سجال قصيدة النثر والشعر العمودي


– May 25, 2012


سجال قصيدة النثر والشعر العمودي
زيد الشهيد
في
ولعه بالشعر وخروجه عن أسار القافية تلقف الشاعر العراقي الثمانيني ما كان
ادونيس وانسي الحاج نشراه في مجلة شعر مما سمي بـ قصيدة المثر في خضم
اندلاع قصيدة التفعيلة واندفاع النقاد في تحديد من اوجدها خلقاً مكينا في
تأثيرها ان كان السياب أم الملائكة .
طرقت قصيدة النثر باب الشعر
العراقي فوارب لها جملة من الشعراء الشباب ذائقاتهم ومنحوها عشقهم. وما ان
مر عقد من السنين حتى غدت فترة التسعينات وسيلة طاغية للتعبير، نأياً عن
القصيدة العمودية وما تلتها قصيدة التفعيلة. ومع دخولنا القرن الواحد
والعشرين عاد بريق القصيدة العمودية ليتراشق مع وهج قصيدة النثر في ظل
غياب قصيدة التفعيلة وموتها الابدي.. ولأن لكلٍّ من هذين الاتجاهين اتباع
من الشعراء ومريدون من القراء فقد انفتحت الساحة الاعلانية لوجودهما،
وصرنا نرى في الاحتفالات والمهرجانات سجال توجهي.. إذ غلب على ملتقى عالم
الشعر الذي عقد في النجف في 25ت2 2011 وجود القصيدة العمودية ورأينا
شعراءها يتمايلون تبختراً وخيلاءً عبر تضئيل مساحة شعراء قصيدة النثر
فكانوا لا يتعدون اصابع اليدين بينما انبرى ملتقى قصيدة النثر في البصرة
كان افتتاحه يوم 3آذار 2012 إلى جعل عنوان الملتقى باسمها كتعبير عن وهجها
واستمرار نورها الوضاء باشهار انها هوية العصر وتعبيره ؛ مع شعور يسري في
النفوس ان شعراء القصيدة العمودية بشعرهم انما يحرثون في هواء أو يطلقون
العقيرة في برية خلاء
ما يلفت الانتباه ان كلا الطرفين كتاب الشعر
العمودي و كتاب قصيدة النثر هم من الشعراء الذين ينشد كل طرف منهم لضفة
ابداعه ومرفأ موهبته رغم بوح كلا الطرفين همساً بما يعزز رؤيته. فالأول
يميل الى مسمعك ليقول ان قصيدة النثر فقاعة سرعان ما تنفجر وتنتهي كما
انتهى شعر التفعيلة بينما الثاني يفوه الشعر العمودي عاش عنفوانه منذ
قرون، ثم هرم، فمات. وهؤلاء الذين يصرون على بقائه ووجوده وعنفوانه انما
يغالطون انفسهم فينفخون في جسد ميت … ولقد فات الاثنان أنَّ لغة العصر لا
ترفض الاثنين ولا تقف الى جانب على حساب آخر، بل ما زالت ترى في الشعر بكل
انواعه واتجاهاته تعبيراً جوانياً لابد منه، وان البشري بلا شعر مخلوق
مجتر يعيش ليأكل. فالشعر لديها افضاء يرسم للبشرية تاريخها على ايقاع نغمي
موسيقي يخلو من الرتابة. وما احد مسببات التغييرات العنيفة التي هزت
الشعوب وجعلتها تحرق المراحل في التطور والتحولات المهولة والاحداث
العنيفة الا بفعل الشعر الداعي لذلك، الراصد بعين النقد، الراسم للنكوص،
الناقد للخمول، الناقم على القناعة والهمود.
ضرورة فهم العصر وحركية
الزمن تحتم على الراصد ان يعتقد ان التغييرات المهولة في المجتمعات
العلمية ووسائل العيش التي تأخذ طابعاً جديداً تحتم على الشاعر ادراك ان
ليس هذا الشعر الذي يبقى وذاك مَن يموت بل معرفة ان وسيلة تلقي الشعر
اختلفت. فلم يعد ايصال الشعر الى المتلقي يتم من على المنابر، وفي القاعات
المغلقة او في الهواء الطلق ؛ انما صارت القراءة وفعل التلقي يتمان من
خلال تعالق المتلقي بالنص فقط. اي بحوارية تتم بينه وبين النص.
ولو
سألت متلقي اليوم عن افضل وسيلة لاستعذاب الشعر سيقول لك عندما اقرأ النص
لوحدي، أي بمعزل عن الشاعر، شأن ذلك شأن قارىء الرواية، فهو لا يحتاج الى
المؤلف ليسمعه بل يريد ذائقته هو ليتحاور مع فحوى الخطاب ويتعامل معه
بصرياً.. يحتاج الى ان يطرق ابوابه ليتجول في حواريه ويبصم خطاه على اديم
دروبه. يحتاج الى الوقوف عند منابت النور ومواقع العتمة فيه لينتهي الى
اعلان نجاح النص في تحاوره ومقدرته المكينة على الوصول الى ابعد مساحة من
ذائقة المتلقي لم يطأها قدم نص شعري من قبل.
قصيدة النثر لا تلغي الشعر
العمودي ولا الشعر العمودي يستهين بقصيدة النثر طالما ان رؤية عصرية
انبثقت واسلوب جديدة للقراءة توالد.. حقيقة لابد ان يعترف بها الشعراء
ويتخذونها مسلكاً لغلق ابواب السجال وايقاف التصادم عند اعتاب انا الشاعر
وليس غيري.
ان احقية اثبات من هو الابقى لا يجب ان تكون الشغل الشاغل
للشاعر انما الاحقية تكمن في ضرورة خلق الفرح وجعل مأساة الانسان على
الارض تحتمل بأقل الهموم. وهذا ما توصل اليه السياسيون في حقل السياسة في
البلدان المتحضرة فجعلوا برامجهم برمتها تسعى لتقليل معاناة الانسان،
تراقبهم في ذلك الشعوب التي يتوجهون اليها كي تمنحهم رضاها عبر قراءة
للمنجز الذي تعهدوا به ويتعهدون كي يخرجوا بحصيلة ان نصهم البرامجي يخلق
المتعة، ويصل الى نص سعادي لم يسبقهم اليه صانع برنامج من قبل.
تجسيد
امس التقيتُ الشعر يتسكَّع في شوارع القلب.
أمس كان القلبُ يجلس على اريكةٍ أمام لوحةٍ استعارها من مونيه.
كان الزمن نائماً وسطَ وردةٍ عاريةٍ يوشوشُ له ميسمُها Love is All ،
والشعرُ يتثاءب.. ارادَ ان ينام.
غرقت الوردةُ في الضحك وأومأت بساقيها العاريتين أنْ تعال.
تصافحت الاغصان.. اندلقَ الاخضرُ على وجه الشعر،
وصدر القلب، واصابع الزمن.
رقصت ريشةُ مونيه.. غاص الشعرُ في نهرِ الشوق.
نهض الشعراء