حصافة المعتلين نفسياً (السيكوباتيين)
(*)بإمكاننا تعلُّم الكثير من المعتلين نفسيا. فبعض جوانب شخصياتهم وقدراتهم على التعليل المنطقي تمثل غالبا سمات مميزة للنجاح.
<.K داتن>
إن السمات الشائعة بين السفاحين من المعتلّين نفسي
(1)، ومنها: الشعور بالعظمة وبأهمية الذات، والقدرة على الإقناع، والجاذبية السطحية (القائمة على حلاوة اللسان)، والقسوة وانعدام الرحمة والندم، والقدرة على التلاعب بالآخرين، شائعةٌ أيضا بين السياسيين وزعماء العالم، أي أولئك الذين لا يهربون من الشرطة، بل يسعون إلى المناصب. وتسمح تلك السمات للذين يتصفون بها بأن يفعلوا ما يشاؤون وقتما يشاؤون، غير آبهين بالعواقب الاجتماعية أو الأخلاقية أو القانونية لأفعالهم.
وإذا كنت من مواليد البرج الملائم، على سبيل المثال، وامتلكت سلطة على العقل البشري كسلطة القمر على البحر، فلربما أمرت بإبادة جماعية لمئة ألف كردي وجرِّ متمردين سريين إلى المشانق لتنتزع بذلك حتى من أعتى مناوئيك، احتراما بصمتٍ خلافا لجميع الأعراف.
اقتبست هذه المقالة من كتاب المؤلف نفسه <كفن داتن> حصافة المعتلين نفسياً The Wisdom of Psychopaths بالاتفاق بين مجلة ساينتفيك أمريكان ودور النشر المختلفة التي نشرت الكتاب في عدة دول. |
«لا تخف، يا دكتور، إنما هذا للرجال،» هذا ما قاله صدام حسين وهو أمام حبل المشنقة قبيل لحظات من إعدامه.
وإذا كنت عنيفا وماكرا، على غرار <.R مودسلي>، هانيبال لكتر
(2) الحقيقي، فلربما أخذت زميلك في السكن رهينة، وهشمت رأسه، ولعقت دماغه بملعقة ببرودة أعصاب وكأنك تلعق بيضة نصف مسلوقة من خلال فتحة في قشرتها. (وبالمناسبة، سُجِن <مودسلي> منفردا في زنزانة مقاومة للرصاص طوال الأعوام الثلاثين الماضية في قبو سجن واكفيلد بإنكلترا).
أو إذا كنت جراح أعصاب لامعا وبارد الإحساس إلى حد انعدام الرحمة لديك، وأسيرا للضغوط المستحوذة عليك، فلربما حاولت، على غرار الرجل الذي سأدعوه الدكتور <جيرافتي>، اختبار حظك في مجال مختلف كليا عن مجال اختصاصك، وهو المجاهل النائية من طب القرن الحادي والعشرين، حيث تندفع الرياح بسرعة تساوي مئة ميل في الساعة، وتقترب كثافة الأكسجين من العدم. قال لي <جيرافتي>: «لا تأخذني شفقة بالذين أجري لهم عمليات جراحية، فذاك ببساطة ترف لا أقدر عليه. فأنا أُولد من جديد في غرفة العمليات، وأتحول إلى آلة صماء عديمة الشفقة، مركِّزا اهتمامي كليا في المشرط والمثقب والمنشار. وحينما تطلق العنان لنفسك متحاشيا الموت عند أعلى خطوط التماس في الدماغ، تصبح العواطف غير ملائمة. فالعواطف عشوائية، وهي معيقة فعلا للعمل. وقد صارعتها عبر السنين حتى قضيت عليها.»
<جيرافتي> هو واحد من أهم جراحي الأعصاب في المملكة المتحدة، وعلى الرغم من أن كلماته تسبب لنا قشعريرة تصل حتى النخاع أحيانا، إلا أنها، في أحيان أخرى، تكون مفعمة بالمغزى. وإذا توغلنا عميقا في المناطق المغلقة في بعض أشد مناطق الدماغ خطورة، رأينا المعتل نفسيا على هيئة وحش منعزل مفترس لا يعرف الرحمة، أو نوع متفرد من الجاذبية العابرة القاتلة. وقبل النطق بأي كلمة، تنسل صور السفاحين والمغتصبين والمجانين ومفجري القنابل الانعزاليين لتهبط على أرصفة عقولنا.
ولكن، ماذا تقول لو وضعت أمامك صورة مختلفة ؟ ماذا تقول لو أخبرتك بأن مُشِعَل الحرائق عمدا، أي ذاك الذي يحرق بيتك، يمكن أن يصبح أيضا، في عالم موازٍ، بطلا قادرا على تحدي خطر الخشب الملتهب لمبنى يتهاوى وقد أتت عليه النيران من كل جانب، مقتحما إياه بحثا عن أحباء لك لإنقاذهم؟ أو أن الصبي القابع في الظل خلف دار للسينما وفي يده سكين يمكن أن يظهر بعد سنوات مسيطرا ببراعة على سكين من نوع مختلف، خلف مسرح من نوع مختلف؟
ويجب الاعتراف بأنه من الصعب تصديق ادعاءات من هذا النوع، مع أنها صحيحة. فالمعتلون نفسيا لا يخافون، وهم واثقون بأنفسهم وجذابون وعديمو الشفقة ويعرفون ما يريدون. ومع ذلك، وخلافا للاعتقاد السائد عنهم، فهم ليسوا بالضرورة عنيفين. وليس الاضطراب النفسي حالة جلية ذات وجهين، أي إما أنك معتل نفسيا أم لا - ثمة مناطق من الاضطراب، منها الداخلي ومنها الخارجي، على نحو مشابه إلى حد ما لمناطق تعرفة الركوب على خرائط قطارات الأنفاق. فهناك طيف للاعتلال النفسي لكل منا موقعه فيه، مع أقلية صغيرة فقط من «ذوي الشأن» تقيم في «المدينة الداخلية.»
تخيل سمات الاعتلال النفسي على أنها مفاتيح التوليف الصوتي في مازج موسيقى في استوديو تسجيل. فإذا أزحتها جميعا إلى الأعلى، حصلت على تسجيل صوتي لا فائدة منه. أما إذا كان التسجيل متدرجا، وكان بعضه أعلى من بعضه الآخر - كانعدام الخوف والتركيز وقلة التعاطف وحِدَّةَ الذهن، على سبيل المثال، فلربما كنت جراحا لا نظير له.
طبعا، ليست الجراحة إلا مثالا واحدا يمكن أن تظهر فيه فائدة «موهبة» الاعتلال النفسي، ولكن هناك حالات أخرى. ففي عام 2009، على سبيل المثال، قررت القيام شخصيا ببحث لتحديد وجود تطبيقات لكون المعتلين نفسيا أفضل حقا في كشف نقاط الضعف عند الآخرين (وفقا لما ورد في بعض الدراسات). إذ لا بد من أن تكون ثمة طرق تكون فيها هذه القدرة مفيدة، بدلا من أن يكون هؤلاء المرضى عبئا على المجتمع. ولا بد أن تكون هناك طرق لدراستها.
ولمع الحل في ذهني عندما قابلت صديقا في المطار. فقد خطر ببالي أننا جميعا نشعر بشيء من الارتياب حين دخولنا منطقة الجمرك، حتى ولو كنا أبرياء تماما. ولكن تخيل الشعور الذي قد يساورنا إذا كان لدينا شيء نريد إخفاءه فعلا، وإذا كان ضابط الجمرك بارعا في كشف ذلك الشعور.
لاستقصاء الأمر، قررت القيام بتجربة، اشترك فيها ثلاثون طالبا جامعيا، نصفهم احتل مرتبة عالية في اختبار سلم التقدير الذاتي للاعتلال النفسي
(3)، واحتل نصفهم الآخر مرتبة منخفضة. وكان بينهم أيضا خمسةُ «مساعدين.» أما مهمة الطلبة فقد كانت سهلة: الجلوس في قاعة الدرس ومراقبة حركات المساعدين حين دخولهم القاعة من باب وخروجهم من باب آخر، مارّين في أثناء ذلك فوق منصة صغيرة. وثمة شيء آخر أيضا، إذ على الطلبة معرفة «المذنِب» من بين المساعدين: من منهـم يخفي منــديلا قرمزي اللون؟
ولــزيـادة اهــتــــمام المشاركــين وتشجيـــع المراقبين على القيام بأدوارهم، أُعطِي المساعد الذي يخفي المنديل مئة جنيه إسترليني. فإذا قرر المحلفون (أي المراقبون) أنه هو المذنب (المهرِّب)، أي الذي يأتي في المرتبة الأولى حين عَدِّ أصواتهم، وجبت عليه إعادة المبلغ. وإذا استطاع النجاة، واتجهت أصابع الاتهام إلى غيره، كان جديرا بالمكافأة، وأمكنه الاحتفاظ بالجنيهات المئة.
فأي من مجموعتي الطلبة المذكورتين سوف تقوم بوظيفة «ضابط الجمرك» الأفضل؟ وهل تثبت غرائز «التوحش» المميزة للاعتلال النفسي أنه يمكن الاعتماد عليها؟ أم إن قدرتهم على كشف نقاط الضعف سوف تخونهم؟
لقد استطاع أكثر من %70 من أولئك الذين أحرزوا درجات عالية في اختبار سلم التقدير الذاتي للاعتلال النفسي كَشْفَ المساعد المهرِّب للمنديل على نحو صحيح، وذلك مقارنة بـ %30 فقط من ذوي الدرجات المنخفضة. فتركيز الاهتمام في نقطة ضعف الضحية، قد يكون جزءا من عدة عمل السفاح، ولكنه قد يكون مفيدا أيضا في جمرك المطار.
مشكلة العربة
(**) لاحظ <.J گرين> [أستاذ علم النفس في جامعة هارفارد] كيف أن المعتلين نفسيا ينجحون في حل ألغاز المآزق الأخلاقية. فوفقا لما أوردته في كتابي الإقناع السريع
(4) الصادر عام 2011، كشف <گرين>، عَرَضا أمرا لافتا: التعاطف مع الآخرين ليس متجانسا، بل فصاميا
(5). فثمة ضربان متمايزان منه: حار وبارد.
تخيل سمات الاعتلال النفسي على أنها مفاتيح التوليف الصوتي في مازج موسيقى. |
انظر، مثلا، في الأحجية التالية (الحالة 1) التي اقترحتها أول مرة الفيلسوفة الراحلة <.P فوت>:
هناك عربة قطار مندفعة بسرعة على سكة حديد. ويوجد في طريقها خمسة أشخاص محتجزون على السكة ولا يستطيعون الفرار. ومن حسن الطالع أنه بإمكانك الضغط على زر يقوم بتحويل خط سير العربة عند تفريعة للسكة يبعدها عن الاصطدام بأولئك الأشخاص الخمسة - ولكن لذلك ثمن. فهناك شخص آخر محتجز في الجانب الثاني من التفريعة، وسوف تقضي العربة عليه بدلا منهم. فهل تضغط الزر؟
إن معظمنا يعاني صعوبةَ اتخاذ قرار بشأن ما عليه فعله في هذه الحالة. صحيح أن مسألة الضغط على الزر ليست مسألة مريحة تماما، إلا أن الخيار العملي، أي قتل شخص واحد بدلا من خمسة، يمثل «أقل الخيارات سوءا». أليس كذلك؟
انظر الآن في التعديل التالي للمشكلة ( الحالة 2) الذي اقترحته الفيلسوفة <.J تومسون>:
على غرار الحالة السابقة، تندفع عربة قطار فُقدت السيطرة عليها بسرعة نحو خمسة أشخاص. ولكنك تقف الآن خلف شخص غريب ضخم الجثة على جسر للمشاة فوق السكة. والطريقة الوحيدة لإنقاذ الأشخاص الخمسة هي أن ترمي ذلك الشخص من أعلى الجسر. طبعا سوف يكون مصيره الموت الأكيد، غير أن ضخامة جسمه سوف توقف العربة منقذة حياة الخمسة. والسؤال هو: هل تقوم بدفعه؟
هنا، يمكنك القول إننا أمام معضلة «حقيقية». فمع أن النتيجة، من حيث عدد الذين سوف يفقدون حياتهم، متماثلة في الحالتين (واحد بدلا من خمسة)، إلا أن الدخول في هذه اللعبة يجعلنا أكثر حذرا وتوترا إلى حد ما. فِلمَ ذلك؟
يعتقد <گرين> أنه يمتلك الجواب، وأن هذا الجواب يتعلق بمناطق مختلفة من الدماغ.
فهو يرى أن الحالة 1 يمكن أن تنطوي على ما نسميه معضلة أخلاقية غير شخصية، وتشتمل على مناطق الدماغ التالية: اللحاء قبل الجبهي
(6)، واللحاء الجداري الخلفي
(7) (وعلى وجه الخصوص اللحاء شبه الطوقي الأمامي
(8)، والقطب الصدغي
(9)، وثلم العظم الصدغي العلوي
(10)، وهي المناطق المنغمسة من حيث المبدأ في تجربتنا الموضوعية للتعاطف البارد: أي في الاستدلال المنطقي والتفكير العقلاني.
أما الحالة 2، فهي ما يمكننا تسميتها المعضلة الأخلاقية الشخصية. فهي تقرع باب مركز المشاعر في الدماغ المعروف باللوزة
(11)، وهي دائرة التعاطف الحار.
على غرار معظم الناس العاديين، يحل المعتلون نفسيا معضلة الحالة 1 سريعا. وفي المقابل، وخلافا للناس العاديين، حيث يزداد التعقيد والإثارة، فإنهم يحلون الحالة 2 سريعا أيضا. فالمعتلون نفسيا، ودون أن يرف لهم جفن، سوف يكونون في منتهى السعادة وهم يقذفون بالرجل الضخم من أعلى الجسر.
ولمزيد من تعقيد الأمور، ينعكس هذا السلوك في الدماغ على نحو جلي. فنمط الاستثارة العصبونية هو نفسه لدى كل من المعتلين نفسيا والعاديين من الناس في حالة المعضلة الأخلاقية غير الشخصية، إلا أنه يختلف كثيرا حينما تصبح الأمور شخصية أكثر.
تخيل أنني وضعتك في آلة للتصوير بالرنين المغنطيسي الوظيفي
(12) وطرحت عليك المعضلتين السابقتين. فماذا أرى في عينيك وأنت تفاضل فيما بين ألغامهما الأخلاقية؟ في اللحظة التي تَعْبُر فيها طبيعةُ المعضلة الحدودَ من حيز لاشخصي إلى حيز شخصي، سوف أرى لوزة دماغك وما يتصل بها من دارات دماغية، ومنها اللحاء الأوسط الأمامي التجويف
(13) على سبيل المثال، تتوهج كآلة الكرات والدبابيس(
14). فسوف أشهد اللحظة التي تضع فيها المشاعر نقودها في شق حصالة الآلة.
أما في حالة المعتلين نفسيا، فلا أرى سوى ظلمة. ويبدو الكازينو الكهفي العصبوني مهجورا وقد أوصدت أبوابه بالألواح. فالانتقال من غير الشخصي إلى الشخصي يحصل من دون أن يترك أي أثر.
وصفة اعتلال نفسي
(***) ليست مسألة ما يلزم للنجاح في مهنة معينة، أو توصيل بضاعة أو إنجاز مهمة، بتلك الصعوبة حينما يتعلق الأمر بها ذاتها فقط. فإلى جانب مجموعة المهارات التخصصية الضرورية للقيام بواجبات معينة، في مجال القانون أو الأعمال مثلا أو في أي مجال آخر يخطر على بالك، ثمة مجموعة معينة من السمات المختارة تنطوي على تحقيق نجاح كبير.
ففي عام 2005، قامت <.B بورد> و <.K فريتزن> [ اللتان كانتا آنذاك في جامعة سَري بإنكلترا] بإجراء استطلاع يهدف إلى الحصول على معلومات دقيقة عما يجعل كبار مديري الشركات ينجحون في أعمالهم. وما رَغِبَتَا في معرفته: جوانب الشخصية المفتاحية التي تميز الذين يتجهون يسار(
15) من أولئك الذين يتجهون يمينا حين صعودهم الطائرة.
وقد أخذت <بورد> و <فريتزن> ثلاث مجموعات: مديرو أعمال ومرضى نفسيون، ومجرمون قَيْدَ العلاج (منهم من كان معتلا نفسيا، وآخرون يعانون أمراضا نفسية أخرى)، وقامتا بالمقارنة بين مستويات نجاحهم في اختبار الهيئة النفسية
(16).
وقد كشف تحليلهما عن أن عددا من سمات الاعتلال النفسي كان أكثر شيوعا فعلا بين كبار مديري الأعمال منه بين من يسمون مجرمين مضطربين
(17)، ومن تلك السمات: الجاذبية السطحية والأنانية والقدرة على الإقناع وانعدام التعاطف مع الآخرين والاستقلالية ووضوح الهدف. والفارق الرئيسي بين المجموعات الثلاث كان في الجوانب «اللااجتماعية» antisocial من تلك الأعراض: معدلات عالية لخروج المجرمين على القانون واعتداءاتهم الجسدية وانفعالاتهم الذاتية (جميع مفاتيح مازج الموسيقى مُزاحةً إلى الأعلى، وفقا للتشبيه الذي استعملناه آنفا).
ويبدو أن هناك دراسات أخرى تؤكد التشبيه بمازج الموسيقى، بمعنى أن الحدود الفاصلة بين الاعتلال النفسي المفيد، وذاك الناجم عن خلل وظيفي، تعتمد، ليس على وجود أعراض الاعتلال النفسي ذاتها، بل على مستوياتها، وعلى الطريقة التي تتضافر بها. وحديثا, أثبت <محمد محمود> وزملاؤه في جامعة مكواري بسدني أن أنماط الخلل الوظيفي في الدماغ (وتحديدا أنماط عمل اللحاء الوسطي الأمامي التجويف، وهي منطقة الدماغ التي تنظم مدخلات العواطف في اتخاذ القرار) التي شوهدت عند المعتلين نفسيا المجرمين وغير المجرمين، تبدي اختلافات في الحجم، لا أكثر من كونها متميزة بعضها عن بعض. ويرى <محمود> أن ذلك يعني أنه يجب عدم النظر إلى المجموعتين على أنهما مجموعتان بشريتان متمايزتان، بل باعتبارهما تحتلان موقعين مختلفين ضمن المجموعة البشرية نفسها.
وضمن هذا التوجه نفسه ( لكن بمستوى تقني أقل)، طلبت إلى طلبة في السنة الجامعية الأولى أن يتخيلوا أنهم مديرون في شركة توظيف، وقلت لهم: «افترضوا أنه قد جاءكم زبون بالمواصفات التالية: عديم الرحمة، لا يعرف الخوف، ذو شخصية جذابة، لا يكترث بالقيم الأخلاقية، ويعرف ما يريد. فما نوع العمل الذي ترون أنه ملائم له؟»
لم يكن من الممكن لهم أن يكونوا أفضل تبصرا في إجاباتهم مما كانوا عليه. فقد ذكروا الوظائف التالية: كبير مديرين تنفيذيين، جاسوس، جراح، سياسي، ضابط في الجيش... لقد ظهرت جميع تلك الوظائف في الوصفة. وظهر ضمنها سفاحون وقتلة مأجورون ولصوص مصارف.
لقد قال لي مدير تنفيذي ناجح: «ليست القدرة على التفكير المنطقي بذاتها سوى طريقة أنيقة لتضمن لنفسك المركز الثاني في السباق. تذكر أنهم لا يطلقون على النجاح صفةَ العمود الزلق عبثا. فالطريق إلى القمة صعب، ولكنه يصبح سهلا إذا ركبت على أكتاف الآخرين. ويصبح أكثر سهولة إذا ظنوا أنهم سيحصلون على شيء من ذلك.»
ويوافقه على ذلك <.J مولتون>، وهو واحد من أكثر الرأسماليين المغامرين نجاحا في لندن. ففي مقابلة صحفية حديثة مع صحيفة الفاينانشال تايمز، اعتبر الإرادة والفضول وبرودة الأعصاب هي أعلى ثلاث سمات قيمة في شخصيته.
ولا عجب في ذكره للسمتين الأوليين. ولكن ما مغزى برودة الأعصاب؟ يقول <مولتون> إن الشيء العظيم في برودة الأعصاب هو أنها صفة «تدعك تنام، حينما لا يستطيع الآخرون فعل ذلك.»
المؤلف
| Kevin Dutton |
باحث في علم النفس لدى مركز أبحاث كاليفا لعلوم الإنسان والتطور بكلية ماگدالن في جامعة أوكسفورد. | |
مراجع للاستزادة