صبر تركيا على النظام السوري بدأ ينفد
متظاهر تركي في تحرك تضامني مع الشعب السوري في اسطنبول.. (رويترز) |
24/06/2011
بدأ
صبر تركيا، حليفة دمشق في المنطقة، ينفد حيال القمع الذي يمارسه النظام
السوري والذي يمكن أن يجعلها تتخلى عن دعم الرئيس بشار الأسد رغم وعوده
الإصلاحية، كما يرى عدد من المحللين. وحتى اليوم جهد وزير الخارجية التركي
احمد داود اوغلو في الدفاع عن السياسة التي تتبعها تركيا منذ عقد حيال
جارها السوري: إقامة علاقات طيبة لكن مع تشجيع النظام على إجراء الإصلاحات
التي يطالب بها شعبه.
وقال داود اوغلو بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول ان الخطاب الأخير
للرئيس السوري بشار الأسد "تضمن عناصر ايجابية في ما يتعلق بالإصلاحات. لكن
من الأهمية بمكان القيام بخطوات عملية ملموسة. اتصالاتنا مستمرة في هذا
الإطار". إلا أن مشاعر القلق تتزايد في تركيا التي نزح إليها نحو 12 ألف
لاجئ سوري، في الوقت الذي يواصل فيه النظام السوري نشر قواته البرية
ودباباته لقمع حركة الاحتجاج.
وتخشى أنقرة من تأثير الاضطرابات في سوريا عليها مع وجود متمردين أكراد على
جانبي الحدود. إذ أن حركة نزوح كثيفة للسوريين يمكن ان تشجع على تسلل عدد
من المتمردين الأكراد إلى الأراضي التركية لتعزيز حركة التمرد المسلح التي
يشنها حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق الأناضول.
ويقول عثمان بهادر دينتشر الباحث في مركز الأبحاث الإستراتيجية (اوساك):
"وصلنا تقريبا الى النقطة التي ستقول فيها الحكومة التركية للحكومة
السورية: الوقت مضى، لقد أعطيناكم الوقت الكافي ولم تفعلوا شيئا. والآن اذا
ما قررت أطراف فاعلة دولية شيئا فإننا سنكون معها".
واعتبر بهادر دينتشر ان حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المحافظة
المنبثقة عن التيار الإسلامي شجعت منذ توليها الحكم العام 2002، تاريخ تحسن
العلاقات السورية التركية، دمشق على إجراء إصلاحات لكن بلا جدوى. وأوضح
المحلل ان "تركيا سعت إلى استباق مخاطر الانفجار في المنطقة وأرادت تجنبه
لكن النظام السوري لم يفهم ذلك"، مضيفا "الآن أصبح من المؤكد ان الإصلاحات
لن تحل المشكلة. وحتى إذا وضعت موضع التنفيذ فان ذلك لن يغير شيئا".
ومن هنا على ما يبدو يأتي التشدد الواضح في لهجة أنقرة في 10 حزيران/يونيو
الحالي حين اتهم اردوغان النظام السوري بارتكاب "فظاعات" ووصف سياسة القمع
التي يتبعها بأنها "غير مقبولة على الإطلاق"، بينما دعا الرئيس التركي عبد
الله غول صراحة الاثنين بشار الأسد إلى الالتزام بصورة "أكثر وضوحا وصراحة"
بإجراء تغيير ديموقراطي.
وقال جنكيز اكتار استاذ العلاقات الدولية في اسطنبول ان "سقوط النظام
السوري أصبح لا مفر منه. واعتقد ان الحكومة التركية فهمت ذلك". وأضاف "يجب
التفكير في شيء آخر غير السعي الى إنقاذ هذا النظام. يجب ان تكون هناك
إدارة للازمة على الصعيد الإقليمي".
من جانبه، رأى جنكيز كندار المحلل السياسي في صحيفة ملييت في تغير لهجة
أنقرة انقشاعا لوهم صورة رجل الانفتاح التي حاول الرئيس بشار الأسد الظهور
بها في الوقت الذي يقبض فيه باقي أفراد أسرته على سوريا بيد من حديد. وكتب
كندار: "انه الوجه المحبب للديكتاتورية. وبهذه الطريقة تمكن من خداع تركيا
وكسب صداقة القادة الأتراك. لكن فتى الأسرة الطيب هذا لا يمكنه ان يصبح
زعيما قويا وعلى الأكثر يمكن ان يدير شبكة اتصالات الطغاة". واعتبر كندار
ان تركيا لم تعد مخدوعة وقال "لم تعد تركيا تتعامل مع الأمر الواقع في
المنطقة فهي تراهن على التغيير