** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
avatar


التوقيع : البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني Image001

عدد الرسائل : 1537

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني Empty
11122010
مُساهمةالبهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني

[b]إن التحدّيات التي تواجه الإنسانية معقَّدة ومترابطة. ولا يقلّل البهائيون من شأن المجهود الجماعي والفردي المطلوب إذا كانت ستواجه هذه التحديات بشكل فعّال. نشأ الكثير من هذه التحديات لان المجتمع العالمي فشل في الوصول إلى سلام عالمي دائم من ناحية، ومن ناحية اخرى لأنه لم يعترف بوحدة العالم الإنساني الذي يمكّن ذلك السلام من أن يتأسس. لذلك مع إيمان البهائيين أن"..السلام العالمي ليس ممكناً وحسب، بل إنه أمر لابد أن يتحقق"19 يتفضل حضرة بهاءالله قائلاً، لا يمكن تحقيق إصلاح العالم وراحة الأمم إلا بالاتحاد والاتفاق".20
إن الفشل في معالجة القضايا التي تواجه البشرية يؤدي ليس فقط إلى مآسي إنسانية مثل الفقر، والمجاعة والمرض وبالنهاية إلى موت ألوف بل وملايين الناس فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى تحويل هذه المآسي إلى بؤر تُفرز العنصرية، الاضطراب الاجتماعي، العنف، الإرهاب والحرب، مما يساهم في المزيد من الفقر والمجاعة والمرض والموت. لا يمكن، بنظر البهائيين، كسر هذه الحلقة بمعالجة كل قضية بمفردها، رغم الأهمية المُلحّة لذلك. إن المطلوب هو عمل جماعي تتخذه حكومة فدرالية عالمية. ولكن، إدراكاً منهم أنه يجب القيام بالعمل في موازاة السعي لإقامة مثل هذه الحكومة، يدعم البهائيون بشدة برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، واستئصال الفقر، والترابط الاجتماعي، وترويج نشر مبادئ الصحة والسلامة، والتربية والتعليم، والشؤون الاجتماعية. يوجد الآن اكثر من 2000 منظمة ومشروع بهائي تستوحي مسارها من التعاليم البهائية Baha’i-inspired projects لمعالجة هذه القضايا.
يدرك البهائيون أن الفقر هو من أكثر المشاكل التي تواجه الإنسانية تعقيداً في القرن ال 21. ويحتل موضوع استئصال الفقر مكانة عالية على جدول أعمال المجتمع الدولي، ولكن الجهود المبذولة للتعامل معه بفعالية لم تنجح نجاحاً باهراً بعد. والسبب في ذلك، بنظر البهائيين، هو الإخفاق في معالجة المشكل الأساسي الناتج عن عدم اتحاد العالم، والعجز عن توجيه الموارد إلى الأماكن التي هي بأقصى حاجة إليها، لأن الهيكلية السياسية العالمية التي يمكنها القيام بذلك ليست موجودة في الوقت الحاضر. وعلاوة على ذلك، كل من الجهتين المانحة للمساعدة والمستلمة، لديها تحفظات على أخلاقيات وأمانة الطرف الآخر، وقد أدّت حالات الفساد إلى تعكير العلاقات وتقويض الثقة بينهما. أصبح من الواضح أن تقديم "المعونة" وإعادة البنية الاقتصادية، وحتى إلغاء الديون، ما هي إلا حلول قصيرة الأمد، وفي بعض الأحيان قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة عوضاً عن حلها. يعتقد البهائيون أن العمل على عدة جبهات في آن واحد – بما فيه تربية وتعليم النساء، تطوير القيادة الأخلاقية، خلق فرص للعمل، توعية الشباب على قدراتهم، والمشاركة الطوعية، بالاضافة إلى المساعي لتأسيس بنية الحكم العالمي – كلها ضرورية لمعالجة هذه المشكلة الشائكة.
البيئة هي من القضايا الاجتماعية الأخرى التي تحتاج إلى انتباه عاجل. إن الانحطاط في مستوى البيئة، التغيير في المناخ، الاستثمار غير المضبوط واستنزاف مصادر الكرة الارضية مواضيع تحوز على انتباه أناس كثيرين، ومنظمات غير حكومية والمؤسسات التجارية، وأيضاً على اهتمام حكومات ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يقلق الناس ما تؤول إليه أوضاع البيئة ولكنهم يشعرون بالعجز حيال عمل أي شئ مجدٍ. ورغم أنه بالحقيقة تقع مسؤولية معالجة الكثير من المسائل البيئية على كاهل الحكومات، ومؤسسات تجارية، ومنظمات عالمية تعمل معاً، يعتقد البهائيون أن الأفراد يتحملون بعض المسؤولية ولهم دور مهم ليؤدوه. فالأفراد هم الذين بإمكانهم أن ينمّوا في نفوسهم ونفوس عائلاتهم القيم الروحانية والبصيرة الموجودة في التعاليم البهائية التي تلقي الضوء على علاقة الإنسانية بالطبيعة.
ليست نظرة البهائيين تجاه الطبيعة نظرة عاطفيّة، إذ إنّهم يعتقدون أنها تعكس القدرة الإلهية. لذلك، يخُّص الدين البهائي كل مظاهر الحياة بالإجلال، وينظر البهائيون إلى الطبيعة بغاية الاحترام، علّم حضرة بهاءالله أن الطبيعة في جوهرها تمجد اسم الله،"وهي الإرادة وظهورها في رتبة الامكان" وشجع أتباعه قائلا " فانظر العالم وتفكّر فيه" لأن ذلك يمكّن العالم من أن "يُريك كتاب نفسه وما سطر فيه ويُخبرك بما فيه وعليه" وأن "يُفصح لك على شأنٍ يُغنيك عن كل مبُيّن فصيح"21. من هنا يستطيع الأفراد أن يطوّروا مفهوماً عن عالم الطبيعة كنظام موحد وأن ينموا تقديراً عميقً للعلاقة فيما بين البيئة والبشر. وعلى المستوى العملي، يمكن للأفراد أن يتفحصوا قِيَمهم ونمط حياتهم الذي انبثق منها، ومن ثم أن يحدّدوا أين يمكن إدخال التعديل عليها. على سبيل المثال، يمكنهم اتخاذ خطوات متواضعة كأن يسعوا للإفادة من المواد المعاد تصنيعها للاستعمال (recycling) أو يقوموا بتحويل نفاياتهم إلى سماد (composting)، ويخففوا من استعمال سياراتهم، ويطفئوا الأضواء غير الضرورية. ويمكنهم أن يعدلوا تقييمهم للأمور المادية والراحة الجسدية ووسائلها، ويغيروا أنماط استهلاكهم للمواد. وقد تبدو هذه الاجراءات على أنها جهود صغيرة للغاية ليست ذات أهمية تذكر بالنسبة للتعامل مع المشاكل البيئية الكبيرة، ومع ذلك، فهي تظهر العلاقة بين القيم والتطبيق، وتبين نوعية التصرف الفردي الذي سيروّج تطوير مجتمع أكثر استدامة.
تشّكل الزراعة وانتاج الغذاء بوجه عام قضايا اجتماعية مرادفة لموضوع البيئة. وهي ليست مرتبطة بأوضاع بيئية مقلقة فحسب بل ولها علاقة بأمور صحية في اتجاهات متعددة، امتداداً من أخطار المبيدات والمواد الملوثة للطعام وصولاً إلى اختيار أنواع الأغذية غير الصحية، والتي تؤدي إلى البدانة خصوصاً لدى الأطفال. إن عدداً كبيراً من البلدان الغربية قللت من أهمية الاعتناء بالزراعة أو أنها عرقلت إنتاج بعض المحاصيل الزراعية، علما أن حضرة بهاءالله أنذر ونبّه إلى ضرورة "الاعتناء الكامل بأمر الزراعة"22 مشدداً على أنها " سَبَبُ رُقِّي العباد وعمار البلاد".23 وقد سمّى حضرة عبدالبهاء الزراعة و"حراثة الأرض الأساس الأول للمجتمع"24، وطرح الخطوط العريضة لكيفية عمل مخزن القرية والمخزن المرادف له في المدينة.25 لذلك وعلى النطاق العالمي، يساند البهائيون استراتيجية الأمم المتحدة لتحسين مستوى تطور الزراعة وزيادة تأمين الغذاء. على سبيل المثال، عقدت الجامعة البهائية العالمية مؤتمر المدافعون عن سلامة الطعام الإفريقي: تخفيف أعباء النساء": Advocates for African Food security Lessening the Burden for Women” وهو ائتلاف منظّمات غير حكومية. يطلب من البهائيين على النطاق الفردي، أن يدعّموا "تطور الزراعة"26 بينما على المحافل الروحانية المحلية أن"ينمّوا تطبيق المقاييس الزراعية الصحيحة ومهارات أخرى في حياة الناس " بواسطة التشاور" وتطبيق مبادئ بهائية مثل الانسجام بين العلم والدين، أهمية التربية، وأن العمل هو شكل من أشكال العبادة".27
ومن المواضيع التي لها علاقة بالطبيعة، حقوق الحيوان. فمن العقائد الأساسية للدين البهائي وجوب إظهار العطف والرأفة تجاه الحيوانات. من واجب البهائيين أن "يظهروا منتهى المحبة والشفقة لكل كائن حي". "وكلما زاد ذلك كان أفضل"، ولأن الحيوانات لا تستطيع أن تحتج على القساوة في معاملتها، تفضل حضرة عبدالبهاء قائلا، "لذلك من الضروري أن تُظهر منتهى الاعتبار تجاه الحيوان، حتى أن عليك أن تعامله بدرجة من الحنان واللطافة أكثر مما تعامل أخاك الانسان"28 يجب أن يُكرّس جزء من مسعى تربية وتعليم الأطفال لتعليمهم المعاملة الحسنة والصحيحة تجاه الحيوان.
ربّوا أطفالكم منذ صغر سنهم بحيث يعاملون الحيوان بمنتهى الرأفة والرحمة، فيسعون في شفائه إذا كان مريضاً، ويطعمونه إذا كان جائعاً، ويروون ظمأه إذا كان عطشان، ويعملون على راحته إن كان تعباً. 29
يُسمح للبهائيين أن يمارسوا الصيد لأجل الطعام على ألا "يسرفوا في ذلك"30 ومن المتوقع أن يصبح الناس نباتيين في المستقبل. وأما بالنسبة لاستعمال الحيوانات للأبحاث، فقد أكد حضرة عبدالبهاء في رسالة ضرورة الرأفة بالحيوانات، وأوضح أنه "يمكن إجراء عملية جراحية على حيوان حيّ بهدف البحث العلمي حتى ولو قتل الحيوان نتيجة ذلك، ولكن يجب تخدير الحيوان بطريقة جيدة وممارسة أقصى درجات الانتباه حتى لا يتعذّب"31، وعلاوة على ذلك، وفي الوقت الحاضر، يُترك القرار في هذا الموضوع إلى ضمير الأفراد ليتوصلوا إليه بضوء التعاليم البهائية العامة حول حسن العناية والتصرف مع الحيوان. (يجوز لبيت العدل الأعظم أن يُشّرع مستقبلاً حول مسائل أخلاقيه لم يرد ذكرها صراحة في الكتابات البهائية).
يجب أن يُنظر إلى هذه الاعتبارات في ضوء التعاليم البهائية حول الصحة والاستشفاء، وتأمين العناية الصحية، وممارسة الأخلاق المهنية في مهنة الطب، وجميع القضايا الأساسية التي تواجه الإنسانية اليوم. إن التعاليم البهائية حول الصحة متداخلة مع وجهة النظر البهائية بأن طبيعة الانسان روحانية في جوهرها. لذلك، تعتبر الصحة بنظر البهائين، أكثر من فقط غياب المرض، وهم يدركون أن ليس للصحة جوانب بدنية وفكرية واجتماعية فحسب بل ولها أيضاً أبعاد روحانية. يُنظر الى الجسد على أنه "عرش الهيكل الداخلي"32، ويجب إبقاؤه معافاً ويجب حمايته. هذا له تداعيات ليس فقط على كيفية تعاطي الفرد مع جسده من ناحية الغذاء، والرياضة، والامتناع عن المخدرات، والكحول والممارسات المؤذية والمهنية، ولكن أيضاً من مسؤوليات الحكومة والمؤسسات الاجتماعية توفير وسائل الوصول إلى العناية الصحية وترويج ما يؤدي إلى المحافظة على الصحة. ولهذا التوجه أثره أيضاً على الأدوار التي يقوم بها المتخصصون في حقل الصحة، والمجتمعات والعائلات، والنساء في قيامهن بالعناية الصحية الأولية للمحافظة على صحة العائلة والمجتمع. بناء عليه، تكون الصحة، من ناحية، مسألة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار على كل مستوى من مستويات المجتمع، ومن ناحية أخرى، هي بنفسها تؤثر على كل مستوى من مستوياته.
يساند البهائيون مجهودات الأمم المتحدة ومساعي حكوماتهم بغية تأمين حصول جميع الناس على الخدمات الصحية والأدوية المناسبة، وتقدم مجتمعات ومؤسسات بهائية عديدة خدمات مرتبطة بالصحة كمشاريع تنمية اجتماعية. يركز الكثير من هذه المشاريع على التربية والتعليم، خصوصاً تربية وتعليم النساء كونهن يشكلن الخط الأمامي لتقديم الغذاء السليم، والممارسات الحياتية الصحية، والعناية الصحية لعائلاتهن ومجتمعاتهن. وعلاوة على ذلك، يسعى البهائيون إلى نقل الأشخاص العاديين، وخصوصاً النساء، من المشاركة الهامشية في صنع القرار حول الأمور الصحية إلى المشاركة الفعالة، وذلك بمساعدتهم على امتلاك مهارات مثل مهارة التشاور التي تمكّن الناس من المساهمة في أخذ القرارت حول مسائل تؤثر على حياتهم بهذه الدرجة من العمق. ويدرك البهائيون في الوقت نفسه أن مقدرة الحكومات على تقديم خدمات صحية ملائمة تعتمد إلى حد كبير على كل المسائل التي تحيط بالفقر والتنمية، والتي، بنهاية المطاف، يمكن لحكومة عالمية أن تعالجها معالجة شمولية على أحسن وجه.
من المواضيع الصحيّة التي أثارها البهائيون في بيانات لدى حكوماتهم أو لدى الأمم المتحدة، تشويه أعضاء النساء التناسلية genital mutilation، ومرض نقص المناعة HIV/AIDS ، والموضوعان بنظر البهائيين يتّسمان بالتعقيد وقد برز الاسباب منها عدم المساواة المزمن بين الجنسين، وتقبل الثقافات لممارسة عدم المساواة في المجتمع. إن الحلول للمسألتين معقدة أيضاً، ويصعب تحديدها. يعمل البهائيون بنشاط مع منظمات ووكالات أخرى لترويج العمل على الحد من ختان النساء، ويدركون أن التقدم في الطب والوصول إلى أدوية ملائمة ضروري للسيطرة على مرض نقص المناعة واستئصاله تماماً بنهاية المطاف. بينما تدعو الحاجة إلى اتخاذ خطوات فورية وعملية لتقليص الآفتين، يجب تفعيل حلول طويلة الأمد ايضاً، وعلى الأخص في التربية و التعليم، والتي ستغير المواقف وستؤدي إلى التصرف بمزيد من المسؤولية في السلوكيات الجنسية. لدى البهائين القناعة أن "التحول الروحاني هو السبيل الوحيد الذي بإمكانه دفع النساء والرجال إلى التخلي عن التصرفات" التي تساهم في استمرار انتشار مرض نقص المناعة.33 وفي الوقت نفسه، طلب البهائيون من قادة الأديان والشعوب من جميع الأديان أن يعاملوا اولئك المصابين بوباء الإيدز باللطف وأن يمارسوا قيادة تتسم بالأخلاقية وذلك بالتخلي عن مواقف الإدانة وأن يوجدوا جواً من المحبة والتفهم.
أدى التقدم في مجالات العلوم خلال السنوات الأخيرة إلى نشوء عدد كبير من المسائل الأخلاقية التي أبرزتها وسائل الإعلام، وشكلت تحديا للأفراد والحكومات، منها على سبيل المثال، التعديل الجيني للغذاء بواسطة الأشعة، والهندسة الجينية، والغربلة الجينية، والاستنساخ، والأبحاث في جذور الخلايا، والموت الرحيم. يدرك البهائيون أن هذه المواضيع وغيرها معقدة ولديهم القناعة انه "يمكن الوصول إلى الرأي السليم حولها بعد ما تتقدم المفاهيم العلمية أكثر بكثير مما هي عليه حالياً وتصبح التداعيات الاجتماعية أكثر وضوحا". لذلك فالبهائيون (في الوقت الحاضر) "أحرار في الوصول إلى استنتاجاتهم الخاصة على أساس معلوماتهم عن التعاليم البهائية حول طبيعة الحياة وغايتها". وبالاضافة إلى ذلك يُحَثُّ البهائيون على ألا يتكلموا بطريقة جازمة عن هذه القضايا وألا يعرضوا آراءهم الشخصية على أنها تعاليم الدين البهائي.34
وفي نفس الوقت، يعي البهائيون وعياً تاماً الأخطار الأخلاقية والمجازفات الصحية الناتجة عن سوء استعمال المواد والمتاجرة بها، وما تُفرزه من إجرام. يُعرض أشخاص من كل الخلفيات نفوسهم لمضار المخدرات والكحول لأسباب متعددة انطلاقاً من الرغبة في اللذة والترفيه ووصولاً إلى الفضول والبحث عن سبل لمعالجة الضغوط النفسية والأحزان الشخصية. وقد زاد استعمال المخدرات والكحول خلال السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة حتى وصل إلى مستوى الوباء في بعض مناطق العالم، مما أثر على المراهقين والأولاد- وهم الهدف الأكثر عُرضة لتجار المواد المضرة. يرى البهائيون أن العائلات والمدارس والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام والمجتمعات يشكّلون خط الدفاع الأول ضد زيادة استعمال هذه المواد. عليهم أن يكونوا المثال الصالح وأن يظهروا التصرف النموذجي، وأن يطرحوا نوعا من التربية والتعليم يُمّكن الناس من النمو روحانيا مما يساعدهم على تبني مواقف ايجابية تجاه أنفسهم والآخرين ومحيطهم. وفي الوقت نفسه، يعتقد البهائيون أن على السلطات والمسؤولين عن تطبيق القانون أن يضاعفوا من مساعيهم لتخفيض إمدادات المخدرات وإيجاد سبل تُمّكن المدمنين وكذلك مسببي هذا الفساد من معالجة إدمانهم. وعلى النطاق العالمي، من واجب الحكومات أن تعمل معا على كبح جماح إنتاج المخدرات والمتاجرة بها. إن العائلات والمجتمعات البهائية تسعى جاهدة لمواجهة هذه المسألة عن طريق برامج تربوية ترعى تطوير مواقف وسلوكيات روحانية عبر امتناعهم عن استعمال الكحول والمخدرات ليغدوا مثالاً يحتذى به.
يتخذ البهائيون موقفاً مماثلاً تجاه المتاجرة بالبشر. في كتابه الأقدس، حرّم حضرة بهاءالله الرق والاستعباد35 وفي رسالة وجهها إلى الملكة فكتوريا أثنى عليها لمنعها "بيع الغلمان والإماء"36. إن المتاجرة بالنساء للدعارة – وهو ظلم فادح وخطير تجاه المرأة ومظهر مخزٍ من مظاهر عدم المساواة – هو عمل مُدان أقصى الإدانة. يحث البهائيون الحكومات والهيئات الدولية لكي تشرع قوانين تمنع الاتجار بالرق، وان تتخذ إجراءات في غاية الشدة ضد المتاجرين به، وأن توفر الحماية اللازمة لضحايا هذه الظاهرة.
وفي الوقت نفسه، زادت الحروب الأهلية، والاضطهاد الديني والسياسي، والمجاعة، والفقر من أعداد اللاجئين زيادة كبيرة. تجهد بلدان حول العالم في سعيها للتعامل مع تدفق أعداد كبيرة من الناس المجبرين على مغادرة منازلهم سعياً وراء الأمن، الغذاء، المأوى أو فقط طلباً لحياة أفضل. لا يُلقى وضع كهذا بثقل كبير على سكان البلد المضيف فحسب بل وأيضاً يمزق خامة المجتمع، يدمر عائلات، ويحطّ من كرامة الروح الإنسانية لدى أولئك الذين أجبروا على إخلاء منازلهم. توقع البهائيون أن يكون مثل هذا التهجير ألقسري من النتائج التاريخية لعدم رغبة الحكومات تحسين أدائها في إدارة بلادها من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم توصلها إلى طرق فعالة للتعاون على النطاق العالمي. يرى البهائيون أن من المُلحْ الآن أن لا تكتفي الحكومات بمعالجة الحاجات الآنية لطالبي اللجوء، بل وعليها أيضاً معالجة الأسباب الكامنة وراء حصوله.
إن تأثير العولمة على المجتمعات حول العالم واضح، ويبدو أن نتائجه الإيجابية أقل شأنا من السلبية التي تؤدي إلى المزيد من الفقر بدلاً من الازدهار. ينظر البهائيون إلى العولمة (من جانبها الإيجابي) على أنها النتيجة الحتمية للدافع الذاتي تجاه اتحاد العالم وتحقيق السلام، وهو الدافع الذي نشأ عند ظهور حضرة بهاءالله وتعاليمه بالنسبة للقضاء على أقصى درجات الغنى والفقر كأساس لاقتصاد عالمي مزدهر. وهم يدركون أن أنجع وسيلة للتحكم باتجاه العولمة هو الحكم الجيد good governance على النطاق الدولي. ومن وجهة النظر البهائية، على الدول والمجتمعات والأفراد ومؤسسات الأعمال ان تتعاون ضمن هيكلية عالمية تكبح جماح نزعة أية جهة من الوصول إلى قوة زائدة أو ثروة أو موارد لنفسها، وتحمي آخرين ضمن هذا النظام من الاستغلال ومن العناصر الأساسية في هذه العملية مسؤولية مؤسسات الأعمال لتتصرف بأخلاقية آخذة مصلحة الإنسانية الشاملة بعين الاعتبار. يدرك البهائيون مقدرة مجتمعات أصحاب الأعمال على توليد الثروة ومن ثم الازدهار. ولكنهم يعتقدون أنه يتَوجّب ضبط طاقاتها لمصلحة الإنسانية وليس فقط لشريحة واحدة منها. وعلاوة على ذلك. يجب ألا تمارس الأعمال خارج نطاق الحدود القانونية والأخلاقية. يدعم البهائيون بقوة قيام اقتصاد عالمي تحت ادارة حكومة عالمية فدرالية تعمل لمنفعة جميع الشعوب والدول، ويدعمون أيضاً إيجاد عملة عالمية موحدة.
إن أساس كل مجتمع فعّال هو نظام قائم على العدالة، وما يتبعه من هيكلية تُشرع القوانين وتسهر على تطبيقها، وهذا النظام قائم بدوره على مفاهيم للعدالة، وعلى القيم التي يتمسك بها المجتمع بالنسبة لقدسية الحياة، وحماية الفرد والممتلكات. يعتقد البهائيون أن انظمة العدالة يجب أن تكون متأصلة في احترام طبيعة الإنسان الروحانية، وعليها أن تتفهم ردود فعل البشر على المكافأة والمجازاة. يساند البهائيون بقوة تطبيق القانون وهم يطيعون ويكنون الولاء للحكومات التي يعيشون في ظلها. إن العدالة هي أهم القيم الاجتماعية التي جاء بها حضرة بهاءالله، وعليها يعتمد قيام نظام اجتماعي ووحدة الانسانية.37 من واجب المجتمع أن يسّن قوانين عادلة على كل المستويات، تحمي حقوق الأفراد والجاليات، وخصوصا الأقليات، وأن يعاقب المذنبين. لذلك، فإن احدى مؤسسات الحكومة الفدرالية العالمية، كما ارتأها حضرة بهاء الله، هي محكمة دولية، وقد ناصرت الجامعة البهائية تأسيس محكمة الجرائم الدولية في لاهاي.
من المهم، بنظر البهائيين، معالجة هذه الأمور من جوانبها كافة، من القاعدة صعودا، ومن القمة نزولاً، كلاّ منها على حدى، وايضا كجزء من برنامج متكامل. إن الاخفاق في القيام بهذا لا يزيد من تفاقم اضرار المشكلة الواحدة فحسب بل وتتضاعف آثارها عبر المجتمع بكامله. بما أنه كان هدف حضرة بهاءالله أن يؤسس وحدة العالم على جميع المستويات، من العائلة إلى الكرة الارضية بكاملها، يستحسن البهائيون كل مجهود لخلق ترابط اجتماعي وازدهار على أوسع نطاق، ويؤيدون كل مسعى لمنع التفرقة، التي غالباً ما تؤدي إلى اضطراب اجتماعي، أعمال شغب، وبالنهاية، الحرب.
لا يمكن فصل هذه النظرة الموجزة لبعض القضايا الاجتماعية التي تعالجها التعاليم البهائية عن مفهوم البهائيين تجاه طبيعة الانسان، وكونها روحانية في جوهرها، وتصورهم لقيام المجتمعات والانظمة القادرة على تلبية حاجات الناس، وايمانهم بالقيم والمواقف والسلوكيات و الممارسات التي تحقق ذلك.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» ع الانساني؟ The New Age Movement « في: 02:28 27/10/2008 » حركة العصر الحديث الى اين تقود المجتمع الانساني؟
» الفلسفة وقضايا اللغة؛ قراءة في التصور التحليلي
» القانون الدولي الانساني
» انتفاضات العالم العربي (29) الجمال في مواجهة غوغل: ثورات تعيد إنتاج مركز العالم
» الأنثروبولوجيا وقضايا التنمية مبروك بوطقوقة

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: