** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 فصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي من "المفارقات" أو "المشتبهات"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

فصل المقال  وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي  من "المفارقات" أو "المشتبهات" Empty
24102011
مُساهمةفصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي من "المفارقات" أو "المشتبهات"

فصل المقال  وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي  من "المفارقات" أو "المشتبهات" 1315866125



فصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي



من "المفارقات" أو "المشتبهات"







بقلم: الدكتور احمد بابانا العلوي







استهلال : المراد بالفرقان التفريق بين الحق والباطل



أما المشتبه والمتشابه : سواء من حيث اللفظ أو المعنى هو الذي لا ينبئ ظاهره على حقيقته مما يؤدي إلى طغيان الخلط والإشكال}



يراجع : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الاصفهاني و لسان العرب لابن منظور.







- 1 -







لقد لفت نظري ما كتبه الأستاذ عز الدين العلام في زاوية { فواصل الأيام } بجريدة الاتحاد الاشتراكي العدد 9862 بتاريخ 15/08/2011.



وقد
ورد في مقال الأستاذ كلام مرسل حول حركة الإصلاح الديني التي شرعت حسب
قوله (التفريق بين الإيمان والقانون) وتحدث عن فكر الأنوار والدولة
الأوربية الحديثة وانتشار الفكر الاشتراكي بفضل مفكرين أمثال ماركس وبرودون
وباكونين، كما أشار إلى التقدم المتسارع الذي حققته أوربا في المجالات
الاقتصادية والتقنية والاكتشافات العلمية..




وتضمن
مقاله قدح في مفكري المغرب والإسلام بصورة انتقائية، واختزالية
ومبتسرة، تفصح عن فكر دوغمائي بعيد كل البعد عن ما يجب أن يتصف به الباحث
من رصانة وروية وتمحيص وعدم تحكيم الهوى في قضايا تتعلق بالفكر والنظر...




ولست
هنا بصدد مساجلة الأستاذ العلام فيما كتب من كلام مرسل. فهذا شأن يعنيه،
ولا شك بان القارئ اللبيب سوف يدرك مراميه وخلفياته وله وحده أن يحكم له أو
عليه..




وما أريد أن أتوقف عنده في هذه العجالة ينصب على مسألة معرفية وظفها الأستاذ لأغراض إيديولوجية في سياق كلامه المرسل.



ويتعلق
الأمر بمقارنته المبتسرة بين ابن الازرق وميكيافلي يقول الأستاذ : "حينما
كان مكيافيلي يكتب "الأمير" يقصد كتاب "الأمير" فاتحا الطريق لتأسيس نظرية
الدولة الحديثة.




في
الوقت الذي كان فقيهنا ابن الأزرق يجمع في كتابه ( بدائع السلك في طبائع
الملك) كل موروث الاستبداد السلطاني...، ثم يضيف "وبينما كان مفكرو الأنوار
من ديدرو إلى فولتير، مرورا ب دالامبير وهلفسيوس ودولباج يدافعون عن العقل
مؤمنين بالإنسان، ومطالبين بالإصلاح..، ظل فقهاؤنا يجرون من ورائهم سيلا،
بل أسمالا، من الاستشهادات والعنعنات التي لا تسمن التاريخ ولا نغنيه."








- 2 -







والحق
أن في الكلام الذي استشهدنا به مبالغة وتشويه للحقيقة وإسقاط متعمد خارج
عن السياق التاريخي، وبدون إعتماد أي طريقة معرفية أو معيارية منهجية.
تمكننا من فهم تطور الأنساق الفكرية والأنماط الثقافية الكامنة وراء الحركة
التاريخية للمجتمعات البشرية. لقد ذكرت في كتابي الفصول: "بان ما يهمنا هو
مسألة المنهج لأن العلم في جوهره هو ادارك الشيء بحقيقه اليقين والمعرفة
...




فالمعرفة
العلمية الصحيحة تقوم على قواعد وأصول منهجية تؤدي إلى اكتشاف حقائق الكون
والحياة والإنسان وتساهم في ازدهار وتقدم الحضارات الإنسانية (1).




ومن
هذا المنطلق فقد ظهرت في المكتبة الأوربية مئات الكتب عن الفكر العربي
الإسلامي، وقد انصرفت جهود الباحثين على الأساليب التي تنمو فيها التقاليد
الفكرية والطريقة التي تتجمع فيها وتنتقل من جيل إلى آخر وتتطور وتكسب
مرجعيتها.(2) والغاية من وراء ذلك تشكيل نظرة معينة في أوروبا عن الإسلام و
الحضارة المرتبطة به.




ورغم
أن الإسلام منذ ظهوره على مسرح التاريخ شكل مشكلة لأوربا المسيحية، إلا
أن العلاقة بين المسلمين والأوروبيين المسحيين لم تكن مجرد حرب دائمة... بل
كانت كذلك علاقة تبادل تجاري عبر البحر المتوسط..، وكان هناك أيضا تبادل
للأفكار من البلدان الإسلامية نحو البلدان المسيحية (مؤلفات فلسفية
باللغة العربية، وكتب العلوم والطب، ترجمت إلى اللاتينية) وظلت حتى القرن
السادس عشر متداولة ..




إن
المسيحيين الأوربيين الذين فكروا في الإسلام خلال ما يقارب الألف سنة من
المجابهة، قد فعلوا ذلك وهم في حالة الجهل رغم أن القرآن كان متوافرا فعلا
بترجمة لاتينية منذ ما بعد القرن الثاني عشر..، بتوجيه من بطرس المحترم
رئيس دير كلوني. وكذالك كان بعض المؤلفات الفلسفية باللغة العربية معروفة،
أما الفقه والعقائد التي تتناول ما ورد في القرآن من نظام للفكر و الممارسة
فإن معرفة المسيحيين لها كانت محدودة.(3).. والحق أنه مهما تكن آراء
الأوروبين في الإسلام، فلا يمكنهم أن ينكروا بأنه كان عاملا فاعلا في تاريخ
البشرية..




ولهذا
سوف يزداد الاهتمام بالإسلام في العصور الحديثة... لقد ظهرت اول دراسة
منتظمة للإسلام في تاريخ اوربا الغربية منذ القرن السادس عشر. وبدأ تدريس
اللغة العربية في الكولوج دي فرنس في باريس وبعد ذلك أنشئت أستاذية لتدريس
اللغة العربية في جامعة ليدن بهولندا (1613) وفي انجلترا أنشئت أستاذية في
جامعة كمبريبد (1632) واخرى في اكسفورد سنة (1634) وقام جورج سايل بترجمة
القرآن الكريم حوالي (1696-1736) معتمدا على ترجمة ماراتشي اللاتينية
(1611-1700). ومع تزايد المعرفة حصل تغير في الأساليب والنظر بها إلى الدين
ومعنى كلمة "دين".





إن المعنى الحديث ظهر في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولم تعد الكلمة
تعني مجرد أشكال من العبادة. لكنها الآن أصبحت تعني نظام للمعتقدات
والفرائض والممارسات...(4).




وضمن
هذا السياق أصبح الإسلام تعبير عن حاجة البشرية للاعتقاد بالله، وأن له
قيمة لحد ذاته. وفي سنة 1841 اصدر توماس كارليل كتابه "الأبطال" واعترف
كارليل نبوة محمد (ص).




ومن
نتائج هذا الاهتمام بالإسلام أن أصبحت الدراسات الاسلامية فرعا معرفيا
مستقلا في الجامعات الغربية ويعتبر سلفستر دي الساسي (1758-1838) مؤسس
الدراسات الاسلامية الحديثة في فرنسا.




إن
المستشرق فون كرمير (1828-1889) الذي تأثر بالعلامة ابن خلدون
(1332-1406) قد وضع كتابا عن ابن خلدون ضمنه بعض الأفكار الرئيسية تتخلص
في أن الحضارة أو المدنية تعبير شامل عن روح الشعب، وكان يعتقد بأن هذه
الروح عبرت عن نفسها بطريقتين رئيسيتين : (الدولة الظاهرة الاجتماعية
التي تقيد القوانين نهوضها وسقوطها، والأفكار الدينية التي تكون حياة
العائلة والمجتمع، وهذان العاملان مرتبطان ارتباطا وثيقا احدهما بالآخر.
ومن ثم فإن طبيعة المجتمع أو الحضارة تحددها أفكار الحضارة المتقدمة...(5)




إن
ما أردنا التأكيد عليه من خلال هذا الاستطراد هو أن المراجع الحديثة تؤكد
بأن أثر العرب في القارة الاوربية يعود إلى أقدم الأزمنة. فكل حضارة
أبدعت. ولم توجد قط حضارة تفردت بالإبداع أو انفردت بالنقل أو خلت من السمة
التي تميزها بين سمات الحضارات.. وقد تنبث سمة النقل بإحصاء أسماء العلماء
والمفكرين الذين نهضوا بأمانة الثقافة، في ظل الدولة الإسلامية..(6).








- 3 -







لقد
حافظت الحضارة الإسلامية على تراث الإنسانية وزادت عليه ونقلته إلى من
تلاها..، وكل حضارة صنعت ذلك فقد صنعت، خير ما يطلب من الحضارات.. وهذا هو
الدور الذي قام به علماء الإسلام وهي فضيلة السماحة والحرص على تراث
الإنسانية إنطلاقا من كون أمانة التبليغ الثقافي والعلمي تشكل ركنا أساسيا
من أركان العقيدة الإسلامية، فكلمة الأمانة والأمانات وردت في خمسة مواضيع
من القرآن الكريم وكلها بالمعنى الذي يفيد التبعة والعهد والمسؤولية
وبالتالي الأمانة العامة هي الحق والفريضة ومنها حق العلم وفريضته. فلا
يجوز لمن علم علما أن ينسى حقه أي فريضة تبليغه.




ويقول
الإمام الزمخرشي في كتاب الكشاف بخصوص الأمانة الواردة في الذكر الحكيم
بأن الأمر يتعلق بخطاب عام موجه لكل احد وفي كل أمانة. ويضيف صاحب تفسير
الجواهر الشيخ طنطاوي جوهري بان الأمانة كل ما اوتمنتم عليه من قول وعمل أو
مال أو علم وبالجملة كل ما يكون عند الإنسان من النعم التي تفيد نفسه
وغيره.." (7). كما يشمل كل ما يرعاه من عهد وذمة ...




وقال الفخر الرازي (ت 666هـ) بان الأمانة تكليف ونظر في الدلائل والبراهين ومن شروطها التبليغ الذي يراد به البيان.



وخليق
بكل دارس للأديان أن يتنبه إلى التوافق بين تميز الإنسان بالتكليف وبين
خطاب العقل في الكتاب المبين بكل وصف من أوصاف العقل، وكل وظيفة من وظائف
الحياة الإنسانية ...(8).




إن
دور علماء الإسلام يندرج ضمن هذا السياق المرسوم وقد أدوا أمانة العلم
وأمانة النقل والتبليغ والحفاظ على تراث الإنسانية.. ومن فضيلة الإسلام
الكبرى أنه فتح للمسلمين أبواب المعرفة وحثهم على ولوجها والتقدم فيها،
وقبول كل مستجدات من العلوم على تقدم الزمن وتجدد أدوات الكشف ووسائل
التعليم..(9) وعلماء الإسلام هم الذين أصلوا مناهج البحث وجددوا مذاهب
الفكر والفلسفة وهم الذين جعلوا من التفكير فريضة ومن العلم عبادة.




ومن مداد العلماء نوارا يهدي الإنسانية إلى سبل الرشاد.



إن
الإيمان قيمة وفضيلة، والقانون يتمثل في الطريقة التي تتحقق بها القيم
السامية أي التي يتحقق بها العدل الذي هو أساس الملك بمعنى أساس التعايش
بين الافراد والجماعات والشعوب والدول. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ احمد
مختار امبو المدير السابق لليونيسكو والشخصية الإسلامية الرفيعة :




"إن
الإسلام في جوهره رابطة بين قيم المنطق وفضائل التغيير، بين الحقائق
الراسخة الأولى التي أتى بها التنزيل وبين الشك الخلاق الذي يقوم عليه
التفكير العلمي، إنه اللجوء الدائم بما هو جوهري للإحاطة بما هو نوعي إنه
الرجوع المستمر إلى الأمور القدسية للإحاطة بالأمور الدنيوية ولهذا السبب
فهو لا يخشى البتة ظهور الجديد بل على العكس يدعو إليه دائما بوصفه مطلبا
أساسيا للحقيقة التي أتى بها. وهو إذ يغذي الجديد ويثريه ويشق أمامه
الدروب التي تؤدي إلى أفضل الثمار وتفي باسمي الوعود.(10)




إن
علماء الإسلام ومفكروه مهما تعددت مشاربهم ومذاهبهم فهم قمم ومنارات، لا
ينكر الأجاحد تأثيرهم الواسع في الثقافة العالمية، وإسهامهم الكبير في
تراث الإنسانية، ومن أهم المهام التي ينصرف إليها اليوم الجهد المعرفي
لكوكبة من علماء الإسلام هو إعادة تشكيل العقل المسلم، ليتأهل لخوض معركة
الحضارة والنهوض بالمجتمعات الإسلامية حتى تكون واعية بمتطلبات عصرها
ومدركة لحقائقه الجيوسياسية والجيوستراتيجية باعتبارها كتلة حضارية لها
عمق إستراتيجي قادرة على التأثير في عصرها.




في
الوقت الراهن يتشكل نظام عالمي على نحو سريع وربما حضارة جديدة، ولابد
للمسلمين أن يقفوا على حقائقها ويدركوا معانيها وقوانينها إذا أردنا أن
نكون فعاليين ومؤثرين، ولنا دور في صياغة قواعدها وتحديد أهدافها..




إن الذين لا يزالون يلهثون وراء سراب الغرب هم واهمون !



و
نستدل هنا بمقولة المؤرخ الشهير أرنولد توينبي الذي يقول: "إنني لأشعر
بانحسار الأديان الكبرى التاريخية وظهور عبادة القوة البشرية الجماعية
القديمة في العالم الحديث، وقد ظهرت سواء في عبادة الدولة (المحلية) أو في
مشكل عبادة (الدولة العالمية) .. إنني لأفترض أن هذه الصور لعبادة القوة
البشرية الجماعية تشمل 90% من الشعور الديني أو 90% من سكان العالم في
الوقت الحاضر، والواقع أن هذا الانتقال نحو عبادة القوة البشرية الجماعية
هو لاشك السبب الرئيسي للمتاعب والاضطرابات التي تقوم بين البشر ...،إن
الأديان الكبرى جميعا مهملة وآخذة في الانحسار، وربما توقف مستقبل الجنس
البشري على عودتها ثانية إلى سيطرتها السابقة أو على عجزها عن تحقيق ذلك
(11).




أجل
إن خير ما يتكفل الدين القويم به عقيدة تعمر الضمير وتطلق للعقل عنانه
في سبيل الخير وسعادة الأرواح والأبدان وإذا كانت الجماعات البشرية لا
يستغنون عن عقيدة، فإن جماعة المسلمين يصطفون لأنفسهم عقيدة سمحة، والقرآن
كتاب عقيدة يخاطب الضمير ويحث على التفكير ولا يتضمن حكما يشل حركة العقل
في تفكيره أو يحول بينه وبين الاستزادة من العلوم حيثما استطاع وقد جاء في
سورة الروم الآية 30 (فاقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس
عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).




وقال الشاعر محمد إقبال : (12)



لقد ذهب الوفاء فلا وفــاء وكيف ينال عهدي الظالمينا



إذا الإيمان ضاع فلا أمـان ولا دنيا لم يحـي دينـــا



ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينــا



وفي التوحيد للهمم اتحـاد ولن تبنوا العلا متفرقينــا



تساندت الكواكب فاستقرت ولولا الجاذبية ما بــقينا







بعد
هذا الاستطراد انتقل الى النقطة المحورية التي وردت في حديث الأستاذ
العلام حول المقارنة بين كتاب "الامير" لميكيافيلي وكتاب "بدائع السلك في
بطبائع الملك" لمؤلفه ابن الأزرق، وقد صدر هذا الكتاب القيم بتحقيق وتعليق
المرحوم الدكتور علي سالم النشار في جزئين عن الدار العربية للموسوعات سنة
2006.





وزعم العلام أن المؤلف أبي عبد الله ابن الأزرق المتوفى عام 896 هـ قد ضمن
كتابه [بدائع السلك في طبائع الملك] "كل موروث الاستبداد السلطاني"، في
حين أن نيقولو ميكيافيلي 1469-1527 وضع في كتابه "الأمير" le prince الأسس
أو القواعد التي ستقوم عليها الدولة الحديثة.




وسوف
اعتمد في بحثي على الترجمة العربية التي أنجزها "خيري حماد" وتتضمن تعليقا
لبينيطو موسوليني وتعقيب لفاروق سعد والترجمة صادرة عن منشورات المكتب
التجاري للطباعة والنشر ببيروت سنة 1979. كما أنني عدت إلى الترجمة
الفرنسية لكتاب "الامير" والتي انجزها "جان اماكلاد" Jean Amglade مع
مقدمة للمفكر الفرنسي الراحل ريمون ارون.




ولابد
من التأكيد هنا أنني لست بصدد الرد على الأستاذ العلام فله قراءات للتراث
الإسلامي تندرج ضمن السجالات السفسطائية. ومنطق التمحل واللجاجة وهذا ما
يتجافى مع المعيارية العلمية التي تؤسس لقواعد الاختلاف والنظر والتدبر.
وتفضي الى المقاربات المنهجية التي تؤصل لرأي أو لرؤية تكون قابلة للصواب
أو الخطأ أي أنها قابلة للمراجعة والتصحيح وهذا ما أكد عليه العلامة ابن
خلدون في المقدمة: "لم اترك شيئا في أولية الأجيال والدول وتعاصر الأمم
الأول وأسباب التصرف والحول في القرون الخالية والملل وما يعرض في العمران
من دولة وملة ومدينة وحلة وعزة وذلة وكثرة وقلة وعلم وصناعة وكسب وإضاعة
وأحوال متقلبة مشاعة وبدو وحضر وواقع ومنتظر إلا استوعبت جمله وأوضحت
براهينه وعلله فجاء هذا الكتاب فذا بما تضمنه من العلوم الغريبة والحكم
المحجوبة القريبة وأنا بعد هذا موقن بالقصور معترف بالعجز عن المضاء في مثل
هذا القضاء راغب من أهل اليد البيضاء والمعارف المتسعة الفضاء النظر بعين
الانتقاد لا بعين الارتضاء والتغمض لما يعثرون عليه بالإصلاح والإغضاء،
فالبضاعة بين أهل العلم مزجاة والاعتراف من اللوم منجاة (13).




إن
هذا النص الخلدوني يؤكد على حقيقة بدهية وهي أن حركة الفكر إنما هي إثراء
متبادل وحوار خلاق ومن ثمة فالثقافة الفاعلة هي التي تتأسس على معرفة صحيحة
ومنظور موضوعي ومنهج علمي وضمن هذا السياق يندرج كتاب ابن الأزرق "بدائع
السلك في طبائع الملك". وقبل الشروع في عرض الأفكار التي تضمنها كتاب "ابن
الأزرق" لا يفوتنا أن نشيد بالجهد العلمي المتميز للمرحوم الدكتور علي
سامي النشار سواء في مجال تأصيل الفكر الفلسفي الإسلامي بالتأكيد على أصالة
مناهج البحث عند مفكري الإسلام وكذلك بما قام به من تحقيق لبعض كتب التراث
النفيسة في مجال الفقه السياسي الإسلامي ومن ضمنها كتاب الإشارة في أدب
الوزارة للمرادي وكتاب الشهب اللامعة في السياسة النافعة لابن رضوان
المتوفى سنة 783 هـ.




إن
كتاب "بدائع السلك في طبائع الملك" يندرج ضمن هذه السلسلة التي حققها
الدكتور علي سامي النشار وبذل فيها جهودا علمية صادقة ورصينة تدل حقيقة على
علو منزلته بين أعلام الفكر الإسلامي المعاصر.




يقول
الدكتور علي سامي النشار في تقديمه لكتاب ابن الأزرق : "إن كتاب "بدائع
السلك في طبائع الملك" يعتبر اعظم كتاب في علم الاجتماع السياسي لدى
المسلمين، إن مقدمة ابن خلدون لم تكن الا حلقة في سلسلة الفكر الإسلامي
المتكامل والتراث الأشعري اليانع.




إن
الأفكار التي تطرق إليها ابن خلدون نجد أصولها لدى من سبقوه من مفكري
الإسلام أمثال المسعودي والغزالي والماوردي وغيره من مفكري الاشاعرة..




لقد طبق علماء الإسلام ومفكريه المنهج الاستقرائي الإسلامي الذي نضج من قبل لدى الأصوليين والمتكلمين والفقهاء.



وكانت
لابن خلدون براعته المنهجية وأصالته الخاصة ولكن كواحد من المفكرين أو
كعضو في أسرة كبيرة تضافرت في أقامة حضارة إسلامية وفكر إسلامي في شتى
المجالات.




إن
استمرارية المدرسة الاشعرية في علم الاجتماع السياسي في تطبيق المنهج
الاستقرائي التجريبي على الظواهر الاجتماعية والسياسية والأخلاقية إنما هو
حقيقة مؤكدة..




ثم
يضيف بان أبي عبد الله محمد ابن علي المشهور بابن الأزرق صاحب كتاب
"بدائع السلك في طبائع الملك" يعد من اكبر مفكري الإسلام في علم الاجتماع
السياسي وكتابه لا يقل في تكامله ومنهجيته عن مقدمة ابن خلدون. وقد خطا
بالنظريات السياسية خطوات أوسع ومزج بين نظريات ابن خلدون، ونظريات أخرى
لمفكرين مسلمين تخالف اتجاه ابن خلدون السياسي البحت وهو علم الأخلاق
السياسي الذي لم يحظ بمكانة واسعة عند ابن خلدون وذلك من منطلق أن البناء
الذهني والبناء الأخلاقي يشكلان الأرضية التي تأسس عليها البناء الاقتصادي
والاجتماعي والسياسي. فحاول أن يوفق بين نظريات ابن خلدون، وابن رضوان
والطرطوشي...(14).




ويتبدى
مما دبجه المحقق حول الكتاب أننا أمام كتاب من أمهات كتب التراث التي تؤصل
لعلم الاجتماع السياسي الإسلامي أو لأصول الفكر السياسي الإسلامي...
ولابد لنا هنا من التذكير بأن فلاسفة الإسلام الأوائل كانوا الماهدون في
وضع القواعد النظرية لعلم السياسة والنظم والأخلاق.. وقد أطلقوا على علم
السياسة العلم المدني وهو تدبير المنزل، والمدينة والدولة، كما انه
باعتباره فرعا من فروع الفلسفة فإنه يعني بالأخلاق والسياسة والتربية
المدنية بوجه عام. والعلم المدني كما يقول الفارابي (في إحصاء العلوم)
يفحص أصناف الأفعال والسنن الإرادية وعن الملكات والسجايا والشيم التي
عنها تكون تلك الأفعال والسنن وعن الغايات التي لأجلها تفعل. وهذا العلم
قسمان : قسم نظري يبحث عن تعويض السعادة، وإحصاء الأفعال الإرادية الكلية
وقسم عملي يشتمل على وجه ترتيب الشيم والسير الفاضلة في المدن والأمم.
ولما كانت مكارم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

فصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي من "المفارقات" أو "المشتبهات" :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

فصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي من "المفارقات" أو "المشتبهات"

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» فصل المقال وتقرير حقيقة الفرقان ما بين ابن الازرق وميكيافلي من "المفارقات" أو "المشتبهات"
»  المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
» ورطة الرأي الجمعة 6 آذار (مارس) 2015 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: يامن صابور شارك اصدقاءك هذا المقال
» فلسفة «القبح الجسدي» الخميس 19 آذار (مارس) 2015 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: حمودة إسماعيلي شارك اصدقاءك هذا المقال
»  من المستفيد من هذا؟ الأربعاء 18 آذار (مارس) 2015 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: علي الشدوي شارك اصدقاءك هذا المقال

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: