تتخوف المملكة الأردنية الهاشمية من وجود مثيل لميشيل سماحة
ضمن خلية نائمة تتحين الفرصة لتفعيل وجودها أو هي بانتظار الأوامر من دمشق
لتقوم بضربتها، ومن حق الأردن شعباً وحكومة أن يكون الخوف هاجسهم، فمن كان
يظن أن الوزير والنائب اللبناني السابق ميشيل سماحة بكل هيبته ومكانته
ومركزه لم يكن إلا بيدق بيد رجل المخابرات السوري علي مملوك يحركه بالاتجاه
الذي يريد وفي الوقت الذي يشاء زماناً ومكاناً بغض النظر عن موقع الهدف أو
مكانته حتى وإن كان من عظام الرقبة لميشيل سماحة!!
كنا نتفهم دور ميشيل سماحة كشبيح مثله مثل العشرات من الشبيحة السياسيين
والإعلاميين اللبنانيين يروجون للنظام السوري وينافحون عنه بكل قوة عبر
وسائل الإعلام وفي المنتديات السياسية لقاء ثمن بخس يتقاضونه لسنوات طويلة،
ومن حق النظام السوري عليهم أن يكونوا إلى جانبه في أيام خريفه الذابلة
بعد أن تقلبوا في نعيم موائده الربيعية الزاهرة، أما أن تكون خدمة بعض
هؤلاء الشبيحة يتجاوز المحرمات وكل الخطوط الحمر دون ضوابط أخلاقية أو
قيمية ليصل إلى عظام الرقبة من الأهل والقرابة والعشيرة.. فهذا أمر جلل
وخطير، يجعل مجتمعاً متحاباً متآلفاً متآخياً كالمجتمع الأردني أن يتخوف
ويحدق فيما حوله جيداً وفي العمق والبعد، فلا غرابة أن يكون نظاماً مثل
النظام السوري ونهجه الأمني وبراعته في تجنيد العملاء، قد زرع بين نشامى
الأردن عدداً من أمثال ميشيل سماحة؟!
الأردن عزيز علينا ومكانته في قلوبنا لا تقل عن مكانة بلدنا سورية، فقد
كان لنا الموطن والمقام حين عز علينا وجود الموطن والمقام، وكان أهله أهلنا
بكل هذه الرمزية الرائعة حباً وإيثاراً قل نظيره في مثل هذا الزمن الرديء،
ومن منطلق حبنا له نحذر القائمين على الأمر فيه أن لا يتهاونوا ولو للحظة
واحدة عن الحذر من وجود مثيلين لميشيل سماحة، وتاريخ العلاقة بين الأردن
والنظام السوري مليء بالمنغصات والشوائب والتي لم يكن آخرها محاولة اغتيال
رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران عام 1980، ولا خطف القنصل الأردني
في لبنان فيما بعد!!
ولعل غلو بعض الكتاب والمحللين السياسيين الأردنيين في المجاهرة بمناصرة
النظام السوري وبعد أكثر من سنة وسبعة أشهر في إيغاله بقتل السوريين في
مجازر بشعة يرتكبها في طول البلاد وعرضها، ودكه للمدن والبلدات والقرى
الممنهج بالطائرات وراجمات الصواريخ ومدفعية الميدان والدبابات، دون
التراجع ولو قليلاً عن هذا الاندفاع غير المبرر لا أخلاقياً ولا سياسياً،
يجعل ضعاف النفوس ممن ارتبطوا بهذا النظام الأمني السوري، أن يظنوا أن
منطلق هذا الدفاع المتواصل عن النظام السوري المجرم هو موقف مبدئي من نظام
مقاوم وممانع يتعرض لمؤامرة كونية، وأن موقفهم هذا جاء على خلفية موقع
النظام المؤيد والداعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية والذي يتعرض لهجمة
معادية من الصهيونية والإمبريالية، وهذه أكبر الفواجع أن نجد من يعتقد أو
يتصور أن النظام السوري هو نظام مقاوم وممانع ولم يسمع العالم بإنسه وجنه
أنه أطلق رصاصة واحدة في مواجهة العدو الصهيوني في الجولان المحتل منذ
العام 1974 بعد عقده اتفاقية فك الاشتباك معه عند الكيلو 54 عام 1974!!
أخيراً أناشد كتاب بعض الأعمدة في الصحف الأردنية الذين لم يجف حبر
أقلامهم منذ أكثر من 17 شهر دامية في سورية (عشرون ألف قتيل، عشرات الألوف
من المفقودين والجرحى، مئات الألوف من السجناء والمعتقلين، أكثر من ثلاثة
ملايين نازح داخل سورية، أكثر من نصف مليون مهجر خارج سورية، تدمير عدد من
أحياء المدن السورية والعديد من البلدات والقرى) ولا يزالون مصرون على
مناصرة النظام السوري دون هوادة.. أناشدهم أن يحكموا العقل والضمير والمنطق
فيما ذهبوا ويذهبون إليه في مقالاتهم، وأنهم سيكونون مسؤولون أمام الله
وأمام الشعب الأردني إذا ما عكر صفو الأردن وأمنها حادثة تزعزع هذا الأمن
الذي عهدوه وعاشوه لعقود طويلة!!