الرحلة نحو الحدود، تلك التي 'الغيت' حسب التقارير
من أول أمس ـ ولعلها ايضا جزء من خطة المعركة ـ استؤنفت امس بقوة عندما
حاول بضع مئات من النشطاء السوريين والفلسطينيين اجتياز السياج الفاصل على
مقربة من تلة الصياح في هضبة الجولان. هذه المرة كان الجيش الاسرائيلي
مستعدا أكثر بقليل ونجح في احباط التسلل، ولكن في ظل استخدام القوة التي
أوقعت غير قليل من الخسائر.
محطة التلفزيون المؤيدة لسورية 'الدنيا'،
كرست بثها ليوم النكسة الذي قتل فيه، حسب التقرير السوري، نحو 22 سورياً
بنار جنود الجيش الاسرائيلي واصيب اكثر من 350. 'هم يطلقون النار نحو
البطن، نحو الرأس وبدم بارد'، هتف السوريون المخلصون نحو كاميرات
التلفزيون، وسارع الناطقون الرسميون الى توجيه اصبع الاتهام الى جهة القمع
الحقيقية في المنطقة، ولكن، الحقيقة، لم يؤثر هذا في أحد.
محطتا
'الجزيرة' و 'العربية' وإن تحدثتا عن الشهداء السوريين الذين قتلهم
الاسرائيليون، الا انهما بثا أيضا صورا عن ضباط اسرائيليين لم يترددوا في
المقارنة بين موقف الجيش الاسرائيلي من هذه المهمة ـ التسلل عبر الحدود من
دولة معادية ـ وموقف الجيش السوري من المظاهرات داخل بلاده، المظاهرات
التي جبت امس فقط حياة 35 شخصا، لم تكلف محطة التلفزيون السورية عناء
التبليغ عنهم.
رامي عبدالرحمن، ممثل منظمة حقوق الانسان السورية
'المرصد'، تحدث عن عدد القتلى هذا فقط في مدينتي جسر الشغـور وخان شيخون
شمالي حماة، وهذا دون صلة بـ 65 قتيلا في مدينة حماة شخصوا يوم الجمعة.
لماذا، يسأل، لا تحصل بالذات هذه المظاهرات على تغطية وسائل الاعلام
السورية؟
آخرون في المعارضة السورية كانوا أكثر فظاظة بقليل وبعض من
ناطقيها تحدثوا صراحة عن المؤامرة السورية التي تحاول صرف الانتباه عن
مظاهرات الشعب الى مظاهرات مرتزقة محليين تم شراؤهم لتنفيذ الحدث.
دفعوا
لهم، قال لي أحد رجال المعارضة. ناشط آخر ذكر أنه في جولة المظاهرات
الاخيرة في يوم النكبة التقط في افلام الفيديو مسلحين بالبزات مع بنادق
كلاشينكوف الامر الذي كشف النقاب منذ حينه وبوضوح عن دور النظام ـ لديه
مصلحة واضحة لصرف الانتباه عن المجريات الداخلية.
'صحيح أنه ليس واضحا
ما هو مدى دور النظام السوري وهل نظم هو المظاهرات أم شجعها فقط، ولكن
الواضح أن اصبع الحكم كان هناك على مدى الزمن'. ناشطة سورية اخرى كتبت في
الفيسبوك بانه في الطرف الاسرائيلي كان ممكنا على الاقل رؤية سيارات
الاسعاف بينما جرحانا نحن نضطر الى تهريبهم الى تركيا.
تحقيقات
وتحليلات ستستمر اليوم وفي الايام القريبة القادمة، وستستخلص استنتاجات
وتفحص سيناريوهات، ولكن عند تحليل أحداث اليوم على الحدود من المجدي أن
نتذكر مقابلة رامي مخلوف، رجل الرئيس السوري، في 'نيويورك تايمز' قبل
ثلاثة أسابيع.
فقد حذر من أن 'عدم الاستقرار في سورية، معناه عدم
الاستقرار في اسرائيل'. بين ايام النكبة والنكسة وبين ايلول (سبتمبر)
المقترب ـ يجدر بنا أن نتذكر أيضا هذه الكلمات. فمن يطلب بلطف يف ِ بلطف.