حينما سألوه عن المتجلية عند الفجر اجاب : تلك مسألة متلظية وربما تتسع
لتناهض منطق أرسطاطليس ولكنى لم أجد لها فى مذاهب الفقه أى تفسير محد ...
فاجأهم الشيخ بالاجابة فذهبوا الى قسيس المدينة عله يفتيهم..
علت الدهشة وجهه وهم يسألونه ثم أردف وأجاب : هى حد لكل محد .. وهى فيصل
لوصال يتسع ليضم القساوسة والرهبان والنساك وربما يتسع الامر فتكون أيقونة
لسديم سرمدى
ضاق الجميع بالاجابة وقالوا : علينا اذن براهب الدير فقد عرفناه فيلسوفا
وفهامة
ذهبوا متوجسين ولما شاهدهم رحب بهم وأعد لهم أقداح الشاى الممزوج بالريحان
الصحراوى ثم سألهم عن مطلبهم فسألوه عن المتجلية فجرا
تهلل وجه الراهب وصاح : أو قد ظهرت ؟ هل ظهرت ؟
ارتسمت على جباه الجميع أمواج الدهشة الممزوجة بالغرابة ، فأكمل الراهب :
انها من تاقت اليها أعين ، وهفت اليها مسامع ، هى الكحل للعين ، والغذاء
للروح ،والدواء للمقروحين والملتاعين ، فأخبرونى : من منكم شاهدها ، واطلع
على خمر عينيها العسليتين ،وشفتيها القرمزيتين ، وجسدها الليلكى الرقراق
على ضوء القمر البراق ؟ا
أجابه أحدهم : أنا ياشيخ ... أنا رأيت ..
-- لا.. لا تكمل يابنى ، ودعنى أتبارك بك ، اقترب لامس شعرك ، ولاتبرك من
طيب العبق الاتى من مسك بريقها ، لم يقترب الفتى ،فصاح اخر : اذن أخبرنا من
تكون هذه؟
قال الراهب: لى شرط ، ولكم شرط ،وعليها أن تختار -هى - فى النهاية
أجاب الجميع بالموافقة ، فشرع الراهب فى فك ازار ردائه ، ثم شرع فى السجود
وأشار لهم بأن يفعلوا مثله .. تمامل الجميع فارتفع صوته : لقد قبلتم الشرط
ولم يجدوا بدا سوى الرضوخ ، فسجدوا فى صمت
وقف الراهب وأشار اليهم بالنهوض فنهضوا ، وأشار اليهم بأن يتبعوه الى صخرة
قريبة فى الجبل المواجه للدير
سار الجميع فى ذهول ، وعند الصخرة قال لهم ،هذا شرطى ،فما شرطكم ؟
تململوا ، نظروا الى بعضهم فى حيرة ، لكن صاحب اللحية تكلم : شرطنا أن تتبع
ما اتبعنا وتنته عما انتهينا، وتذكر هذا شرطنا
تململ الراهب ولم يجد بدا سوى الموافقة ، ثم صاح بصوت فيه جدية وغلظة
يا موقد المتجلية فجرا
الجميلة بدرا
المتبتلة عند الشروق
حكمت ... فاحكمى
أنت - الان - البرق والنجوم
ونحن رعاة الارض والغيوم
أمطرى علينا الحق
أمطرى الحق
ما أن انتهوا من ذلك حتى تشققت الصخرة ، وسمع الجميع نداءا أثيرا
أنا الصدر الحنون
بقلبى الماء والزمرد
ولى أشجار الزيتون
تصافحوا بالسلام
ياعشاق الحياة
صعق الجميع ، وسجد الراهب شكرا ، وأمسك بعود حطب وكسره ، وأعطى كل واحد
جزءا وقال
لكم الاجزاء
وله الكل
هو الكل فى واحد
والواحد فى كل
فهل عرفتم - الان - المتجلية عند الفجر ؟ا
انطلقوا مسرعين فى صمت ... كل ينظر الى الجزء المتكسر من عود الحطب الجاف
الثلاثاء مارس 09, 2010 11:57 am من طرف هشام مزيان