الرأسماليةاعداد : خليفة يحي – أستاذ في علم الاجتماع الثقافي – تونس
[size]
تنكسِرُ اليقينيات الرأسمالية في شكلها المعولم أمام حدّة الصراع الطبقي المتولّدة من تناقضات النظام الرأسمالي التي فكّك آليتها كارل ماركس في كتابه الرأس ( رأس ) المال. فعاد ماركس من جديد ليكون كتابه الشهير الأكثر مبيعا في العالم.
فلقد أراد منظرو الرأسمالية في شكلها المتعفّن حسب الاصطلاح اللينيني، نعني بها الامبريالية، المرحلة الأرقى و الأكثر تطوّرا للرأسمالية. عمد هؤلاء المنظرون إلى نشر وهم أبدية النظام الرأسمالي، ليكون التاريخ في دائرة مغلقة. ينغلق التاريخ على ذاته حسب ادعاء فوكوياما بـ”نهاية التاريخ”، و لكّن التاريخ سيرورة تقدّم إلى الأمام في موضوعيته و تحوّلاته و إن تكرّر فلن يكون إلاّ في شكل مهزلة. فمهزلة التاريخ لعبة ايديولوجية لصُنّاع الفكر الرأسمالي باعتبارها ايديولوجيا مخادعة تنكسِرُ في سيرورة الواقع المُتولِّد من التناقضات، التي بلغت حِدَّتها في السنوات الأخيرة منذ الأزمة المالية لسنة 2008 في الولايات المتحدة الأمريكية.
تواترت كثيرا مفردة “الأزمة الرأسمالية” و أصبحت أكثر حضورا في العديد من المقالات و الدراسات و الكتب الأكثر حداثة. ومن الصائب لماطة اللثام عن ميكانزمات و آليات هذه الأزمة و أثرها على الوضع العالمي الذّي نصطلح على تسميته صراع الامبرياليات.
برزت الولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي و الكتلة الشرقية القوّة الأعظم التي أرادت أن تنفرد بالعالم أو ما اصطلح على تسميته بأمركة العالم. فخضعت لها الامبرياليات صاغرة
( بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، اليابان، ايطاليا…)، فلقد شنّت الولايات المتحدة الحرب الأكثر شراسة ودمارا على العراق سنة 2003 رغم تململ حلفائها تحت عنوان “الشرعية الدولية” و عدم صدور قرار من مجلس الأمن. فكانت هذه الحرب عنوان السيطرة الأمريكية على العالم, و بالتالي إعادة تشكيله من جديد.
إذ لم يشهد وطننا العربي أزمة حادة كالتي يعيشها الآن منذ سنة 2003 إلى 2011 / 2016.
لقد تعرّض وطننا العربي إلى الاستعمار المباشر في منتصف القرن التاسع عشر اأ ألاوتعمّق باحتلال فلسطين سنة 1948 من قبل الكيان الصهيونية وما تلاها من اتفاقيات رجعية بتوقيع اتفاقية الخيانة بين النظام العميل والرجعي المصري مع الكيان الصهيوني سنة 1978 و اتفاقية أوسلو سنة 1993 مع النهج اليميني الفلسطيني. تعدّ سنة 2003 و سنة 2011 المرحلة الأسوأ عربيا باحتلال العراق و حرب مدمّرة على القطر العربي السوري و الحرب الرجعية في اليمن إضافة إلى حرب أهلية في ليبيا.
فما يحدث في سوريا “تطوّر نوعي للاحتلال”، اذ أصبحت سوريا حلبة صراع الامبرياليات المباشر بين الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها ـ بريطانيا ،فرنسا و ألمانيا / روسيا و الصين.و اصطفاف الرجعيات الشرق أوسطية : السعودية، تركيا و قطر من جهة و إيران / حزب الله من جهة أخرى.
و تعتبر المسألة الأوكرانية و الجورجية أقلّ حدة في الصراع من الناحية العسكرية، إذ لا يتواجد طرفا الصراع الرئيسيان بشكل مباشر ، و نعني بهما أمريكا / روسيا.
و تأتي هذه الحروب المستعرة في ظل أزمة حادة للنظام الرأسمالي منذ سنة 2008 أو ما يسمى اقتصاديا بالركود الكبير. فما هي سمات هذه الأزمة و آثارها المستقبلية ومفاعيل الصراع بين الامبرياليات وأثرها على الوطن العربي؟ أي على القوى الوطنية الثورية عربيا.
في ظل الهجمة الشرسة للامبرياليات والدول الكبرى على وطننا العربي و خصوصا القطر العربي السوري النقطة في الصراع، نستدعي مقولة تشي غيفارا ” كل حركة نقوم بها هي حرب ضد الامبريالية وصوت في الصدى ينادي إلى وحدة الشعوب ضد عدوها الأكبر الامبريالية الأمريكية، عدوّة الإنسانية “. و الامبريالية في معناها الطبولوجي اللغوي اللاتيني هي القيادة و السيطرة، فهي سياسة بلد ما يسعى للحفاظ على سيطرته على شعوب أخرى و التحكم فيها بطريقة مباشرة من احتلال الأراضي أو طريقة غير مباشرة، فالاستعمار شكلها المميز. فلفظ الامبريالية يعني الهيمنة على الشعوب سياسيا
و اقتصاديا و عسكريا و ثقافيا و تكنولوجيا و المثال الأبرز على ما تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية إزاء شعوب العالم، وصف مطاع الصفدي ذلك بأمركة العالم وهي النزعة الهيمنة الكلية على العالم منذ التسعينات من القرن العشرين. ولقد سبقتها مرحلة الاستعمار غير المباشر Néocolonialisme Le.
فلفظ Néocolonialisme مكوّن من لفظين Néo جديد colonialisme الاستعمار، الاستعمار الجديد. ظهر هذا المصطلح خلال الستينات لدى مفكري أمريكا اللاتينية ولدى بعض المفكرين الأوروبيين ذوي النزعة التقدمية كشكل استعماري اعتمدته الدول الرأسمالية للسيطرة على مستعمراتها في إطار بحثها المستمر عن طرق غير مباشرة وغير ظاهرة للحفاظ على سيطرتها على مستعمراتها السابقة، خاصة بعد هزيمة فرنسا ثم أمريكا في الفيتنام وتصاعد حركات التحرر الوطني عالميا، أي مواصلة السيطرة على المستعمرات السابقة اقتصاديا وسياسيا و ثقافيا بمنح الشعوب المنتفضة ضد الاستعمار استقلالا شكليا عبر وكلاء له بتكوين طبقة جديدة نسميها الكومبرادور، تلعب دور الوسيط والممثّل الرسمي للاستعمار ” بشرعية قانونية و اعتراف دولي “. فالاستعمار غير المباشر هو سياسة استعمارية تعتمدها الدول الامبريالية ذات الاقتصاد الرأسمالي تستعمل وسائل غير مباشرة للسيطرة على الشعوب الأخرى عبر المؤسسات المالية الدولية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي وهي إحدى سمات الامبريالية مرحلة احتكار الرأسمال المالي حسب اقتسام العالم بين الدول الرأسمالية وهي نتائج مترتبة عن الحرب العالمية الأولى وخاصة منها الحرب العالمية الثانية وصراع الدول الرأسمالية حول مناطق النفوذ والتقسيم الاستعماري للعالم للدول المنتصرة في الحرب والدولة الأقوى هي الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت موقع القيادة والتحكم في النظام الٍرأسمالي بالاستناد إلى قوّتها الاقتصادية والعسكرية ونفوذها السياسي سواء على المؤسسات المالية وصياغة الاتفاقات التجارية العالمية عبر قممG8 و G20 (اتفاقية التجارة العالمية واتفاق الشراكة الأوروبية وبلدان 5 زائد 5مناطق التبادل الحر…) وتحالف عسكري ” حلف الناتو ” في إطار تقسيم عالمي بين الدول الرأسمالية وتوزيع مناطق النفوذ ورسم السياسة الدولية باستخدام منظمة الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية واتخاذ القرارات فيها حسب حجم الدول الرأسمالية التي تتحالف و تتصارع فيما بينها حول مناطق النفوذ ومحاولات إعادة تقسيم العالم. تقدمت الصين بطلب رفع حصتها في صندوق النقد الدولي ولكن لقي طلبها رفضا من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، فسلطة القرار داخل صندوق النقد الدولي للأمريكيين بالأساس، التي تمتلك الحصة الأكبر فيه. ويوجد تخوّف أمريكي وأوروبي من تعاظم القوة الاقتصادية الصينية وتعاظم نفوذها الاقتصادي في آسيا وإفريقيا و أمريكا اللاتينية بينما عادت روسيا عسكريا بتطوير قدراتها وامتلاكها التكنولوجيا العسكرية في صناعة الطائرات وصناعة الصواريخ، إضافة إلى تطوير أسطولها البحري مع تنامي القوة العسكرية الصينية بتضاعف ميزانيتها العسكرية. فكان القطر العربي السوري بالون اختبار للقوى العسكرية المتصارعة روسيا / أمريكا و حرب وقاية لروسيا و الصين للسيطرة الأمريكية على آسيا ( غرب آسيا وبحر القزوين )، فاشتعلت الحروب في أوكرانيا و جورجيا وسوريا حول مناطق النفوذ و المسك بمصادر الطاقة.
الاستعمار هو احتلال عسكري مباشر، والاستعمار في اشتقاقه اللغوي اللاتيني يفيد الغضب و الزراعة، الاستيلاء على الأرض واستغلالها وتكون غير مأهولة ومعنى الكلمة طبولوجيا، احتلال دولة لأرض لا تملكها وبعيدة عنها لتستثمرها اقتصاديا وثقافيا باحتلال عسكري استيطاني. فالاستعمار هو إيديولوجيا التفوق العرقي العنصري و السيطرة والقوّة والعنف وهي سيطرة سياسية واقتصادية واجتماعية، إدارية وثقافية حضارية وركيزته الأساسية اقتصادية تتمثّل في نهب ثروات الشعوب الأخرى واستغلالها بشريا، باعتبار الرأسمالية تقوم على تحقيق الربح الأقصى و سمتها التوّسع في إطار بحثها عن أسواق لإنتاجها الضخم الممركز في إطار دولة رأسمالية احتكارية. وهنا نتحدث عنها في مرحلتها الامبريالية وعرّفها لينين بشكل موجز: ”
” الامبريالية هي الرأسمالية في مرحلة الاحتكار. ومثل هذا التعريف يضم الأمر الرئيسي، لأن الرأسمال المالي هو رأسمال بضعة من البنوك الاحتكارية الكبرى اندمج في رأسمال اتحادات الصناعيين الاحتكارية، هذا من جهة؛ ومن الجهة الأخرى، إن تقاسم العالم هو إنتقال من سياسة استعمارية تشمل دون عائق أقطارا لم تستول عليها بعد أية دولة رأسمالية إلى سياسة استعمارية تقوم على احتكار حيازة بقاع الأرض المقتسمة بأكملها”. وحدّد لينين سماتها الأساسية :
1)” تمركز الإنتاج والرأسمال تمركزا بلغ في تطوره حدا من العلو أدى إلى نشوء الاحتكارات التي تلعب الدور الفاصل في الحياة الاقتصادية؛
2) إندماج الرأسمال البنكي والرأسمال الصناعي ونشوء الطغمة المالية على أساس « الرأسمال المالي »
3) تصدير الرأسمال، خلافا لتصدير البضائع، يكتسب أهمية في منتهى الخطورة
4) تشكيل اتحادات رأسماليين احتكارية عالمية تقتسم العالم
5) انتهى تقاسم الأرض إقليميا فيما بين كبريات الدول الرأسمالية.
فالإمبريالية هي الرأسمالية في مرحلة من التطور تكونت فيها سيطرة الاحتكارات والرأسمال المالي واكتسب تصدير الرأسمال أهمية كبرى وابتدأ تقاسم العالم بين التروستات العالمية وانتهى تقاسم الأرض كلها إقليميا بين كبريات البلدان الرأسمالية “.
ويُـبيّن الجدول التالي الاختلاف بين الرأسمالية والامبريالية من حيث الخصائص و المميزات:
[/size]
الرأسمالية | الامبريالية |
ـ الإنتاج البضائعي
ـ المنافسة الحرّة ـ تصدير البضائع ” تبادل ” ـ اعتماد التجارة داخليا و خارجيا ـ وحدة السوق الداخلية والوحدة القومية و الدولة المركزية | ـ تمركز الإنتاج / الاحتكار
ـ وحدة الرأسمال الصناعي بالرأسمال المالي ـ احتكار الراسمال المالي والبنوك ـ تصدير الرأسمال المالي الطغمة المالية ـ اقتسام العالم بين الكرتيلات / البنوك اقتسام العالم بين الدول الرأسمالية |
[size]
وهكذا نشأ الاستعمار وكانت أول مستعمرة عربية هي سبتة بالمغرب التي تمّ احتلالها سنة 1415 من قبل الاستعمار البرتغالي. فتكوّنت الامبريالية في أحشاء الرأسمالية وفي ترابط جدلي معها ومن خلال تناقضاتها مع تكوّن دول مركزية في اوروبا.
بدأ الاستعمار بسبتة العربية ويبلغ عنفه التاريخي الرجعي بكيان استيطاني عنصري، الكيان الصهيوني باحتلال فلسطين بأبشع استعمار عرفه التاريخ الحديث وتمركز الاستعمار الامبريالي عربيا في نقطة إستراتجية للعالم في تمفصلها التاريخي ” الشرق الأوسط “. فـنقطة التواصل والتصادم في ظل أزمة النظام الرأسمالي العالمي و بمواجهته نواجه التاريخ من أجل التحرر الوطني و تحرر الإنسانية بانهياره، ليتخذ مساره الصحيح.
بدأ عام 2016 بانخفاضات حادة في سوق الأسهم في الصين وكانت لها ترددات في العالم بأسره. أثارت الرعب في نفوس كبار الرأسماليين معيدة لها شبح أزمة 2008 ” أزمة ممتدة ” حاملة ملامح أزمة 1929 التي كانت ستؤدي إلى انهيار النظام الرأسمالي بانكسار أسسه و دعائمه. برزت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية القوّة الأكبر في العالم مسيطرة بذلك على جميع البلدان الرأسمالية من خلال مشروع مرشال بسيطرة الرأسمال المالي على الاقتصاد الأوروبي (مشروع إعمار أوروبا ). و تدعمت سيطرة الولايات الأمريكية على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبرزت كقوّة وحيدة مهيمنة على العالم اقتصاديا وسياسيا و عسكريا.
فرغم أنّ تاريخ الرأسمالية تاريخ أزمات إلاّ أنّ النظام الرأسمالي استطاع أن يتجاوز أزماته وتمكّنت الامبريالية أن تحافظ على بقاء النظام الرأسمالي كقوة مهيمنة على العالم من خلال السمات التي تحملها وخاصة من تصدير الرأسمال ( مرحلة احتكار الرأسمال المالي ) واقتسام العالم بين الدول الامبريالية. ولم تتوانَ الامبرياليات في فترات الأزمات الحادة عن اللجوء إلى الحروب لحلّ مشاكلها، إذا ما شعرت أنّه لم تبقَ لها إلاّ هذه الوسيلة التي تتراءى لها بأنّها الأنجع للحفاظ على مصالحها الخاصة لضمان هيمنتها وكوسيلة للمنافسة وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة ـ قوّة مسيطرة منفردة ـ من خلال ” تحالف دولي” مع الامبرياليات الأضعف وأكدنا على سيطرة الاقتصاد الأمريكي على الاقتصاد الأوروبي والاقتصاد الياباني والكندي عبر سيطرتها السياسية و الاستناد إلى قوّتها العسكرية.
ولقد اعتبر ستالين الامبريالية سمة العصر الحديث. فإنّ اقتسام العالم وإعادة اقتسامه حركتها المستمرّة في شكل منافسة و حروب مدمرة، فلقد بدأ اقتسام العالم منذ القرن السابع عشر 1637 إلى يومنا هذا، بلغ حدّة لم نرَ لها مثيلا تركزت على وطننا العربي، فكانت سوريا والعراق و اليمن وليبيا مسرحا لهذه التناقضات القوى الامبريالية في سعيها المحموم للسيطرة على مصادر الطاقة الغاز والنفط وعسكرة المنطقة لتأمينها.
يبدو لنا العالم في مرحلته الراهنة، عالم المتناقضات والغموض والمفاجآت غير المنتظرة، سماته عربيا الانقسام و التفكك اسلامويات واثنيات تتصارع وتتقاتل في حالة من التدمير والتذبيح في مشاهد مروعة مصورة بشكل يومي، تصل إلى القارات أربع.
[/size]
- أي علاقة بين الأزمة المالية الكبرى الممتدة في الزمن بأزمات الشرق أوسطية؟
- هل كان الوطن العربي مسرحا للتخفيف من أزمات النظام الرأسمالي في حالة موته ألسريري أو كما اسماها سمير أمين شيخوخة الرأسمالية؟
[size]
يمرّ النظام الرأسمالي بأزمة حادة منذ الأزمة المالية لسنة 2003 للولايات المتحدة الأمريكية التي لم يتعافى منها الاقتصادي الأمريكي رغم كل الإجراءات التي اتخذت بضخ رؤوس أموال صينية إضافية و أمول خليجية “قروض لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي” من الأزمة و التخفيض في الفائدة وشراء الدولة الأمريكية لبنوك مفلسة .
تعتمد خطة العلاج الأمريكية :
“ شراء الديون الهالكة التي تقض مضاجع
السوق المالية الأمريكية وتهدد بانهيارها، وتعود في معظمها إلى
السياسةالخاطئة للرهونات العقارية التي أعتمدها المضاربون الماليون في بورصة
وول ستريت. وينص القانون الذي أقره
مجلس الشيوخ الأمريكي على مهلة لهذه الخطة تنتهي بتاريخ
31 ديسمبر،
2009م، مع احتمال تمديدها بطلب من الحكومة لفترة أقصاها سنتان اعتباراً من تاريخ إقرار الخطة.
[5]وتضمنت خطة الإنقاذ أيضا جانباً خاصاً بشركتي فاني ماي وفريدي ماك كبرى شركات التمويل لقاء الرهن والمعرضتين للإفلاس، بعدما شارفتا على الانهيار مطلع شهر
أغسطس. وتملك وتدعم الشركتان المتضررتان رهوناً عقارية قيمتها خمسة
تريليونات دولار تعادل نحو 50% من الرهون العقارية في
الولايات المتحدة.
[4]وبموجب الخطة تضمن إدارة الإسكان الفدرالية زيادة سقف القروض التي تشتريها الشركتان إلى 625 ألف دولار.
[4]فالانتعاش الاقتصادي الأمريكي ظرفي وامتداد الأزمة إلى أوروبا تباطئ الاقتصاد الفرنسي و أزمة اليونان والبرتغال و تراجع نموّ الاقتصاد الاسباني و الايطالي.
لقد عرّف كارل ماركس الأزمة و بيّنها ” بالاقتران مع ظهور الإنتاج السلعي البسيط قامت الإمكانية(الإمكانية الشكلية) لنشوء الأزمات. وقد فسر ذلك بعدم التطابق بين حركة السلع وحركة النقود. إلا أن الإمكانية الواقعية لنشوء الأزمات لم تظهر وتتحول إلى واقع إلا في ظل الرأسمالية وفي تلك المرحلة من تطورها التي تتميز بسيطرة الإنتاج الآلي الضخم.
إن السبب الجوهري في نشوء الأزمات الاقتصادية هو التناقض الأساسي للرأسمالية، التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج والشكل الخاص للتملك الرأسمالي. وهو التناقض القائم بين القوى الإنتاجية وبين العلائق الإنتاجية الرأسمالية. ويظهر التناقض الرئيسي للرأسمالية في جملة صور محددة”
كما عرّف لينين الأزمة الرأسمالية في مرحلة الامبريالية ” و قدّم تحديدا كلاسيكيا للتناقض بين الإنتاج والاستهلاك:
((إن التناقض بين الإنتاج والاستهلاك، والذي تتميز به الرأسمالية، ليتمثل في أن الإنتاج ينمو بسرعة هائلة وفي أن المنافسة تكسبه اتجاها نحو التوسع اللامحدود، هذا بينما الاستهلاك(الشخصي) إذا كان ينمو فببطء شديد. ذلك أن الوضع البروليتاري للجماهير الشعبية لا يتيح للاستهلاك الشخصي إمكانية النمو السريع)) Lenin- Complete Works. Vol.4, P. 160
وتتميز الأزمة الراهنة للنظام الرأسمالي بأزمة كساد ظهرت مع أزمة29 والتي سميت بأزمة الكساد الكبير أو الانهيار الكبير (
بالإنجليزية Great Depression) هي
أزمة اقتصادية في عام
1929م ومروراً بالثلاثينيات وبداية الأربعينيات، وتعتبر أكبر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين و أشهرها) ويضرب بها المثل لما قد يحدث في القرن الواحد والعشرين وما مدى سوء الأزمة التي قد تحدث وقد بدأت الأزمة
بأمريكا ويقول المؤرخون أنها بدأت مع انهيار
سوق الأسهم الأمريكية في
29 أكتوبر 1929 والمسمى
بالثلاثاء الأسود. وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول تقريباً الفقيرة منها والغنية.
وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي يقدر نمو الناتج المحتمل في البلدان الرأسمالية المتقدمة بمعدل 1,6% سنويا بين عامي 2015 و 2020. وهذا معدل أعلى قليلا من النمو الذي تحقق في السنوات السبع الماضية، لكنه أقل بكثير من معدلات النمو التي كانت قبل الركود، عندما كان نمو الناتج المحتمل عند 2,25% في السنة، والذي يعتبر هو بدوره معدلا بائسا بالمقارنة مع الإمكانات الهائلة للصناعة الحديثة والعلوم والتكنولوجيا. لكن الاقتصاد الآن بالكاد يزحف وبالتالي فإن هذا التوقع نفسه يبقى غير مؤكد.
وعلى حد قول رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، «آفاق النمو على المدى المتوسط أصبحت أضعف. إن خطر النمو “العادي مجددا” [”new mediocre”] الذي حذرت منه قبل سنة بالضبط – أي خطر انخفاض النمو لفترة طويلة- صار يبدو أقرب […] وتستمر الديون المرتفعة وانخفاض الاستثمار وضعف البنوك، تشكل عبئا لبعض الاقتصادات المتقدمة، وخاصة في أوروبا؛ وتواصل العديد من الاقتصاديات الصاعدة القيام بالتقويمات بعد ازدهار القروض والاستثمار لما بعد الأزمة».
أزمة ديون: لقد ارتفع الدين العام بشكل فعلي منذ بداية الأزمة، ولم تظهر بوادر الشفاء المالي المأمولة سوى في بضعة أجزاء متناثرة من الاقتصاد العالمي. لقد وصل الدين معدلات لم يسبق له أن وصلها إلا في زمن الحرب، لكنه لم يسبق له أن وصل هذه المستويات في زمن السلم، أما ديون الأسر والشركات فلم يسبق لها أبدا أن وصلت إلى هذه المستويات على الإطلاق. قبل الأزمة كانت الديون ترتفع في كل مكان، وصلت في الولايات المتحدة إلى 160% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 ونحو 200% تقريبا في بريطانيا. في البرتغال وصلت الديون إلى 226,7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2009. وفي عام 2013 كانت ما تزال عند مستوى 220,4%. أما في الوقت الحاضر فقد وصل مجموع الديون في الولايات المتحدة 269% من الناتج المحلي الإجمالي. وهو المعدل الذي لم يسبق لها أن بلغته إلا مرة واحدة فقط في تاريخها، وكان ذلك حوالي 1933 عندما وصل إلى 258%، وبعد ذلك تراجع بسرعة إلى 180%.
كان هدف سياسة التقشف هو خفض حجم الديون، ولا سيما الديون العمومية. لكن الأرقام تظهر أن هذا أبعد ما يكون عن التحقق. في تقرير لمعهد ماكينزي العالمي، فبراير 2015، نجد أن الدين العالمي قد زاد بنسبة 57 تريليون دولار منذ عام 2007، أو من 269% من الناتج العالمي الإجمالي إلى 286%. يحدث هذا في جميع قطاعات الاقتصاد العالمي، لكن على وجه الخصوص مع الدين الحكومي، والذي يرتفع بنسبة 9,3% سنويا. هذا الارتفاع في مستويات الديون يحدث أيضا في كل بلد على حدة. فقط عدد قليل من البلدان، التي تعتمد على الصين أو على النفط، هي من تمكنت من خفض مستويات ديونها، لكن هذا وصل إلى نهاية مفاجئة في العامين الماضيين. يشكل هذا الجبل الهائل من الديون عبئا ثقيلا على الاقتصاد العالمي، ويخنق الطلب ويؤدي إلى هبوط الإنتاج.
كل اقتصادات ما يسمى ببلدان بريكس في أزمة: تواجه البرازيل والهند وروسيا الصعوبات. بل إن البرازيل وروسيا في الواقع تعيشان الركود. إن التباطؤ الذي تعرفه ما يسمى بالأسواق الصاعدة أكثر حدة مما هو عليه في البلدان الرأسمالية المتقدمة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن الناتج المحتمل، الذي استمر في النمو خلال الفترة التي سبقت الأزمة، سينخفض من 6,5% سنويا، التي كان يسجلها بين عامي 2008 و 2014، إلى 5,2% في السنوات الخمس المقبلة.
لقد كان نمو هذه الاقتصادات واحدا من العوامل الرئيسية التي حالت دون أن تتطور أزمة عام 2008 إلى ركود عميق للاقتصاد العالمي. على مدى السنوات الخمس الماضية سجلت ما يسمى بالأسواق الصاعدة 80% من النمو العالمي. لقد لعبت هذه الأسواق، وخاصة الصين، دور قاطرة للاقتصاد العالمي قبل وبعد الركود. وكانت مجالا هاما للاستثمارات في السابق، عندما كانت المنافذ المربحة نادرة في الغرب.
لكن كل ذلك تحول الآن إلى نقيضه. فبدل كونها أحد العوامل التي تدعم الرأسمالية العالمية أصبحت الآن الخطر الرئيسي الذي يهدد بسحب الاقتصاد العالمي كله إلى أسفل. ليست الاقتصاديات المتقدمة تقليديا هي وحدها التي تشهد ارتفاع الديون بشكل كبير، بل حتى ديون ما يسمى بالأسواق الصاعدة قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. تبين الدراسة التي قام بها معهد ماكينزي أن إجمالي ديون “الأسواق الصاعدة” ارتفع إلى 49 تريليون دولار في نهاية عام 2013، وهو ما يمثل 47% من نمو الديون العالمية منذ عام 2007. وهذا أكثر من ضعف حصتها من نمو الديون بين عامي 2000 و2007.
ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 40% من الناتج الإجمالي العالمي بحلول عام 2040، في حين يتقلّص الناتج الأميركي إلى 14% والاتحاد الأوروبي إلى 5%. من المتوقع أن يصل الاقتصاد الصيني في عام 2040 إلى 123 تريليون دولار. كما من المتوقع أن يبلغ الدخل الفردي في الصين أكثر من ضعف ذلك المتوقع لدول الاتحاد الأوروبي، وأعلى بكثير من دخل الفرد في اليابان. وهكذا فسوف تنتقل الصين من دولة متواضعة من حيث التطور الاقتصادي عام 2000 إلى دولة فائقة الثراء عام 2040.
كما يتصاعد الصراع بين الولايات المتحدة والصين ليشمل السباق على الحصول على المواد الأولية وخاصة من إفريقيا وأميركا اللاتينية.
ومن الأمور الأخرى التي تزيد التوتر بين البلديْن أن الصين تنتج حوالي 97% عناصر الأرض النادرة، والتي تدخل في الصناعات التكنولوجية والأجهزة الإلكترونية، والهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر والصواريخ الموجهة، والليزر، وأنظمة الاتصالات والرادارات، وإلكترونيات الطيران، وأجهزة الرؤية الليلية، والأقمار الصناعية، وغيرها من الكثير من الصناعات الاستراتيجية. وتقلق أميركا من احتمال خفض الصين للإمدادات من هذه المعادن النادرة.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من المنافسة الشديدة بينهما وعلى كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، نجد تشابكاً كبيراً بين المصالح الإقتصادية للصين والولايات المتحدة. إذ تستثمر الصين حوالي 1.3 تريليون دولار في سندات الخزانة الأميركية، مما يجعلها أكبر دولة أجنبية مالكة لديون حكومة الولايات المتحدة، وثالث مدين لها بعد الاحتياطي الفدرالي الاميركي ومؤسسة التأمينات الاجتماعية الاميركية. وخلال سنوات عديدة، استخدمت الصين كميات كبيرة من فوائضها المالية في شراء سندات الخزانة الأمريكية. وكانت واشنطن ترحب بهذا الأمر الذي يساعدها على تمويل عجز موازنتها الضخم، حيث تزيد الانفاق دون الحاجة إلى رفع الضرائب. في المقابل، ومع استمرار الولايات المتحدة في إصدار المزيد من النقد ودفع فوائد منخفضة جداً على سندات الخزينة، تدعي الصين أنها خسرت حوالي 271 بليون دولار بين عامي 2003 و2010 نتيجة لحيازتها سندات الخزانة الأمريكية.
تمتّد الأذرع الاقتصادية للصين في العالم بأسره معلنة عن نفسها كـقوّة “اقتصادية بديلة” للولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة الباحثين الاقتصاديين و حتى بعض التقارير الأخيرة لصندوق النقد الدولي. فهل تشكّل الحرب على سوريا خط دفاع أولي عن مصالحها الإستراتجية في العالم و خاصة في بحر الصين و امتداده الشرق أوسطي؟ اذ ترجح بعض المصادر الإعلامية وجودا عسكريا في قاعدة طرطوس بوارج حربية و خبراء عسكريون من خلال التحالف الروسي ـ الصيني رغم الحذر الشديد للقيادة السياسية الصينية. فالمؤشرات وآخرها القمة العشرين الأخيرة “هذه بلادنا و هذا مطارنا ” فمثّـّل هذا التصريح ” ” إهانة للرئيس الأمريكي” و وضع حدّ للعجرفة الأمريكية تذكرنا بتراجع الرئيس السابق عن ملف حقوق الإنسان عند زيارته للصين بعد تهديد
الوزير ( وزير )الخارجية الصيني بإيقاف المبادلات التجارية. ويذكرنا ذلك باعتراض البوارج الحربية الصينية دخول البارجة الأمريكية لبحر الصين.
لقد كانت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة الاقتصادية لفترة طويلة من القرن الماضي. وسوف يؤدي الصعود الاقتصادي القوي للصين في مقابل التراجع الأمريكي إلى تبدل موازين القوى ويعطى الصين القدرة والرغبة في تغيير معادلة النفوذ العالمية. وبالفعل فقد دخلت الولايات المتحدة والصين مرحلة المواجهة على النفوذ الجغرافي السياسي، إذ أن الصين تصبح أكثر حزماً كلما أصبحت أكثر ثراءً.
يختلف الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين عن كل أشكال الصراعات في الماضي حيث أن التعاون بينهما يبلغ درجة عالية. فالصين بحاجة إلى شراء أمريكا لمنتجاتها، كما إن الولايات المتحدة بحاجة للقروض التي تمنحها إياها الصين، ما يعني أن مصيرهما الاقتصادي في المستقبل القريب على الأقل أصبح مرتبطاً بدرجة كبيرة. مع الاشارة إلى أن الصين ترغب على المدى البعيد أن تخفف اعتمادها على التصدير لبضائعها وتبدأ في توسيع مبيعاتها داخل الصين نفسها. كما أن الولايات المتحدة ترغب في توزيع ديونها على عدد كبير من الدائنين.
يتخذ الصراع أشكالا غير مباشرة في أرض غير أرضهم وحربا أكثر دموية و تقتيلا و دمارا.
و يتخذ الصراع بين الدول الامبريالية طابعا عسكريا لاقتسام العالم و الحصول على مناطق النفوذ وهي خاصية مميزة للامبريالية و
احد ( إحدى )سماتها الأساسية ويقول في هذا الصدد في الفصل السادس لكتابه الامبريالية:” نقول أنالسمة المميزة للمرحلة المذكورة هي الإقتسام النهائي للأرض، لا بمعنى استحالة إعادة التقاسم، – فإعادة التقاسم هي بالعكس أمر ممكن ومحتوم – بل بمعنى أن السياسة الاستعمارية التي تمارسها الدول الرأسمالية قد انجزت الإستيلاء على الأراضي… فنحن نجتاز، إذن، عهدا خاصا من سياسة استعمارية عالمية مرتبطة أوثق ارتباط بـ« احدث درجة في تطور الرأسمالية ». فسوريا حيز جغرافي للصراع العسكري للدول الرأسمالية بطاقة تدميرية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية وتبين الأزمة الاقتصادية الحالية و موازين القوى العسكرية حجم الصراع بين امريكا و حلفائها وروسيا والصين و حلفائهم وهذا ما يبينه هذا الجدول:
[/size]
الإثنين أكتوبر 15, 2018 4:04 am من طرف حمادي