بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1530
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | ادريس كثير: لا يمكن التفكير فلسفيا في "الأونطوس" بمنطق الهوية وعدم التناقض، من هنا منطق المفارقة أو نحو المفارقة | |
[size=16]إدريس كثير من مواليد سنة 1954 بمدينة وجدة شرق المغرب. حصل على الإجازة في الفلسفة؛ وهو أستاذ جامعي بمدينة فاس. يشغل مهمة الكاتب العام للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة فرع فاس. يعتبر إدريس كثير احد أهم المفكرين المغاربة المعاصرين الذين ينشغلون على واجهتين :الأولى تأليفية تنطلق من مساءلة التراث الفلسفي باختلاف لغاته، والثانية تتعلق بالترجمة كمثاقفة للتعريف بثقافة الآخر. له عدة مؤلفات سواء في الترجمة أو في الفكر الفلسفي نذكر منها أسئلة الفلسفة المغربية بالاشتراك مع عز الدين الخطابي، مدخل إلى فلسفة جاك دريدا /تاليف سارة كوفمان وروجي لابورت، ترجمة إدريس كثير وعز الدين الخطابي. ثمّ الحريم وأبناء العمّ. تاريخ النساء في مجتمعات المتوسط /تأليف جيرمين تيليون ترجمة إدريس كثير وعز الدين الخطابي. لا يتوانى الباحث إدريس كثير عن خلق مفاهيمه الفلسفية الخاصة والتي تساهم في إغناء الحقل الفلسفي بالمغرب وانتعاشته كمفاهيم الإسرار الفلسفي ومنطق المفارقة. في هذا الحوار سيجيبنا الباحث عن وضع الفلسفة المغربية والجيل الفلسفي، ودلالة الترجمة بالنسبة إليه، وعن صدفة لقائه مع زميله عز الدين الخطابي التي تجمعها صداقة فريدة مشمولة بالإبداع والعطاء.[/size] هل تعتقد أن هناك جيلا فلسفيا بالمغرب ؟ ما هي انشغالاته وأسئلته الفارقة التي تميزه عن الجيل السابق ؟ لفظة "الجيل" لفظة ملتبسة. يصعب تحديدها كمّيا وزمنيا؛ أي يصعب تحديدها عمريا وسنيا… بمقياس العقدين أو الثلاثة. لكن ما مصداقية مفهوم "الجيل" في تاريخ الفلسفة المغربية ؟ ككلّ المفاهيم التصنيفية والإجرائية فهو مفهوم تقريبي. ولا قيمة لمقاربته إن لم تكن قيمته إشكالية. تجمع بين هذه الحقبة وتلك وتتداخل أزمنتها وتتشابك.. ولا تغطي مرحلة تاريخية محددة ومعنية بدقة ووضوح. يا للزمن المغربي ولأجياله! دائري لولبي متقاطع يراوح مكانه وزمانه لا يتقدم كثيرا.. عود شبه أبدي.. قد ينطبق كليا على فوج بكامله، وقد يتآلف مع زمرة من هذا الأخير دون آخر. وقد لا يعني جمهورا عريضا ممن يتعاطون للفلسفة كمدرسين ومكونين أو كمناضلين اختاروا المجتمع المدني ومسؤولياته بعد أن انبثقوا من معطف الفلسفة. الجيل المقصود وسط هذا الالتباس والقلق والاضطراب هو ذلك الذي حافظ ولازال يحافظ على شعلة الفلسفة وهاجة إبداعا وترجمة.شعلة الفلسفة لديه تنقدح وتنبعث من اهتمامات تهم الإنسان المغربي في ذاته وجسده وفي حاضره ومستقبله. من هذا المسبار يعتبر ماضي الفلسفة العربية الإسلامية وكذا الغربية واليونانية أمامه وليس وراءه. وتغدو الموضوعات الفلسفية القديمة منها (التراث، الهوية..) والجديدة (الحداثة، الغير، والجسد..) موضوعات محايثة ومصاغة صياغة جديدة ذات طابع فارقي.. يميز حساسية فلسفية ما داخل سياق عامّ.أين تموقع نفسك داخل هذا الجيل؟ وهل تعكس أعماله تجربة فلسفة حقيقية؟ أنتمي إلى ذات السياق العام (بدءا من 1979) وهو سياق متعدد الاهتمامات والانشغالات والمحتذيات والحساسيات.. يصعب علي أن أتموقع فيه، فهذه مهمة النقد الفلسفي. وبعيدا عن كل تواضع مزيف، تبدو لي خريطة الفلسفة بالمغرب كالبراري والصحاري.. يمكنها أن تضيق بالواحد رغم شساعتها كما يمكنها أن تتسع رغم ضيقها.. الأهم في هذا الفضاء –إن ضاق أو اتسع- هو العمل الجاد، والاستمرارية، والمحافظة على "نار" و"نور" الفلسفة وهّاجا. هذه القيم نبراس يعكس عمق التجربة الفلسفية وحقيقتها لدى هذا الجيل. فصدق تجربته الفلسفية تؤكده أخلاق الغير قبل أخلاق الذات، وتؤكّده حكمة الحداثيين بعد الاحتفال بالحاضر… كما يدعمه إحساس عارم بالفقدان والقلق. هذه الفلسفة الجديدة أو المغايرة تحيط بها مفاهيم خاصة بها. نحتتها إبان تجريب إمكانية التفلسف. الإمكانية انطلقت من الإنسان وميّزت فيه بين الفرد والكائن. ومنحته صفة العلّة التأسيسية. تأسيس العالم لينتقل من الوجود إلى الحاضر عبر ممارسة السؤال: أية إشكالية يطرحها الوجود الذي يحقق نفسه فينا؟ إن صدق استراتيجية التفلسف هذه هي إمكانية لابتكار الذات والوجود حتى تغدو جسدا ورغبة وفقدانا وتغدو غيرية ولغة وإسرارا.ارتبط اسمك بمفهومين هما الإسرار الفلسفي ومنطق المفارقة؛ كيف تحدد مجال عمل هذين المفهومين وهل يمكن اعتبارهما نواة لمشروع فلسفي متكامل ؟ "المفهوم الفلسفي" يشكّل عدّة الفلسفة اللغوية والتواصلية. وضرورتها تمليها حالة أو حدث يفتقد للتحديد والتسمية. ذلك هو فضاء مفهوم الإسرار وتلك هي ضرورته. وهو من الكلمات الأضداد في اللغة العربية يشير إلى حالة أو حدث الظهور/الضمور في نفس الآن. فعلى المستوى الأنطولوجي وجودنا مضمر لغة وظاهرا كحدث وعلى المستوى الإيتيمولوجي ظاهر كلغة مضمر كحدث. لا يمكن والحالة هذه التفكير فلسفيا في "الأونطوس" بمنطق الهوية وعدم التناقض، من هنا منطق المفارقة أو نحو المفارقة. وهو منطق لا يقل أهمية عن الأنماط الأخرى من المنطق في تنظيم الفكر، والفكر الفلسفي على الخصوص.أما بصدد "المشروع المتكامل" فلم يعد هذا المفهوم يعني بالضرورة الاكتمال ولا النسق. رغم أفلاطون وهيجل. فالمشروع Pro-jet هو الارتماء والقفز هناك، هو الميل نحو أفق ما… هو مساهمة فردية أو ثنائية في عمل جماعي (الأمة) أو كوني (الإنسانية). المشروع هو شروع في.. بداية ومساهمة أولية. لذا يمكنني تأطير ما أنا بصدد تأليفه وكتابته في خانة المساهمة المتواضعة في المحتفل الفلسفي.تشكل رفقة زميلك عز الدين الخطابي ثنائيا فلسفيا بالمغرب وقعتما أعمالا مشتركة و أغنيتما المكتبة الفلسفية بترجمات متميزة؛ هل يمكنك أن تعين المنطق الداخلي لهذه التجربة, أي الكتابة البينية, هل يكتب أحدكما من خلال الآخر ؟ كيف يمكن تحديد هوية النص الذي توقعانه معا؟ الرفقة مع العزيز عز الدين الخطابي. صدفة من أحلى الصدف. رفقة نفترق فيها لنؤكد اللقاء.منذ البداية (التسعينات من القرن الماضي) كان عملنا مندمجا وليس مشتركا سواء في مجال الترجمة أو في مجال التأليف. يكتبني وأكتبه؛ يترجمني وأترجمه. جسمان انصهرا في شخصية مفاهيمية واحدة (دولوز). كان هدفنا الموجه في الترجمة هو التعريف بأعلام كانت مغمورة (إ. لي¤ينياس، إدمون جابيس..) وتعريب مفاهيم ومصطلحات فلسفية (الاختل(أ)ف/ الأثر/ علم السؤال…) والعودة إلى الكتب الكلاسيكية الوازنة (الحريم وأبناء العم لجيرمين تيلليون..) أما على مستوى التأليف؛ فشغلنا الشاغل هو الفلسفة المغربية: أسئلتها، أعلامها، إشكالاتها وإبداعيتها.. مدعمة ومؤطرة بالفلسفة العربية الإسلامية (الكندي، الفارابي) وبالفلسفة- الغربية (يونانية، ألمانية، فرنسية).. ومازالت تلك هي ثوابت الثنائي الفلسفي إلى يومنا هذا.. حتى حينما نستقل بذواتنا من هذه البينية (بيذاتية). الترجمة تأليف. والتأليف إبداع.. وكلّ النصوص التي وضعناها تحمل هوية واحدة، تحمل اسما مضاعفا واحدا إلى حد الاختلاط: إدريس الخطابي وعزّ الدين كثير. توقيعنا إذن متشابه متشابك متشائل. يحمل هوية واحدة لكنها مضاعفة متكررة ومتأكدة.ارتباطا دائما بالترجمة التي شكلت انشغالا أساسيا لديك كيف تدرك مهمتك كمترجم ؟ هل هي مهمة ناقل لذات الشيء أم مبدع ؟ بعد هذه التجربة في الترجمة تبدو لي الآن أمرا مستحيلا، وأتساءل: كيف أمكنني ترجمة تلك الموضوعات والمفاهيم والكتب والتجارب… أهو نقل أم خيانة؟ وما هي حدود الخيانة؟ كيف أمكنني تحمل كل تلك المسؤولية؟ هل أبدعت في الترجمة؟ أم ترجمت في الإبداع؟ إنها حقا أسئلة مقلقة. الشيء الذي دفعنا إلى اعتبار "الترجمة" موضوعة فلسفية؛ يجب أوّلا مقاربتها في الحقل الفلسفي كمفهوم.. تتجاذبه اختصاصات وقضايا ورهانات عدة. | |
|