مخاض الربيع العربي!!!
ا.د. ابراهيم ابو جابر
2012-08-13
مخطىء من ظن او يظن ان الربيع العربي قد وصل نهايته او
اكمل اهدافه؛ ان الربيع العربي في الواقع لا يزال في بداياته ولا يمكن لاحد
ان يحزر نتائجه ابدا , فكم من ثورات عربية وعالمية استبشرت بها الشعوب
خيرا,وغنّت وطبّلت لها, انحرفت او حرفت عن مسارها المرسوم .
فالثورات في الاعراف الدولية عادة تبدأ صادقة ثم ينتهي بها
المطاف باكل ابنائها ,بسيطرة فرد او مجموعة عليها وتسخيرها لصالحهم الخاص
من خلال احتكار السلطة والمناصب العليا فيها, ووضع اليد على مفاصل الاقتصاد
والثروات الوطنية في البلد.
ان الربيع العربي يحتاج لعقد من الزمان تقريبا لنضوجه وبدء قطف ثماره, لان
التحديات التي تواجهه جدا عظيمة وخطيرة , منها ما هو داخلي واخر خارجي.
ولعل أخطر ما يواجه دول الربيع العربي الذي نأمل ان لا يتحوّل الى خريف
عربي, دخول دول الاستكبار الغربي على خط الثورات العربية ببطاقة خضراء من
دول عربية اقليمية (قطر) معروفة بودها وعلاقاتها القوية مع الغرب , وتحديدا
امريكا .
ان التدخلات الاجنبية في الثورات العربية مثلما حصل في ليبيا وقريبا ربما
في سوريا, نذر شر للربيع العربي ,لانه سيدمغها بماركة غربية اجنبية, تكبّل
الانظمة الثورية العربية العتيدة , وتجعلها تدور في فلكها من خلال سياسة
الاستقطاب العالمية. فاذا كان الامر كذلك فالامر لا يعدو كونه استبدال نظام
فاسد عميل باخر تابع لقوى دولية اجنبية .
ان المعادلة صعبة جدا , لا بل ربما تحتاج من القوى الثورية في بعض الاقطار
العربية اعادة نظر , وبالذات في الدول ذات الانظمة الاستبداية والدموية,
فالاصل ليس تغيير النظام فقط ,وانما تحقيق طموحات الشعوب واعادة كرامتها
المسلوبة والسيطرة على مقدراتها وثرواتها.
ان زعماء بعض الثورات من المشبوهين, الذين تربطهم علاقات صداقة ومصالح مع
الدول العظمى ذات المصالح في المشرق العربي , هم من يتصدرون واجهة رفع
شعارات الثورة في بعض الدول العربية تقريبا, والا لما اغدقت الولايات
المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وغيرها المليارات على الثورة الليبية,
ولما يستعد الغرب الان للتدخل في سوريا للاطاحة بنظام الاسد المجرم.
اذن هناك مجموعة من المخاطر والتحديات منها:اولا: تصدّر بعض الدول العربية المحسوبة على الغرب بتبني قيادة ودعم
الثورات العربية؛هذه الاقطار المرتبطة بعلاقات دبلوماسية واقتصادية وصداقة
مع اسرائيل والغرب.
ثانيا: تصدّر شخصيات تربت في الغرب ,لا بل ولحم اكتافهم من خيراتهم, لبعض الثورات الامر الذي لا ينذر بخير في هذه الاقطار.
ثالثا: التدخل الاجنبي والغربي تحديدا في الثورات العربية عسكريا ولوجستيا ,
يعد مثلبا ونقطة سوداء في مسيرة بعض الثورات, ووسيلة لاحتوائها واستقطابها
مستقبلا .
واخيرا ..
يواجه الربيع العربي هذه المخاطر وغيرها , وكلنا امل في ان يتخطاها
القائمون على هذه الثورات او الانظمة العربية العتيدة , غير متأثرين
بالمأجورين وأصحاب المصالح من عرب واجانب.
ان خير وسيلة ربما للتخلص من ربقة ومغناطيسية الدول العظمى, حتى وان اغدقت
الاموال على الثورات العربية او احتضنتها او ايضا ساندتها عسكريا , اللجوء
للشعوب ليقرروا نوعية انظمة الحكم ومن يدير شؤونهم, والا فلا طائل من تغيير
نظام طاغ باخر محسوب على منظومة دولية ما؟؟؟