لا أدري لماذا تحديداً… لكنني حزنت كثيراً عند رؤية مسيرة التأييد التي جرت منذ يومين و تم خلالها رفع أكبر علم سوري…
لم أحزن فقط لأن بلادي ارتبطت برئيس الجمهورية ارتباطاً وثيقاً حتى أصبحت صورته جزءً لا يتجزأ من العلم السوري….
و لم أحزن فقط لأن كل هذه الجموع آمنت بهذا الارتباط حتى أصبح مرادفاً لمعنى الوطنية عندها….
بل حزنت عند رؤيتي لصور بعض معارفي و هم يشاركون بهذه المسيرة التي “تؤكد على الوحدة الوطنية و نبذ الفتنة” …
و هم يبتسمون على الطريق المؤدي إلى مكان المسيرة بسيارتهم الـ “بي إم دبليو” و المرسيدس….
و هم فرحين لوقوفهم تحت العلم الذي حماهم من حرارة الصيف….
و هم سعداء متراكضين على أرصفة أوتستراد المزة يلوحّون بعلمهم “السوري” و يهتفون لـ”لوطن “…..
حزنت كثيراً و أردت أن “بهدلون” ولكنني ابتلعت غصّتي و قرّرت كتابة هذه الملاحظة بدلاً من ذلك…..
أردت أن أقول لهم “لماذا أنتم سعداء مبتسمين هكذا؟”… لعلّكم تعتقدون أنكم بمشاركتكم هذه عبّرتم عن وطنيتكم المغلوطة….
و هذا حقّكم…. حقّكم أن تعبّروا عن “وطنيتكم” بأي طريقة ترونها ملائمة….
لكن رجاءً عليكم لا تحرموا الآخرين من هذا الحق….
لأنه إذا كان لديكم سيارات فارهة تقودونها إلى مكان الحدث، غيركم يذهب إلى أماكن تجمعاته مشياً على الأقدام….
و إذا كان لديكم علماً ضخماً تحتمون تحته من حرارة الصيف، غيركم لا ينفعه القماش ليحتمي به من رصاص حراس أمن الوطن….
و إذا كان بإمكانكم أن تسيروا على أكثر
طرقات الشام أهميةً لساعات تنادون باسم الوطن، غيركم لا يتمكّن سوى من
الاعتصام لبضع دقائق ليهتف باسم الوطن نفسه….
ما الفرق بينكم و بينهم؟ لماذا يحق لكم دون غيركم أن تنادوا باسم الوطن و ترفعوا علمه عالياً؟
لماذا كان يوجد المئات من رجال الأمن
يحاوطون المسيرة و يحمون المشاركين فيها بينما نرى “عصابات القتل و
الإجرام” تهاجم المتظاهرين السلمييّن و “تروّع الأهالي” في تجمّعات أخرى؟
لماذا لم يتم إلغاء رخصة هذه المسيرة التي
خرج فيها أكثر من 150,000 شخص بينما تم إلغاء رخصة “وقفة صامتة على أرواح
شهداء سوريا” – التي كان من المتوقع ألا يزيد عدد المشاركين فيها عن 3000
– حرصاً على سلامة المواطنين و أمنهم؟
كل هذه التساؤلات أردت أن أطرحها على معارفي المشاركين في المسيرة…. و لكنّني في النهاية لم أقم بذلك لأن الجواب واضحٌ صريح…
و قرّرت بدل ذلك فقط أن أقول لهم “رجاءً، لا تصنعوا وطناً تكونون فيه وحدكم المواطنين… لا تحرموا بقية الشعب من وطنه”