محظورة التنظيم السياسي،
ولا كمستقلين. البرلمان الفلسطيني تسيطر عليه حماس، التي فازت في انتخابات
2006، ولا ينعقد على الاطلاق. قسم من اعضائه يوجدون في السجن. وهكذا هو
الوضع في باقي الانظمة العربية: مع عودة الوحشية حشر الاسلام السياسي عائدا
الى مكان اقل تهديدا من ذاك الذي كان فيه في العقد الاخير، والاستقرار
الاجتماعي عاد ظاهرا. محظور على اسرائيل ان تتدخل في هذه السياقات
الداخلية لدى الدول المجاورة. اذا كانت هذه تريد ديمقراطية فليكن. اذا لم
تكن تريد، فليكن ايضا. لا أزال أتذكر كيف في المحادثات على الانتخابات في
المناطق حاولت اسرائيل فرض الديمقراطية على الفلسطينيين ومطالبة ياسر عرفات
في أن يكون أكثر من مرشح واحد (هو) للرئاسة. ليس هذا دورنا، كما أنه لا
يفترض أن يهمنا من ينتخب العرب. هذا مصيرهم.
الى جانب ذلك، من عودة
الانظمة المستقرة اسرائيل بالذات تستفيد. كلهم يخافون من الشيعة ومن
الاسلام السياسي، وكلهم تقريبا يقيمون علاقات طيبة مع اسرائيل، حتى وان كان
تحت السطح.
في الغرب البعيد يمكنهم ان يأسفوا على أن الديمقراطية
تتبخر من العالم العربي، ولكن من يبحث عن استقرار، مسؤولية وتفاهمات هادئة
في الشرق الاوسط، يمكنه بالذات ان يجد تشجيعا من عودة الماضي، ومن هزيمة
الـ 5:95 التي الحقها مبارك بمعارضيه.
يديعوت 16/12/2010