لنص المسرحي بين القراءة والتمثيل مجلة العلوم الإنسانية
جانفي 2005
7
الممثل أن يكون فنانا، ومن ملامح ذلك أن المرأة لم تحترف التمثيل في بعض الأقطار
العربية إلا في السنوات الأخيرة ، وبسبب نظرة الاستخفاف والمهانة تجاه كل من يمتهن
هذا الفن .
نتيجة لهذا القصور الثقافي ، نظر إلى النص بمنظار واحد ، ووضع في خانة
واحدة ، وأجبر على اختيار إحدى الخانتين ، إما القراءة والمطالعة ، وإما العرض والتمثيل
، وكأن الجمع بين الهدفين أو لنقل بين الحسنيين - في نظر هؤلاء - أمر غير مقبول ،
مع أن النص الجيد في عرف النقاد والمخرجين هو الذي استطاع أن يجمع بين الغايتين؛
إقبال ورواج على مستوى القراءة والتمثيل معا . وإن كان هذا لا ينفي أن ثمة مسرحيات
ضعيفة أدبيا ، قوية تمثيليا ، وحين نقلت إلى المسرح اعتبرت إحدى روائع هذا الفن وآياته
. وبالمقابل ، هناك مسرحيات أخرى افتقرت إلى مقومات العرض افتقارا شديدا ، ولكنها
من الناحية الأدبية ، وعلى مستوى القراءة لقيت رواجا كبيرا على نحو ما أشرنا إلى
مسرحية " أهل الكهف " لتوفيق الحكيم .
وبفعل هذا التطور ، تهاوت فكرة أن النص إما أن يكون أدبيا أو تمثيليا ، إلا أن
النجاح الذي عرفته العديد من النصوص التي قدمتها نخبة من كتاب المسرح في الوطن
1991 ] وألفريد فرج [ 1929 - ] وسعد الله - العربي ، أمثال يوسف إدريس [ 1927
- 1984 ] ونعمان عاشور [ 1924 - 2000 ] ، ومعين بسيسو [ 1927 - ونوس [ 1941
] وعلي عقلة عرسان [ 1941 - ] وغيرهم . حيث أعيد طباعة بعضها لمرات
عديدة ، ودخلت المناهج الدراسية في الكليات والمعاهد المتخصصة ، وقدمت على خشبة
المسارح العربية . كل هذا يقف دليلا على سقوط ذلك الحاجز الوهمي الذي فصل بين
المسرح والأدب المسرحي ، لفترة غير قصيرة . ولا شك في أن جودة تلك النصوص
أدبيا ودراميا ، كانت رخصتها للدخول إلى المقررات والمناهج الدراسية ، وجواز سفرها
إلى الخشبة ومنصة العرض .
ولم يكن هذا التوجه لدى الحكيم في إيثاره الجوانب الأدبية في النص ، على
حساب الناحية التمثيلية ظاهرة شاذة أو معزولة عن مسار المسرح العالمي، الذي يؤكد
تاريخه أن معظم نفائس هذا المسرح ونصوصه الخالدة تشكلت - عبر الزمن - من
مسرحيات قرئت قبل أن تمثل، وعرفت المطبعة والكتاب قبل أن تعرف الخشبة والإضاءة
والموسيقى ، أعمال كان صوت الأدب ( الصبغة الأدبية ) فيها أعلى شأنا من صوت
إن المسرحيات العظيمة في العصرين اليوناني والروماني، وفي عصر
الثلاثاء يونيو 24, 2014 4:29 am من طرف بن عبد الله