اذا سقط الاسد؟!
صحف عبرية
2011-09-04
التصعيد
الخطير في العلاقات مع تركيا ينبغي ان يقلق القيادة الاسرائيلية. فالخريطة
الاستراتيجية تغيرت واسرائيل لا يمكنها أن تبقى على حالها. مسألة الاعتذار
ليست فقط مسألة من هو المحق نحن أم الاتراك بل تتعلق بمسألة أوسع بكثير
لطبيعة علاقاتنا الاقليمية. فمنذ عدة اشهر والوضع حولنا يتغير بشكل
دراماتيكي ولم يعد هذا هو ذات الواقع الجغرافي السياسي القديم. الوضع
الجديد لم يعد يسمح بالتمسك بالسياسة القائمة، التي ليست فقط تبتعد عن
التأثير على السياقات الجارية حولنا، بل ومن شأنها أن تؤدي الى نتيجة هي
مثابة الاسوأ من ناحية اسرائيل في ظل تقليص مجال المناورة السياسية لديها
بل والتدهور الى درجة الازمة والخروج عن السيطرة.
الاكثر اقلاقا من
ناحية اسرائيل في عملية انهيار العالم العربي 'القديم' هو الوضع في مصر.
فمن كانت زعيم العالم العربي ورائد الخط الغربي والتسامحي تجاه اسرائيل حتى
الان، تفقد مكانتها الاقليمية.
سورية تقف هي ايضا أمام انهيار سلطوي.
ومع أنه لا يوجد أي أسف على سقوط الجزار من دمشق، ولكن رغم ذلك فان مثل هذا
السقوط المتوقع ينطوي على خطر مزدوج؛ الاول هو انعدام اليقين حول الجهات
التي ستستولي على الحكم وتسيطر على مخزونات السلاح، والثاني هو التخوف
الفوري من خطوة يائسة يقوم بها الاسد، وظهره الى الحائط ليلقي بالورقة
الاخيرة ويبادر الى خطوة اشتعال مع اسرائيل كي يعيد الى يديه السيطرة.
انعدام
الهدوء الاقليمي لا يتجاوز ايران ايضا، غير أن النظام في طهران يتمكن من
السيطرة على الوضع الداخلي ويشخص في الانهيار الاقليمي فرصة مزدوجة: زيادة
النفوذ الداخلي على دول كمصر وليبيا؛ صرف الانتباه العالمي في صالح استمرار
تطوير البرنامج النووي.
الوضع الناشىء الجديد يشكل رافعة قوة كبيرة بيد
حزب الله في لبنان وحماس في غزة لاشتعال اقليمي. الى جانب كل هذا تقف
اسرائيل الان امام تحديين سياسيين مركبين: الاول هو منظومة العلاقات مع
تركيا، والثاني هو التصويت المخطط له في الامم المتحدة في نهاية ايلول.
تركيا، في الوضع الجغرافي السياسي الجديد، تتطلع الى أن تنصب نفسها في
رئاسة القيادة الاقليمية. القيادة الاسلامية والنشطة التي تقف على رأسها
وان كانت اتخذت في السنوات الاخيرة خطوة تقارب نحو الدول العربية في
المنطقة، الا انه الى جانب ذلك بقيت سياستها متوازنة نسبيا ومنفتحة تجاه
اسرائيل والغرب. اردوغان كان أول من أيد على نحو نشيط المعارضة في ليبيا،
أخذ الرعاية على حماس في غزة واتخذ موقفا متصلبا ومهددا تجاه الاسد وسورية.
في محاولاتها لاخذ دور نشط في الوساطة بين اسرائيل وجيرانها، تلقت
تركيا سلسلة من الاهانات: بدءاً بقضية الكرسي المنخفض، مرورا بعلامة
الاستفهام على الهجوم على المفاعل في سورية وشن رصاص مصبوب في زمن مبادرة
المفاوضات مع السوريين في بوساطتها، وانتهاءً بالاسطول ونزال الايدي في
موضوع الاعتذار. لتركيا منظومة علاقات بعيدة السنين مع اسرائيل، وان كانت
شهدت ارتفاعات وهبوطات انها كانت دائما هامة للطرفين. اهمية علاقاتنا معها
تستوجب رفعا لمستواه. في الايام العادية قد لا يكون سليما ان تفكر اسرائيل
بالاعتذار عن عملية شرعية ضد الاسطول، ولكن في الوضع الاقليمي القائم، على
اسرائيل أن تنظر فيما اذا كان من الاهم التقرب الى تركيا التي تشكل القوة
الصاعدة في المنطقة، وابتلاع الضفدع الكبير وايجاد السبيل الى قلبها الامر
الذي سيسهل بقدر كبير ايضا على الولايات المتحدة في المنطقة بل وربما يسمح
بخطوة اللحظة الاخيرة لتجنيد الاتراك، والدول التي تسمى 'دولا نوعية' في
محاولة أخيرة لصد الخطوة الفلسطينية او التأثير على التصويت المرتقب في
نهاية الشهر. على أي حال، زمن التردد نفد. والحاجة الى القرار باتت هنا.