الربيع العربي.. انتفاضة الشعب البحريني
بوعز بيسموت
2011-02-16
كان واضحا منذ البداية ان ثورتي تونس ومصر ستنتقلان
الى دول عربية اخرى وأن أهل السنّة سيجرون الشيعة وراءهم. في اثناء ذلك
أشعلت الشوارع في تونس ومصر من جديد الاحتجاج في ايران وفي البحرين.
غير
انه يجب التفريق بين ايران والبحرين كما ينبغي التفريق بين تونس ومصر حقا.
فحتى لو كان المشترك بين جميع تلك الدول هو نظام الفئة المتسلطة وطموح
الشعب الى الديمقراطية (بمقادير مختلفة)، فلكل واحدة منها تميزها
ولمواطنيها أهداف تخصهم.
لنبدأ بإيران: منذ وقعت ثورة 1979 غدا واضحا
للجميع ان نظام آيات الله لن يبقى الى الأبد. أتذكرون أحداث شغب سنة 2000
في الجامعات، عندما أُغلقت مجلات اصلاحيين في الدولة؟ آنذاك أمل كثيرون في
الغرب ان يكون التغيير قادما. لكنه تأخر. في حزيران (يونيو) 2009، على أثر
الانتخابات المختلف فيها للرئاسة، عرفت ايران أكبر أحداث شغب منذ وقعت
الثورة. لم تقف الولايات المتحدة التي كانت تحلم آنذاك بحوار مع ايران، الى
جانب الموجة الخضراء التي أغرقت الدولة.
كان يجب انتظار التغيير في
مصر وتونس للحصول على الضوء الاخضر ايضا من اوباما، وعلى الرسالة التي
أرسلتها واشنطن الى الشعب الايراني: اجل أنت تستطيع.
الامور تختلف شيئا
ما في مملكة البحرين الصغيرة. فالدولة الصغيرة ومساحتها كمساحة نيويورك
وهي اول مكان في الخليج العربي ظهر فيه النفط تُعد حليفة مهمة للولايات
المتحدة في الخليج، بل انها تستضيف الاسطول الخامس لسلاح البحرية الامريكي.
جرت قبل نصف سنة محاولة انقلاب في المملكة وعدد سكانها أقل من مليون على
أيدي الأكثرية الشيعية (70 في المئة) التي تعارض حكم الملك حمد بن عيسى آل
خليفة. وعارضت امريكا ذلك بطبيعة الامر. كان التمرد الشيعي يُرى آنذاك
تحريكا من ايران في الساحة الخلفية للسعودية حليفة الولايات المتحدة. وكان
التمرد يُرى آنذاك نتاج اشتياق الايرانيين لما كان جزءا من مملكة فارس حتى
سنة 1783. من فكر آنذاك أصلا في التعبير عن تأييد المتظاهرين على الملك؟ لم
يتنبأ المتنبئون آنذاك بالربيع المقترب.
نحن نميل اليوم، على أثر هذا
الربيع العربي، الى إدخال موجة العصيان العربية هذه في قِدر واحدة. لكن
الامور ليست كذلك، وهذا أمر يجعل علاج واشنطن للأحداث صعبا أصلا. اذا لم
يكن للامريكيين أي مشكلة في الأخذ بموقف مؤيد للمتظاهرين في ايران، فان
الانقلاب في البحرين ليس حسنا من جهة مصالحهم.
إن البحرين تمتحن واشنطن
امتحانا يثير الاهتمام: فهل يفترض ان تستجيب ادارة اوباما لمطالب الأكثرية،
أو بعبارة اخرى للارادة الديمقراطية، أم تعمل بحسب احتياجات استراتيجية؟.
إن
البدعة اليوم هي تبني الرؤيا الديمقراطية للرئيس بوش في الشرق الاوسط، لكن
البحرين مع نظامها الملكي السنّي هي حليفة امريكا، وهي على التخصيص أخت
السعودية الحبيبة. والارتباط بين السعودية والبحرين أقوى من جسر ' فهد'
الذي بناه السعوديون للتوحيد بين المملكتين، ولهذا سيسمع المتظاهرون في
البحرين حتى إشعار جديد: كلا لا تستطيع.
اسرائيل اليوم 16/2/2011