تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي القوى الخارجية الأكثر تدخلا وتأثيرا في منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأن وتيرة الخطى الإستراتيجية الأمريكية تتحرك بشكل دائم نحو الشرق، لكن الاضطرابات التي نشبت في منطقة الشرق الأوسط ابتداء من عام 2011 خلطت أوراق الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لا سيما وأن الفوضى التي شهدها الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية منحت واشنطن فرصة فريدة لإعادة تشكيل الأنظمة في الشرق الأوسط من جهه، واضطرار الولايات المتحدة إلى ترقيع ما خلفته الاضطرابات من إسقاط أنظمة موالية لها من جهة أخرى، بجانب اتجاهها نحو معالجة الفشل السياسي المتزايد لحلفائها التقليديين في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، قال موقع “جلوبال ريسرش” البحثي إن الجنرال “مارتن ديمبسي”، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، أخبر الكونجرس أن واشنطن ربما ترسل قوات للقتال بجانب الجماعات المسلحة التي تسعى للإطاحة بالرئيس السوري “بشار الأسد” من الحكم، مضيفا أنه “في حال طلبت القيادة الميدانية مني أو من وزير الدفاع إرسال قوات خاصة لمؤازرة العراقيين أو الجماعات السورية، وفي حال وجدنا أن هذا الأمر ضروري لتحقيق أهدافنا، عندها سيكون هذا ما سنطلبه من الرئيس أوباما.”
ويضيف الموقع الكندي أن مسؤولا في البنتاجون قلل من شأن هذا التصريح، مؤكدا أن الجنرال “ديمبسي” لم يغير موقفه بشأن الأزمة السورية، لأنه “ليس واردا إرسال جنود أمريكيين إلى سوريا” إلا إذا كانت مهمتهم إنقاذ طيار أمريكي سقط أو أسقطت طائرته، وكان الجنرال “ديمبسي” أدلى بتصريح مماثل لكنه خص فيه العراق حصرا حيث يوجد حاليا أكثر من 2000 جندي أمريكي يقدمون المشورة والتدريب للقوات الحكومية العراقية وقوات البيشمركة.
ويلفت “جلوبال ريسيرش” إلى أن “ديمبسي” ليس أول مسؤول تابع للإدارة الأمريكية يلوح بمثل هذه التصريحات، فقبل ذلك ألمح وزير الدفاع الأمريكي “آشتون كارتر” والذي خلق فكرة القوة الثالثة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي إلى تهيئة الأوضاع للتدخل في سوريا والعراق، من أجل تحقيق الهدف النهائي المتمثل في رحيل الرئيس ” بشار الأسد” عن السلطة.
ويشير الموقع الكندي إلى أن وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” زار السعودية الأسبوع الماضي، لطمأنة دول الخليج العربي حول المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وليؤكد أن واشنطن لن تتخلى عن حلفائها، كما شدد “كيري” على التزام واشنطن بتغير النظام السوري ورحيل حكومة “بشار الأسد”.
ويؤكد “جلوبال ريسيرش” أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت منذ 6 أشهر إشعال منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير، خاصة مع بدء تنفيذ ضرباتها الجوية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، لكن حين يأتي الصراع والمعركة الحقيقية تبدأ واشنطن في خلق التوترات وهو ما يحدث حاليا في العراق، حيث معركة الجيش العراقي لتحرير مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس الأسبق “صدام حسين”.
ويلمح الموقع البحثي إلى أن التوترات ترتفع بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية بشأن هذه المعركة، على الرغم من المأساة التي يعيشها السكان بعد فرار نحو 30 ألف من المدنيين خوفا على حياتهم، ولا يزال عشرات الآلاف عالقين هناك، حيث خرج الجيش الأمريكي من المعركة مدعيا أن العراق لم تطلب مساعدته.
ويوضح “جلوبال ريسيرش” أن محاربة داعش مجرد عنوان وهمي للتدخلات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن تعزيز الإمبريالية الأمريكية، وتغيير النظام في سوريا هي أهداف واشنطن الحقيقية من وراء هذه المعركة التي تدعي أنها تخوضها ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، مضيفا أن الإمبريالية الأمريكية تعمل منذ وقت طويل على خلق الحرب العدوانية من شرق العراق مرورا بليبيا وصولا إلى سوريا، حيث تعمل واشنطن على تسليح الجماعات الإرهابية ضد الحكومات الشرعية التي تتولى السلطة في البلاد.