عن دار "سنابل المصرية الأسبانية للكتاب" بالقاهرة صدرت رواية "أبيض الناب"
للكاتب الأمريكي "جاك لندن" ومن ترجمة "عبد الهادي الهادي الادريسي، لتكون
بذلك أول ترجمة عربية متكاملة لهذه الرواية التي تعتبر قمة الإبداع لدى
الكاتب الأمريكي، إضافة إلى أنها تمثل مرحلة مهمة من الإبداع المتأثر
بنظرية الدارونية التي سيطرت على عقول المثقفين خلال النصف الأول من القرن
العشرين. نتابع خلال الرواية حياة الذئب الصغير "أبيض الناب" مخلوقا في
مغارة مظلمة تحت الأرض بعد موت أخوته جميعا وهو لا يزال "جروا" صغيرا
محتكرا لبن أمه فيشب قويا ويحاول الخروج من المغارة قبل الأوان متخبطا داخل
المغارة أولا، بعد أن فشل في مغادرتها عن طريق الحائط المضيء بسبب رفض
أمه، ويتوه وسط الغابة الصنوبرية مواجها الصعاب والأخطار، فيغرق في مجرى
مائي فتنقذه أمه.
ثم يتابع الكاتب رحلة الذنب الطويلة من الطفولة
والصبا والشباب في غابات السواحل الغربية لأمريكا الشمالية، لكن خلال تلك
المتابعة لا يقدم "جاك لندن" دراسة علمية عن التهجين بين الذئاب والكلاب
فهي كلها من أسرة حيوانية واحدة.
ثم يصطاد الهنود الحمر الكنديين الناب الأبيض وأمه. وفي الأسر تكون الأُم
مربوطة وابنها الصغير طليقا يواجه كلاب المخيم الأخرى بعيدا عنها، لكنه
يتعلم بحسه الطبيعي كيف يقود أعداءه من الكلاب الكبار إلى مربط أمه فتنتقم
من الواحد منهم انتقام الجبابرة لأنهم يعاكسون ابنها الصغير ويقسون عليه،
ويحين الفراق المؤلم بين الأم وصغيرها الفتى. بعد أن قرر الهنود الحمر
المرتحلون بيعه إلى صياد في ألاسكا في الشمال بلد الثلوج الدائمة والمناجم
والأضواء الشمالية العجيبة والتي لا تنبعث من شمس ولا قمر ولا نجم، ويخوض ـ
الذئب الصغير ـ معارك ضارية تحت إشراف سيده ضد كلاب الصيد. وينتصر في
معظمها. ولكنه يوشك على الموت بين فكي كلب قوي لولا تدخل مهندس مناجم شاب
لإنقاذه ليبدأ "أبيض الناب" مشوارا جديدا من حياته.
إذا كان القارئ العربي قد تعرف على "جاك لندن" من قبل من خلال ترجمة روايته
الشهيرة "العقب الحديدية" و "القدم الحديدية" في ترجمة أخرى، فإن هذه
الرواية "أبيض الناب" لم تترجم كاملة من قبل إلى اللغة العربية رغم أهميتها
في الإبداع الأمريكي بشكل عام، ولأنها تعكس تيارا كبيرا تبع ظهور نظرية
"التطور" الدارونية، ولكن صدرت منها طبعة "ملخصة" في تلك الفترة التي شهدت
نشر العديد من الأعمال على تلك الطريقة التي شوهت أعمالا كان يمكن للقارئ
العربي أن يستمتع بها، إلى أن جاءت هذه الترجمة الرائعة للمترجم المغربي
"عبد الهادي الإدريسي" لتعيد إلينا "جاك لندن" معاصرا، والتي تصدر في
الأيام القادمة في طبعة أنيقة عن "سنابل الإسبانية المصرية للكتاب".