تعد رواية "الحمار الذهبي" أقدم رواية في التاريخ، وهي رواية نوميدية (الجزائر حالياً) للكاتب الأمازيغي لوكيوس أبوليوس، وفي النطق المحلي لسكان الجزائر أفولاي. ألّفت في القرن الثاني للميلاد، في حين أن هناك من يراها المنطلق الحقيقي لظهور الرواية الأمازيغية.تحتوي الرواية بين طياتها، قصصاً تطول وتقصر، ليست على علاقة وطيدة بالنص الأصلي، وعددها 17 قصة. بعضها شهدها البطل بنفسه، والبعض الآخر سمعها.
و"الحمار الذهبي" عبارة عن 11 كتاب (فصل) يحكي بشكل أساسي قصة إنسان يهتم بالسحر، ويحب أن يتحول إلى طير، و لكنه يتحول إلى حمار.
وبالإضافة إلى الحدث الرئيس، تحتوي الرواية بين طياتها، قصصاً تطول وتقصر، ليست على علاقة وطيدة بالنص الأصلي، وعددها 17 قصة. بعضها شهدها البطل بنفسه، والبعض الآخر سمعها.
تدور القصة، كما تذكر المصادر الأدبية، حول فكرة ساخرة جداً، بطلها أحد شباب إفريقيا الشمالية، ويدعى لوكيوس كان مع مجموعة من المسافرين، وسمع من أحاديثهم عن امرأة ساحرة شهيرة في المدينة التي كانوا في طريقهم إليها، فنزل ضيفاً عند صديقة لعائلته، فذكرت له أيضاً عن هذه الساحرة وحذرته منها ومن سحرها، فازداد حباً في معرفة ماذا تفعل هذه الساحرة، فاتفق مع الخادمة أن تعينه على معرفة سر الساحرة.
وفي الليل هاجمه ثلاثة لصوص، ولم يكن له مفر من مصارعتهم، وتمكن منهم فقضى عليهم جميعهم، وقبض عليه بجريمة القتل، وفي المحكمة، عندما أحضرت الجثث لإثبات الجريمة، تبين أنه لم يكن هناك جثث بل كانت ثلاث قرب ماء مملوءة هواء. وأطلق سراح الشاب لعدم حدوث جريمة القتل أساساً، على الرغم من أنه هو القاتل.
وأدرك أنّ الساحرة علمت بوجوده ورغبت في التحرّش به، من هنا ازدادت رغبته في معرفة أعمال هذه الساحرة، وساعدته الخادمة على الوصول إلى بيت الساحرة، ورأى بنفسه كيف أنّ الساحرة دهنت نفسها بدهان تحولت بعده إلى بومة، وطارت أمام عينه إلى السماء، وهو يشاهدها.
وازداد حب الاستطلاع عنده ورغب في تجربة الدهان بنفسه، وطلب من الخادمة أن تسمح له بأن تأتيه بالوعاء ليدهن نفسه به، واستجابت الخادمة لطلبه وأعطته علبة الدهان؟
تدور القصة، كما تذكر المصادر الأدبية، حول فكرة ساخرة جداً، بطلها أحد شباب إفريقيا الشمالية، ويدعى لوكيوس كان مع مجموعة من المسافرين
أخطأت الخادمة في إحضار العلبة الخاصة بالطيور، وأعطته الدهان الذي حوّله إلى حمار، وهنا تبدأ رحلة السخرية التي استفاد منها الكاتب لينقل أفكاره، فقد تحول هذا الإنسان بشكله إلى حمار، ولكن عقله بقي عقل إنسان مفكر.
ووعدته الخادمة بأنها ستحضر له الدواء المضاد، وهو عشب الورد الذي سيعيده إلى وضعه الإنساني، وطلبت منه أن يبقى في الإسطبل حتى تحضر له المطلوب، وهنا يأتي اللصوص ويسرقونه مع بقية الخيل وتبدأ رحلة المشاكل.
وفي رحلته الأولى مع اللصوص، يكون شاهداً على عملية اختطاف إحدى العرائس، والتي يبدأ في حبها، وكان يعاملها معاملة خاصة قدّرتها له، ولكن حياته بقيت معروفة بأنه حمار، ويقوم بأعمال الحمار، فهو يتمنى أن يحمل الحبيبة إلى أي مكان، ولكن أصحاب الإسطبل يفضلون عمله على رحى طحن الحب، أو حمل الحطب أو نقل الأمتعة.
وكانت مشكلته الكبيرة هي في الأكل، فهو لا يأكل أكل الحمير، ليبقى فكره فكر إنسان.. فكانت هذه هي الرابطة التي تربطه ببني جنسه الأصلي، ومنها أيضاً ارتفع حب أصحابه له، لأنه حمار صاحب ذوق، فهو لا يأكل الأعشاب ولكنه يأكل الخبر ولذيذ الطعام، فعلموا أنه حيوان نادر فعلموه بعض الألعاب فأجادها، وجعلوه يقوم برقصات وألعاب على المسارح.
وتمكن من الهرب ليصل إلى الشاطئ، وغسل نفسه سبع مرات، وطلب من الآلهة أن تحرره من شكله الحيواني.. وهنا وصل موكب عظيم لتقديس الآلهة يحمل أعشاب الورد، فقفز إليها وأكل منها، وعاد إلى إنسانيته.
وقد صدرت الرواية في ترجمات عدة، من بينها من قام بهد. أبو العيد دودو، ونشر في عدة طبعات من بينها طبعةمنشورات الاختلاف في الجزائر، بالتعاون مع الدار العربية للعلوم ناشرون للنشر والتوزيع في بيروت.
ومن مقطع من الرواية نقتبس ما يأتي:
آمـور وبسيـشة
عاش في قديم الزمان ملكٌ وملكة، كانت لهما ثلاث بناتٍ جميلات، وخصوصاً أصغرهنّ، وهي بسيشة، إذ بلغت حداً من الجمال الفتان، جعل الكل يسعون إليها للتمتع برؤيتها وعبادتها وكأنها إلهة، مما أدى إلى إهمال عبادة إلهة الجمال فينوس ونسيانها تماماً. فأخذت الإلهة تفكر في الانتقام لكرامتها مما لحقها من إهمالٍ بسبب منافستها في الجمال. فطلبت من ابنها آمور أن يُوقع منافستها هذه في حُب رجلٍ غير أهل لها وأن يُسلط عليها العذاب والشقاء.
كانت أختاها في أثناء ذلك قد تزوجتا، أما هي فلم يتقدم إلى خطبتها وطلب يدها أحدٌ من الشبان رغم ما كانت تثيره في نفوس الجميع من إعجاب ودهشة. فخشيَ أبوها على مستقبلها وقرر أن يستخير الإله في معبد ميليت، وإذا به يتلقى الأمر بحملها إلى صخرةٍ وتركها فيها، ليتقدم إلى طلب يدها خاطبٌ مارد يتسم بالقسوةِ والجبروت.
نفذ الملك ما أُمر به بقلبٍ حزين، فجاءت ريح غريبة (زيفيروس) وحملت بسيشة إلى أحد الوديان ووضعتها فوق العشب الأخضر. وهناك لمحت قصراً رائعاً، فذهبت إليه، وراحت تتأمل روعته وجماله، وفجأةً سمعت هاتفاً يدعوها إلى التمتع بكلِ ما تراه حولها من نِعمٍ سابغة. وظهرت أمامها مائدة صُفَّ فوقها أشهى الأطعمة وألذها، وتصاعدت من مكانٍ ما أنغامٌ موسيقية رائعة، ولكنها لم ترَ في القصر أي كائن بشري.
وعندما هبط الليل بحثت بسيشة عن مكانٍ تنام فيه، وعندها تقدم منها عريسٌ مجهول، واشترط عليها ألا تحاول رؤيته، فإن فعلت ذلك اختفى عنها نهائياً. ثم مكث عندها متخفياً عنها، ولم يفارقها إلا عند مطلع النهار، وتكرر معها هذا لفترة من الزمن. وكان أبواها في أثناء ذلك قد اعترتهما كآبةٌ حزينة، فأسرعت إليهما البنتان الباقيتان لمواساتهما، فطلبت بسيشة من زوجها المجهول أن يسمح لها بدعوة أختيها لزيارتها حتى تعرف منهما أخبار والديها، فاستجاب لطلبها، ولكنه حذرها من أن تتأثر بأختيها فتحاول رؤيته لمعرفة شكله.
وحين أحضرت الريح الغريبة أختيها، اندهشتا لما شاهدتاه في القصر من النعيم، والذي تعيش فيه أختهما، وأعجبتا به أيما إعجاب، وثارت في نفسيهما مشاعر الحسد والغيرة، وعندما تساءلتا عن زوجها، عرفت بسيشة كيف تراوغهما في الإجابة، ثم قدمت لهما هدايا كثيرة وصرفتهما عنها وأمرت الريح الغريبة بالعودة بهما إلى بلدتهما، وعاودت بسيشة طلب حضورهما مرة ثانية وثالثة، رغم تحذيرات زوجها لها في كل مرة، فاستطاعتا في النهاية أن تقنعاها بأنّ زائرها الليلي المجهول ماهو إلا تنين لن يلبث أن يجعل منها ضحية من ضحاياه. عندئذ وافقت على قتل زوجها، فتناولت خنجراً، ولكنها ما كادت تقترب من فراشه والمصباح في يدها لتنفيذ ما عزمت عليه، حتى رأت إله الحب بكل جماله الخلاب مضطجعاً أمامها وإلى جانبه فوق الأرض كُنانته ونباله، فأخذت تنظر إليه مشدوهة، ونيران الحب والوله تزداد في أعماقها ضراماً، وإذا بقطرة زيت حارة تسقط من المصباح فوق كتفه اليمنى وتحرقه، فاستيقظ آمور غاضباً، وطار بعيداً واختفى في الفضاء. وحينئذ بدأ زمن العذاب بالنسبة لبسيشة، فانتقمت لنفسها من أختيها الشريرتين. وبينما كانت هي تطوف هنا وهناك، كان إله الحب طريح فراش المرض يعاني من الحرق، الذي كانت هي سبباً فيه. لكن نورسةً باحت لفينوس، التي كانت تسبح في البحر، بقصة حب ابنها لبسيشة، فغضبت الإلهة وأسرعت إليه في الحين وأخذت تعاتبه بشدة وتصفه بالتفاهة والوضاعة وتتوعده حتى بحرمانه من الميراث، لأنه تزوج من عدوتها دون علمها، ولكنّ الإلهتين سيريس ويونو وقفتا إلى جانب إله الحب ودافعتا عنه.
عندما عادت فينوس ورأت أنها قد انتهت من عملها، اتهمتها بأنها ما كانت لتنتهي من فرز تلك الكومة في هذا الوقت القصير لو لم يشاركها غيرها في فرزها
ومع ذلك، فعندما اقتربت منهما بسيشة أثناء تطوافها وطلبت مساعدتهما، خيبتا ظنها إذ رفضا مساعدتها في الوصول إلى حبيبها خوفاً من غضب فينوس، فقررت في حيرتها أن تتوجه بنفسها إلى فينوس لتكون تابعة لها خاضعة. غير أنّ الإلهة كانت قد ركبت عربتها التي تجرها الحمائم وتوجهت إلى قصر جوبتر، لتطلب منه مساعدتها في البحث عن الفتاة الشريرة، فاستجاب لرغبتها وأسند هذه المهمة إلى عطارد. فاتجه عطارد إلى المدينة، وطلب من الجميع البحث عن المكان الذي تقيم فيه بسيشة، ووعد من يعثر عليها بجائزة تتمثل في سبع قبلاتٍ يأخذها من فينوس نفسها. فتسارع الناس إلى البحث عنها في كل مكان طمعاً في نيل المكافأة، فكانت من نصيب إحدى خادمات فينوس.
استقبلت فينوس بسيشةَ استقبال الحماة الشريرة لزوجة ابنها، فسخرت منها سخرية كبيرة، وسلطت عليها عذاباً جسدياً مريعاً، ثم طلبت منها القيام بأعمال تبدو مستحيلة لأول وهلة، فكلفتها أولاً بفرز كومة من الحبوب، تتكون من: الشعير والذرة والخشخاش والبازلاء والعدس والفاصولياء، فوقفت بسيشة حيالها مشدوهةً مشلولة، لا تدري من أين تبدأ، لكن نملةً أشفقت عليها، فدعت أخواتها ليساعدنها بنشاطهن الدؤوب في فرز تلك الكومة.
وعندما عادت فينوس ورأت أنها قد انتهت من عملها، اتهمتها بأنها ما كانت لتنتهي من فرز تلك الكومة في هذا الوقت القصير لو لم يشاركها غيرها في فرزها. لذلك كلفتها في اليوم التالي بإحضار جزة من الصوف الذهبي لنعاجٍ متوحشة تعيش في غابةٍ على ضفتي النهر، وحملها إليها. فذهبت إليها لا لتحضر الجزة، وإنما لتلقي بنفسها من أعلى الصخرة فوق الضفة وتضع بذلك حداً لآلامها. وإذا بقصبة خضراء تطلعها عن طريق العزف والغناء على الطريق التي تمكنها من الحصول على الصوف الذهبي. ومع ذلك لم ترضَ عنها حماتها وسيدتها أيضاً، بل اتهمتها بالسحر، وكلفتها بمهمة ثالثة تتمثل في إحضار جرة مملوءة بالماء من ينبوعٍ في جبلٍ شاهق يحرسه تنينان، فأسرع نسر جوبيتر في هذه المرة إلى مساعدتها وملأ لها الجرة من ماء الينبوع. وكلفتها في النهاية بأصعب عملٍ رأت فيه بسيشة حتفها رأيَ العين، إذ قدمت لها علبة وطلبت منها أن تذهب إلى بروسيبريينا في العالم السفلي وتطلب منها باسمها نصيباً من جمالها، لأنها قد فقدت شيئاً من جمالها حين أسرفت في السهر على تمريض ابنها. صعدت بسيشة إلى أحد البروج وهمت بإلقاء نفسها منه للتخلص من حياتها ومما هي فيه، ولكن البرج تحدث إليها وأراها الطريق إلى الجحيم وقدم لها نصائح بهذا الشأن، ملحاً عليها ألا تفتح العلبة عند عودتها من العالم السفلي. فتم لها على شيءٍ على ما يُرام، إلا أن تطلعها إلى معرفة ما في العلبة تغلب عليها عند رجوعها إلى العالم العلوي، ففتحتها رغبةً منها في أن تخص نفسها بعد معاناتها الطويلة بشيءٍ من الجمال، لتفتن به زوجها، وإذا بالنوم يخرج منها ويأخذها وينقلها إلى حالة شبيهة بحالة الموت.
وفي هذه المرة أسرع إليها آمور نفسه، وكان قد شفي خلال ذلك وفرَّ من سجن أمه، وأنقذها من النوم، وأيقظها بلسعةٍ من سهمه، ومكنها من إيصال العلبة إلى أمه، وبناءً على توسلات إله الحب كلف جوبيتر عطاردَ بدعوة الآلهة إلى حضور اجتماعٍ به، وعندما حضروا أعلن بصورة احتفالية زواج آمور من بسيشة، ومنحها الخلود لتكون جديرة به. وتمت حفلة الزواج فوراً، وقد وضعت بسيشة فيما بعد طفلة أطلق عليها اسم "فولوبتاس وتعني اللذة"