ناهدة نكد: النظام السوري يحاول تشويه سمعة 'فرانس 24'
اكدت ان 'تصريح لمياء شكور جرى من خلال رقم هاتفي قدمته السفارة السورية بباريس'
2011-06-08
لندن - من حسام الدين محمد: في سابقة يمكن ان تعتبر
الأولى من نوعها تتعرض قناة فضائية عالمية بوزن 'فرانس 24' لعملية تلاعب
لا تخفى الاصابع المخابراتية عن تفاصيلها.
فبعد اتصالات عديدة بين
القناة الاخبارية الفرنسية للحصول على تصريح من السفيرة السورية في باريس
لمياء شكور، وبعد تزويد مسؤولي السفارة السورية للقناة برقم هاتف جوال
للاتصال بالسفيرة اثناء البرنامج، فوجئت القناة بأن السفيرة اعلنت
استقالتها من منصبها احتجاجا على 'اعمال القمع' التي تمارسها السلطات
السورية، وبعد انتشار النبأ عالميا، وخصوصا بعد ان أكدته قناة رويترز بعد
اتصالها بالسفارة بنفسها، فوجئت القناة مفاجأة اكبر بتكذيب النبأ عبر عدة
قنوات رسمية سورية ولبنانية وعالمية، ثم خروج السفيرة نفسها على الهواء
وتكذيبها شخصيا لما حصل.
ولمراجعة تفاصيل هذه الحادثة الاعلامية
الغرائبية اتصلت 'القدس العربي' بمديرة القسم العربي في قناة فرانس 24
ناهدة نكد التي اكدت ان القناة تقوم بتحقيق عميق لفهم الملابسات التي شابت
موضوع استقالة السفيرة السورية لمياء شكور، ثم نفيها له بعد دقائق من بثه
على القناة.
وكان بث الخبر الذي اعتبر سبقا صحافيا كبيرا لفرانس 24 قد
انتشر بسرعة هائلة في كل انحاء العالم ليفاجأ الجميع وبعد دقائق من نشره،
ببث وكالة سانا الرسمية السورية للأنباء ما سمته الأنباء المغرضة عن
استقالة السفيرة شكور، وبث خبر النفي في خبر عاجل كل من التلفزيون السوري
وتلفزيون المنار، بالاضافة للوكالة السورية للأنباء سانا، فيما بث موقع
السي ان ان أيضاً خبر النفي!
ثم بثت الفضائية السورية اتصالاً من
السفيرة شكور تعلن فيه عزمها على مقاضاة قناة فرانس 24 والتبرع بالتعويض
المالي لذوي الشهداء في سورية.
وفي اتصال مع ناهدة نكد مديرة القسم
العربي لقناة فرانس 24 سألتها ان كان تصريح السفيرة شكور حقيقيا، واذا كان
الأمر كذلك، فهل وراء ذلك لعبة قامت بها السلطات السورية قالت: استطيع ان
اخبرك ما حصل واذا كان التصريح صادرا عن السفيرة لمياء شكور ام لا فأتركه
لك لتقدره.
انت تعلم جيدا انه مع انظمة مثل النظام السوري كل الاحتمالات مفتوحة، لكننا نحن نقوم كل ما يجب ان نقوم به في هذه الحالات.
' كيف حصل الأمر بالتفصيل؟
'
في يوم الثلاثاء صباحا قررت قناتا فرانس 24 الفرنسية والانكليزية تخصيص
برنامج نقاش عن سورية والاوضاع فيها، ويتم الحديث فيه عن التعتيم الاعلامي
وكما هي عادتنا نحاول ان يكون لدينا ردود فعل رسمية، فاتصلنا بالسفارة
السورية في باريس على هاتفها الرسمي، هذا تفصيل مهم كثيرا. على البدالة
(السويتش بورد) طلبنا مداخلة من السفيرة في البرنامج، فطلب منا تأكيد ذلك
كتابيا وارساله الى البريد الالكتروني للسفارة الموجود على الانترنت والذي
اعتدنا ان نرسل اليه رسائلنا، فارسلنا الطلب وصار هناك تبادل رسائل
الكترونية، حيث طلبنا صورة لها فأرسلوها ثم طلبنا صورة اكبر فأرسل المسؤول
الاعلامي صورة اكبر ثم اتصلوا بنا وابلغونا موافقتها على اجراء حديث مع
فرانس 24 فزودونا برقم هاتف جوال وقالوا: اتصلوا بها على ذلك الرقم وهي
ستجيبكم. وبما ان برنامجنا يبدأ في السابعة وينتهي في الثامنة، قلنا اننا
سنتصل في السابعة والثلث على الرقم الذي اعطي لنا من السفارة والسيدة
السفيرة تصرح على الهواء مباشرة رأيها عن الاوضاع في سورية. وحين صارت على
الهواء قالت 'انا حابة اعمل تصريح' ثم صرحت انها كسفيرة سورية في فرنسا
قدمت استقالتها والكلام الذي سمعتموه بعد ذلك حكته بالانكليزية ثم اعادت
نفس الكلام بالفرنسية.
بعد ذلك قامت وكالة انباء رويترز التي سمعت
كلامها على شاشتنا بارسال بريد الكتروني على نفس العنوان الالكتروني
للتأكد من الكلام الذي ظهر في فرانس 24، وحصلوا على جواب التأكيد فأرسلوا
به برقية تقول ان الكلام على فرانس 24 صحيح وان السفيرة استقالت!
' وماذا حصل بعد ذلك؟
'
بعد البث بدأنا نتابع بث نفي الاستقالة، حيث ظهرت السفيرة في قناة الشام
وقناة العربية والجزيرة لتنفي استقالتها، وحين علمنا انها في السفارة
ارسلنا صحافيين الى هناك فرفضت ان تقابلهم وقالت على قناة 'الجزيرة' - كما
اعتقد - صحافيو فرانس 24 صار لهم ساعتين عند الباب وانا لن اقبل ان اتحدث
معهم. ولم نستطع ان نتصل بها بعد ذلك.
' ما هي الاجراءات التي ستتخذونها كقناة في هذا الموضوع؟
'
قرارنا كقناة انه اذا كان هناك تلاعب في هذا الموضوع هدفه محاولة تشويه
سمعة القناة فاننا سنقوم بكل الاجراءات القانونية بحق الناس الذين ساهموا
في ذلك والذين يمكن ان يكونوا اشتركوا في هذا التلاعب والذين يحاولون ان
يشوهوا سمعتنا، وردنا على هذا الشيء منذ بداية الاحداث في سورية وتونس
ومصر نحن من القنوات التي تدقق اكثر من اللازم بما يصدر عنها وبما اننا
نحكي عن سورية فالنظام السوري يحاربنا منذ مدة بعدة طرق وعلى اية حال هذا
لن يغير اي شيء من طريقة تغطيتنا لما يجري في سورية وغيرها.
' هل تعتقدين بوجود لعبة امنية في هذه القضية؟
'
كل الاحتمالات مفتوحة. من هذه الاحتمالات ان السفيرة قامت بتصريح حقيقي ثم
غيّرت رأيها لسبب ما. ما زال الوقت مبكرا حتى نعرف بشكل دقيق ما حصل. وسوف
نقوم بكل التحقيقات اللازمة لنعرف ان كان الذي تكلم هو السفيرة ام غيرها،
ولن نقبل بأي شكل من الاشكال ان نستخدم لتشويه صورتنا وليس نحن فقط ، بل
تشويه صورة الاعلام المستقل وحتى اعلام الفضائيات التي تتكلم الحقيقة عن
سورية او غيرها. ضميرنا صاف وما كان ممكنا بالطريقة والاجراءات التي
اتبعناها ان نخطئ. التعامل الاعلامي مع السفيرة كان سليما مئة بالمئة.
نحن
لم نتلق مكالمة خارجية بل اتصلنا برقم السفارة الرسمي وارسلنا الطلب على
البريد الالكتروني الخاص بالسفارة، اما حقيقة ما حصل بعد ذلك فسوف تظهر
بالتأكيد.
لدينا كل المواد ومجريات تبادل الاخبار بيننا وبينهم والصورة
التي زودونا بها. الشيء الاكيد هو اننا اتصلنا بالسفارة وهي التي اعطتنا
الموافقة على مداخلة السفيرة.
' هل ستختلف اجراءاتكم بعد هذه الحادثة؟
'
اجراءاتنا يمكن ان الخصها لك بكلمتين: بالنسبة لشرائط الفيديو التي تصلنا
فلدينا اجراء نسميه 'وورك فلو' وطريقة العمل فيه كالتالي: اولا هذه الصور
لا تبث على الهواء مباشرة، وهي تبدأ مع برنامج 'مراقبون' وهو برنامج فيه
اكثر من 7000 مراقب في العالم نتصل بهم ويعطوننا معلومات. ثم نتصل بالناس
الموجودين بالبلد الذي وصل منه الفيديو ليؤكدوا ان الحدث حصل في ذلك
الوقت، وان كان هذا ممكنا وان كان المكان هو نفسه الموجود فيه. نحاول ان
نطلب منه معرفة ان كان الخبر صحيحا واذا كان الخبر مثلا جاء من سورية نسأل
سوريين من الذين يعملون في القناة ان كانوا يعرفون هذه المنطقة المصور
فيها الشريط وان كانت اللهجة هي لهجة تلك المنطقة، والتأكيد الاخر هو
اصوات الشبكات، حيث يتواصل مع كل المدونين في العالم ويشتغل في هذا القسم
شخصان كل يوم يتأكدان ان الفيديوات التي تصلنا لم يروها في مكان اخر، هم
اختصاصيون في الصور وبالشبكة العنكبوتية. بعد كل هذا الشيء يقوم رئيس
التحرير بالموافقة او عدم الموافقة، فيؤكد ان هذه الصور يمكن ان تبث. كل
هذا لأقول لك كم نتأكد من المعلومات التي تصلنا فلا نقبل ان يتصل بنا اي
شخص على الهواء. الطريقة التي تمت كانت رسمية بين قناة تلفزيونية وسفارة
سورية في باريس ولذلك ما كان بامكاننا ان نشك ان هذا ليس هو الشخص الذي
اعطانا التصريح.
' انت كمسؤولة في قناة فرانس 24 هل تستطيعين التأكيد ان الصوت الذي بث كان صوت السفيرة؟
' لا استطيع التأكيد في هذه اللحظة انه كان صوتها، لكن اذا ظهر ان هناك تلاعبا فهذا التلاعب حصل عبر القناة الرسمية للسفارة السورية.
'
واذا ثبت دور السفيرة شكور في التلاعب فهذا سيضعف من مصداقيتها
الدبلوماسية، هل تعتقدين ان الجهات الرسمية الفرنسية ستتخذ اجراء رسميا
بحقها؟
' بالتاكيد. نحن لم نتصل بوزارة الخارجية الفرنسية بعد لنعرف
رأيها وهذا سؤال مهم يجب ان يطرح على وزارة الخارجية، لكن السؤال الاساسي
هو: ماذا كان دور السفارة السورية في باريس في هذه القضية، واتصور ان
وزارة الخارجية هي المنوطة بالاجابة على هذا السؤال والتصرف حياله.
'
ما زال هناك لغط يدور بين اوساط الناشطين السوريين يزعم انحسارا في تغطية
فرانس 24 للموضوع السوري وتراجع الاتصالات بالناشطين السياسيين السوريين
للتعليق على الاحداث ما رأيك بهذا؟
' هذا ليس صحيحا. يجب ان نفرق بين
التحريض والتغطية. دورنا ليس التحريض بل التغطية التي نقوم بها كلما حصل
حدث عن سورية، وبنفس الوقت نحاول بقدر الامكان اخذ الرأي الرسمي وليس فقط
اراء المعارضين السوريين. لقد غطينا مثلا المؤتمر الذي حصل في انطاليا،
وعلى الهاتف لدينا اشخاص من درعا مثل ايمن الاسود الذي تأكدنا من مصداقيته
من خلال خبرتنا في التعامل معه، وهناك الكثير من المعارضين التاريخيين
الذين يظهرون على القناة عندنا. فرانس 24 تحاول ان تعمل، في وضع التعتيم
الاعلامي شبه التام من قبل السوريين، نحن نريد ان نذهب الى هناك وان نعمل
عملنا بشكل طبيعي في مكان الحدث لنخبر عنه كما تعودنا. السلطات السورية
تقوم بتعتيم اعلامي وبالتالي نحن مضطرون للحصول على معلومات من جهات
مختلفة، من شهود العيان، الى الفيديوات، الى المعارضين، وفي نفس الوقت لا
نريد ان نقع بفخ المعارضين ولا بفخ السلطة. صحيح ان العمل هكذا غير سهل
لأن كل الاحتمالات مفتوحة وبالتالي يجب ان نعلم ان النظام في سورية ممكن
ان يفعل اي شيء لتشويه سمعة القنوات التي تحكي عما يحصل على الارض، انهم
يمنعون الصحافيين من الذهاب الى هناك ويحاولون تشويه سمعة الصحافيين الذين
يحاولون، رغم كل العقبات المرفوعة بوجههم، معرفة الحقيقة ونشرها.