مسعدالنحلة " ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
عدد الرسائل : 329
تاريخ التسجيل : 14/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 17
| | الأمل ( قصة قصيرة ) | |
الأمـــــل يا من أسرتِ خيالي وسحرت فكري .. وتلاعبت بمشاعري وفق هواها .. يا من أخشى لقياها ، وأستعذب رؤياها .. يا من عزفت على أوتار فؤادي لحن الهوى .. فأطربني ودغدغ حواسي .. لا أنكر أنني وجدتني في وقت ما أسعى جاهدا لأرنو إلى طلعتك ولو بلمحة يسترقها النظر .. كنت أبحث عنك في حياتي ، ودنياي .. في الزهور .. في السماء .. بين النجوم .. خلف القمر ، كان وقتي كله مسخرا للبحث عنك .. وإذا جاد الزمان بطيفك فكنت كمن عثر على أغلى كنوز الدنيا .. على جنة الخلد .. على أملي الذي لا أبغي سواه .. كان عبيرك يسكرني .. وجمالك يبهرني .. وخمرك يسكرني .. وأطيافك تحلق بي في عوالم سرمدية ساحرة .. كنت مستعدا لأن أهجر العالم كله من أجلك .. كي أعيش معك وحدك بعيدا عن كل البشر .. ننهل من كأس الهوى ولا نكتفي .. نشرب من نهر العشق ولا نرتوي .. نغيب معا في أحضان الشوق .. نلتمس الدفئ والحنان ، ونظل هكذا إلى نهاية العمر .. لا يقض مضجعنا ضنى يعذبنا .. ولا يندس بيننا عزول يفرقنا .. كنت دائما أحيا معك حلما في خيالي ، ومن صنعي .. حين كانت تنفرج ضلفتي شرفتك أمامي .. وتطلين بطلعتك البهية .. أو ترسلين نظراتك الساحرة .. كنت أغيب عن الوجود إلى عالم الأحلام .. فلا أرى غير طيفك .. أتوهم أنك تبتسمين لي .. كنت أتخيل أنك فتحت الشرفة عمدا لأنني موجود وتسعين لرؤيتي .. لم أتبادل معك أي حديث .. ولم أومئ لك بأي إشارة .. ولكنني خلت أنك تكنين لي شوقا قدر شوقي .. وهياما يضاهي هيامي .. وعشقا يماثل عشقي .. كنت حين أزور أخيك زميل الدراسة .. في منزلكم وأنا أسوق الأعذار والحجج وأختلقها طلبا لمحاضرة فاتتني أو كتاب استعيره .. أو حتى لمذاكرة درس ما معه أدعي انني لم أستوعبه في المدرسة .. كانت كل حواسي مع صوت الأبواب حين تفتح أو تغلق متمنيا أن أراك .. أو أغنم نظرة من عينيك الجميلتين .. كانت تبوء محاولاتي كلها بالفشل الذريع .. فأعود لمنزلي خالي الوفاض ، حزين النفس .. ولكنني لم أكن أفقد الأمل .. لم يكن يصيبني اليأس .. كنت أشعر بالغيرة في صدري .. وبالنار تشتعل في قلبي حين أبصر هذا الموظف الأعزب الذي يسكن في الشقة المجاورة لنا ، وهو يرسل نظراته إلى شرفتك أثناء سيره في الطريق ذاهبا إلى عمله أو عائدا .. ولكن سرعان ما كنت أطرد هذا الهاجس .. مبررًا أنها الصدفة البحتة .. كنت أؤكد لنفسي أنك لا تنظرين إلا لي أنا .. وسوف تسنح لي الفرصة يوما لأبوح لك بما يدور في نفسي .. وما أكنه لك من حب .. لم أفقد الأمل .. إلى أن كان هذا اليوم .. الذي فتحت فيه شرفتك .. ورنوتِ طويلا ، كنت أنا في منتصف حجرتي .. رأيتك تلوحين .. وتحددين بثلاث أنامل من أصابعك الجميلة موعدا للقاء .. أومأت برأسي بالموافقة .. لم تسعني الدنيا من الفرح .. رقص قلبي طربا بين ضلوعي .. سأقابلك في الموعد المحدد .. الثالثة .. ولكنك لم تحددي مكان اللقاء .. أدركت بذكائي وسريرتي أنك ستقوديني إلى المكان الموعود .. عندما تخرجين من المنزل ، وأتبعك أنا بمسافة مناسبة حتى لا أثير الشكوك .. إلى أن نصل إلى المكان المرتقب .. ربما كان في الحديقة العامة ، أو في مكان هادئ في أطراف المدينة .. كثيرا ما شاهدت فيه الأحباء يتناجون بعيدا عن أعين المتطفلين .. لم أكن أدري أنك تكتمين لي في قلبك كل هذا الحب .. حبا يفوق حبي .. لأنك البادئة .. بادرت أنت بإبرام موعدا للقاء .. أقدمت أنت على ما كنت أنا مترددا فيه .. لم تستطيعي الانتظار أكثر من ذلك .. أجبرك الشوق عليه .. بعد أن بلغ بك الصبر مبلغا لم أبلغه أنا .. اكتنفتني حالة من الزهو والحبور لهذا الخاطر .. وتملكني إحساسًا بالكبرياء حلق بي بعيدا فوق السحاب .. لم تسعني الدنيا من فرط السعادة .. أمضيت الوقت كله في إعداد نفسي لهذا اللقاء المرتقب .. رحت أحصي الساعات والدقائق في قرص ساعة الحائط كلما مررت بالصالة .. وكنت دائم المرور عليها .. بمناسبة ، وبدون مناسبة ، كان وجيب قلبي يزداد كلما مر الوقت .. سألتني أمي عن سر هذا التأنق والقلق الذي ألم بي اليوم .. فأنا أملأ الشقة حركة دائبة وأزرعها ذهابا وإيابا .. اضطررت أن أكذب .. بأني على موعد مع صديق لأذاكر معه عدة موضوعات مهمة لم أستوعبها ، فأفحمتني بالدعاء بأن يوفقني الله وييسر مسعاى .لمحتك تخرجين من باب المنزل .. لم أشعر بنفسي وأنا أنهب درجات السلم قفزا .. خرجت من باب منزلنا .. كنتِ قريبة .. أنتظرت حتى أصبحتِ على أقصى مرمى البصر .. تبعتك .. انعطفتِ .. أسرعت حتى لا تضيعي من ناظري .. سلكتِ الطريق الرئيسي .. وصلتِ إلى بوابة حديقة المنتزه .. وقفتي أمام البوابة .. لم تدخلي .. رحتِ تتلفتين يمينا ويسارا كأنك تبحثين عني .. تنظرين إلى ساعة يدك في قلق .. أسرعت لأقطع المسافة إليك .. ولا أجعلك نهبا للقلق .. لوحت لكِ من البعد حتى أطمئنك .. لم تريني .. كنتِ تنظرين في الاتجاه الاخر .. اقترب منك رجل .. لا أدرى من أين أتى .. استقبلتيه أنتِ بحرارة .. توقفت أنا أراقب .. نزل المنظر على رأسي كالصاعقة .. أمسك يدك .. استدرتما .. دخلتما من بوابة الحديقة الحديدية .. اقتربت أنا أكثر .. استطعت تمييز ملامح الرجل .. إنه الموظف الذي يقطن بجوار شقتنا .. لم أدر بنفسي .. كنت أترنح في الشارع .. كادت سيارة أن تصدمني .. لم آبه لصرخات السائق وسبابه .. لم أهتم بنظرات استنكار المارة وتعليقاتهم الغاضبة .. سرت لا ألوي على شيء .ـــــــــــــــــــــــــ | |
|
الأربعاء فبراير 17, 2010 5:25 am من طرف سليمان محمد شاويش