الفكر النظري للتيار القومي العربي
2006/06/27 حين لا يقدم الواقع اجوبة عن اسئلة يطرحها الفكر
فاننا نكون اذ ذاك امام احد احتمالين: اما ان الاسئلة التي طرحناها علي
الواقع اسئلة زائفة، والاسئلة الزائفة لا جواب واقعياً عنها، او ان
الواقع راكد الي الحد الذي ليس باستطاعته ان يجيب.
نقدم بهذه الفكرة
ابتداءً لاننا امام مشكلة جد معقدة الا وهي: كيف تأتي ان تكون بعض
اسئلة الراهن اسئلة طُرحت قبل قرن ونيف من الزمان؟
اجل: فسؤال
التقدم التاريخي الذي طرحه النهضويون العرب ما زال سؤال المعاصرين من
المفكرين العرب. وسؤال نحن والغرب الذي جهد الفكر النهضوي لفضّه، ما
زال راهناً بل وحاضراً بصورة اكثر الحاحاً. ناهيك عن اسئلة الدين
والعلم والفلسفة واللاهوت، ونظام الحكم، والتجديد الديني. اتراها اسئلة
يطرحها الوعي العربي انطلاقاً من رؤية العالم كما يجب ان يكون، ام هي
اسئلة ناتجة عن وعي العالم كما هو او بما ينطوي علي امكانيات تحتاج الي
ارادة مولدة للاجنة.
القول بان الواقع راكد لم يتغير منذ نهاية
القرن التاسع عشر وحتي هذه اللحظة المعيشة، قول يتناقض مع سيرورة
التاريخ الفعلية. لكن التغير لم يكن في اتجاه الاجابة الواقعية عن
اسئلة الفكر العربي الحديث. اي ان اياً من اهداف عصر النهضة العربية لم
يجد طريقه الي التحقق.
فإذن الاهداف تعبير عن اوتوبيا مفكرين يعيشون
هاجس البشر الحقيقي والاصيل، لكنهم ما كانوا يمتلكون حاسة الشم
التاريخي.
وفي كل الاحوال لسنا في معرض محاكمة فكر النهضة العربية
واستطالاته، ولا في اطار الحكم علي فكر ما بين الحربين وما بعدها. لسنا
في وارد هذا كله. كل ما نسال لماذا اسئلتنا الراهنة اشبه باسئلة الماضي
القريب؟
اليس من الحكمة والحال هذه ان نتحرر من اسئلة الماضي القريب
ونطرح اسئلتنا المعاصرة، اي اهدافنا الواقعية؟. فلطالما ان اهدافنا
القديمة قد مضي حين من الدهر علي طرحها دون ان تري النور؟
نحن امام
مشكلة حقيقية. المشكلة هي التالية: علاقة الطموحات بالواقع. اذا ما
نظرنا الي المسألة من هذه الزاوية فان الاسئلة نفسها التي طرحت في
الماضي يمكن ان تصبح واقعية اذا ما احسن البحث عن اجوبة واقعية
عنها.
تقوم اطروحتي علي ان لا شيء قابل للتحقق تاريخياً اذا لم يكن
بالاصل امكانية قابعة في قلب الواقع. ومن المحال تكسير راس التاريخ
لاجباره علي ان يكون كما نريد دون ان يكون التاريخ في حالة حمل صادق،
اقول صادق لان اكثر المشكلات في الحمل الكاذب الذي يخدع
الارادة.
وبارتباط هذه الاطروحة نقول: ان امكانية قابعة في قلب
التاريخ تظل قابعة فيه اذا لم تجد الارادة الفاعلة لنقلها الي
امكانية.
اذا انطلقنا من هذه الاطروحة الصادقة تاريخياً والتي هي
منهج في التفكير وحللنا وفقها العلاقة بين اسئلة الفكر العربي وبين
الواقع ندرك أمرين: لماذا اخفقت الافكار بالمعني التاريخي وما هي
الافكار القابلة للتحقق.
الافكار هنا ماخوذة بوضعها اهدافاً اسئلة.
والاخفاق هنا معناه عدم التحقق.
اذن اما ان اهدافنا امكانيات لم تجد
الارادة، او ارادة واعية انتجت اهدافنا دون ان تكون امكانيات.
ا. د.
احمد برقاوي
سورية ـ
دمشق
الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 5:39 am من طرف سميح القاسم