المعرفة والحكمة والفيلسوف
دانييل آاوفمان
مقدمة المؤلف
كلمة "فيلوسوفوس" في اليونانية تعني ’محب الحكمة’ ، والربط بين
الفلسفة والحكمة له تاريخ طويل ومميز في تاريخ الغرب. على أية حال، من
رأيي أن هذه العلاقة مبالغ فيها، وأنه في حين أن "بعض" الفلاسفة، بدون شك،
كانوا مهتمين بإرساء الحكمة، إلا أنهم أقلية. في الأغلب، إذا كنا نتحدث عن
التقليد السائد أو ’التيار الرئيسي’ في الفلسفة، فإن الانشغال الأساسي للفلاسفة
كان "بالمعرفة"، وأنه ليس فقط أن المعرفة والحكمة مختلفين، وإنما هما بأشكال
عديدة متعارضين. هذه المقالة مخصصة لبيان السمات المميزة لكل من الحكمة
والمعرفة، مع التركيز على تمييز التقليد الفلسفي الرئيسي من ’ثقافتين’
فلسفيتين معارضتين، أولاهما هي محافظة في النبرة، والثانية تعبر عن روح
جذرية. بغض النظر عن أنني أظن بأنه من المهم النظر إلى تاريخ الأفكار من
خلال عدسات بديلة، حتى يمكننا أن نتجنب تفسيرات الماضي المدرسية شديدة
التقليدية – وهي تفسيرات تمنعنا من الاستفادة الكاملة من تبصرات وفهم
أجدادنا – فأنا أظن أيضا أنه من الضروري أن يكون لدينا فهم واضح لما هو
هذا النوع من الجهد الذي يمثله التيار الرئيسي للفلسفة، حتى نكون في وضع
يمكننا من فحصها نقديا. في الواقع لن أشتبك نقديا مع التيار الرئيسي للفلسفة
في المقالة الحالية – وإنما هدفي هو أن أقدم الأرضية التي يمكن انطلاقا منها
أن يتم هذا النقد – ولكن شعوري تجاه الموضوع سوف يكون واضحا حتى
بالنسة للقارئ العادي