الناصرة
ـ 'القدس العربي': قال البروفيسور ايتمار عنباري، مدير معهد بيغن-
السادات للدراسات الإستراتيجيّة في ورقة بحثيّة أعدّها ونشرها على الموقع
الالكتروني للمعهد إنّ التقرير الأخير للوكالة الدوليّة للطاقة النوويّة
أكد الشكوك بأنّ إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية، الأمر الذي قد يُولّد
تولد جولة إضافية من العقوبات على طهران، وهذا هو المرجح لإحداث تغيير في
سياسة إيران النووية.
وأضاف: ستواجه إسرائيل قريبا قرارا بشأن ما إذا كان من الصعب توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد:
الولايات المتحدة ما لم ترق إلى قوة عظمى لها مسؤولياتها، فإنّ الأمور
ستبقى على حالها، مشددًا على أنّ ضربة أمريكية تستهدف البنية التحتية
النووية الإيرانية ليس ضرورية فحسب، بل هي أيضا السبيل الوحيد للعمل الذي
يمكن أن يمنع الانسحاب الأمريكي الوشيك من العراق وأفغانستان من أنْ يشير
إلى نهاية نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على حد تعبيره.
وقال
أيضًا إنّ الوكالة الدولية للطاقة النويية (IAEA) قدمت أخيرا هذا الأسبوع
تقريرا يعبر عن مخاوف جدية حول الأنشطة داخل البرنامج النووي الإيراني تدل
على أنّ البعد العسكري بات واضحًا، وإنْ كان هذا لا يزال محرما من جانب
طهران، كما يؤكد التقرير ما ادعت إسرائيل منذ سنوات، أن إيران ماضية في
السعي لإنتاج قنبلة نووية، منوهًا إلى أنّ التقرير لا يحمل أيّ جديد لم يكن
معروفًا لوكالات الاستخبارات الغربية منذ حوالي السنتين.
وبرأيه فإنّ
التقرير يكشف عن الإستراتيجية الإيرانية لخلق ضباب منيع حول برنامجها
النووي والمماطلة في مفاوضاتها مع الغرب من أجل كسب الوقت لمواصلة تطوير
برنامجها، ومع ذلك، واصل النظام الإسلامي الراديكالي في طهران نفي الحقيقة،
معتبرا أن هذه الاتهامات تستند على وثائق مزورة. وعلاوة على ذلك، فإن
الروس والصينيين شككوا أيضا في صحة التقرير.
وساق قائلا إنّ الوكالة تحت
قيادة يوكيا امانو تستحق الثناء لتسميتها الأمور بأسمائها الحقيقية وعدم
الرضوخ للضغوط الصينية والروسية والإيرانية. لافتًا إلى أنّ أمانو أعاد
قليلا من المصداقية لوكالة الطاقة الذرية، والتي كانت في عهد الرئيس السابق
محمد البرادعي متواطئة إلى حد كبير مع إيران، ولكنْ بعد نشر التقرير، على
الأرجح أن وصول الوكالة إلى المنشآت الحساسة في إيران ستتقلص بشكل كبير.
ومع
ذلك ، فإن تقرير الوكالة الدولية يضع القضية النووية الإيرانية مرة أخرى
على جدول الأعمال الدولي، على الأقل لفترة من الوقت، بعد فترة كان فيها ما
يُسمى بالربيع العربيّ يتصدر الأجندة الدولية، كما لفت البروفيسور عنباري
إلى أنّ المعلومات التي تسربت عن الإجراءات المحتملة و/أو الوشيكة عن ضربة
عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية تساهم في تركيز الانتباه
الدولي بطريقة فعالة للمشروع النووي الإيراني.
الغرب، خصوصا أمريكا،
سيجد الآن صعوبة أكثر في تجاهل تقدم إيران على المسار النووي، ذلك أنّ كبار
المسؤولين في العواصم الغربية شددوا على ضرورة النظر في فرض عقوبات أكثر
صرامة على إيران من أجل إقناع صناع القرار في طهران بوقف تخصيب اليورانيوم
والتسلح.
حتى الآن، ولكنّ تشديد العقوبات بات مرهونا بموقفي روسيا
والصين، كما أنّه، بحسب رأيه، ليس هناك يقين بأن معظم أوروبا سوف توافق على
هذه الخطوة، على الرغم من التشدق والسياسات المناهضة لإيران، فالشركات
الألمانية، مثلا، ما زالت تقيم علاقات تجارية مع طهران، وهو ما يُذكر برأي
عنباري، بالأيام التي كان يتودد صدام حسين للغربيين، في نفس القوت الوقت
الذي كان يطور صواريخ بعيدة المدى والأسلحة الكيماوية، ويحصل على المواد من
التجار الأوروبيين.
ورأى أنّ إسرائيل قد تجد الارتياح في أن يكون الحق ثبت مرة أخرى.
ولكن
الحقيقة المرة هي أن معظم دول العالم لا تريد سماع أخبار مثيرة للقلق حول
إيران، وخاصة عن الحاجة لعمل عسكري لتصحيح الوضع، هذا هو السبب الذي دفع
السواد الأعظم من الدول في العالم لعدم فعل أيّ شيء حتى الآن لتفادي ظهور
إيران نووية، وهذه الدول تتصرف كالنعامة، وتتجاهل المخاطر في الشرق الأوسط
وخارجه التي من المحتمل أن تنجم عن انتشار الأسلحة النووية الإيرانية.
علاوة على ذلك، لقد خدعت النخب الغربية نفسها في التفكير الذي يمكن أن يثني
الإيرانيين من بناء سلاح ذري عن طريق العقوبات الاقتصادية. الغربيون
برأيه يجدون صعوبة في فهم أن حكام في طهران على استعداد للسماح للشعوب
تعاني من أجل الوصول إلى النووي، وهو هدف سياسي على درجة كبيرة من الأهمية.
وهناك حاجة للقنبلة لكسب النفوذ في الشرق الأوسط وفي العالم، ولكن قبل كل
شيء، بحسب هذه النخب، من المهم جدا بقاء النظام الإيراني لأنه يردع التدخل
الأجنبي، على حد تعبيره.
لسوء الحظ، زادت الدراسة الإسرائيلية، تصرفات
الرئيس الأمريكي أوباما وقادة أوروبا عززت مؤخرا درسًا مهمًا للقيادة في
طهران: التخلي عن أسلحة الدمار الشامل والتعاون مع الغرب لا يضمن بقاء
النظام، بل يجعل النظام عرضة للهجمات العسكرية الغربية، وهذا ما حصل في
ليبيا عندما تدخّل حلف الناتو ضدّ القذافي على الرغم من أنّ الأخير تنازل
عن أسلحة الدمار الشامل واقترب من الغرب.
السؤال الكبير الآن، برأي مدير
معهد بيغن- السادات هو هل الولايات المتحدة سوف ترقى إلى مستوى مسؤولياتها
كقوة عظمى؟ الرئيس أوباما لا يبدو مناسبا لهذا النوع من العمل، ذلك أنّ
جنبا إلى جنب مع الوعد الرئاسي بعدم السماح لإيران بأن تصبح قوة نووية،
هناك الصعوبات الانتخابية في أمريكا، والتي من شأنها أنْ تردع واشنطن عن
اللجوء إلى القوة ضدّ البرنامج النوويّ الإيراني، ولكن بالمقابل فمن شأن
القيام بإجراءات عسكرية أمريكية متزامنة مع الانسحاب من العراق أنْ تُعيد
للولايات المتحدة الأمريكية احترامها وهيبتها في الشرق الأوسط، أيْ توجيه
ضربة عسكريّة للبرنامج النووي الإيراني، وهو الأمر الذي من أجله يقوم
الكثيرون من أصدقاء وحلفاء واشنطن بالصلاة من أجل أنْ يتحقق للتخلص من
إيران النوويّة، على حد تعبيره.