حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | مبروك بوطقوقة rekibi الزمان والمكان من منظور سوسيو-أنثروبولوجي: إدوارد هول نموذجا صلاح الدين أركيبي* يؤدي التواصل غير اللفظي الكثير من المعاني والدلالات التي يعجز اللسان عن إيصالها وإيضاحها في الكثير من الحالات، وهذا ما يفسر لجوءنا إلى الإيماءات والح | |
مبروك بوطقوقة الزمان والمكان من منظور سوسيو-أنثروبولوجي: إدوارد هول نموذجا صلاح الدين أركيبي* يؤدي التواصل غير اللفظي الكثير من المعاني والدلالات التي يعجز اللسان عن إيصالها وإيضاحها في الكثير من الحالات، وهذا ما يفسر لجوءنا إلى الإيماءات والحركات والإشارات كلما واجهتنا صعوبات، وذلك بشكل قد لا يكون إراديا خلال تواصلنا مع الغير، بل قد تكون إشاراتنا وحركاتنا وإيماءاتنا أهم مما نود قوله، ولهذا فإن للتواصل غير اللفظي أهمية بالغة في حياتنا اليومية لكونه يعزز لغة الكلام ويدعمها بل قد يفوقها بلاغة وفصاحة في كثير من الحالات، وهو ما يعبر عنه الأنثروبولوجي الأمريكي “إدوارد هول”، في كتابه: “اللغة الصامتة”[1959]، بالقول: “إن ما يقوم به الناس يكون في غالب الأحيان أكثر أهمية مما يقولون”، فلسلوكيات الإنسان معان ودلالات قد لا نعيرها اهتماما في العادة، إلا أن تأثيراتها على العملية التواصلية تكون عميقة للغاية، كما أن ردة الفعل إزاءها تختلف باختلاف السياقات الثقافية والمجتمعية وكذا بحسب الظروف الزمانية والمكانية. إن للزمان والمكان قدرة تواصلية تفوق أحيانا قدرة اللسان، فآلاف التجارب تبين أهميتهما باعتبارهما وسيلتين أساسيتين في كل عملية تواصلية، بحيث يكونان أكثر بلاغة من الكلام في حد ذاته، فعلى سبيل المثال يعتبر التعجيل في جلسات الشاي، التي تدوم عادة لساعات طوال داخل ثقافة المجتمع الحساني، أمرا غير مستحب قد يعتبره الضيوف إهانة لهم ودلالة على عدم الترحيب والحط من قدرهم، فكلما خصص الضيف وقتا أكبر لضيوفه يعني أنه يعلي من شأنهم وكذا من قيمتهم. وتختلف مدة التأخر في الولايات المتحدة الأمريكية من الدرجة العادية(5 دقائق) التي تستلزم اعتذارا بسيطا إلى درجة الإهانة (45 دقيقة) التي لا ينفع معها أي اعتذار (Edward Hall, le langage silencieux, 1948, p.19). ويظهر دور الزمان بشكل جلي في العملية التواصلية من خلال فترات اليوم فالاتصال في الصباح الباكر أو خلال الساعات المتأخرة من الليل يحمل في طياته جدية المواقف ودرجة الاستعجال. ويبرز إدوار هول دور “العلامات المكانية” في العملية التواصلية ويشرحها، حيث يميز بين خمسة نماذج:
- العلامات الحدودية: ويعني بها الدفاع عن أرض أو حدود معينة (Edward Hall, le langage silencieux, 1984, p.186)، فالمرأة مثلا قد تحس بالضيق والانزعاج عندما تستعمل امرأة أخرى مطبخها، حتى وإن كانت من أقرب المقربين إليها.
- علامات القرب: للقرب أثر كبير على نوعيه العلاقات الإنسانية وعلى مدى قوتها أو ضعفها، ويعتبر في الكثير من الثقافات جزءا أساسيا خلال توطيد العلاقات (Edward Hall, le langage silencieux, 1984, 200)
- علامة التنظيم والتوزيع: إن الأمريكيين وعلى عكس الفرنسيين يوزعون الفضاء الذي يشتغل فيه الموظفين بشكل عادل بغض النظر عن تمايزهم الاجتماعي، وإذا ما عين موظف جديد بمكتبهم فإنهم يعيدون تقسيم المكان ليأخذ قسطه منه وهذا دليل على ترحيبهم به. أما الفرنسيون، فلا يأبهون بالملتحق الجديد، بل يخصصون له مكتبا في مكان مظلم متجها نحو الحائط ويعتبرون ذلك أمرا عاديا ومقبولا، في حين إذا كان الموظف الجديد أمريكيا فسيحس بالإحباط والقلق لأن المكان مكنه من فهم رفض الآخرين له . (Edward Hall, le langage silencieux, 1984, 201)
- علامات الاتجاه: وتكتسي بعض الاتجاهات في العديد من الثقافات طابعا قدسيا.(Edward Hall, le langage silencieux, 1984, p.203)
- علامات المسافة: تدل قرب المسافة بين المتخاطبين أو بعدها، على طبيعة العلاقة بيم الطرفين: هل هي حميمية، شخصية، اجتماعية أو عامة.
[size] إن الزمان والمكان يبوحان بالكثير من الأسرار التي تكسبهما قوة وتأثيرا داخل العالم التواصلي خصوصا في شقه غير اللفظي، ولهذا فهما يعتبران من بين المداخل الأساسية لفهم العمليات التواصلية داخل سياقاتها السوسيو-ثقافية، لأن دورهما في التواصل أمر جلي لا غبار عليه.[/size] | |
|