هندسة الصراع في ليبيا بين الأمس واليوم
هل اقتربت نهاية النظام؟ (د.ب.أ) |
آدم شمس الدين
21/02/2011
من
المثير إجراء مقارنة بين الانقلاب الأبيض الذي أتى بالقذافي إلى الحكم عام
1969، وبين ما يجري اليوم في شوارع ليبيا من جرائم وفوضى وإراقة للدماء.
عندما نزلوا إلى الشوارع الأسبوع الماضي، كان الليبيون على علمٍ مسبق
بعواقب تحركهم. لكن الإحباط الذي تراكم لسنوات كان لابد له أن ينفجر. وعلى
الرغم أن معظم القتال يحدث في المناطق الشرقية من البلاد، إلا أنه من الخطأ
اعتبار أن باقي المناطق محصنة، ذلك أن النظام الليبي يسيطر فقط على
العاصمة.
بالطبع، كان للأحداث الأخيرة التي جرت في كل من مصر وتونس تأثيرا كبيرا على
ما يجري اليوم في ليبيا، إلا أن الليبيين يتشاركون في الكثير من ويلات هذه
المنطقة. فقد تعب المواطنون من العيش في خوفٍ مستمر، وتعبوا من الفساد و
البطالة ومن استمرار تجاهلهم. ولم تفلح الأموال والاستثمارات الغربية التي
تدفقت إلى البلاد سوى في تلميع صورة النظام بأعين الغرب بسبب تجاهل باقي
البلاد واستمرار الفساد المتفشي.
وما يثير السخرية في ليبيا هو أن المجلس الثوري الذي قاده القذافي إبان
تسلمه الحكم بنى مشروعه على ضرورة محاربة الفساد، والرغبة في التخلص من
سلطةٍ لا تخدم مصالح الشعب.
وما يحصل اليوم في ليبيا ليس جديدا، إذ سبقتها في الماضي محاولات عدة
للإطاحة بالقذافي. وكانت المحاولة الجدية الأولى بعد بضعة أشهر من استلام
القذافي الحكم، ثم تكرر الأمر مرات عدة، حيث كان بعضها ممول من الغرب
والمخابرات الأميركية أثناء الحرب الباردة. لكن الانتفاضة التي بدأت منذ
بضعة أيام تمثل أكبر تهديد لحكم القذافي بعد 42 عاماً من تسلمه السلطة.
ويجب التوقف هنا أمام مفارقة واضحة. ففي الماضي، تمت هندسة المحاولات
بإطاحة القذافي من قبل رموز نظام القذافي نفسه، أما اليوم، لم يصدر أي موقف
داعم للثورة من قبل هذه الرموز، مما يطرح علامات استفهام حول قدرة
المعارضة الليبية على تخطي خلافات الماضي.
من الصعب التنبؤ بما يمكن أن يحصل في الأيام القادمة، لجهة استمرار باقي
مناطق البلاد في التفرج بخوف وحذر لما يحصل ومشاهدة إخوانهم يموتون كل يوم،
أو البدء بتكوين قيادة موحدة لم تظهر حتى الآن، والانضمام إلى النضال ضد
النظام. غير أن الوضع في ليبيا وفي باقي بلدان الشرق الأوسط يؤكد مسألة
واحدة فقط، وهي أن المطالب بالإصلاح الاقتصادي لا تكفي لوحدها.