خلال
الأسابيع الماضية انشغلت الساحة الثقافية بالتغييرات الأخيرة التي حدثت في
إدارات الأندية الأدبية ... وكان من أبرز الأصداء أو الأفعال التي حدثت
خلالها ما تصدى لصناعتها د. عبدالله الغذامي ود. عبدالله من مناع ..وهما
الاسمان اللذين نحمل لهما التقدير والإجلال كشخوص لكن هذا لا يمنعنا من
قراءة ما يصدرانه إلينا .
* د.عبدالله
الغذامي أكد عبر منبر نادي جدة الأدبي رفضه لتغيير مجالس إدارات الأندية
الأدبية ( المنتخبة حسبما يرى ) ناقضاً فكرة تعيين الأكفأ والأصلح حسبما
ترى الوزارة مؤكداً أنه لن يدخل ناد أدبي عين مجلس إدارته ...
الدكتور
الغذامي كان يستثمر المناسبة ( ملتقى النص ) باتجاه سياق مفاجيء لغرض
جماهيري ( فهو المتحدث الوحيد الذي سيثير هذا الموضوع ) .. سيزايد على
التصويت وهو الذي انشغل بتفكيك الأنساق وأيقن أن لعبة كالانتخابات ماتزال
مبكرة ( حسبما يؤكد في حديث تلفزيوني أخير ) ، سيشير إلى الانتخابات التي
أجريت في إدارة تعليم جدة عام 1396هـ قافزاً كعادته على مايسمى بالتاريخ (
فكم يفصلنا عن ذلك التاريخ ..؟ وهل يصلح مثل هذا الاستدلال كمحفز للدفاع
عن مشروعية وجود إدارات أقل ما يقال عنها أنها لم تتجدد ؟ ) ....كان د.
الغذامي يبحث عن موقف جاهز للاستثمار يؤكد طليعيته وريادته مجدداً ..ودون
أن يتمكن الآخر من دحضه وتفنيده ( فمن سيرفض فكرة لامعة كالانتخابات ) ..
ورغم أن فعل الغذامي قد لاقى تصفيقاً حاراً يثمن هذه الشجاعة الأدبية
الرفيعة ..فإنه في المقابل يصلح كمثال على ثقافة الاستثمار( قصير الأمد )
التي يبرع فيها نفر من مثقفينا . كان الباعث الرئيسي كما يعلم طيف واسع
من ساحتنا لغضب الدكتور الغذامي هو ترؤس الدكتور البازعي لأدبي الرياض
وخلافهما الشهير ... فما كان يريده الغذامي ليس إلا ضربة ( معلم ) تؤكد
أهميته ودوراً يمارس فيه الظهور في الوقت المناسب ( والجملة مأخوذة من
إحدى التغطيات الصحفية التي اشادت بالموقف ) ..وإلا فهو لن ينقطع عن أبواب
الأندية الأدبية يوماً ( هو الذي استمرت عضويته – دون فعالية - في نادي جدة
الأدبي لسنوات حينما انتقل إلى الرياض ) .
***
في طرف آخر
قدم د.عبدالله مناع استقالته من عضوية نادي جدة الأدبي بعدما انتخب نائباً
للرئيس بيوم واحد متراجعاً بذلك عن موافقته السابقة .. وحينما سئل عن
السبب ( في حوار صغير بإحدى الصحف ) أوضح أن عملية الانتخاب لم تكن عادلة
فعدد من أعضاء المجلس الجديد ممن تربطهم علاقة بمجلس إدارة النادي
السابق..وحين سئل عن إن كان يرغب في رئاسة النادي قال بوضوح أنه كعضو في
النادي يرى أحقيته في ذلك .
د. مناع حين
تراجع عن القبول بالمنصب كان يكسر ذلك القالب الذي اعتدنا على القبول به
دوماً وهو أننا حين نتورط في فعل ما لا نجد مخرجاً سوى الاستمرار فيه
..كان المناع يملك من الشجاعة ما يجعله يتراجع وبسرعة عن قراره ( وليذهب
الشامتون والمترصدون والذين سيرون الأمور من جهة واحدة إلى حيث يريدون
)..لقد كان قراره حراً وغير خاضع لضغوط التقدير والمحبة والتوفيقية ..في
ذات الوقت كان تفسيره لهذا القرار واضحاً ولا يحتمل أي لبس .. وهو الذي كان
يمكنه أن يجد مبرراً ثقافياً ( من تلك المبررات التي اعتدنا أن يبحث
عنها مثقفونا حين يريدون تمرير ما يشاءون ) ...
قال لي أحد
الأصدقاء من أعضاء نادي جدة الأدبي ( قابلته بعد انتهاء التصويت ) أنهم
كانوا سعداء جداً بقبول د.مناع لمنصب نائب الرئيس ..وأن مامنع كثيرين من
انتخابه رئيساً هو معرفتهم ب( صعوبة د.مناع وأنه سيجلب الكثير من المتاعب
للنادي لو كان رئيساً ) ..ومن ثم فلأنهم يعرفون حكمة د.القحطاني وقدرته على
إدارة النادي فقد فضلوه رئيساً ...!
**
موقف الدكتور
الغذامي جلب له المزيد من المكاسب والتصفيق والجماهيرية فيما لم تقرأ
الساحة بعد موقف الدكتور المناع إلا قراءة سلبية .
موقف الغذامي
كان مغلقاً بامتياز فهو قد قال كل شيء ( وبصوت عال ) ، لم يترك لقارئه
شيئاً يضيفه سوى الاستحسان والتأييد ( أو الضحك بطرف خفي كما مارسه أصدقاء
كثر ) . فيما كان موقف المناع منفتحاً على التأويلات ، متسامحاً مع قارئه
، لايفرض رؤيته كحل وحيد لكنه يطرحها كاحتمال .
**
كم هي
المسافة بين وضوح د. مناع وبناء د.الغذامي للأنساق ؟
أين تكون
المغامرة : في أن تكتسب التصفيق ( بدروس منتقاة يبرع فيها كثيرون ) أم
حينما نتحاز إلى ذاتك وقناعاتك حتى وإن جلب ذلك رفض الساحة والخروج عليها ؟
السبت يونيو 27, 2015 7:32 pm من طرف سميح القاسم